مجالس العجمان الرسمي

العودة   مجالس العجمان الرسمي > ~*¤ô ws ô¤*~المجالس العامة~*¤ô ws ô¤*~ > مجلس الدراسات والبحوث العلمية

مجلس الدراسات والبحوث العلمية يعنى بالدراسات والبحوث العلمية وفي جميع التخصصات النظرية والتطبيقية.

رد
 
أدوات الموضوع طرق مشاهدة الموضوع
  #31  
قديم 17-04-2005, 12:50 AM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

المسلمون وضرورة الوعي التاريخي

بقلم: عبد القادر عبار


--------------------------------------------------------------------------------

تعتبر الصحوة الإسلامية المباركة مرشحة –حضارياً- قبل غيرها للقيام بدورين جدّ بالغين:

الأول: دور »المنقذ من الضلال« للبشرية المصفوعة بمادية الغرب الملحد، وجشع الصهيونية العالمية المدمّرة.

والثاني: دور »المنقذ من التخلف والتبعية« للمسلمين الذي تعصف بهم أطماع الشرق والغرب، وتتربص بهم ا لقوى الغاضبة والحاقدة، وتخطط لتقليص دورهم في حركة التاريخ بإذابة فاعليتهم ونشر الأمية المثلثة في وعيهم، بدءاً بالأمية التاريخية فالدينية فالعقلية.

تعميق البناء الداخلي وبعث الوعي التاريخي
إلا أن هذين الدورين الجليلين والثقيلين –لكي يؤتيا نتائجهما المنشودة ويرتقيا إلى مستوى التأثير والفعالية –مشروطان، أساساً، بتحقيق عاملين هامين: أن يكون المسلمون، أبناء هذه الصحوة المباركة، على مستوى الرسالة التي يحملونها ويجاهدون من أجلها، وفي الوقت نفسه، أن يكونوا على مستوى العصر الذي فيه يعيشون، عصر الوعي والعلم والتقنية.

ولتحقيق العامل الأول نرى وجوب تعميق البناء الداخلي والشامل للفرد المسلم، وبعث الشخصية الإسلامية الفذة من بُعدها العقائدي السليم، وتكوينها الشرعي والعلمي الموسوعي، وفاعليتها المبدعة، وواقعيتها الإيجابية.

وأما عن العامل الثاني فنرى ضرورة بعث الوعي التاريخي والحضاري عموماً مع حذق أسباب النهوض، وأساليب التحدي الحضاري: فكراً وثقافة وتقنية، وفقه كل ما من شأنه أن يعين على توثيق ارتباط المسلم بالسنن الكونية والاجتماعية حتى يستعيد فاعليته وقدرته علىالتغيير والبناء، وتنتفي العشوائية من حركته، والانهزامية من مواقفه: »ذلك أن الإنسان المسلم عبر مسيرته التاريخية، ولا سيما في القرون الأخيرة قد فقد كثيراً من مقومات شخصيته، بفعل عوامل الاحتكاك الحضاري التي واجهته، وهو في حالة لا تؤهله للاستجابة الملائمة للتحدي الحضاري.. ثم إن المسلم في مراحل انزلاقه قد انفكّ ارتباطه بالسنن الكونية والاجتماعية، وسرعان ما وجد أشباه فلاسفة ومتصوفين يقدمون له التبريرات المطلوبة، لفك ارتباطه بالحركة الكونية وللسير عشوائياً على أرض التاريخ، فهو يتحرك دون وعي مسبق، يتحرك غريزياً..« [1] مما يوجب ضرورة بعث الوعي التاريخي، كما أشرت قبل قليل، مع تفهّم طبيعة الواقع الذاتي والموضوعي؛ من خلال التركيز الجاد علىالقراءة المتفهمة للأحداث، وتدبّر السنن المؤثرة والمسيرة لحركة التاريخ.. لدى شبابنا الإسلامي في إ طار الترشيد الثقافي وتعميق التربية وتأصيل التعليم.

فماذا نعني بالوعي التاريخي؟ ثم ما هي المبررات الذاتية والموضوعية التي تلحّ على اكتسابه والتعامل والتحرك من خلاله؟

معنى الوعي التاريخي..

الوعي التاريخي نعني به: ذلك التبصر الدائم والهادف بالتاريخ القريب والبعيد، الذاتي والموضوعي، الحاصل –أي: التبصر- من خلال التوغّل المركّز في قراءة صفحات التجارب البشرية الكثيرة والمتنوعة، وفحصها وتدبّر أبعادها وخلفياتها، واكتشاف المؤثرات والسنن التي ساهمت في بعثها وإيجادها؛ قصد التزوّد والاعتبار، ومحاولة تفهم الأسس السيكولوجية للكثير من الأحداث والصراعات والانفعالات والتأثيرات والحروب.. الحاصلة والمتولدة عبر الأيام في تاريخ البشرية الحافل والطويل.

قيمة الوعي التاريخي..

وقيمة الوعي التاريخي بهذا المفهوم ترجع أساساً إلى كون علم التاريخ ومعرفته تجربة وعبرة، أو كما يعبر عنه علامتنا ابن خلدون: »فن التاريخ: فنّ عزيز المذهب، جمّ الفوائد، شريف الغاية، إذ هو يوقفنا على أحوال الماضين من الأمم في أخلاقهم، والأنبياء في سيرهم، والملوك في دولهم وسياستهم، حتى تتم فائدة الاقتداء في ذلك لمن يرومه في أحوال الدين والدنيا..« [2] ذلك أن التاريخ في حقيقته: »خبر عن الاجتماع الإنساني الذي هو عمران العالم وما يعرض لطبيعة ذلك العمران من الأحوال« [3]

ثم في كونه أيضاً: »تجربة عطاء في شتى مجالات المعرفة والحركة الإنسانية.. وأنه حصيلة سنن تحكم الطبيعة والإنسان والعالم« [4]، ومن هنا نرى القرآن الكريم يولي المسألة التاريخية أهمية كبرى.

القرآن الكريم والدعوة إلى التبصر والتاريخ
كثيراً ما يؤكد القرآن العظيم، وهو الكتاب الحق والخالد، على ضرورة الوعي التاريخي، ويدعو المسلمين إلى التبصر الجاد والمستمر بأحوال الأولين والتمعن في سيرهم للاعتبار والاتعاظ بما جرى لهم حتى لا تتكرر الأخطاء، وحتى يتجنبوا مزالق التيه والضلال التي وقع فيها من سبقهم من الأمم، ومن ثم لينقذوا أنفسهم والبشرية من حولهم بما أنهم شهداء عليها، من سوء العذاب وخسران المصير.

كما أوضح لهم أكثر من مرة أن السنن المسيّرة لحركة التاريخ لا تقتصر على شعب دون شعب ولا على إقليم دون آخر حتى يأخذوا حذرهم.

فالمسائل التاريخية –إذن- المتعلقة بالشعوب السابقة وبمصير الأمم وأحوالها وعلاقاتها الحضارية ثم أسباب سقوطها، وانهيار الحضارات السالفة متوافرة ومطروحة في القرآن الكريم بشكل بارز:

»... إن آياته البينات ترحل بالمؤمنين عبر كل تلاوة في مجرى الزمن، وتحكي لهم عن وقائع التاريخ المزدحمة وأحداثه المتلاحقة ومعطياته المتمخضة عن القيم والعبر والدلالات.. ومعظم سور القرآن تضرب على الوتر نفسه فلا تكاد تخلو من واقعة تاريخية أو حدث ماض أو دعوة لاستلهام المغزى من هذه التجربة أو تلك، إن الامتداد الذهبي والوجداني إلى الماضي يشكل مساحة واسعة في كتاب الله..« [5]

وهذا لا يعني أن القرآن كتاب تاريخ، أو مدوّنة تاريخية ذلك أن كلمة التاريخ لم تذكر لا في القرآن ولا في السنة –كما يؤكد العلامة علال الفاسي- وإنْ قصّ علينا القرآن قصصاً للأولين، لا لنعتبرها تاريخاً بأوقاتها وظروفها ولكن لنتعظ بما فيها من عبرة لأولي الألباب.

قال تعالى:

»ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن مكّنّاهم في الأرض ما لم نمكّنْ لكم وأرسلنا السماءَ عليهم مدراراً وجعلنا الأنهارَ تجري من تحتهم فأهلكناهم بذنوبهم وأنشأنا من بعدهم قرناً آخرينَ« [الأنعام: 6].

