مجالس العجمان الرسمي


المجلس الإســــلامي لطرح كافة القضايا المتعلقة بالدين الاسلامي

رد
 
أدوات الموضوع طرق مشاهدة الموضوع
  #1  
قديم 28-05-2012, 03:00 PM
حسين علي احمد ال جمعة حسين علي احمد ال جمعة غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Jul 2011
الدولة: السعودية
المشاركات: 608
معدل تقييم المستوى: 13
حسين علي احمد ال جمعة is on a distinguished road
حسن الاستقبال

حسن الاستقبال :

تولي الآداب الإسلامية أهمية قصوى لمسألة التحية وحسن استقبال الآخرين. ذلك أنه حين يلتقي الإنسان أخاه الإنسان فهو لا يقابل كتلة صماء جامدة، وإنما هو يقابل إنسان ملؤه الأحاسيس والمشاعر التي تستوجب المراعاة وإبداء الاهتمام، بانشراح صدر وطلاقة وجه. وقد أشارت الكثير من النصوص الدينية إلى أن مشاعر الإنسان تنعكس حتما على قسمات وجهه، فإذا كان غاضباً بان ذلك في وجهه، وكذلك الأمر إن كان غير مبال بالطرف الآخر. ولذلك أكدت الكثير من تلك النصوص على لقاء المرء بالآخرين بوجه طلق فتلك صدقة ومعروف لا يقل عن التصدق بالمال.

وقد ورد التأكيد في الشريعة باستمرار على ابتداء التحية وإبراز الاهتمام عند لقاء أي إنسان كان. فقد ورد عن رسول الله أنه قال: (من بدأ بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه)[1] ، وقد كان رسول الله يسلم على الأطفال والفتيان، بل ينبغي للإنسان إذا دخل منزله أن يلقي التحية على أهله، كما يقول تعالى: ﴿فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً﴾، وقد ورد عن الإمام الباقر في تفسير هذه الآية (هو تسليم الرجل على أهل البيت حين يدخل ثم يردون عليه، فهو سلامهم على أنفسكم).

إن التساهل في إبداء طلاقة الوجه والبشاشة أمام الآخرين قد يكون سببا لخسارة مكاسب كبير. وورد عن جرير بن عبدالله البجلي (ما حجبني النبي منذ أسلمت، ولا رآني إلا تبسم في وجهي)[2] . وورد أنه كان أكثر الناس تبسماً وضحكاً في وجوه أصحابه وإعجابا بما تحدثوا به، وذلك لشدة ما يبديه من اهتمام بحديثهم. وفي المأثور أيضا أن رسول الله خاطب ذات يوم أسرته بني عبد المطلب قائلاً: (إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فالقوهم بطلاقة الوجه، وحسن البشر)[3] ، وورد عنه : (لا تحقرن من المعروف شيئاً ومن المعروف أن تلق أخاك بوجهٍ طلق)[4] ، وعن الإمام الباقر قال: (أتى رسول الله رجلٌ فقال أوصني: فكان مما أوصاه: ألق أخاك بوجه منبسط)[5] ، وفي رواية عن أمير المؤمنين لفت فيها النظر إلى أن المرء عندما يلقى أخاه بوجه طلق فإنه يكسب دون أن يصرف شيئاً يقول : (البشر ابتداء صنيعة بغير مئونة)[6] ، أي كأنه بادر إلى صنع جميل على الطرف الآخر.

إن على المرء أن يعود نفسه ايلاء الاهتمام بالآخرين. ولعل هذا ما يضع علامة سلوكية فارقة بين الناس، فبعض الناس لديه هذه العادة الطيبة التي يُشعر من خلالها الآخرين باهتمامه الكبير بهم، فيما آخرون لا يستنكفون عن التعاطي مع الناس بفتور ودرجة أدنى من الاهتمام، أما الصنف الثالث فهم أولئك الذين لا يجدون حرجا في مواجهة الآخرين بوجه مكفهر مقطباً وعابساً. فطريقة التعاطي مع الناس وايلاء الاهتمام بهم إنما هي عادة يختارها المرء عن قصد.

