مجالس العجمان الرسمي

العودة   مجالس العجمان الرسمي > ~*¤ô ws ô¤*~المجالس العامة~*¤ô ws ô¤*~ > مجلس الدراسات والبحوث العلمية

مجلس الدراسات والبحوث العلمية يعنى بالدراسات والبحوث العلمية وفي جميع التخصصات النظرية والتطبيقية.

رد
 
أدوات الموضوع طرق مشاهدة الموضوع
  #1  
قديم 21-02-2008, 02:11 AM
الصورة الرمزية ابوفهد العجمي
ابوفهد العجمي ابوفهد العجمي غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Jul 2006
الدولة: ¸.•° في قلوب البشر°•.¸
المشاركات: 435
معدل تقييم المستوى: 18
ابوفهد العجمي is on a distinguished road
شرح سماحة الشيخ العلامة / عبدالعزيز بن باز رحمه الله . على كتاب القواعد الأربع

تقريظ
الحمد لله وحده وصلى الله على من لا نبي بعده محمد وآله وصحبه
أما بعد:
فقد قرأت هذا الشرح لشيخنا ووالدنا سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله وأكرم مثواه على أربع القواعد في التوحيد والتي ألفها الشيخ المجدد العالم العلامة محمد بن عبد الوهاب التميمي رحمه الله وغفر لنا وله وقد وضح الشيخ رحمه الله في هذا الشرح ما تضمنته هذه القواعد من بيان التوحيد الذي فرض الله على العبيد وما ينافيه من الشرك, وبين حال المشركين الأولين وإقرارهم بتوحيد الربوبية, وأنه لم يعصم دماءهم وأموالهم, بل صار حجة عليهم, ولعل الله تعالى أن ينفع بهذا الشرح المفيد كما نفع بأصله وصلى الله على محمد وآله وصحبه.

عبدالله بن عبدالرحمن بن عبدالله الجبرين
1426هـ/24/10


التعديل الأخير تم بواسطة : ابوفهد العجمي بتاريخ 21-02-2008 الساعة 02:28 AM.
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 21-02-2008, 02:14 AM
الصورة الرمزية ابوفهد العجمي
ابوفهد العجمي ابوفهد العجمي غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Jul 2006
الدولة: ¸.•° في قلوب البشر°•.¸
المشاركات: 435
معدل تقييم المستوى: 18
ابوفهد العجمي is on a distinguished road
رد: شرح سماحة الشيخ العلامة / عبدالعزيز بن باز رحمه الله . على كتاب القواعد الأربع

المقدمة
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
وبعد:
فإنَّ من رحمة الله تعالى بهذه الأمة أن قيَّض لها في كل عصر من العصور علماء ناصحين ودعاة مصلحين ينفون عن دين الله تحريف الظالمين, وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين, ومن هؤلاء الدعـــاة المصـــلحين الإمام محمد بن عبدالوهاب -رحمه ا لله تعالى- الذي جدد الله به أمر الدين بعدما كادت أن تندرس معالمه, ولقد وفق الله ذلك الإمام إلى تدوين عدد من المؤلفات النافعة المختصرة في ألفاظها ومبناها, العظيمة في معناها, ومن تلك المؤلفات القواعد الأربع التي اعتنى بها أئمة الدعوة من بعده وحرصوا على شرحها وبيان معانيها لطلابهم وتلامذتهم.
وممن اعتنى بكتب الإمام محمد بن عبدالوهاب عامَّة وهذه الرسالة خاصة سماحة شيخنا العلامة الشيخ عبدالعزيز بن باز -رحمه الله تعالى- حيث درّسها مرارًا, وشرح معانيها, وجلاّ مراميها بتعليقات محكمة ثرية بالنصوص الشرعية والمعاني الجليلة.

ويطيب لـ «اللجنة العلمية في مؤسسة الشيخ عبدالعزيز بن باز الخيرية» أن تضع بين يدي القارئ الكريم «تعليقات سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله على القواعد الأربع» ضمن سلسلة إصداراتها لشروح وتعليقات سماحة الشيخ على الكتب العلمية وقد تولَّى مراجعة هذه المادة كل من:
● فضيلة الشيخ العلامة / د. عبدالله بن عبدالرحمن بن جبرين وفقه الله.
● فضيلة الشيخ / د. عبدالعزيز بن عبدالله آل عبداللطيف وفقه الله.