وقال أيضاً:

»وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أشدُّ منهم بطشاً فنقّبوا في البلاد هل من محيص. إنّ في ذلك لذكرى لمن كان له قلبٌ أو ألقى السمعَ وهو شهيد« [ق: 36-37].

وقال في موضع آخر:

»قد خلتْ من قبلكم سننٌ فسيروا في الآرض فانظروا كيف كانَ عاقبةُ المكذّبين. هذا بيانٌ للناس وهدى وموعظةٌ للمتقين« [آل عمران: 137-138].

وقد عرض القرآنُ الكريم المرتكزات الأساسية لهذه السنن وطلب النظر والتبصر والسير في الأرض وتحقيق العبرة والاعتبار بأحوال الأمم السابقة وسبب انقراضها وتداعيها لتكون الأمة التي تحمل الرسالة الخاتمة على بينة من أمرها وبصيرة بموضع أقدامها ومعرفة بأعدائها..[6]

وهكذا فإن الدارس للسور القرآنية مكيها ومدنيّها يلاحظ في جلاء عدداً هائلاً من الآيات المتمحورة حول القصص، والحافلة بالعروض التاريخية المتنوعة، والهادفة أساساً إلى: »إثارة الفكر البشري ودفعه إلى التساؤل الدائم والدائب عن الحق، وتقديم خلاصات التجارب البشرية عبراً يسير على هديها أولو الألباب، وإزاحة ستار الغفلة والنسيان في نفس الإنسان وصقل ذاكرته وقدرته على المقاومة لكي تظل في مقدمة قواه الفعالة التي هو بأمس الحاجة إلى تفجير طاقاتها دوماً.«[7]

وقد دعانا القرآن الكريم أكثر من مرة عند سرده للواقعة التاريخية إلى: »تأمّلها واعتماد مدلولاتها في أفعالنا الراهنة ونزوعنا المستقبلي.« [8]

الرسول صلى الله عليه وسلم والتاريخ..

وقد نحا الرسول صلى الله عليه وسلم المنحى القرآني في الدعوة إلى الاعتبار بالأولين وأخْذ الموعظة من تجاربهم، وذلك عند توظيفه للحدث الماضي ضمن قصص حية، مرغّبة ومرهّبة، آمرة وناهية، حتى لقد اشتملت الأحاديث النبوية الشريفة علىأربع وأربعين قصة تاريخية تضم قصصاً عن الرسل والأنبياء وغيرهم، مثل: قصة »أصحاب الأخدود« و»الثلاثة المبتلون« و»أصحاب الغار« وهذا لا يعني أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان مؤرخاً أو مدوّناً للتاريخ بإيراده هذا العدد الهائل من القصص التاريخي، وإنما أراد أن يضع للمسلمين الإطار الذي عليهم أن يملؤوه بما يكتشفونه من أحداث وما يصنعونه من عمليات.

التاريخ في نظر المسلم..

التاريخ في نظر المسلم حسب تعبير »ولفرد كانتول سميث Welfered Cantel Smith « سجل المحاولات البشرية الدائمة لتحقيق ملكوت الله في الأرض، ومن ثم فكل عمل وكل شعور فردياً كان أو اجتماعياً، ذو أهمية بالغة لأن الحاضر هو نتيجة الماضي، والمستقبل متوقف على الحاضر..

والإنسان في التصور الإسلامي يشكل محور فلسفة التاريخ »بحيث يصبح التاريخ الإنساني من صنع الإنسان وبالتالي إبراز قدرة الإنسان على صنع مصيره دون أن يتعارض ذلك مع قدرة الله على الخلق، وما دام الإنسان يصنع تاريخه بنفسه فالأولى به أن يعي هذا التاريخ ويحاول تدبّر علل ظواهره.« [9] ذلك أن الجبرية غير موجودة في الإسلام –كما يقول العلامة علاّل الفاسي- لأن الإنسان ليس خارج التاريخ بل هو من عوامله الداخلية الفاعلة والمفتعلة وليست عمليات التاريخ دون غاية.

وهذا ما يجعل الإنسان المسلم أشدّ اهتماماً بالتاريخ من غيره، فهو على خلاف الماركسي الذي يؤمن بحتمية التاريخ، وبالتالي يتبع عجلة التاريخ دون أن يوجهها أو يؤثر فيها، ثم هو أيضاً على خلاف النصراني الذي يرى في التاريخ نقطة الضعف البشري وسجل الانحرافات البشرية.

ومن هنا احتلّ الفكر التاريخي مكانة مرموقة في الثقافة الإسلامية، سواء في التكوين الثقافي للرجل المسلم، أو في الحياة الاجتماعية والأدب، أو في النشاطات السياسية.. وهو يتخذ أشكالاً متنوعة من سيَر حياة وبالدرجة الأولى حياة النبي صلى الله عليه وسلم ومعاجم سيَر وسجلات مدن أو سلالات ووقائع وقصص..

وباختصار نريد أن نقول، والعبارة للباحث ولفرد كانتول سميث: »إن المسلم يحسّ إحساساً جاداً بالتاريخ، إنه يؤمن بأن الله قد وضع نظاماص عملياً واقعياً يسير البشر في الأرض على مقتضاه، ويحاول دائماً أن يصوغ واقع الأرض في إطاره، ومن ثم فهو دائماً يعيش كل عمل فردي أو اجتماعي، وكل شعور فردي أو اجتماعي بمقدار قربه أو بعده من ذلك النظام الذي وضعه الله والذي ينبغي تحقيقه في واقع الأرض لأنه قابل للتحقيق..« [10]

فأين نحن من هذا الإحساس؟

هل وعينا التاريخ؟
لنصارح أنفسنا فنبادر بالإجابة: لا! لم نعِ بعد تاريخنا، لأننا في الحقيقة لم نشغل أنفسنا بالبحث الجازم في هذه القضية رغم حساسيتها وأهميتها وذلك ناتج –ربما- من تجاهلنا أو عدم وعينا بخطورة تغييبها عن حسّنا وتفكيرنا فيما نخطط وندرس وننظر، وكذلك عدم إدراكنا لمدى مساهمتها وانعكاساتها –سلباً وإيجاباً- على حركتنا وممارساتنا، ومن هنا فيجب علينا ألا نخجل من القول بأننا نعاني جفافاً في التعامل مع التاريخ،وإى فبماذا تفسر ملامح تخلفنا في شتى المجالات، وسلسلة الهزائم والنكسات التي تكبدناها إبّان المواجهات العسكرية والجولات السياسية تجاه أعدائها من يهود وصليبيين وغيرهم؟ فقد اكتفينا أو بالأصح –اكتفى الذي يسطرون سياستنا التعليمية، والساهرون (!) على مواردنا التثقيفية والتربوية والإعلامية- بالسرد السطحي الجاف والمسلي للأحداث التاريخية، والتلميح الهزيل والمعتم إلى الأسس السيكولوجي لصراعنا وتعاملنا مع الغرب شرقيّه وغربيّه، بينما نرى الغرب قد نجح –بذكائه الماكر- في توظيف الحدث التاريخي لخدمة أغراضه رغم خبثها ودناءتها:

»...فخيال الحروب الصليبية –التي نتج عنها تسمم العقل الغربي ضد العالم الإسلامي- لا يزال يرفرف فوق الغرب حتى يومنا هذا. كما أن جميع اتجاهاتها وإرجاعها نحو الإسلام والعالم الإسلامي لا تزال تحمل آثاراً واضحة جليّة من ذلك الشبح العنيد الخالد.«

اليهود ومدى الحرص على التاريخ..

وأما اليهود فقد أدركوا الدور الخطير الذي يلعبه التاريخ في حاضر الشعوب ومستقبلها، ومدى الإسهام والعطاء الذي يمنحه وعي الحدث التاريخي وفقه أبعاده لمن يهتم به: ذلك أن التاريخ هو بمثابة ذاكرة الأمة، وبقدر ما تسلم للأمة ذاكرتها وتحسن التعامل معها، بقدر ما يمتدّ تأثيرها وتبرز قدراتها وتقوى شخصيتها.

