رسالة مفتوحة للشيخ محمد شمس الدين {محطم الأصنام} "2"

[محمود المختار الشنقيطي]

رسالة مفتوحة للشيخ محمد شمس الدين {محطم الأصنام} "2"

الشيخ محمد بن شمس الدين ... السلام عليكم ورحمة الله ..
ذكرتُ في الجزء الأول من هذه الرسالة أنني سأعود لردك على سؤال الشيخ حسن الحسيني،حين أخبرك أن بعض متابعيك يصفون الإمام النووي "صنم"فرددت عليه قائلا:
(الذين صَنًمُوا النووي ليس أنا الذين صنموه هم الذين طعنوا بالمسليمن بناء على رأيهم بالنووي ..بس).
أخي الكريم .. بعد أن كنتَ تجل الإمام النووي،ثم قرأت كتبه،فألفت كتاب:
(عقيدة النووى وموقف السلف منها)
يا شيخ محمد .. أرجو أن أمتلك بعض شجاعتك،فأخبرك أن كتابك،وتسجيلاتك الكثيرة،التي تبدع فيها الإمام النووي،تثير كثيرا من العجب .. لأن من كان يجل النووي،حتى قرأ كتبه – أو بعضها – وبذل جهدا في جمع مادة الكتاب هذا الجهد كله لم تقف معه على الأدلة التي تخبر ان الإمام النووي ترجع عن قوله في صفات الله تعالى.
قال الشيخ عبد الرزاق البدر :
(مثلا النووي – رحمه الله – له رسالة طُبعت مؤخرا بعنوان (جزء في اعتقاد السلف في الحرف والصوت لنستمع ما يقول رحمه الله تعالى :
"ونحن من ديننا" يقول النووي رحمه الله"ونحن من ديننا التمسك بكتاب الله وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم وما روي عن الصحابة والتابعين وأئمة الحديث المشهورين ونؤمن بجميع أحاديث الصفات ،لا نزيد على ذلك شيئا ولا ننقص منه شيئا كحديث قصة الدجال وقوله فيه و{أن ربكم ليس أعور} وكحديث النزول إلى السماء الدنيا وكحديث الاستواء على العرش و{إن القلوب بين أصبعين من أصابعه} وأنه يضع السموات على أصبع والاراضين على أصبع نقول بتصديق حديث المعراج و بصحيح ما فيه من الروايات وندين أن الله مقلب القلوب. وما شبهه هذه الأحاديث جميعها كما جاءت بها الروايات من غير كشف عن تأويلها وأن نمرها كما جاءت وأن الإيمان قول وعمل يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ونقول أن الله يجيئ يوم القيامة كما قال تعالى {وجاء ربك والملك صفا صفا}وإن الله يقرب من عباده كيف يشاء لقوله {ونحن أقرب إليه من حبل الوريد} وقوله {ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنا} وأشباه ذلك من آيات الصفات،ولا نتأولها ولا نكشف عنها بل نكف عن ذلك كما كف عنه السلف الصالح ونؤمن بأن الله على عرشه كما أخبر في كتابه ولا نقول هو في كل مكان بل هو في السماء وعلمه في كل مكان لا يخلو منه مكان كما قال{أأمنتم من السماء } أو كمال {إليه يصعد الكلم الطيب } كم جاء في حديث الإسراء إلى السماء السابعة { ثم دنا من ربه} وكما في حديث سوداء أريدت أن تعتق فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم أين ربك فقالت في السماء فقال اعتقها فإنها مؤمنة وأمثال ذلك كثير في الكتاب والسنة نؤمن بذلك ولا نجحد شيئا من ذلك وقد روت الثقات عن مالك بن انس أن سائلا سأله عن قوله تعالى{الرحمن على العرش استوى} فقال : ((الإستواء غير مجهول والكيف غير معقول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة )).
فيا إله السماوات والأرض – الكلام لا يزال للنووي رحمه الله :"يا خالق الخلق أجمعين أنت المطلع على البواطن وأنت الرقيب على كل متحرك وساكن أسألك أن تغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان وألا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم " انتهى كلامه رحمه الله تعالى.)