نسأل الله أن يضاعف الأجر والمثوبة للشيخين الكريمين على ما بذلا, وأن يجعل هذه المادة في موازين حسنات شيخنا الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جناته -
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

اللجنة العلمية بمؤسسة
الشيخ عبدالعزيز بن باز الخيرية


مقدمة الشيخ
عبدالعزيز بن باز للقواعد الأربعة


قال الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله بعد حمد الله والصلاة والسلام على رسول الله, أما بعد :
فهذه القواعد الأربع نبَّه عليها المؤلف رحمه الله وهي قواعد مهمة, فمن عقلها وفهمها جيدًا, فَهِمَ دين المشركين وفَهِمَ دين المسلمين, وأغلبُ الخلق لا يفهمُ هذه القواعد, ولهذا التبست عليهم, فعبدوا القبور وأصحابها والأولياء والأشجار والأحجار من دون الله, وهم يحسبون أَنَّهم على شيء لجهلهم بحقيقة التوحيد, وحقيقة الشرك.
ومؤلف هذه القواعد هو الشيخ الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله وهو المجدد لما انْدَرَسَ من معالم الإسلام في هذه الجزيرة في النصف الثاني من القرن الثاني عشر المتوفى سنة ستٍّ ومائتين وألف من الهجرة النبوية .

● قال المؤلف رحمه الله:
أسْأَلُ اللهَ الكَرِيمَ رَبَّ العَرْشِ الْعَظِيمِ أَنْ يَتَوَلَّاكَ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ, وَأَنْ يَجْعَلَكَ مُبَارَكًا أَيْنَمَا كُنْتَ, وأَنْ يَجْعَلَكَ ممِنْ إِذَا أُعْطِيَ شَكَرَ, وَإِذَا ابْتُلِيَ صَبَرَ, وإذَا أَذْنَبَ اسْتَغْفَرَ, فَإِنَّ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَ عُنْوَانُ السَّعَادَةِ».


التعليق:
يقول المؤلف رحمه الله: أسْأَلُ اللهَ الكَرِيمَ رَبَّ العَرْشِ الْعَظِيمِ أَنْ يَتَوَلَّاكَ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ, وَأَنْ يَجْعَلَكَ مُبَارَكًا أَيْنَمَا كُنْتَ, وأَنْ يَجْعَلَكَ ممِنْ إِذَا أُعْطِيَ شَكَرَ, وَإِذَا ابْتُلِيَ صَبَرَ, وإذَا أَذَا أَذْنَبَ اسْتَغْفَرَ, فَإِنَّ هؤُلَاءِ الثلَاثَ خصال عُنْوَانُ «السَّعَادَةِ» فالمؤلف رحمه الله يجمع فيها بين الإفادة, والدعاء للطالب, وهذا من النصح, أن يدعو للطالب بالتوفيق ويفيده, ولا شك أن الطالب إذا قَبِلَ اللهُ هذا الدعاء في حقه سَعِدَ.

وقوله: «وأن يجعلك مباركاً أينما كنت وأن يجعلك ممن إذا أعطي شكر وإذا ابتلي صبر وإذا أذنب استغفر».
فإن هؤلاء الثلاث عنوان «السعادة » , وإذا حرص المؤمن على هذه الكلمات تمت سعادته, فهو يشكر الله على ما أعطاه بفعل أوامره وترك نواهيه, وإذا أذنب استغفر وتاب إلى الله, وهذا هو شأن المؤمن ولهذا يقول صلى الله عليه وسلم: «عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير ، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن ؛ إن أصابته سرّاء شكر ؛ فكان خيراً له ، وإن أصابته ضرّاء صبر ؛ فكان خيراً له . رواه مسلم . وهذا هو الواجب على المؤمن أن يشكر الله عند الرخاء, عند النعم, كالصحة والعافية, ونعمة الإسلام ونعمة الأولاد, ونعمة المال إلى غير ذلك, فهو يشكر الله عليها بطاعة أمره وترك نهيه يقول تعالى: (اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا) [سبأ:13]
يعني أنْ يطيع أوامره وينتهي عن نواهيه, ويصرف النعم في طاعة المولى سبحانه وتعالى, كما يصبر ويحتسب عند البلاء كالمرض أو موت الولد, أو أحد الأقرباء ونحو ذلك, فلا يجزع ولا يشق جيبًا ولا يضرب خدًا, ولا يدعو بدعوى الجاهلية, ولا يتكلم بفحش, بل يتحمل ويصبر, وعند الذنوب يبادر بالتوبة والاستغفار.