ولهذا فإن اليهود، وهم أساتذة المكر المدروس، قد ركّزوا كثيراً على التاريخ احتواءً وتشويهاً، خاصة في إطار المناهج التعليمية والتربوية التي حرصوا منذ وقت مبكر على احتوائها وتوجيهها تنفيذاً لأغراضهم العدوانية، وهذه الشواهد الصارخة من بروتوكولاتهم السامة خير دليل على ذلك؛ فقد جاء في البروتوكول السادس عشر:

»... سنتقدم بدراسة مشكلات المستقبل بدلاً من الكلاسيكات، وبدراسة التاريخ القديم الذي يشتمل على مثل سيئة أكثر من اشتماله على مُثُل حسنة، وسنطمس في ذاكرة الإنسان العصور الماضية التي تكون شؤماً علينا ولا نترك إلا الحقائق التي ستظهر أخطاء الحكومات في ألوان قاتمة...«

وجاء في البروتوكول الرابع عشر:

»... وسنوجه عناية خاصة إلى الأخطاء التاريخية للحكومات الأممية التي عذّبت الإنسانية خلال قرون كثيراً جداً...« أي: إن اليهود سيدرّسون للشباب صفحات التاريخ السوداء ليعرفونهم أن الشعوب عندما كانت محكومة بالنظم القديمة كانت حياتها سيئة، ولا يدرّسون لهم الفترات التي كانت فيها الشعوب سعيدة لكي يقنعوهم بهذه الدراسة الكاذبة الزائفة أن النظام الجديد أفضل من القديم.

وكانت عناية اليهود مركزة، بصفة أدق وأشمل، على التاريخ الإسلامي قصدَ تشويه حقائقه أو تقزيمها، وتضخيم نقاطه السوداء إن وجدت، وإلا فاختلاقها وإلصاقها به سهل يسير على أرباب المكر والدهاء؛ ولهذا فقد خصّصت الصهيونية العالمية مؤتمر »بلتيمور« في الولايات المتحدة من أجل تزييف تاريخ الإسلام، وإثارة الجدل حول قضايا الشعوبية والباطنية، وتوظيف بعض المواقف الهدّامة في التاريخ لإضفاء مصطلحات عصرية »مغلّفة« عليها كما فعلت في وصفها لحركة القرامطة بأنها تمثل حركة العدل الاجتماعي، وحركة الزنج التي استغلها دعاة التفسير المادي، وهم يهود طبعاً لأن جدهم ماركس يهودي، وأبرزوها في ثوب »حركة ثورية تقدمية بروليتارية«.. وغيرها كثير.[11]

وقد وجد هؤلاء اليهود وغيرهم من أعداء الإسلام.. من القيادات الفكرية التغريبية والرموز الثقافية والإعلامية في العالم العربي والإسلامي مساعدات مجانية مشجعة على مستوى التأليف والدعاية والنشر...

هذه باختصار بعض ملامح الحرص اليهودي علىتشويه ذاكرة الأمم بمسخ تاريخها وتزييفه وتعتيمه، وأما على المستوى الآخر: الذاتي الداخلي لليهود فالأمر جدّ مختلف: فالبرامج التعليمية الخاصة باليهود تركز في جانب كبير على بعث الحس التاريخي والعقيدي وتجذيرهما في النشء اليهودي.. فأول كلمة يتعلمها الطفل اليهودي ضمن محفوظاته اليومية في دور الحضانة لها حس تاريخي »أورشليم حبيبتي« ثم حين يشب الأطفال عندهم يدرسون بدقة وتفصيل وإحكام تاريخ الشعب الإسرائيلي: شعب الله المختار على الأرض!! وحين يذهب شبابهم إلى الجامعات يستمرون في تعميق تعاليم دينهم وأمجاد تاريخهم في دروس يومية لا هوادة فيها.

فأين نحن من هذا؟

وبعد..

فخلاصة القول من كل ما أوردنا تتخلص كالآتي:

أولاً- يجب علينا أن نضع حدّاً للجفاف الذي يصبغ تعاملنا مع التاريخ، وأن نجدّد رؤيتنا وفهمنا ودراستنا لتاريخنا الإسلامي، وأن نعمل على إيجاد صيغ سليمة ومتينة تمكننا من التفاعل الهادف مع التاريخ، ومن التزود الواعي والمستمر من معينه الخصب.. وهذا لن يحصل إلا من خلال دراسة عميقة، واعية ومتكاملة للتاريخ الإسلامي: ».. إن دراسة تاريخ الإسلام في هذه المرحلة من حياتنا ضرورة لا سبيل إلى تجاوزها لفهم الأحداث وتطور المجتمع ولمعرفة مكان العالم الإسلامي والأمة العربية من الحضارة العصرية. فإن نظرتنا إلى الأحداث لا تصدق إلا إذا قامت في ظل مفهوم شامل وفي إطار تاريخ الإسلام نفسه، كما أن اتصلنا بالغرب اليوم يجب أن يقوم على مفهوم مرحلة هي رد فعل لمرحلة قد سبقتها، بحسبان أن هذه الحضارة العصربية الغربية ليست منفصلة عن عالم الإسلام، وإنما قامت قواعدها على المنهج التجريبي الإسلامي وعلى بناء صاغه العلماء المسلمون، فنحن حين نتصل بها اليوم لا نكون غرباء عن جذورها فهي ملك للبشرية كلها التي صاغتها وشاركت في تكوين جوانبها المختلفة..« [12]

وثانياً- يجب أن يتأكد لدينا أن قضية الوعي التاريخي أصبحت ضرورية بل مصيرية يتحتم علينا أن نوليها اهتماماً بالغاً وعناية فائقة لا على مستوى الترف الفكري بتكديس الدراسات وتحبير المقالات، ولكن –وهذا هو الأهم- على مستوى الوعي والتربية والحركة وعلى مستوى التعامل والممارسات اليومية؛ وهذا لن يتيسر إلا ببعث سياسة تعليمية وتربوية متأصلة تركز على بعث الوعي التاريخي الهادف، وتعميق البعد العقيدي في برامجها على طول المراحل التعليمية بدءاً برياض الأطفال وانتهاء بالتعليم العالي؛ ويرادفها –أي هذه السياسة التعليمية- جهاز ثقافي وإعلامي في مستوى العصر تجهيزاً وتقنية، يؤثر ولا يتأثر ويتوخى الصدق والعلمية والموضوعية في كل أعماله.
وبذلك –حسب رأيي- نتمكن من تجاوز كثير من العوائق المادية والمعنوية التي تحول دون تحقيق أهدافنا وغاياتنا: من نشر الدعوة الإسلامية بما فيها من خير وأمن وعدل للإنسانية.. إلى إقامة المجتمع الإسلامي المنشود الذي هو أمل البشرية وربيعها المنتظر..
مجلة الأمة، العدد 42، جمادى الآخرة 1404 هـ

--------------------------------------------------------------------------------

[1] مجلة منار الإسلام، العدد 11، السنة الخامسة، ص 56.

[2] المقدمة، ص 13

[3] المقدمة، ص 57

[4] في النقد الإسلامي المعاصر: ص123، للدكتور عماد الدين خليل

[5] الأمة، العدد 18، ص 8

[6] الأمة، العدد 25، ص5

[7] التفسير الإسلامي للتاريخ: 106 للدكتور عماد الدين خليل.

[8] المصدر السابق: 97

[9] سوسيولوجيا الفكر الإسلامي: ص238، للدكتور محمود إسماعيل

[10] الإسلام والعالم المعاصر، للأستاذ أنور الجندي، ص 163

[11] منار الإسلام، العدد 5، السنة 7، ص: 103

[12] الأسلام وحركة التاريخ، للأستاذ أنور الجندي، ص 485

 

التوقيع

 



من كتاباتي
صرخاااات قلم (( عندما تنزف ريشة القلم دما ))
قلم معطل وقلم مكسوووور
عندما ’تطرد من قلوب الناس !!!!!!(وتدفن في مقبرة ذاتك)
دعاة محترفون لا دعاة هواه ( 1)
الداعية المحترف واللاعب المحترف لا سواء(2)
نعم دعاة محترفين لا دعاة هواة!!!! (( 3 ))
خواطر وجها لوجه
همسة صاااااااااااارخه
خواطر غير مألوفه
اليوم يوم الملحمه ...
على جماجم الرجال ننال السؤدد والعزه
عالم ذره يعبد بقره !!!
معذرة يا رسول الله فقد تأخر قلمي
دمعة مجاهد ودم شهيد !!!!!!
انااااااااا سارق !!!!
انفلونزا العقووووووووول
مكيجة الذات
الجماهير الغبيه
شمووووخ إمرأه

 
 
رد مع اقتباس
  #32  
قديم 17-04-2005, 12:51 AM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

هل أسلم بابا روما زمن هرقل؟

(1)

هذا الجسد الضخم الذي يتقلب في الفراش.. ما باله؟ ما حاله؟

ألا يأتيه النوم فيرتاح..؟

لا.. لا.. فالنوم أبعد ما يكون عن جفنيه.. لقد سمع اليوم شيئاً لم يسمعه من قبل:

"أسلمْ تسلمْ.. أسلمْ تسلم.." ويتردد صدى هذه الكلمات في أذنيه.. "أسلم تسلم.."