وقد تحدث الشيخ"البدر"عن أن الرسالة ثابتة للنووي.
وقد قدم الشيخ مشهور آل سلمان،أربعة أدلة على رجوع الأمام النووي عن قوله في الصفات. قال بعد أن ساق الكلام الذي نقله الشيخ البدر حتى نهاية كلام الأمام مالك،بصفته الدليل الأول،ثم قال :
(الدليل الثاني وجدتُ في فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في المجلد الثالث صفحة ميتين وأربع وعشرين. شيخ الإسلام رحمه الله تعالى ناضل و دافع وألف وعقد مناظرات والمجالس حول التوحيد وخاصة في أسماء الله تعالى فهو يحدث عن نفسه يقول "و لما اجتمعنا بدمشق وأُحضر فيما أُحضر كتب أبي الحسن الأشعري مثل"المقالت والإبانة"وأئمة أصحابه كالقاضي أبي بكر وابن فورك والبيهقي وغيرهم وأُحضر كتاب الإبانة،وما ذكر ابن عساكر في كتاب "تبيين كذب المفتري فيما نُسب إلى الأشعري"وقد نقله بخطه أبو زكريا النووي وقال فيه :"فإن قال قائل قد انكرتم قول المعتزلة والقدرية والجهمية والحرورية والرافضة والمرجئة ،فعرفونا ما قولكم الذي به تقولون ؟
قيل له قولنا التمسك بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ،وماروي عن الصحابة والتابعين وأئمة الحديث ونحن بذلك معتصمون وبما كان يقول احمد بن حنبل نضر الله وجهه ورفع درجته وأجزل مثوبته قائلون وبما خالف قوله له مجانبون ،لأنه الإمام الفاضل الذي أبان الله به الحق عند ظهور الضلال واظهر به المنهاج وقمع به بدع المبتدعين وزيغ الزائغين وشك الشاكين.ثم قال : "باب ذكر الاستواء" – وذكر الشيخ مشهور عدة آيات . ثم قال :
(هذا الكلام نقله النواووي بخطه من كتب أبي الحسن الأشعري . هذا الدليل الثاني.)
ثم ذكر الشيخ أن الدليل الثالث هو تعظيم النووي للخطابي .. وأشار إلى كتاب اسمه"طبقات فقهاء الشافعية"ألفه ابن الصلاح وهذبه ونشره ورتبه النووي . (قال الإمام النووي في تهذيبه لطبقات الشافعية لابن الصلاح،الجزء الأول صفحة أربع ميه وسبعين،في ترجمة الخطابي،في معرض التقرير. قال،ما نصه وفصه:"وصرح – أي الخطابي – بأنه سبحانه وتعالى في السماء . وقال : زعم بعضهم أن الاستواء هاهنا الإستيلاء ،ونزع فيه ببيت مجهول،لم يقله من يصح الاحتجاج بقوله.وذكر أن له كتابا بعنوان "الرسالة الناصحة فيما يعتقد من الصفات")
ثم قال الشيخ آل مشهور
(إذا نقل النووي كلام الخطابي في أن الله - سبحانه وتعالى - في السماء وأنه مستوي على عرشه في معرض الثناء والتقدير.
فلو كان هذا الكلام لا يقبله النووي،إما أن يحذفه أو يتعقبه ،أو أن يرد عليه. هذا الدليل الثالث).
قال ابو عبد الله المدني عبارة – سبحانه وتعالى – بين الشرطتين .. كتبتُها خطأ ولم أجرء على مسحها. فليست في اصل الكلام.
ثم ذكر دليلا رابعا،عزاه لكتاب"روضة الطالبين" في الجزء العاشر صفحة 85طبعة المكتب الإسلامي. أن الكافر لو قال : لا إله إلا ملك السماء كان مؤمنا.
شيخنا الكريم ... قلت في الحوار المذكور .. إذا ثبت أنني خطأتُ .. أعتذر أيش المشكلة؟!!
فهل ستعتذر.. وهل كل من طعن في الإمام النووي – في تعليقه على مقاطعك- أو بدعه أو كفره .. في ميزانك يوم القيامة .. إذا وقفتَ على الحق ولم تعتذر؟
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه،وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه.
اللهم آمين. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين،وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله.

كتبه : أبو عبد الله المدني