«اعلم أرشدك الله لطاعته أن الحنيفية ملة إبراهيم أن تعبد الله وحده مخلصاً له الدين, كما قال تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) [الذاريات:56]
فإذا عرفت أن الله خلقك لعبادته, فاعلم أن العبادة لا تسمى عبادة إلا مع التوحيد, كما أن الصلاة لا تسمى صلاة إلا مع الطهارة, فإذا دخل الشرك في العبادة فسدت, كالحدث إذا دخل في الطهارة.

فإذا عرفت أن الشرك إذا خالط العبادة أفسدها, وأحبط العمل, وصار صاحبه من الخالدين في النار عرفت أن أهم ما عليك معرفة ذلك لعل الله أن يخلصك وينجيك من هذه الشبكة, وهي الشرك بالله الذي قال الله تعالى فيه: (إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء) [النساء:48]

وذلك بمعرفة أربع قواعد ذكرها اللهُ تعالى في كتابه»

التعليق:
فإذا عرف المؤمن أنَّ التوحيد إذا دخله الشرك أفسده, كما يفسد الحدث الطهارة, عرف أنَّه لا بد من معرفة التوحيد على حقيقته, والشرك على حقيقته حتى لا يقع في الشرك, فيبطل توحيده ودينه؛ لأنَّ التوحيد هو دين الله وهو الإسلام, وهو الهدى, فإذا فعل شيئًا من أنواع الشرك بطل هذا الإسلام, وبطل هذا الدين, كأنْ يدعو الأموات ويتغيث بهم, ويسب الدين, ويسب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ويستهزئ بالله ورسوله ويستهزئ بالدين, ويعتقد حلَّ ما حرم الله مما هو معلوم من الدين بالضرورة, كالزنا وأشباهه, فإذا أتى بشيء من هذه النواقض بطل إسلامه, كما أنَّ من أتى بناقض من نواقض الطهارة من ريح أو بول أو غائط بطلت طهارته, وهكذا توحيده وإسلامه, إذا فعل شيًئا من نواقضه بطل هذا التوحيد وهذا الإسلام, فمن جحد وجوب الصلاة كفر, ومن جحد تحريم الزنا كفر, ومن استغاث بالموتى ونذر لهم كفر, وهكذا, ومما يبيّن الدين أنْ تتعلم هذه القواعد التي جاءت في كتاب الله, فإذا درستها وتأملتها اتضح لك الأمر أكثر.


التعديل الأخير تم بواسطة : ابومحمد الشامري بتاريخ 22-02-2008 الساعة 02:32 AM.
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 21-02-2008, 02:17 AM
الصورة الرمزية ابوفهد العجمي
ابوفهد العجمي ابوفهد العجمي غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Jul 2006
الدولة: ¸.•° في قلوب البشر°•.¸
المشاركات: 435
معدل تقييم المستوى: 18
ابوفهد العجمي is on a distinguished road
رد: شرح سماحة الشيخ العلامة / عبدالعزيز بن باز رحمه الله . على كتاب القواعد الأربع

("(:: القَاعِدَةُ الأُولَى :: )")
أن تعلم أن الكفار الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم مُقِرُونَ بأَنَّ الله تعالى هو الْخَالِقُ الرَّازِقُ الُمُدَبَّرُ, وأن ذلك لم يدخلهم في الإسلام.
والدليل قوله تعالى: (قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ) [يونس:31]

التعليق:
القاعدةُ الأولى: أنْ تعلم أنَّ المشركين الذين قاتلهم الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابةُ مقرون بتوحيد الربوبية: بأن الله خالقهم ورازقهم ومدبر أمورهم, وليس عندهم في هذت شك, وَجُهَال المسلمين اليوم يحسبون أنَّ هذا التوحيد يكفي, وهذا من الجهل؛ إذْ صار المشركون أعلم منهم, فإذا أقرَّ أحدهم بالربوبية, وقال: إن الله ربي وخالقي ورازقي, فإنَّ ذلك لا يكفي, فالمشركون أقُّروا بذلك يقول تعالى: (وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ) [الزخرف: 87] ويقول: (وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ) [العنكبوت:61] فالمشركون مُقِــرُون بذلك, قال تعالى: (قُـل) – يعني: يا محمد – (قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ) [يونس:31] بما أنّكُمْ تعرفون هذا أفلا تتقون الإشراك بالله, وترجعون إلى التوحيد وحق, فهم يعرفون هذه الأمور ويقرون بها لِله, ومع هذا لم ينفعهم ذلك, بل قاتهلم النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنَّهم ما خصوا اللهََ بالعبادة بل أشركوا مع الله اللاَّت, والعُزّى, ومناة وأصنامهم الكثيرة.
فالتوحيد: هو صرف العبادة لِلهِ وحده, والإيمان بأنه وحده المستحق لها دون ما سواه, ومما يبينّ لك هذا أنَّ المشركين يقولون: ما دعوناهم وما توجهنا إليهم –كما في القاعدة الثانية – إلا لطب القربة والشفاعة.