يا إلهي.. هل محمد رسول الله حقاً؟

ويعاود النداء يردد صداه في أذنيه: "أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين.."

واستسلم الجسم المنهوك للنوم وصدى الأحداث يتردد في أعماقه.

وفي الصباح يصحو هرقل عظيم الروم من نومه وقد أنهكه التفكير.. لقد أتى إلى إيلياء حاجاً شاكراً لله على نصره ضد الفرس وملكهم.. فقد أقسم لئن نصره الله عليهم ليحجّنّ إلى إيلياء ماشياً، وقد فعل. وما إن وصلها حتى أتاه كتاب رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، حيث دفعه دحية بن خليفة رسولُ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عظيم بصرى، ودفعه هذا بدوره إلى هرقل:

"بسم الله الرحمن الرحيم. من محمد عبد الله ورسول إلى هرقل عظيم الروم: سلام على من اتبع الهدى. أما بعد: فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم، أسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليتَ فإن عليك إثم الأريسيين و (يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله، فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون).

ماذا يفعل بهذا الكتاب.. وكيف يسأل عن مرسله؟

في هذه الأثناء كان أبو سفيان في ركب من قريش تجاراً في الشام فعلم بهم هرقل فدعاهم في مجلسه وحوله عظماء الروم، ثم دعا بترجمانه –وكان أبو سفيان متكلم القوم- فقال:

-أيكم أقرب نسباً بهذا الرجل الذي يزعم أن نبي؟

-أنا أقربهم نسباً.

-ادنوه مني، وقربوا أصحابه فاجعلوهم عند ظهره، وإني سائل هذا الرجل، فإن كذَبني فكذّبوه.

وأبو سفيان يقول في نفسه: فوالله لولا الحياء من أن يأثروا علي كذباً لكذبت عنه.

ويبدأ الحوار:

-كيف نسبه فيكم؟

-هو فينا ذو نسب.

-فهل قال هذا القول منكم أحد قط قبله؟

-لا!

-فهل كان من آبائه من ملك؟

-لا!

-فأشراف الناس يتبعونه أو ضعفاؤهم؟

-بل ضعفاؤهم.

-أيزيدون أم ينقصون؟

-بل يزيدون.

-فهل يرتد أحد منهم سخطاً لدينه بعد أن يدخل فيه؟

-لا!

-فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟

-لا!

-فهل يغدر؟

-لا، ونحن في مدة لا ندري ما هو فاعل فيها.

-وهل قاتلتموه؟

-نعم.

-فكيف كان قتالكم إياه؟

-الحرب بيننا وبينه سجال، ينال منا وننال منه.

-ماذا يأمركم؟

-يقول: اعبدوا الله وحده ولا تشركوا به شيئاً، واتركوا ما يقول آباؤكم. ويأمرنا الصلاة والصدق والعفاف والصلة.

-سألتك عن نسبه فذكرتَ أنه فيكم ذو نسب، فكذلك الرسل تبعَث في نسب قومها.

وسألتك هل قال أحد منكم هذا القول، فذكرت أن لا، فقلتُ لو كان أحد قال هذا القول لقلتُ رجل يأتسي بقول قبل قبله.

وسألتك هل كان من آبائه من ملك؟ فذكرتَ أن لا، قلتُ: فلو كان من آبائه من ملك قلتُ: رجل يطلب مُلك أبيه.

وسألتك: هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ فذكرتَ أنْ لا، فقد أعرف أن لم يكن لِيَذرَ الكذب على الناس ويكذب على الله.

وسألتك: أشراف الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم، فذكرتَ: أن ضعفاءهم اتّبعوه، وهم أتباع الرسل. وسألتك: أيزيدون أن ينقصون؟ فذكرتَ: أنهم يزيدون، وكذلك أمر الإيمان حين تخالط بشاشتُه القلوب.

وسألتك: هل يغدر؟ فذكرتَ: أنْ لا، وكذلك الرسل لا تغدر.

وسألتك: بما يأمركم؟ فذكرتَ: أن يأمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً، وينهاكم عن عبادة الأوثان، ويأمركم بالصلاة والصدق والعفاف، فإن كان ما تقول حقاً فسيملك موضع قدميّ هاتين. وقد كنت أعلم أنه خارج لم أكن أظن أنه منكم، فلو أني أعلم أني أخلصُ إليه لتجشّمتُ لقاءه، ولو كنتُ عنده لغسلتُ عن قدمه.

ثم دعا هرقل بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأه. فلما قال ما قال وفرغ من قراءة الكتاب، كثر عنده الصخب، وارتفعت الأصوات، وأخرج أبو سفيان ومن معه. (البخاري)

لكن هل توقف هرقل عند هذا الحد، أم استمر في بحثه عن الحقيقة..؟

(2)

لم يحرك كتابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم ضمير هرقل فحسب، بل حرك ضمائر وقلوب كثير من علماء النصرانية. منهم سرجيوس بطريق الكنيسة الشرقية في القسطنطينية وأونوريوس بابا رومية.

لقد كان العالم المسيحي في ذلك الوقت منقسماً على نفسه، ما بين موحد لله، ومشرك به، ومختلف في طبيعة المسيح، عليه السلام، هل هو الله، أم ابن الله، أم ثالث ثلاثة؟ وإذا كان أحد هذه الافتراضات صحيحاً -وتعالى الله عما يقولون علواً كبيراً- فهل للمسيح طبيعة ناسوتية وأخرى لاهوتية، أم هي طبيعة لاهوتية تجسدت في شخصه؟ وهل له إرادة واحدة أم إرادتان؟ وهل إرادته توافق أم تخالف إرادة الله؟ أسئلة بلا أجوبة تدور في أذهان علماء النصرانية فضلاً عن عامتهم!

كان فكرة "الطبيعة الواحدة" و"الإرادة الواحدة" قد انتشرت مبكراً في العالم المسيحي، وعقدت مجامع كثيرة للعن وطرد من يخالف عقيدة التثليث، حيث كان أولها مجمع نيقية عام 325م، وفيه لعِن أريوس وغيره من البطارقة الذين رفضوا هذه العقيدة الغريبة. وكان الإمبراطور قسطنطين الثاني –وهو أول من تنصر من ملوك الروم- وراء هذا المجمع، والذي فيه أيضاً اعتُمِدت الأناجيل الأربعة المعروفة ورفض غيرها.

وكان سرجيوس، بطريق القسطنطينية، يؤمن بأن المسيح له طبيعة بشرية، وليس فيه من الإلهية شيئاً، وكذلك هرقل، وكثير من بطارقة المشرق، بما فيهم بطريق القدس صفرونيوس. لكن هل كان بطارقة رومية على هذا الاعتقاد؟ الجواب: لا..! بل كانوا يتهمون كل من اعتقد هذا الاعتقاد بالهرطقة ويلعنونه ويحكموا بطرده من رحمة الرب!

* * *

كان بين سرجيوس وأونوريوس بابا رومية في ذلك الوقت مراسلات، نوقشت فيها قضايا متعددة ومن أبرزها قضية "الإرادة الواحدة". واستطاع سرجيوس أخيراً أن يقنع بابا رومية بعقيدته هذه، حيث وافقه الأخير عليها، وبذلك خالف من جاء قبله وبعده من البابوات، وأثبت للعالم المسيحي –وإلى يومنا هذا- أن البابا ليس مقدساً وأنه يخطئ ويصيب!

