كتب:الشيخ أحمد الجابر الأحمد الجابر الصباح
اخواني الاعزاء.. من اصحاب الكلمة الشاعرة، والحزن النبيل، والوفاء الجميل باسم الله.. انا لله.. وانا اليه راجعون!!
ولا نقول الا ما يرضي ربنا!!
ولا حول ولا قوة الا بالله، الذي كتب الموت والحياة، ليبلو عباده أيهم احسن عملا!!
طاب محياك يا جابر الخير، وطاب مثواك!!
لا نبكيك يا أبا الكويت.. اننا نبكي علينا!!
لا نبكيك.. لأنك ذاهب الى الحياة الحقيقية.. نفضت يديك من وادي الاحياء الضيق، وافضيت الى ما قدمت من خير، تجده ان شاء الله، في ساحات المغفرة، والرحمة الواسعة، والحياة الباقية!!
اننا نبكي علينا، لقد شعر كل كويتي يحبك، كأنه امسى فجأة وحيدا في شوارع الوطن، وكأنك يا أبا الكويت، لم تبق شيئا!!
ان يوما كيوم موتك يا أمير القلوب، لا يكون من اربع وعشرين ساعة، بل هو من اربعة وعشرين حزنا، لأن يوم غيابك ايها الحبيب، يحسب بالعواطف، لا بالساعات، ويقع في القلوب، لا في الزمن!!
لقد تلقينا في جنازتك، يا أبا الحب الكويتي، درس الحب على اعظم خبرائه، وعرفنا في دموع اطفال الكويت وبنات الكويت، معنى الحب الحقيقي، وعرفنا في الصمت المدوي لرجال الكويت، معنى الجلال الحقيقي، وعرفنا في اهتزاز قلوب العالم العربي والاسلامي، معنى الانسان الحقيقي!!
ان بيوت الكويت، وابراج الكويت، وواجهات الكويت، تتلفت محزونة، يهولها حجم الفقد، لرجل كان كبيرا في نظرته لمعنى العمران والحضارة!!
وان المؤسسات العلمية والتعليمية والثقافية، لتصمت خاشعة، يهولها حجم الفقد، لرجل كان كبيرا في نظرته لمعنى التقدم!!
وان دور القرآن، وبيوت الزكاة والمؤسسات الخيرية، لتجهش حزينة، يهولها حجم الفقد، لرجل كان كبيرا في نظرته لمعنى الانسان!!
ان في قلوب الكثيرين ممن يحبونك يا جابر الخير، دموعا لم يستطيعوا ان يبكوها، وذلك هو اوجع البكاء!!
لقد تابعوك وشاهدوك واحبوك، وانت تحقق المعادلة الصعبة، فتحافظ على مكانتك العالية بمكانة وطنك، وانت تردد في يقين حقيقي، ان الوطن هو الوجود المستمر، وان الافراد زائلون، وان الوطن الآمن، محروس دائما، بسياج من الخير، وان الثروة دائما كالآلة، اذا عزف عليها من لا يحسن، لم يسمع إلا أنكر الاصوات، وان الحب الكبير، محروس دائما بالتضحية الكبيرة، وبالالم الكبير، وبالعبور فوق الصغائر!!
سلام عليك يا جابر الكويت، وصانع نهضتها الحديثة، وانت تقود سفينة الكويت، والرياح عواصف، مؤمنا ببلدك، مستعينا بربك، مدركا ان هناك نورا غير الذي يتدفق من الشمس، هو نور الحق الذي يزهق امامه الباطل، وهو الذي يسطع عاليا، بعد ان يسقط الغبار!!
ايها الحبيب الغائب.. ان اعمالك التي امتزجت بأرواح الكويتيين، سوف تظل حية مهما ابتعدت بك الايام، وسوف نظل نتعلم منك، حتى وأنت صامت، وسوف نتذكر دائما، انك جعلت حياتك مدة عمل، فكرستها لتظل الكويت اسرة بوحدتها الوطنية، عظيمة بوجهها الانساني!!
ايها الحبيب الذي غادر الكويت متدثرا بحب اهلها.. ماذا نقول فيك يا ابا الكويت؟
إن الحزْنَ إذا عظُمَ، صارَ أخرس!
وخلَّفْتَ جُرحيّن، جُرْحاً ثَوىَ
كريماً، وجرحاً بقلبي تمادَى
إذا مرَّ في خاطري، زادَ مًلماً
مَريراً، وكلَّ جراحي رمادَا
تُعلمُنًي الصّبرَ إلاَّ عليك؟
حرامي فقد زدْتَ جُرحي عنَادا
فيَخْضرُّ، يَخْضرُّ حتى أُنادًي
عليكَ، كأنك حيّي تُنَادَي!
فأَنتَ وإنْ كنتَ في المْيًّتينَ
بَقاءي، فما الموْتُ إلاَّ ازْديادَا
وأنتَ وإن مُتَّ أُسْطُورةي
ولكنَّ أسْطُورةً لن تُعادَا!!
يا أبا الكويت!! لولا انك - كما اعلم كنت أبا لكل كويتي، لتحرجت ان اقول فيك كلمتي هذه، فقد تبدو شهادة الابن لأبيه مجروحة..
ولكنَّ سُكْنَاكَ في الخالدينَ
عَزَائي، وذًكْراكَ في كل فَمْ!!
فنَمْ يُهنًك اللهُ في جيرةي
من الخلْدً، يُهنًك رضوانُ، نَمْ
يا أبا الكويت.. قد تبكي الحياة من هول الموت وجبروته، ولكنه لا يستطيع ان يوقفها، سنكمل مسيرتك بإذن الله، وسوف ترى في خلفك الصالح، صباحا جديدا للكويت، يضيء فيه اميرنا الجديد الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح، وولي عهده الشيخ نواف الاحمد الجابر، ورئيس وزرائه الشيخ ناصر المحمد الصباح، وسترى من اخلاصهم لك وللكويت واهلها، ما تقر به عينك ان شاء الله وطناً متقدماً.. وانساناً متحضراً.. ذكرى وفاءي لك وحب، ودعاءي لك واخلاص، بأن يعطيك ربك فترضى!!
وطبت أبا الكويت حياً، وطبت ميتاً، وسلام عليك في الصالحين والسلام عليكم ورحمة الله.
21-02-2006, 08:41 PM
العرض العادي
المواضيع المتشابهه