| | | |@| | | |@| | | |@| | | |

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 21-02-2008, 02:19 AM
الصورة الرمزية ابوفهد العجمي
ابوفهد العجمي ابوفهد العجمي غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Jul 2006
الدولة: ¸.•° في قلوب البشر°•.¸
المشاركات: 435
معدل تقييم المستوى: 18
ابوفهد العجمي is on a distinguished road
رد: شرح سماحة الشيخ العلامة / عبدالعزيز بن باز رحمه الله . على كتاب القواعد الأربع

("(:: القَاعِدَة الثَّانِيَةُ :: )")

أنهم يقولون: ما دعوناهم وتوجهنا إليهم إلا لطلب القربة والشفاعة.
فدليل القربة قوله تعالى:
(وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ) [الزمر:3].
ودليل الشفاعة قوله تعالى: (وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَـؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ) [يونس:18] والشفاعة شفاعتان: شفاعة منفية, وشفاعة مثبتة.

فالشفاعة المنفية: ما كانت تطلب من غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله, والدليل قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ) [البقرة: 254]
والشفاعة المثبتة: هي التي تطلب من الله, والشافع مكرم بالشفاعة, والمشفوع له من رضي الله قوله وعمله بعد الإذن كما قال تعالى: (مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ) [البقرة: 255].

التعليق:
يعني: ما قصدنا أنهم يخلقون أو يرزقون أو يدبرون الأمور أو يحيون الموتى, فإن ذلك كله لله عزوجل, ولكن قصدناهم ليشفعوا لنا ليقربونا إلى الله زلفى؛ لأنهم أحسن منا, فهم أصحاب دين, ولهم طاعات, ولهم أعمال صالحات, ولهذا نعبدهم وندعوهم ونستغيث بهم ليقربونا إلى الله وليشفعوا لنا, كما قال جلّ وعلا عنهم في سورة الزمر: (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى) [الزمر:3] يعني: أنهم لم يعبدوا الأنبياء والصالحين إلا ليقربوهم إلى الله زلفى, قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ) [الزمر:3] وقد سماهم الله في هذه الآية بالكذبة, والكفرة فهذا يدل على أن عبادتهم إياهم لطلب التقريب أنه كُفرٌ وردَّة, وإنَّ لم يقولوا: أنَّهم يخلقون ويرزقون, لإن كانوا يدعونهم ويستغيثون بهم, وينذرون لهم ويذبحون لهم بقصد القربة وأنهم يشفعون لهم, فهذا هو الكفر الذي فعله المشركون الأولون ولهذا سماهم كذبة وكفرة, لأنهم كذبوا بقولهم أنهم يقربونا إلى الله وكفروا بهذا العمل, يقول سبحانه:
(وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَـؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ) [يونس: 18]
فأقروا بأن آلهتهم لا تنفع ولا تضر, وأنهم يشفعون لهم, ويقول الله جلّ وعلا: (فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ) [المدثر: 48]
ويقول تعالى: (مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ) [غافر: 18] وهذا الشرك أبطل حصول الشفاعة لهم, ولم ينفعهم, بل ضرهم, وإنَّما الذي ينفعهم هو التوبة إلى الله والاستقامة على التوحيد, وعبادة الله وحده والبعْد عن الإشراك كما هو معنى: «لا إله إلا الله» يعني يخصون الله بالعبادة, والدعاء, والخوف, والرجاء, والذبح, والنذر, زلا يشركون مع الله أحدًا لا نبيًا مرسلاً, ولا ملكًا مقربًا ولا جِنٍّيًا ولا غير ذلك, فهذا هو دين الله.
فإنَّ التوحيد والدين والإسلام هو: صرف العبادة لله وحده, وعدم صرفها لغيره, ولو زعم أنَّ ذلك الغير لا يخلق ولا يرزق, ومن صرف له عبادة من العبادات فقد كفر, وإنْ اعتقد أن ذلك المعبود لا يخلق ولا يرزق فإنَّ المشركين قد اعتقدوا هذا فهم يعلمون أنَّ معبوداتهم لا تخلق ولا ترزق, وأنَّها فقيرة ومملوكة, فلم يعذرهم الله بذلك, بل كفّرهم بطلبهم الشفاعة من غير الله وصرفهم العبادة لغيره, فالحاصل أنَّ دعاءهم غير الله واستغاثتهم بغير الله, وصرفهم بعض العبادات لغير الله, يجعل العبد مشركًا, وإنْ أقرَّ بأنَّ الله هو الخالق الرَّازق المدبر وإنْ أقرَّ أَنَّ معبودَاتهم لا تنفع ولا تضر, ولكنه يريد شفاعتهم, أو يريد أنْ يقربوه, فهذا لا يخلصه من الشرك, فالذي يعبد البدوي, أو يعبد الشيخ عبدالقادر الجيلاني, أو يعبد الرسول صلى الله عليه وسلم أو يعبد صنمًا أو جنيًا ويقول: إنَّه يعتقد أنه يقرّبه, ولا يعتقد أنه يخلق أو يرزق فإنَّه يُبَينٌِّ له أَنَّ هذا هو الشرك الأكبر, وأنَّ هذا هو دين المشركين الذي كانوا عليه, يقول تعالى: (مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى) [الزمر:3] فالواجب عليه أنْ يحذر هذا الدين – أي: دين المشركين –بالتوبة النصوح والإقلاع عن هذا الشرك, وتعليم من لم يفقه ذلك من إخوانه وعشيرته, وأهل بيته, ويكون عنده نشاط في تلك الدعوة ويحرص كذلك على تفهيمهم أنَّ قولهم: أنَّ الآلهة التي عبدوها لم يقصدوها لنفعها أو لضرها, وإنَّما قصدوها لشفاعتها وتقريبها, فإنَّ هذا هو الشرك الأكبر, لكونهم قصدوا تقريبها إلى الله وشفاعتها عنده فصرفوا لها العبادة, فهذا هو الشرك الأكبر.