بقي هرقل في إيلياء –للحج- فترة من الزمن ثم أذن بالرحيل إلى القسطنطينية، لكن خلال وجوده في إيلياء أرسل كتاباً إلى بابا رومية المذكور آنفاً شارحاً له أمر النبي صلى الله عليه وسلم وما ورد في كتابه إليه، فجاءه الرد من البابا وهو في طريقه إلى القسطنطينية ماراً بحمص "يوافق رأي هرقل على خروج النبي صلى الله عليه وسلم وأنه نبي. فأذن هرقل لعظماء الروم في دسكرة له بحمص، ثم أمر بأبوابها فغلِّقت، ثم اطّلع فقال: يا معشر الروم، هل لكم في الفلاح والرشد وأن يثبت ملككم فتبايعوا هذا النبي؟ فحاصوا حيصة حمر الوحش إلى الأبواب فوجدوها قد غلِّقت، فلمّا رأى هرقلُ نفرتَهم وأيسَ من الإيمان قال: ردُّوهم عليّ. وقال: إني قلت مقالتي آنفاً أختبر بها شدّتكم على دينكم، فقد رأيتُ. فسجدوا له ورضوا عنه.. فكان ذلك آخر شأن هرقل.." (البخاري)

* * *

ولِد أونوريوس Honorius في كامبانا Campagna، إيطاليا، لوالدين نبيلين، وكان اسم أبيه بترونيوس Petronius .

كان أونوريوس الطالب الأول للبابا غريغوري الأول (590-604م). ولم يصبح أونوريوس باباً لروما إلا بعد خمسة من البابوات أتوا بعد غريغوري الأول، وهم:

Sabinian سابينيان (604-606م)

Boniface III بونيفيس الثالث (607م)

Boniface IV بونيفيس الرابع (608-615م)

Deusdedit ديوسديديت (أديوداتوس الأول) (615-618م)

Boniface V وَبونيفيس الخامس (619-625م)

وقد بقي أونوريوس باباً لروما مدة 13 سنة، من 625 وحتى وفاته عام 638م.

يصف المؤرخون أونوريوس بأنه شخصية إصلاحية خيّرة، سعى إلى إعمار الكنائس وترميمها وزين كنيسة القديس بطرس. ومن أعماله الخيرية أنه أجرى الماء إلى روما من بحيرة ساباتين التي تبعد 35 ميلاً عن المدينة بعد أن أصلح قناة تاراجان وبنى عليها الطواحين. وكانت له اليد الطولى في بداية انتشار النصرانية في الجزر البريطانيةوإيرلندا.

خلال تولي أونوريوس البابوية في رومية كانت هناك أحداث تغير مستقبل البشرية تأخذ طريقها في المشرق. كان الزحف الإسلامي قد بدأ بالانتشار من المدينة المنورة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم عام 632م وبعد أن أعاد أبو بكر -رضي الله عنه- المرتدين إلى حظيرة الإسلام. وما أن استخلف عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- حتى تكاثف زحف جيوش المسلمين نحو أراضي الدولتين الفارسية والرومية. وعندما فتح المسلمون إيلياء (أي بيت المقدس) عام 637م كان أسقفها يومئذ صفرونيوس (633-638م)، وكان يؤمن بعقيدة "الإرادة الواحدة" وكذلك خلفُه بيروس Pyrrhus كان على نفس الاعتقاد. فهذه العقيدة –كما ترى- ليست غريبة بين علماء النصارى، بخلاف ما هم عليه الآن.

استمر الصراع بين المسلمين والروم في بلاد الشام والأناضول ومصر وشمالي إفريقية وانتقل إلى الأندلس. وقد حاول المسلمون فتح القسطنطينية مرات كثيرة، أولها كان في سنة 52هـ زمن معاوية بن أبي سفيان، وتكررت المحاولات مرات عديدة، لكن المدينة صمدت حتى أذن الله بفتحها على يد المجاهد العثماني محمد الفاتح رحمه الله عام 1452م.

السؤال الآن هو: هل أسلم أونوريوس أم لا؟ قبل الإجابة عن هذا السؤال نقول ما يلي:

في عام 681م عُقِدَ في القسطنطينية نفسها مجمع سُمِّيَ فيما بعد بمجمع القسطنطينية، حيث أدين فيه معتقد سرجيوس ومن اعتنقه من البطارقة، ومن ضمنهم كان البابا أونوريوس.

علمنا سابقاً أن أونوريوس أرسل رداً على رسالة هرقل والتي كان يسأله فيها عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ورد في هذا الرد –كما جاء في صحيح البخاري [كتاب التوحيد، حديث رقم 6]- ما "يوافق رأي هرقل على خروج النبي صلى الله عليه وسلم وأنه نبي". فهل يعقل من رجل كأونوريوس صاحب علم بالكتاب ومحب للخير ومعتقد ببشرية المسيح، وقد رأى بأم عينيه قبل أن يموت بسنة دخول المسلمين إلى بيت المقدس وهزيمتهم لفارس والروم في كل معركة خاضوها، وعلمه أن النبي المنتظر سيظهر على كل الأمم، وبعد أن وصله كتابُ هرقل في وصف النبي صلى الله عليه وسلم وردّه عليه؛ فهل يعقل من رجل كهذا ألا يكون قد أسلم؟

لكن الجواب النهائي والقطعي عن إسلام أونوريوس سيبقى هكذا معلقاً، وإن كنتُ شخصياً أرجح أنه أسلم، وأن البابوات الذين جاءوا بعده لعنوه وطردوه لهذا السبب، وقد أخفوا حقيقة أمره على بقية النصارى كعادتهم في تحريفهم وتزييفهم للحقائق.

ولعل يوماً من الأيام تفتح مكتبة الفاتيكان أبوابها للباحثين حتى يطلعوا على ما فيها من الكتب والمخطوطات القديمة.. فصفة خاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم وأمته –بلا شك- موجودة في كتبهم.. ولعل هذا اليوم لن يأتي حتى يفتح المسلمون رومية كما بشر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك عندما في الحديث الصحيح: عن عمران بن حصين قال: بينما نحن حول رسول الله صلى الله عليه وسلم نكتب إذ سُئِلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي المدينتين تفتح أولاً: أقسطنطينية أو رومية؟ فقال: مدينة هرقل تفتح أولاً. يعني القسطنطينية. [حديث صحيح رواه أحمد وغيره].

يقول الله تعالى: (وإنّ من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أنزل إليكم وما أنزل إليهم خاشعين لله لا يشترون بآيات الله ثمناً قليلاً، أولئك لهم أجرهم عند ربهم إن الله سريع الحساب) [آل عمران: 199].

والله تعالى أعلم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


--------------------------------------------------------------------------------

مصادر البحث:

فتح الباري بشرح صحيح البخاري

-Pope Encyclopedia, Matthew Bunson, 1995, Crown Publishing -Group, NY, NY.
-The Lives of the Popes in the early middle ages, Rev. Horace K. Mann, Vol. I, Part I, pp 308-345, 2nd edition, London 1925
-Chronicles of the Popes, P. G, Maxwell-Stuart, 1997

رد مع اقتباس
  #33  
قديم 17-04-2005, 12:52 AM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

أيها المؤرخون: لا تظلموا العثمانيين المسلمين!

بقلم: زياد محمود أبو غنيمة


--------------------------------------------------------------------------------

قبل أن يدخل الأتراك العثمانيون في الإسلام، لم يكونوا موضع اهتمام جاد من المؤرخين لم يكونوا موضع اهتمام جاد من المؤرخين المسلمين وغير المسلمين، فلم يردْ ذكرهم إلا من خلال إشارات عابرة.

وحين دخل الأتراك العثمانيون في الإسلام انقلبت الصورة وأصبحوا محط أنظار المؤرخين المسلمين وغير المسلمين، بيد أن المؤرخين من غير المسلمين أبدوا اهتماماً ملحوظاً بدراسة تاريخ الأتراك العثمانيين المسلمين.

ولأول وهلة يخيل للمرء أن اندفاع المؤرخين من غير المسلمين في دراسة تاريخ العثمانيين المسلمين كان ينطلق من منطلق علمي سليم، هدفه تتبع العثمانيين المسلمين بأمانة علمية منصفة، ولكن ما أن يطلع المرء على ما أفرزته جهود المؤرخين من غير المسلمين من دراسات عن تاريخ العثمانيين المسلمين، حتى يكتشف أن الغالبية العظمى منهم قد تجاهلوا، وتناسوا مقتضيات الأمانة العلمية والإنصاف، بل أطلقوا العنان لأحقادهم الظاهرة والباطنة، لتكون هي المنطلق الذي ينطلقون من خلاله في تشويه تاريخ العثمانيين المسلمين وإلصاق عشرات الافتراءات التي لا تسندها أية بينات تاريخية بالأتراك العثمانيين المسلمين.

ولئن كنا لا نستغرب أن تصدر مثل تلك الافتراءات عن أقوام فضح الله عز وجل نواياهم تجاه الإسلام والمسلمين في قوله تعالى جل شأنه: (يا أيها الذين آمنوا لا تتّخذوا بطانةً من دونكم لا يألونكم خبالاً ودّوا ما عنتُّم قد بدتِ البغضاءُ من أفواههم وما تُخفي صدورهم أكبر قد بيّنا لكم الآياتِ إن كنتم تعقلونَ) [آل عمران: 118].