ولعل هناك باعثين يدفعان المرء نحو حسن استقبال الآخرين يتمثلان في سلامة النفس وامتلاك الوعي. إذ تشير النصوص الدينية إلى أن سلامة نفس الإنسان تمثل أساساً صلباً لحسن علاقة المرء بنظرائه البشر، فالنفس الخالية من العقد عادة ما تبدي الاهتمام بالآخرين، وعلى النقيض من ذلك أولئك الذين امتلأت نفوسهم بالعقد، فإنهم غالباً ما ينظرون للآخرين باحتقار وترفع. يقول أمير المؤمنين في هذا الصدد: (الطلاقة شيمة الحر)[7] ، ويعني بالحر تلك النفس المتحررة من العقد، ويقول : (بشرك يدل على كرم نفسك)[8] .

أما الباعث الآخر فهو الوعي، وذلك بأن يعي المرء أهمية العلاقات الإنسانية، فمن يعي ذلك سيولي اهتماماً عظيماً بالآخرين، ويحرص على الظهور باستمرار بشوشاً، طلق الوجه في تعامله معهم. يقول الإمام علي : (من الدهاء حسن اللقاء)، ويعني الإمام بذلك بأن من ذكاء المرء أن يكون حسناً في لقائه مع الآخرين.

حينما يعوّد الإنسان نفسه على هذه العادة الحسنة فإنه سينجح في علاقته مع الآخرين، فهذا الأمر داخل في باب الاكتساب والتطبع، فعلى المرء أن يعوّد نفسه على كيفية التعامل الحسن مع الآخرين سواء كان كبيراً أو صغيراً، صديقاً أو خادمًا أو أياً كان، إذ لا ينبغي بأي حال أن يسلك سلوك الغاضب المتجبر، حتى في تعاطيه مع عائلته وأهل بيته، أو مع الضعفاء من خدمه والعاملين تحت يده. فسلامة النفس وامتلاك الوعي كفيلان بوضع الأسس الصلبة لعلاقة صحية مع الآخرين تبدأ من فن التعامل معهم.

ثمار الاستقبال الحسن
إن استقبال الآخرين على نحو حسن فيه الكثير من الفوائد الدينية والدنيوية:

أولا: كسب رضا الله

إن من أول فوائد حسن استقبال الآخرين هو كسب رضا الله واجتناب غضبه. فكما يتطلع المرء لاكتساب الأجر من الله حين يصلي ويصوم ويؤدي العبادات، فإن في التعامل الحسن مع الآخرين مكسباً يعادل ما تحصل عليه من أداء نوافل العبادات، ولربما فاق ذلك بأضعاف. ورد عن الإمام الصادق : (ثلاث من أتى الله بواحدة منهن أوجب الله له بهن الجنة: الإنفاق من إقتار، البشر لجميع العالم، الإنصاف من نفسك)[9] .

ولعل السؤال هنا؛ إذا كانت البشاشة في وجوه الآخرين من موجبات الجنة، فماذا تخسر أيها الإنسان إذا لقيت الناس بوجه طلق؟. إن من المستغرب أن بعض الناس لا تكاد تجود نفسه بالبسمة في وجوه الناس، ويبخل بانفراج أساريره معهم كما لو كانت هذه البسمة باهظة الثمن ويصعب عليه أن يعطيها لأي شخص!. كان رسول الله يقول: (إن الله يبغض المعبس في وجه إخوانه)[10] ، وعن علي : (إذا لقيتم إخوانكم فتصافحوا وأظهروا لهم البشاشة والبشر، تتفرقوا وما عليكم من الأوزار قد ذهب)[11] . فاستقبال الآخرين على نحو حسن هو مدعاة لرضا الله سبحانه وتعالى.

ثانياً: كسب القلوب
من النتائج المباشرة لحسن استقبال الآخرين، هو كسب قلوبهم، والتأسيس لعلاقة ناجحة معهم. يروي الإمام الصادق عن جده النبي أنه قال: (حسن البشر يذهب بالسخيمة)[12] . أي البغضاء، ويقول علي : (البشاشة فخ المودة)[13] ، فكما تنصب فخاخاً لاصطياد الطيور فإن البشاشة بمنزلة الفخاخ المخصصة للظفر بودّ الآخرين، وهذا يشمل جميع المحيطين بنا أيا كانوا، ابتداء من أفراد العائلة، وبحسب الرواية (لا يكن أهلك أشقى الناس بك)، وانتهاء بآخر من تتعاطى معهم من عامة الناس. فحسن الاستقبال والبشاشة والوجه الطلق مدعاة لكسب قلوب الناس على أي حال.