| | | |@| | | |@| | | |@| | | |

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 21-02-2008, 02:21 AM
الصورة الرمزية ابوفهد العجمي
ابوفهد العجمي ابوفهد العجمي غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Jul 2006
الدولة: ¸.•° في قلوب البشر°•.¸
المشاركات: 435
معدل تقييم المستوى: 18
ابوفهد العجمي is on a distinguished road
رد: شرح سماحة الشيخ العلامة / عبدالعزيز بن باز رحمه الله . على كتاب القواعد الأربع

("(:: القَاعِدَةُ الثَّالِثَةُ :: )")
أن النبي صلى الله عليه وسلم ظَهَرَ على أُنَاسٍ مُتَفَرِّقِينَ في عباداتهم؛ منهم من يعبد الملائكة, ومنهم من يعبد الأنبياء والصالحين, ومنهم من يعبد الأشجار والأحجار, ومنهم من يعبد الشمس والقمر وقاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم, ولم يُفَرِّقْ بَيْنَهُمْ.
والدليل قوله تعالى: (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه) [الأتفال: 39].
ودليل الشمس والقمر قوله تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) [فصلت: 37].
ودليلُ الملائكة قولهُ –تعالى- : (وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ الْمَلاَئِكَةَ وَالنِّبِيِّيْنَ أَرْبَابًا) [آل عمران: 80].
ودليل الأنبياء قولــهُ تعالى: (وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ) [المائدة: 116].

ودليل الصالحين قوله تعالى: (أُولَـئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ) [الإسراء: 57] ودليل الأشجار والأحجار: قوله تعالى: (أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى* وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى) [النجم: 20,19].

وحديث أبِي واقد الليثي رضي الله عنه قال: «خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى حُنَيْن, ونحن حُدَثَاءُ عَهْدٍ بِكُفْرِ, وللمشركين سدرة يعكفون عندها وينطون بها أسلحتهم, يقال لها: ذات أنواطٍ فمررنا بسدرة فقلنا: يارسول الله, اجعل لنا ذاتَ أنواط, كما لهم ذاتُ أنْوَاط.»