***

ولئن كنا لا نستغرب أن يحمل الحقد الأسود أولئك المؤرخين على تجاهل وتناسي أبسط قواعد مقتضيات الأمانة العلمية في عملية التاريخ للأتراك العثمانيين المسلمين، فإن الذي نستغربه أشد الاستغراب، بل ونستهجنه بشدة أن ينزلق الكثير من المؤرخين المسلمين، في حمأة عملية التزوير والتشويه والبهتان التي ألصقت بتاريخ العثمانيين المسلمين..

من ذلك مثلاً، تلك الفرية اللئيمة التي لا يكاد يخلو منها إلا النذر اليسير من الكتب التي تؤرخ للعثمانيين المسلمين، والتي تزعم أن السلاطين العثمانيين كانوا يملكون الحق، بموجب فتوى شرعية إسلامية، في قتل من يشاؤون من إخوانهم أو بني رحمهم، أو أقاربهم، بحجة الحفاظ على وحدة المسلمين، ولقطع الطريق على أية فتنة يمكن أن تبرز إذا حاول أحدهم المطالبة بالسلطة لنفسه.

وكان آخر ما وقع عليه نظري من ترديد لهذه الفرية ما جاء في مقال للأستاذ إبراهيم محمد الفحام في عدد المحرم 1402 هـ تشرين الثاني (نوفمبر) 1981م من مجلة العربي التي تصدر في الكويت، حيث ذهب إلى القول بأن السلاطين العثمانيين الجدد اعتادوا عند توليهم مقاليد السلطة أن يقتلوا إخوانهم جميعاً، ليأمنوا محاولات اغتصاب الملك، وأن هذه الظاهرة تكررت مراراً في تاريخ الدولة العثمانية حتى شمل القتل الإخوة الأصاغر سناً.

وإن كنتُ لا أنفي ولا أنكر وقوع العديد من حوادث التصارع بين بعض السلاطين العثمانيين وبين بعض إخوانهم، بل وأحياناً بينهم وبين أبنائهم، وأن بعض هذه الصراعات كانت تنتهي بمقتل أحد الأطراف المتصارعة، إلا أنني أنفي، وبكل شدة، وبإصرار، ما يزعمه الزاعمون من وجود فتوى شرعية إسلامية تبيح لكل سلطان عثماني جديد أن يقتل من يشاء من إخوانه، أو بني رحمه، بحجة المحافظة على وحدة المسلمين منعاً لوقوع الفتنة.

أقول هذا.. وأتساءل:

أليس من مقتضيات أمانة التوثيق العلمي والتاريخي أن يقدَّم بين يدي أية رواية تاريخية بالبينات التي تدعم صحتها، من تحديد للأسماء والأمكنة والأزمنة، وتبيين سلسلة الرواة الذين تناقلوا الرواية، إلى أن وصلت إلى راويها الأخير؟

ثم أليس من مقتضيات أمانة التوثيق العلمي والتاريخي، أن لا يُكتَفى بالتعميم المبهم، بعبارات مبهمة، في رواية تحمل تهمة خطيرة لشعب بأسره هو الشعب التركي المسلم، بل الأمة بأسرها، هي أمة الإسلام، بل للإسلام ذاته الذي كان العثمانيون يحملون لواءة ويمثلونه آنذاك..؟

أين نص الفتوى الشرعية التي يزعم الزاعمون أنها تبيح للسلاطين العثمانيين قتْل بني رحمهم من غير أي مسوغ شرعي؟

أين أسماء العلماء المسلمين الذين أفتوا الفتوى المزعومة هذه؟

وفي زمن أي من سلاطين بني عثمان على التحديد صدرت؟

لقد قرأت بضعة وعشرين مرجعاً، عربياً وتركياً وإنجليزياً، تؤرخ للعثمانيين المسلمين، فما وجدت من بينها مرجعاً واحداً يذكر نص الفتوى المزعومة، أو يذكر اسماً لعالم واحد تنسب الفتوى إليه، بل لقد اكتفى كل مرجع عند ذكر هذه الفرية بسردها وكأنها يقين لا يرقى إليه شك، فلا يحتاج إلى توثيق.

وقبل أن أتحدث بشيء من التفصيل عن تلك الأحداث التي تشبث بها الزاعمون ليرفدوا بها فريتهم، يجدر بي أن أؤكد أن الإسلام يرفض رفضاً قاطعاً هذا الهراء، ولا يقبل مطلقاً أن تهون حياة المسلم، أي مسلم، إلى درجة تباح فيها حياته لمجرد شبهة، أو من أجل وساوس وأوهام تتستر وراء الزعم بالغيرة على جماعة المسلمين من أن تقع فتنة مزعومة لم يقم على وقوعها، أو على مجرد الشك بوقوعها دليل شرعي.

إن طبيعة الإسلام، وأخلاق الإسلام، وإنسانية الإسلام، ترفض رفضاً قاطعاً أن تصدر باسم الإسلام فتوى تبيح لأي إنسان مهما بلغ شأنه، أن يقتل مسلماً إلا في الحالات التي نصّ عليها الشرع : الثيّب الزاني، والمفارق لدينه التارك للجماعة (المرتد)، والقاتل عمداً (النفس بالنفس).

ألا، وإن كل مسلم مهما كان مستوى علم، يعلم أن قتل النفس، أي نفس، محرّم في شرع الله عز وجل إلا ضمن الحدود التي حددها الله عز وجل.

ولقد ندد الله عز وجل أيما تنديد، بتلك الجريمة التي اقترفها قابيل ابن سيدنا آدم عليه الصلاة والسلام، يوم طوّعت له نفسُه قتلَ أخيه هابيل فقتله:

(واتل عليهم نبأَ ابنيْ آدمَ إذْ قرّبا قرباناً فتقبِّل من أحدهما ولم يُتَقَبَّلْ من الآخر قال لأقتلنكَ قال إنما يتقبّلُ اللهُ من المتقين. لئنْ بسطتَ يديَ لأقتلكَ ما أنا بباسطٍ يديَ إليكَ لأقتلكَ إني أخافُ اللهَ ربَّ العالمين. إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمكَ فتكونَ من أصحابِ النار وذلك جزاء الظالمين. فطوّعتْ له نفسُه قتلَ أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين. فبعثَ اللهُ غراباً يبحثُ في الأرض لِيُريَهُ كيف يواري سوأةَ أخيه قال يا ويلتا أعجزتُ أن أكونَ مثلَ هذا الغرابِ فأواريَ سوأةَ أخي فأصبح من النادمين) [المائدة: 27-31].

بل إن الله عز وجل لم يكتفِ بالتنديد بجريمة قابيل، بل جعلها منطلقاً لحكم رباني يؤكد حرمة النفس البشرية تأكيداً قاطعاً لا لبس فيه ولا غموض:

(من أجل ذلكَ كتبنا على بني إسرائيلَ أنه مَن قتلَ نفساً بغير نفسٍ أو فسادٍ في الأرض فكأنما قتلَ الناسَ جميعاً) [المائدة: 32].

تلك هي الحقيقة، حقيقة تؤكد براءة الإسلام من تلك الفتوى المزعومة، وتؤكد رفض الإسلام لهذا الهراء.

فمن أين جاءت هذه الفرية إذن؟

وما هي دوافعها، وماذا يقصد مروجوها من ورائها..؟

أما الدوافع التي تكمن وراء ترويج هذه الفريةة، فلا أملك إلا أن أقول: إنها نابعة من الحقد الأسود الذي تمتلئ به قلوب العديد من المؤرخين الصليبيين من أعداء الإسلام، ضد الإسلام والمسلمين..

فلقد انتهز بعض المؤرخين الصليبيين الحاقدين، وقلدهم في ذلك عن قصد أو عن غير قصد، بعضُ المؤرخين الذي يحملون أسماء إسلامية، وقوع بعض حوادث الصراع الدموي على السلطة في الدولة العثمانية، وهو أمر لم تسلم منه أمة ن الأمم على مدار التاريخ، فوجدوا في تلك الأحداث متنفساً لينفثوا من خلاله أحقادهم الدفينة ضد الإسلام والمسلمين، فوجهوا سهام افتراءاتهم ضد العثمانيين المسلمين، وهم في حقيقة الأمر يوجهونها إلى الإسلام الذي كان العثمانيون يمثلونه آنذاك.

