بعد تورط نظام الملالي في دعم القاعدة ضد شيعة بلاد الرافدين
تحول مفصلي في موقف ايران من وثائق ويكيليكس
صلاح أحمد من لندن
GMT 20:00:00 2010 الجمعة 29 أكتوبر
شهد الموقف الايراني من نشر وثائق ويكيليكس الخاصة بحرب العراق تحولاً مفصلياً، إذ انقلبت فرحة الايرانيين بفضح النشاط الاميركي في بلاد الرافدين الى حالة من السخط البالغ، عندما كشفت الوثائق ذاتها عن دور ايران السري في دعم تنظيم القاعدة السني ضد الشيعة العراقيين، وشكك اقطاب الحقل السياسي عندئذ في صحة تلك الوثائق، سيما انها ازاحت الستار عن الوجه الحقيقي لنظام الملالي، وأفقدت ايران فرصة للتعاطي مع عروض اوروبية، خاصة ببرنامجها النووي.
لندن: لم تدم فرحة الايرانيين طويلاً بعد نشر الدفعة الاولى من وثائق ويكيليكس الخاصة بحرب العراق، إذ اعتبرت طهران ان محتوى تلك الوثائق يفضح نشاط الولايات المتحدة في بلاد الرافدين، ويسحب البساط من اسفل قدميها في منطقة الشرق الاوسط، غير ان المستوى السياسي والامني في ايران سرعان ما شن هجوماً عاصفاً على الوثائق ذاتها، بعد نشر الموقع لدفعة جديدة من الوثائق، كشف فيها النقاب عن دور الاجهزة السياسية والامنية الايرانية، في دعم تنظيم القاعدة السني ضد شيعة العراق. في كانت الوثائق التي سربها الموقع الالكتروني الشهير «ويكيليكس» في السابق هدية سارة للنظام الإيراني.
وتغير الموقف الايراني من الوثائق بعد إعلان ويكيليكس نيته تسريب أكبر عدد من وثائق الملفات العراقية مجدداً «لرفع النقاب عن معاناة غير طبيعية مني بها العراقيون في تسعة أعوام من الحرب الأميركية على بلادهم» كما قال مدير الموقع جوليان اسانج.
اجواء الفرح الايرانية تحولت الى حالة من الغضب وربما الخوف، وبعد نشر الدفعة الثانية من الوثائق، سارع المسؤولون في طهران، مثل جواد لارنجاني، أمين عام المجلس الإيراني الأعلى لحقوق الإنسان (وشقيق رئيس البرلمان علي وأيضا شقيق رئيس السلك القضائي صادق) الى التقليل من أهمية الوثائق المسربة. بل وصل الأمر الى حد وصفها بالـ «مشكوك في صحتها».
وإذا كان ضرر الوثائق الجديدة الواقع على مصداقية الولايات المتحدة كبيرا، فإن الضرر الواقع الآن من جرائها على النظام الإيراني لا يقل حجما، على الأقل على المستوى الشيعي. فقد أشارت بعض تلك الوثائق الى أن طهران مدت تنظيم «القاعدة» العراقي (السني) لمختلف سترات التفجيرات الانتحارية.
ووفقا لصحيفة «غارديان» البريطانية، تُعتبر القاعدة العراقية هي عدو الشيعة الأول، لا سيما انها قتلت منهم الآلاف في بقاعهم المقدسة بالنجف وكربلاء. والمؤكد الآن أن الشيعة لن ينظروا بعطف الى تعاون طهران مع القاعدة وإن كان الغرض الإيراني منه هو قتل الجنود الأميركيين. وهناك أيضا الضرر السياسي الهائل المتمثل في موقف نوري المالكي. فكيف يقنع العراقيين عموما والشيعة خصوصا بعد الآن بأن إيران صديقة حقيقية؟
وثمة أشياء أخرى كشفتها وثائق ويكيليكس منها أن قوات «القدس» التابعة للحرس الثوري الإيراني تدرب مقاتلين شيعة عراقيين داخل الأراضي الإيرانية. وهذا قد يحدو بدول أوروبية مترددة لقبول فكرة عقوبات شاملة على إيران.
ويكتسب هذا الأمر أهميته من أن طهران ربما كانت مقبلة على عرض أوروبي جديد من الغرب، وكان من المقرر حال قبولها له تعزيز مكانتها الدولية، وأن يساعدها أيضا في برنامجها النووي السلمي. وتبعا لموقع معهد العلوم والأمن الدولي «آيسيس» كان هذا العرض يتضمن إرسال اليوارنيوم منخفض التخصيب الى روسيا فتحوله الى وقود نووي لمفاعل بوشهر الإيراني.
ويحمل هذا العرض عدة فوائد لإيران منها، انه لن يجبرها على وقف تخصيب اليورانيوم، ويستبعد فرنسا من تخصيبه بسبب غضب طهران على باريس في تعاملات سابقة. وأخيرا يتيح للحكومة الإيرانية الاعلان لشعبها إن وقود مفاعل بوشهر يأتي من مخزونها من اليورانيوم المخصب.
وتبقى الآن معرفة ما إذا كانت طهران ستقبل بهذا العرض، خصوصا على ضوء الضرر الهائل الذي أحدثته وثائق ويكيليكس في سمهعتها داخليا وإقليميا ودوليا.