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 21-02-2008, 02:25 AM
الصورة الرمزية ابوفهد العجمي
ابوفهد العجمي ابوفهد العجمي غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Jul 2006
الدولة: ¸.•° في قلوب البشر°•.¸
المشاركات: 435
معدل تقييم المستوى: 18
ابوفهد العجمي is on a distinguished road
رد: شرح سماحة الشيخ العلامة / عبدالعزيز بن باز رحمه الله . على كتاب القواعد الأربع

("(:: القَاعِدَةُ الرابعة :: )")

أن مشركي زماننا أغلظ شركاً من الأولين؛ لأن الأولين يشركون في الرخاء, ويخلصون في الشدة, ومشركو زماننا شركهم دائما في الرخاء والشدة.
والدليل قوله تعالى: (فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ) [العنكبوت: 65].
تمت وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
التعليق:
القاعدة الثالثة والرابعة: أن النبي صلى الله عليه وسلم ظهر في أناس متفرقين في عباداتهم, هذه هي القاعدة الثالثة وذكر بعدها الرابعة من القواعد الأربع التي من عقلها وفهمها جيدًا عقل دين المشركين, وعقل دين المرسلين, وعرف الفرق بينهما وهي القواعد المهمة الواضحة التي بَيَّن فيها المؤلف رحمه الله حقيقة الشرك وما عليه المشركون وأوضح فيها حقيقة ما دعا إليه النبي صلى الله عليه وسلم وما أرشد إليه, وما بعثه الله به, فمن عقلها هذه القواعد الأربع, كما ينبغي كان على بصيرة ومعرفة بدين الرسل, وقد تقدمت القاعدة الأولى في بيان أنهَّم مُقُِّرون بتوحيد الربوبية, وأنَّهم لا ينكرون أنَّ الله هو الخالق, الرَّازق, المدبر, المحي, المميت, الرَّزاق للعباد, يعرفون هذا, ولهذا أقرُّوا به لما سئلوا: (وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ) [الزخرف:87] كما تقدم .

وبيَّن في القاعدة الثانية: أنهم يقولون: ما دعوناهم وتوجهنا إليهم إلا لطلب القربة والشفاعة , يعني: أنهم ما توجهوا إليهم يعتقدون فيهم الخلق والرزق, فهم يعلمون أنَّ الخلاق الرزاق هو الله, ولكنهم عبدوهم بقصد شفاعتهم وتقريبهم إلى الله, يقول تعالى على لسانهم: (مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى) [الزمر:3] (وَيَقُولُونَ هَـؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ) [تونس:18] وهذا هو شركهم يقولون: إننا دعوناهم وتوجهنا إليهم ليقربونا إلى الله, وليشفعوا لنا عند الله, والله هو الرازق الخالق سبحانه وتعالى وأمَّا شرك المشركين المتأخرين, فشركهم دائم, في الرخاء والشدة, فهم يشركون مع الله الأنبياء وغيرهم, وبعضهم أشرك في الربوبية واعتقد أنَّ بعض المشايخ وبعض الصالحين يتصرّف في الكون, ويتصرّف في الناس, وهذا من سخافة العقول وضلالها, فصاروا أَسْفَهَ من المشركين الأولين, وأقلُّ عقلاً وأعظم شركًا .
تقدر تفصيل الشفاعة, وأنَّ الشفاعة شفاعتان: شفاعة مرضيَّة وهي التي يأذن الله بها ويرضاها كشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأهل الموقف حتى يقضي بينهم بإذنه سبحانه, وشفاعته في أهل التوحيد حتى يدخلوا الجنة بإذنه ورضاه سبحانه وتعالى .
وشفاعة باطلة وفي الشفاعة التي يطلبها المشركون من غير الله كالأنبياء, أو الصالحين, أو الملائكة, أو الجن, أو من الأشجار, وهي شفاعة باطلــة, قال الله تعالى فيها: (فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ) [المدثر: 48] ويقول تعالى: (مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ) [غافر:18]وهذه شفاعة باطلة؛ لأنهم طلبوها من غير الله وتوسلوا إليها بالشرك فصارت باطلة.
ثم ذكر في القاعدة الثالثة أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم ظهرَ في أُناسٍ شركهم متنوع, فمنهم من يعبد الأنبياء, ومنهم من يعبد الملائكة, ومنهم من يعبد الصالحين, ومنهم من يعبد الجن, ومنهم من يعبد الأشجار والأحجار, ومنهم من يعبد الشمس والقمر, فقاتلهم جميعًا وقاتلهم الصحابة, ولم يفرّقوا بينهم, وذكر الآيات الدالة على ذلك مثل قوله جلّ وعلا:
(وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ الْمَلاَئِكَةَ وَالنِّبِيِّيْنَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ) [آل عمران: 80]
فجعل عبادة الملائكة والأنبياء كُفْرٌ, وذكرَ في قصة عيسى والنصارى (مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) [المائدة:117] وذكر في الأشجار والأحجار والصالحين (أَفَرَأَيْتُمْ اللاَّتَ وَالْعُزَّى * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى) [النجم:19,18] واللاَّت: رجلٌ صالح, ومناة حجر, والعُزَّى شجرة, فقاتلهم الرسول صلى الله عليه وسلم وقاتلهم الصحابة, ولم يفرِّقوا بينهم, فالشرك واحد وإنْ تنوع المعبودون, كالذي يعبد الشمس, أو القمر, أو الملائكة, أو الأنبياء, أو الصالحين, أو النجوم, أو غيرهم, فكلهم مشركون يقول تعالى:
(وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) [البينة:5]
(وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ) [الإسراء:23] (فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ) [الزمر:2] (فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ) [الحج:34]
فمن خالف هذه الآيات, وما جاء في معناها فقد أشرك سواءٌ فعل ذلك مع الأنبياء أو مع الصالحين أو مع الملائكة أو مع الجن أو مع النجوم أو مع الشمس أو مع القمر أو غير ذلك, ولهذا أنزل الله جلّ وعلا فيهم (وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه) [الأنفال: 39]
فالشرك يطلق عليه فتنة, كما في قوله تعالى: (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ) يعني: حتى لا يقع شرك بالله ويكون الدينُ كُلُّهُ لله, فالاختلاف يُسمى فتنة, والمعاصي تسمى فتنة, ولكن المقصود بالآية هي فتنة الشرك بالله, كما قال جلّ وعلا: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ) [البقرة:217] يعني: الشرك.