على الإنسان المسلم أن يدرب نفسه على حسن استقبال الناس في جميع الأحوال تأسيا بسيرة النبي . وحتى لو كان الشخص يعاني من مشكلة أو مرض يؤثر على مزاجه، فهذا ليس عذرا لسوء الخلق مع الآخرين، وكما في الحديث (المؤمن حزنه في قلبه وبشره في وجهه)[14] . فهذا علي بن أبي طالب يصف خلق رسول الله بالقول: (كان يعطي كلا من جلسائه نصيبه، حتى لا يحسب جليسه أن أحداً أكرم عليه منه)[15] فكل شخص يشعر مع رسول الله أنه أهم شخص عنده ، بخلاف ما تراه عند البعض، فقد يسلم عليك ولكنه يبقى مشغولاً بأمر آخر كالعبث بهاتفه الجوال مثلاً، أو ما شابه، وهذا ليس من الخلق القويم، فكل من جالس الرسول صار جليسه حتى يكون الآخر هو المنصرف عنه، ومن سأله حاجة لم يرده إلا بها، أو بميسور من القول، ومن يتحدث معه يترك له النبي العنان مهما طال حديثه فلا يقطع عليه حديثه، حتى أنه كان ذات مرة واقفا لصلاة العشاء فأتاه رجل وتحدث فأطال الحديث حتى نعس بعض المصلين ونادوا بالصلاة، فقال : (ما كنت لأقطع حديثه). وعن أنس بن مالك قال: (كان رسول الله إذا فقد الرجل من إخوانه ثلاثة أيام سأل عنه)[16] ، وعن الامام الصادق : (كان رسول الله يقسم لحظاته بين أصحابه – أي كان يدير نظره على جميع من يجلس معه- فينظر إلى ذا وينظر إلى ذا بالسوية. وإن كان ليصافحه الرجل فما يترك رسول الله يده من يديه حتى يكون هو التارك، وكان لا يدعوه أحد من أصحابه إلا قال: لبيك)[17] . هكذا ينبغي أن يتأسى المسلم بنبيه
وهكذا ينبغي أن نأخذ بهذه الأخلاق فنلقى الآخرين بوجه طلق ففي ذلك خير الدنيا والآخرة.

والحمد لله رب العالمين .


التعديل الأخير تم بواسطة : حسين علي احمد ال جمعة بتاريخ 28-05-2012 الساعة 03:14 PM.
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 28-05-2012, 05:12 PM
الشارع المخملي الشارع المخملي غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 155
معدل تقييم المستوى: 14
الشارع المخملي is on a distinguished road
رد: حسن الاستقبال

جزاك الله على ما قدمت وبارك الله فيك

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 30-05-2012, 07:42 AM
حسين علي احمد ال جمعة حسين علي احمد ال جمعة غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Jul 2011
الدولة: السعودية
المشاركات: 608
معدل تقييم المستوى: 13
حسين علي احمد ال جمعة is on a distinguished road
رد: حسن الاستقبال

جزاك الله الخير على المرور

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 30-05-2012, 06:33 PM
المرور المرور غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 750
معدل تقييم المستوى: 16
المرور is on a distinguished road
رد: حسن الاستقبال

جزاك الله على ما قدمت وبارك الله فيك

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 31-05-2012, 07:36 AM
حسين علي احمد ال جمعة حسين علي احمد ال جمعة غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Jul 2011
الدولة: السعودية
المشاركات: 608
معدل تقييم المستوى: 13
حسين علي احمد ال جمعة is on a distinguished road
رد: حسن الاستقبال

جزاك الله الخير على المرور

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 07-06-2012, 01:38 AM
سمو الرووح سمو الرووح غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2007
المشاركات: 31,712
معدل تقييم المستوى: 49
سمو الرووح is on a distinguished road
رد: حسن الاستقبال

الله يجزاك خير الجزاء

أخي القدير / حسين على احمد ال جمعة


وشكرا لك على الموضوع الهام نفع الله به وفي ميزان حسناتك


وفقك الله.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 10-06-2012, 03:14 PM
حسين علي احمد ال جمعة حسين علي احمد ال جمعة غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Jul 2011
الدولة: السعودية
المشاركات: 608
معدل تقييم المستوى: 13
حسين علي احمد ال جمعة is on a distinguished road
رد: حسن الاستقبال

جزاك الله الخير على المرور
ياختي الكريمة

رد مع اقتباس
رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع إلى

 


الوقت في المنتدى حسب توقيت جرينتش +3 الساعة الآن 08:26 AM .


مجالس العجمان الرسمي

تصميم شركة سبيس زوون للأستضافة و التصميم و حلول الويب و دعم المواقع