أقول هذا، وبين يدي أكثر من دليل.

أبدأ بحادثة مقتل الأمير «دوندار» عمّ السلطان «عثمان»، وهي حادثة أرودها المؤرخ التركي المعاصر إسماعيل حامي دنشمند في كتابه «موسوعة التاريخ العثماني»، الذي ألفه عام 1945م، أي في الوقت الذي كانت فيه أنواء الردة الأتاتوركية في أصخب حالات هبوبها على تركيا، بكل ما تحمله من مشاعر العداء للعثمانيين المسلمين، وزعم فيها أن عثمان بن أرطغرل استشار عمه دوندار البالغ من العمر تسعين عاماً في أمر عزمه على محاربة البيزنطيين، فعارضه عمه في الرأي، فلم يتحمل عثمان معارضة عمه فقام بإعدامه بيده برميه بسهم انتقاماً منه بسبب هذه المعارضة.

ولئن كانت هذه الرواية بنصها هذا من الضعف بحيث خلت منها معظم المراجع التي تؤرخ لعثمان بن أرطغرل، ولئن كان من أجلة ضعفها أن إسماعيل حامي دنشمند لم يؤثق روايته لهذه الحادثة بإيراد اسم المرجع، أو اسم المؤرخ الذي نقل عنه الرواية، فإن الحاقدين على العثمانيين المسلمين، بل على الإسلام الذي يمثله العثمانيون، تلقفوا هذه الحادثة، ونسجوا من حولها من سواد حقدهم ما لا تحتمل، فزعموا، وبئس ما زعموا، أن عثمان قتل عمه دوندار بناءً على فتوى شرعية تبيح له قتله خشية أن يزاحمه على السلطنة، مما قد يؤدي إلى وقوع الفتنة بين المسلمين.

ولئن كان من الإنصاف أن نشير إلى أن ما نقلته معظم المراجع الموثوقة التي أرّخت لعثمان بن أرطغرل، عن شدة تعلّق عثمان بأحكام الشريعة الإسلامية، وعن التزامه الصادق بالإسلام، عبادةً، وخلقاً، وتواضعاً، وما نقلته عن توقيره الشديد لعمه الشيخ الكبير دوندار، يجلعنا نستبعد تصديق مقولة أن عثمان قتل عمه لمجرد معارضته له في الرأي، ويجعلنا نستبعد تصديق مقولة أن عثمان قتل عمه لمجرد معارضته له في الرأي، ويجعلنا على يقين أنه ما فعل ذلك إلا لسبب جلل، أكبر من مجرد الاختلاف في الرأي.

ويرسخ قناعتنا ما أورده المؤرخ التركي المعاصر قادر مصر أوغلو في كتابه «مأساة بني عثمان» المطبوع في إستانبول عام 1979م، في وقت كانت المشاعر الإسلامية في تركيا تشهد فيه شيئاً من أشكال الحرية التي تستطيع معها أن تعبر عن حقيقة رفضها لمشاعر العداء التي حاولت الردة الأتاتوركية ترسيخها ضد العثمانيين المسلمين في نفوس الأتراك.

ففي كتابه ذلك ينقل قادر مصر أوغلو، عن المؤرخ التركي خير الله الهندي الذي عاصر عثمان بن أرطغرل، أن دوندار كان طرفاً في مؤامرة اتفق على تدبيرها بالتعاون مع حاكم مدينة «بيله جك» البيزنطي، تستهدف اغتيال عثمان، تمهيداً لوثوب دوندار إلى الزعامةخلفاً لعثمان، فلما انفضح أمر المؤامرة أصرّ عثمان، وهو الحريص علىتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية، على تنفيذ حكم الله في عمه جزاء افترافه لجريمةموالاة أعداء الإسلام، والتآمر معهم ضد جماعة المسلمين.

وتلك لعمري نقطة بيضاء ووقفة شماء شامخة تسجَّل في حسنات عثمان بن أرطغرل، إذ أكّد من خلال حرصه على تطبيق شرع الله في عمه على صدق التزامه بالإسلام، وصدق خضوعه لحكمه، وصدق تفضيله لوشيجة العقيدة وارتباطه بها فوق وشيجة الدم والقرابة.

تلك هي حقيقة السلطان عثمان بن أرطغرل مع عمه دوندار تتهاوى أمامها أباطيل الحاقدين وأراجيف المرجفين.

أما قصة السطان مراد بن أورخان مع ولده الأمير «ساجي» فهي أيضاً علامة بارزة تؤكد صدق التزام مراد بالإسلام، وصدق خضوعه لأحكام شريعته.

ففي الوقت الذي كان السلطان مراد يواجه أشرس الحملات المتلاحقة التي تمثلت في العديد من الأحلاف الصليبية التي تجمع تحت ألويتها ملوك وأمراء المجر والصرب والبلغار والأرناؤوط (ألبانيا)، بمباركة من بابا روما أوربيان الخامس، وبتحريض سافر منه [766هـ/1365م].

وفي الوقت الذي كان فيه السلطان مراد يواجه فيه خطراً تمثل في قيام الأمير الإيطالي آميديو بتجميع جيش من الإيطاليين تحت شعار الانتقام للصليب من العثمانيين المسلمين [770هـ/1368م].

وفي الوقت الذي ازداد فيه الخطر ضد الدولة العثمانية المسلمة، بقيام إمبراطور بيزنطة يوانيس الخامس بزيارة روما عام [771هـ/1369م] مستنجداً بالبابا ضد العثمانيين المسلمين، ومعلناً تحوله عن مذهبه الأرثوذكسي إلى المذهب الكاثوليكي في محاولة لاسترضاء بابا روما لإقناعه بعده بالنجدة التي يطلبها ضد العثمانيين المسلمين.

وفي الوقت الذي كان السلطان مراد يواجه خطراً داهماً جديداً تمثّل في نجاح البابا بتجنيد أكثر من ستين ألف مقاتل صليبي بقيادة ملك بلاد الصرب الجديد ووقاشتين [773هـ/1370م].

وفي الوقت الذي كان السلطان مراد لا يكاد ينجح في التغلب على إحدى مكائد الأعداء، حتى يواجه مكيدة أخرى، كان ولده الأمير ساوجي يتآمر سراً مع الأمير البيزنطي أندرونيقوس، الابن الثاني للإمبراطور يوانيس، لتدبير مؤامرة للإطاحة بالسلطان مراد، وتسليم السلطة للأمير ساوجي، وسرعان ما انتقلت المؤامرة من مرحلة التدبير إلى مرحلة التنفيذ، فسار الأميران ساوجي وأندرونيقوس على رأس جيش كانت غالبية جنوده من البيزنطيين، وتمركزا بجيشهما في منطقة لا تبعد كثيراً عن القسطنطينية، فسارع السلطان مراد لملاقاتهما، فما كاد يقترب منهما حتى خارت معنويات المتآمرين ففر الجنود البيزنطيون من أنصار أندرونيقوس، ولجأ الجنود العثمانيون من أنصار الأمير ساوجي إلى جيش أبيه السلطان مراد، فأصبح ساوجي وأندرونيقوس من غير جيش، فلم يجدا أمامهما مفراً من الهرب، ففرا إلى مدينة »ديمومة«، فلحق بهما السلطان مراد واضطرهما إلى الاستسلام.

وجمع السلطان نخبة من القادة والعلماء والقضاة لمحاكمة ولده ساوجي، فحكوا عليه بالموت جزاء خروجه على طاعة ولي الأمر وجزاء موالاته للكفار أعداء الإسلام والتحالف معهم قولاً وفعلاً في محاربة المسلمين.

وأمر السلطان مراد بتنفيذ حكم الشرع في ولده مسجلاً في ذلك صدق ولائه لحكم الشريعة، وصدق التزامه بالإسلام، ولكأني به وهو يفعل ذلك، كان يستشعر قوله تعالى عز وجل: (لا تجدُ قوماً يؤمنونَ باللهِ واليومِ الآخر يوادّون من حادّ اللهَ ورسولَه ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئكَ كتب الله في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جناتٍ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي اللهُ عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألاَ إنّ حزبَ الله هم الغالبون) [المجادلة: 22].

ولقد كان من الطبيعي أن يستغل الحاقدون حادثة مقتل ساوجي، فتلقفوها وطفقوا ينسجون من حولها الأقاويل والافتراءات ليرفدوا من خلالها فريتهم عن الفتوى الشرعية المزعومة التي تبيح للسطان العثماني المسلم قتل من يشاء من بني رحمه.

