عندما يترجل الفرسان!!
كتب:مفرج سالم الدوسري
ترجل الفارس عن جواده وهو قادر على امتطاء صهوته! فأين الحروف، واين الكلمات، واين الجُمل التي توفيه حقه، انها قطرات في محيطك المتلاطم ونسمات من شذى عطر مواقفك النبيلة.
نعم ترجلت، غير عاجز، ولا خائف، ولا مرغم، ولا مكره!!! وانما اعدت الحسابات، وقلبت الامور، ثم اتخذت قرارك النهائي، لتكون النتيجة محسومة. لم تكن مناورة، او جس نبض، او استجداء للدعم والمساندة!! وانما ارادة تحترم من وجيه يحترم، لقد اتعبت النواب من بعدك يا ابا خالد بطيب المواقف، وكل صنائعك طيب ومواقف، لم تخش في كلمة الحق لومة لائم، ولم توصد الابواب في وجه صاحب مظلمة اليك قادم، لم تخذل الامة في موقف، او تتهرب او تتحرج من مواجهته، فأنت الواضح في كل شيء، كوضوح مبادئك وقيمك، كنت شامخا في كل شيء ولاتزال وستبقى؟ نعم.... سنفتقدك عند كل امر يستجد، ولكننا نحترم رغبتك وارادتك ونسأل الله عز وجل لنا ولك التوفيق يا وليد الجري.
هناك الكثير من الفرسان الذين ترجلوا عن طيب خاطر؟ فمنهم من ترك المنصب بعد ان شعر انه قد ادى دوره على اكمل وجه، ويرغب في افساح المجال لغيره، ليساهم بجديده، منهم الدكتور عبدالله راشد الهاجري النائب والوزير الاسبق، الذي مثّل ابناء دائرته دورتين متتاليتين، ولو اراد الثالثة لكانت ايسر عليه واسهل من سابقاتها!! عُين وزيرا للتجارة فلم يغيره المنصب، وانما اصلح اعوجاج بعض القوانين وفتح الابواب التي اوصدها البعض في وجه العامة، رجل واضح النهج، ادى دوره بما يرضي الله، وبما يستريح له الضمير، ليترجل وهو في القمة، تاركا بصمته الواضحة وذكراه الطيبة في نفوس من عرفوه، ولن انسى الدكتور يعقوب حياتي الذي قال حين سُئل عن عدم ترشيح نفسه للدورة التي تلت انتهاء عضويته «اريد ان افسح المجال لغيري، بعد ان اعطيت كل ما لدي» دُرة من فيض رجل يحترم مبادئه، ويدرك جيدا متى يقدم ومتى يحجم!
وهناك من ترجل احتراما لوجهة نظره، وثباتا على مواقفه، فعندما يترجل الدكتور انس الرشيد عن كرسي الوزارة، وهو في مقتبل العمر، احتراما لوجهة نظره التي قد لا تتفق مع وجهة نظر زملائه في مجلس الوزراء! فانه يضرب اروع الامثلة في الزهد بالمناصب مقابل احترام المبادئ، في الوقت الذي يتسول فيه البعض المناصب، ثم يتشبث بها! فلا يخرجه منها سوى سيارة «دفن الموتى»!!!
وهناك من ترجل من اجل سيادة القانون، فجعل الاستقالة في كفة وتطبيقه في كفة اخرى وهذا ما فعله وزير المالية الاسبق عبداللطيف الحمد في مطلع الثمانينيات، عندما هوى الاقتصاد الكويتي بسبب تدهور بعض المغامرين في سوق المناخ!! وعندما وجد ان تطبيق القانون يصطدم بعوائق كثيرة وكبيرة!! آثر الترجل عن الكرسي غير اسف عليه، رغم ان خسارتنا لرجل بحجم وعقلية وكفاءة هذا الاقتصادي المخضرم لا تعوض؟ وهناك الكثير من الفرسان الذين ترجلوا في السابق، لا تتسع المساحة لذكرهم فعذرا لذلك.
اما مسك الختام، واخر من ترجل على الساحة فهو فارس افنى ربع قرن من عمره المديد في خدمة وطنه وامته، رجل صادق الى ابعد الحدود، ومتواضع بكل ما تعني هذه الكلمة، رجل يفي بوعده، ويحترم كلمته، وينأى بنفسه ويترفع بها عن الصغائر، واضح النهج والمبدأ، فرض احترامه على الجميع من خلال احترامه وتقديره لهم وتواصله الدائم معهم، فهو ابن للكبير، واخ وصديق واب للصغير، فكان ولايزال كبيرا في عيونهم، لا يعرف النفاق او الرياء او الكيل بمكيالين، وانما اشتهر بعفوه عمن يسيء اليه، واحتضانه له اذا اقبل عليه، رجل عصامي بنى نفسه من الصفر، بالجد والعمل والمثابرة، رجل بمنزلة هادي هايف الحويلة يعجز الكلمات ويتعب القلم.
النائب السابق حسين براك الدوسري صاحب المواقف الوطنية التي يشهد لها الجميع، والتي لا تحتاج الى من يذكر بها، وابن الدائرة الذي يحظى لدى الناخبين بمنزلة ومكانة عالية، لما عرف عنه من دماثة الخلق، وثبوت المواقف، وصدق المبادئ وعدم التمييز او التفرقة بين ابناء الدائرة، يتمتع بشعبية كبيرة من ابناء دائرته، ويحظى بدعم الاغلبية رغم وجود التحالفات فهو المرشح القوي الذي لا يستهان بوجوده على الساحة.
نقطة شديدة الوضوح
الذاكرة لا تنسى، والايام سجل الصنائع، فهناك من يترك موقع عمله ايا كان غير مأسوف عليه!! لسوء معاملته مع الاخرين، وانعماء بصره وضياع بصيرته فما ان يأتي ذكره حتى يواجه بسوء صنيعه، ويجد من الردود ما يستحق!!
وهناك من ترافقه سيرته العطرة اينما حل، فهو الغائب الحاضر في كل مكان، وصورته لا تهتز، لان صاحبها كالطود الاشم، علم ان المناصب زائلة، ولن يبقى سوى ما قدمته يمينه، وكما يقال «الطيب خير من الردي»! ولنتصفح الوجوه، ونستعرض الاسماء!! لنتذكر حين نطابق الاسم بالصورة!! ودمتم بخير!
مقالة مفرج الدوسري في جريدة الوطن الكويتيه
اضغط هنا
01-06-2006, 02:35 PM
العرض الشجري
المواضيع المتشابهه
