تاملات في حياة محدث العصر العلامة ناصر الدين الألباني

[سهيل الجنوب]

تاملات في حياة محدث العصر

العلامة ناصر الدين الألباني

همة الرجال تفيض إعزازاً وسؤدداً وهمة العلماء تفيض نوراً وحكمة ، ولئن كان العلماء ورثة الأنبياء كما ورد في الحديث الذي يرويه أبو داود في سننه ( وإن العلماء ورثة الأنبياء ، وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً ، ورثوا علماً من أخذه أخذ بحظ وافر ) صحيح الترمذي .

العلامة ناصر الدين الألباني واحدٌ من أبرز علماء العصر الذين سلكوا طريقاً يلتمسون فيه العلم وخدمة المتعلمين والمتفقهين في هذا الدين ، وتمييز الحديث الشريف وتنقيحه وتخريج الأحاديث التي اختلطت على كثير من الدعاة والوعاظ ، ذلك أن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت مرتعاً خصباً للحاقدين على الإسلام من أجل دس السموم وتشويه هذا الدين ، فلا بد والحالة هذه من علماء يحذون حذو علماء السنة الكرام الذين بذلوا الغالي والنفيس في جمع هذه الكنوز النبوية وأمضوا حياتهم في السفر والترحال بحثاً عن المتون والأسانيد وتخريج الحديث وجمعه وتمييزه ومن ثم تدوينه .

حياته ومولده :

ولد رحمه الله في مدينة "أشقودرة" الألبانية في سنة 1914 لأسرة مسلمة متدينة ، وكان والده الحاج نوح نجاتي الألباني قد درس في المعاهد الشرعية في استنبول وعمل على تعليم الناس في بلده العلوم الشرعية .

وقد هاجر الحاج نوح الألباني بعائلته من ألبانيا إلى بلاد الشام وسكن دمشق فراراً بدينه بعد أن تحولت ألبانيا إلى يد فئة تحارب الإسلام وأهله .

علمه ودراسته :

بدأ دراسته الابتدائية في مدارس الشام وتعلم في الكتاتيب وأتقن اللغة العربية وباقي العلوم التي كانت تدرس في الشام ، تعلم مهنة إصلاح الساعات من والده وكانت مصدر دخله ورزقه يقضي في هذه المهنة ثلاث ساعات من كل يوم ما عدا يومي الثلاثاء والجمعة ، وكان يدعو بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم ( اللهم اجعل رزق آل محمد قوتاً ) صحيح مسلم

بدأ الألباني رحمة الله عليه رحلة التحصيل العلمي الذاتي دون الحاجة للمعاهد والجامعات فلم يتخرج من جامعة أو معهد أو كلية بل اخذ العلم من بعض أصدقاء والده في بداية المر ثم أكمل المشوار لوحده .

وقد اجتذبته مجلة المنار التي قرأ فيها بحثاً علميا حول كتاب الإحياء للغزالي ، الأمر الذي دفع شيخنا ناصر الدين لاستئجار كتاب "تخريج الحافظ العراقي لأحاديث إحياء علوم الدين" الذي وجد به بغيته وبداية الطريق مع الحديث الشريف [1]

وأما عن تحصيل العلوم فقد اعتكف في المكتبة الظاهرية بدمشق يقرأ ويقارن ويسجل المعلومات والملاحظات يقول رحمه الله عن ذلك : "فإنني ألازم هذه المكتبة ملازمة موظفيها لها ، ويتراوح ما أقضيه من الوقت فيها بين ست ساعات إلى ثماني ساعات يومياً"

ورغم ظروفه المادية القاسية إلا أنه استطاع أن يقهر الفقر ليرفع شامخاً لواء السنة المطهرة مصداقاً لقوله سبحانه وتعالى يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات )[2]

منهجه وكتبه :

كان رحمه الله يتبنى منهج التلقي عن القرآن والسنة والاستعانة بفهم الأئمة الأعلام من السلف الصالح دون التعصب لأحد .

لذلك خالف مذهبه الحنفي الذي نشأ عليه وعارضه في مسائل كثيرة . حمل الألباني راية التوحيد والسنة ، وقد تعرض للسجن مرتين بسبب الوشاة الذين رأوا في علمه ما يدعوهم لحسده والحقد عليه .