فدل ذلك على أنَّ الواجب على ولاة الأمور أنْ يقاتلوا عُبّاد غير الله مطلقًا كائنًا من كان إذا دعوا إلى الله وأرشدوا, فإن لم يقبلوا وجب قتالهم مع القدرة (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) [التغابن:16] (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه) [الأنفال:39] ويقول جلّ وعلا: (انفِرُواْ خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ) [التوبة:41] ويقول جلَّ وعلا: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * ُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ) [الصف: 11.10]
ومما يتعلق بعبادة الأحجار والأشجار حديث أبي واقد الليثي لما خرجوا إلى حُنين, وكانوا حُدثاء عهدٍ بالكفر مروا على أناسٍ من المشركين يعبدون سِدرةٍ, ويعظمونها ويُعلقونَ عليها السَّلاحَ يقولون: إنّه إذا عُلِّقَ عليها يكون أمضى وأقوى, فقال المسلمون: اجعل لنا ذات أنواطٍ, كما لهم ذات أنواط, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: الله أكبر إنّها السُّنَن قلتم والذي نفسي بيده كما قال بنو إسرائيل لموسى (اجْعَل لَّنَا إِلَـهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ) [الأعراف: 138] الحديث رواه الترمذي وصححه
فجعل طلب إيجاد شجرة تعبد, مثل قول بني إسرائيل اجعل لنا إلهًا كما لهم آلهة, فإذا قال: نريد شجرة نعبدها أو حجرًا نعبده, أو قبرًا نعبده نعلق عليه السلاح, ندعوه, نستغيث به, ننذر له, فهو مثل قول بني إسرائيل (اجْعَل لَّنَا إِلَـهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ) وهذه قاعدة عظيمة مع القاعدتين السابقتين.
ثم أوضح في القاعدة الرابعة: أنَّ شرك الأولين أخفُّ من شرك المتأخرين, فشركُ المتأخرين أعظمُ وأقبحُ, فالأولون شركُهم كان في الرخاءِ ويُخلصونَ في الشِّدةِ, وأمَّا هؤلاء المشركون في غالب البلدان, فشركهم دائمٌ في الرخاء والشدة, كَعُبَّاد البدوي وعُبَّاد الحسين, وعُبَّاد الشيخ عبدالقادر الجيلاني.. وغيرهم, فالواجب الحذر من شرك المشركين في الشدة والرخاء دقيقه وجليله .

ومما يدل على أنَّ شرك المشركين في الرخاء دُونَ الشِدَّة قوله تعالى : (فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ) يعني: الباخرة أو السفينة (دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) [العنكبوت: 65] يعني: أنَّهم كانوا إذا ركبوا البحر وخافوا أنْ يغرقوا في البحر أو تغرق سفنهم, دعوا الله مخلصين له العبادة, فإذا نجَّاهم إلى البر وسَلمُوا عادوا إلى الشرك, يقول جلّ وعلا في آية أخرى: (وَإِذَا مَسَّكُمُ الْضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ) [الإسراء:67] وهكذا في الآية (وَإِذَا غَشِيَهُم مَّوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) [لقمان:32] هكذا ال المشركين عند الشدائد, يخلصون لله العبادة, ويعلمون أنَّه يُنُجْي وأنَّه لا إله غيره, وإذا جاء الرخاء وقعوا في الشرك مع آلهتهم وأصنامهم, أما هؤلاء المشركون في هذا الوقت فشركهم دائم فلا بصيرة عندهم, فيعبدون غير الله في الرخاء والشدة, ولا تمييز عندهم لضعف العقول وغلبة الجهل, نسأل الله العافية والسلامة وفق الله الجميع .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه .




كتبه/ حراب شجاع وليّد العجمي


التعديل الأخير تم بواسطة : ابوفهد العجمي بتاريخ 21-02-2008 الساعة 02:29 AM.
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 02-03-2008, 09:17 AM
الصورة الرمزية شيخة الغلا
شيخة الغلا شيخة الغلا غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Nov 2007
الدولة: … بُيَنـُ إلِحَنِآإيُآآ …
المشاركات: 4,582
معدل تقييم المستوى: 21
شيخة الغلا is on a distinguished road
رد: شرح سماحة الشيخ العلامة / عبدالعزيز بن باز رحمه الله . على كتاب القواعد الأربع

 

التوقيع

 

لـ أقفى من أغليه منّي فـ / الله يحفظه
ماهو بـ ؛ دمي و لا مالي و لا عبدي ,

كتاب قطع الوصل ما قدر على رفضـه .!

.. لكن لي حق أقول :-
............................... ( آحيييه يا كبدي )
 
 
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 02-03-2008, 09:19 AM
مملكة العجمان مملكة العجمان غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2008
المشاركات: 501
معدل تقييم المستوى: 17
مملكة العجمان is on a distinguished road
رد: شرح سماحة الشيخ العلامة / عبدالعزيز بن باز رحمه الله . على كتاب القواعد الأربع

مشكور على الموضوع الرائع


جزاك لله خير

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 15-05-2008, 11:08 AM
الصورة الرمزية ابونايف الوعيلي
ابونايف الوعيلي ابونايف الوعيلي غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Aug 2006
الدولة: ديـرة اخوانـ نورهـ
المشاركات: 3,229
معدل تقييم المستوى: 21
ابونايف الوعيلي is on a distinguished road
رد: شرح سماحة الشيخ العلامة / عبدالعزيز بن باز رحمه الله . على كتاب القواعد الأربع

لاهنت ابوشجــاع وجزاكــ الله خيــــر





ابونايف الوعيلي

 

التوقيع

 



الله يقطع الحاجـﮧ و مشي بلا مشهاهـُ
والله يقطع اللي كل من قَاربـﮧ ملـﮧُ


●●


والله يقطع اللي لا بغيناهـ ما نلقاهـٌ
و يقطع اللي لـإ صِفا .. ما صِفا كلـﮧٌ

 
 
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 15-05-2008, 11:15 AM
راشد العتل راشد العتل غير متصل
إداري سابق
 
تاريخ التسجيل: Aug 2005
الدولة: κυωαιτ
المشاركات: 5,326
معدل تقييم المستوى: 24
راشد العتل is on a distinguished road
رد: شرح سماحة الشيخ العلامة / عبدالعزيز بن باز رحمه الله . على كتاب القواعد الأربع

جزاك الله خير
وجعله الله في ميزان اعمالك

 

التوقيع

 

 
 
رد مع اقتباس
رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع إلى

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
سماحة المفتي العلامة عبدالعزيز آل الشيخ...محاضره بعنوان الجليس الصالح والجليس السوء عبدالله بن ريضه العجمي المجلس الإســــلامي 1 06-02-2008 09:00 PM
بفضل الله قد سلم سماحة المفتي عبدالعزيز آل الشيخ والعلامة صالح الفوزان من الأغتيال... عبدالله بن ريضه العجمي المجلس الإســــلامي 14 27-12-2007 07:54 AM
فلاش تعليم الصلاة كما وردت فى كتاب الشيخ بن باز رحمه الله!! ابومحمد الشامري المجلس الإســــلامي 14 14-07-2007 12:55 AM
فلاش : الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله سودة عسير المجلس الإســــلامي 4 21-09-2005 05:02 PM

 


الوقت في المنتدى حسب توقيت جرينتش +3 الساعة الآن 12:47 PM .


مجالس العجمان الرسمي

تصميم شركة سبيس زوون للأستضافة و التصميم و حلول الويب و دعم المواقع