التقى الألباني بعلماء عصره أمثال ابن باز ومحب الدين الخطيب وبالمحدث الهندي حبيب الرحمن العظمي ومصطفى العظمي والدكتور صبحي الصالح ومحمد الشقر وعمر الأشقر والعلامة الكبير الدكتور يوسف القرضاوي ونخبة كبيرة من علماء المسلمين .

وقد كان لهذه اللقاءات الفائدة الكبيرة في الدوارات والمناقشات العلمية ، وقد تميز منهجه بخصائص جعلت منه محدثاً يقتدى به :

1. التثبت والتدقيق في أخذ الحديث وإتباع منهج علمي واضح في معالجة تخريج الحديث وتحقيق الكتب دون تسرع أو مبالغة .

2. الالتزام بمنهج الحق وإتباع الصحيح وجرأته في بيان الحق دون أن يخشى في الله لومة لائم ، الأمر الذي ضاعف أعداءه من الرعاع وأدعياء العلم .

3. إحاطته بالأدلة التي أعطته القدرة على إثبات كل ما يذهب إليه من رأي بالدليل الصحيح الواضح .

4. الاهتمام بتصنيف الحديث وتحقيق المصنفات والمؤلفات والتركيز على تخريج الحديث واستخراج الكنوز النبوية ناصعة جلية .

قال عنه إبراهيم شقرة :"إنه الإمام بلا منازع ناخت ببابه رواحل علم السنة فندب الله لها من أراد به خيراً ليأخذ من أوقارها ما يقدر على أخذه فما نقص منها شيء إلا وصار إليها أضعاف أضعاف ما نقص"[3]

كتب الألباني :

بلغت مؤلفاته أكثر من مئتي كتاب بين مؤلفات وتنقيح وتخريج وتحقيق ، نذكر منها على سبيل المثال :

1. سلسة الأحاديث الصحيحة وقد خرّج فيه ثلاثة آلاف حديث .

2. سلسلة الأحاديث الضعيفة وخرّج فيه ألفين وخمسمائة حديث .

3. مختصر صحيح البخاري .

4. التعليقات والتخريجات لكتاب التوحيد .

5. مختصر صحيح مسلم .

6. إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل .

7. صحيح الجامع الصغير وزياداته .

8. ضعيف الجامع الصغير وزياداته .

9. صحيح السنن الأربعة وضعيفها .

10. حجاب المرأة في الكتاب والسنة .

وقد تميز الألباني بإحياء الكثير من السنن وتصحيح بعض المفاهيم التي جرى العمل بها في زماننا .

وفاته :

توفي رحمه الله يوم السبت الثاني من تشرين أول لسنة 1999ميلادية الموافق 22 جمادى الآخرة 1420 هجرية .

وقد أوصى بعدم الإعلان عن وفاته وأن يدفن مباشرة بعد تجهيزه والصلاة عليه وقد صلى عليه بعد العشاء ودفن في عمان .

"لقد هيأ الله لشيخنا ناصر الدين ما لم يتهيأ لغيره من علماء الحديث المعاصرين من وسائل النقل والنشر والشهرة ، لذلك ذاع صيته وعرفه القاصي والداني ، وأذعن الجميع لعلمه ، وشهد له الموافق والمخالف [4].





--------------------------------------------------------------------------------

[1] لم يكن يملك ثمن الكتاب فيضطر لإسئجاره .

[2] المجادلة أية 11 .

[3] رثاء الألباني ، محمد ابراهيم شقرة ، نقلاً عن شبكة الإنترنت .

[4] كلمة رثاء ، عبد الرحمن عبد الخالق ، شبكة الإنترنت .

بقلم الشيخ ماهر عساف

إمام مسجد :عمر بن الخطاب حالياً ومسجد الدهيشة الكبير ومسجد صلاح الدين سابقاً في بيت لحم

[أبو ناصر]

اللهم اغفر للشيخ الالباني واجزه عنا خير الجزاء

ولاهنت اخوي سهيل على هذه النبذه عن العلامه الالباني

[سعود الخويطري]

الله يجزاك خير يـ سهي الجنوب



سيرة عطرة وطيبة لـ العلامة : ناصر الدين الالباني - الله يسكنة الجنه



وتقبل سلامي واشواقي

الخويطري

[سهيل الجنوب]

الاخوة الافاضل جزيتم خيرا على ما قدمتم لكم جزيل الشكر