وكان من الطبيعي أن يشتط الحقد بأعداء الإسلام، فينفثوا حقدهم ضد السلطان مراد ويتهمونه بالوحشية، وتحجُّر عاطفة الأبوة في قلبه، وما دروا أن صدق الالتزام بالإسلام يجعل وشيجة العقيدة فوق كل وشيجة. وصلوات الله وسلامه على نبينا محمد الذي علّم المسلمين هذه الحقيقة الإيمانية حين قال: »واللهِ لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعتُ يدها.«

وأنتقلُ إلى حادثة قتل السلطان بايزيد بن مراد (الصاعقة) لأخيه الصغير يعقوب، فلا أجد غضاضة في تأكيد وقوعها، ولا أجد حاجة إلى محاولة تبريرها. فقد استهل يايزيد عهده فعلاً بارتكاب جريمة بشعة حيث أقدم على قتل أخيه الصغير يعقوب بتحريض من بعض أنصاره الذين طفقوا يوغرون صدره ضد أخيه، الذي كان شجاعاً، قوي الشخصية، ووجدتْ وشايةُ المغرضين هوى في نفس بايزيد الذي خشي أن يزاحمه يعقوب على السلطنة، واشتطت به وساوسه حين أخذ الوشاةُ يذكرونه بأن جده أورخان بن عثمان ولي السلطنة رغم كونه الأصغر سناً من أخيه الأمير علاء الدين.

ولئن كنت أنكر أن بايزيد قد ارتكب جريمته البشعة فعلاً، بعد أن غلبه هواه، وزينت له وساوسه أن يقترف تلك الجريمة، وطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله. فالجريمة يتحمل وزرها بايزيد وحده، وليس من العدل ولا من المنطق أن يزجّ بالإسلام في عملية تبريرها.

وينبغي أن أشير هنا إلى أن الجفاء كان مستحكماً بين العلماء والسلطان بايزيد، لدرجة أستبعد معها أن يجد بايزيد عالماً واحداً يستجيب له فيصدر تلك الفتوى التي ينسب استصدارها في بعض المراجع إلى بايزيد.

ولقد بلغ من حدة ذلك الجفاء أن العالم المؤمن القاضي شمس الدين محمد حمزة الفناري ردّ شهادة السلطان بايزيد في إحدى القضايا، فلما راجعه بايزيد في ذلك، أجابه القاضي المؤمن بأنه ردّ شهادته لأنه تارك لصلاة الجماعة.

بل لقد بلغ الجفاء بين العلماء والسلطان بايزيد إلى حد أقرب ما يكون إلى القطيعة بسبب استنكارهم لوقوعه تحت سيطرة وتأثير زوجته النصرانية الأميرة أوليفيرا شقيقة ملك الصرب لازار، ونماديه بتحريض منه على إدمان شرب الخمر، وإقامة حفلات اللهو، ويذكر المؤرخ التركي المعاصر إسماعيل حامي دنشمند في كتابه »موسوعة التاريخ العثماني« أن بايزيد ذهب ليتفقد العمل في بناء مسجد »أولو جامع« في بورصة، وكان قد أوشك بناؤه على الانتهاء، فالتقى خلال تجواله في المسجد بالعالم المؤمن محمد شمس الدين البخاري، فسأله على مسمع من الناس عن رأيه في نابء المسجد، وهل يرى في البناء أي نقص..؟ فأجابه العالم المؤمن بجواب ساخر يحمل بين طياته مشاعر عدم الرضى عن سيرة بايزيد المنافية للإسلام، فقال له: بالنسبة لنا نحن المسلمين، فإننا لا نجد أي نقص في بناء المسجد، أما بالنسبة إليك يا بايزيد، فإني أخشى أن تكون قد نسيت أن تضع خزانة تحفظ بها خمورك بجانب المحراب.

أفيعقل بعد هذا أن يجد بايزيد عالماً واحداً يفتي بقتل أخيه من غير مسوّغ شرعي؟

ولقد وجد الحاقدون رافداً جديداً يدعمون به فريتهم فيما وقع من صراع دموي بين أبناء بايزيد الصاعقة، حين قتل محمد بن بايزيد إخوته عيسى ثم سليمان ثم موسى ليتفرد بحكم السلطنة.

ولئن اشتط المغرضون في حقدهم فزعموا أن محمد بن بايزيد قد قتل إخوته بموجب تلك الفتوى الشرعية المزعومة، فإن الحقائق التاريخية تؤكد أن ما جرى بين أبناء بايزيد من اقتتال دموي كان اقتتالاً مصلحياً من أجل الطموحات الشخصية بكل واحد منهم للجلوس على عرش السلطنة، وليس من العدل والإنصاف إن يزج بالإسلام في هذا المقام.

وينبغي أن أشير إلى أن شهوة الجلوس على عرش السلطنة قد اشتطت بأبناء بايزيد لدرجة لم يجدوا معها غضاضة في الاستعانة بأعداء الإسلام من البيزنطيين ضد بعضهم بعضاً، كما فعل سليمان بن بايزيد حين تنازل لملك الروم »إيمانويل الثاني« عن مدينة سلانيك وسواحل البحر الأسود مقابل الوقوف إلى جانبه ضد أخويه الآخرين عيسى ومحمد.

هذا، وينبغي أن أشير إلى أن بعض المؤرخين المغرضي زعموا أن الفتوى الشرعية المزعومة التي تبيح للسلطان قتل بني رحمه من غير مسوغ شرعي هي تلك الفتوى التي أصدرها الشيخ سعيد أحد تلاميذ الشيخ التفتازاني، والتي ورد نصّها على النحو التالي: »من أتاكم وأمركم جميعاً على رجل واحد، يريد أن يشق عصاكم، ويفرق جمعكم، فاقتلوه.«

والحقيقة أن هذه الفتوى قد صدرت عام [823هـ/1420م] كما يورد المؤرخ التركي عبد القادر داده أوغلو في كتابه »التاريخ العثماني المصوّر« ضد أحد قضاة العسكر وهو الشيخ بدر الدين الذي ثار على السلطان وتزعم حركة تنادي بإلغاء التفرقة بين الأديان، وبتوزيع الأموال سواسية بين الناس، وقد اندس في حركة الشيخ بدر الين، كما يروي الأستاذ محمد فريد في كتابه «تاريخ الدولة العلية العثمانية»عدد من اليهود والنصارى، وعندما وقع بدر الدين في الأسر بعد معركة حامية الوطيس، حوكم أمام هيئة من كبار العلماء والقضاة، فصدرت بحقه الفتوى بنصها الذي أوردته آنفاً، وبتوقيع الشيخ شعيد، ويروي المؤرخ التركي المعاصر إسماعيل حامي دنشمند في كتابه «موسوعة التاريخ العثماني» أن الشيخ بدر الدين قد وقع بنفسه أيضاً على الفتوى اعترافاً بذنبه، وتم إعدامه شنقاً على ملأ من الناس في السوق الرئيسي في مدينة سراز.

ولقد وجد المغرضون مبرراً آخر لرفد بهتانهم بخصوص الفتوى المزعومة في حادثة إعدام السلطان مراد الثاني لعمه مصطفى بن بايزيد.

وحقيقة الأمر أن مصطفى بن بايزيد كان قد اختفى وانقطعت أخباره بعد هزيمة بايزيد (الصاعقة) في معركة أنقرة أمام تيمورلنك، ثم ظهر فجأة في زمن أخيه السلطان محمد جلبي بن بايزيد مطالباً بالسلطنة لنفسه، واستنجد بأعداء الإسلام من البيزنطيين فأمدوه المساعدات، وأوعزوا لأمير بلاد الفلاخ بإمداده بجيش كبير، ولكن مصطفى فشل في تحقيق أي نجاح، واضطر إلى اللجوء إلى سلانيك التي كان الأمير سليمان بن بايزيد قد أعادها إلى السيطرة البيزنطية مقابل وعدهم له بمساعدته ضد إخوته، كما أسلفت قبل قليل، واتفق السلطان محمد جلبي مع إمبراطور بيزنطة على إبقاء أخيه مصطفى في سلانيك تحت مراقبة الإمبراطور، مقابل مبلغ من المالن استمر الأمر على هذا النحو إلى أن ولي السلطنةمراد الثاني بن جلبي فتحرش به الإمبراطور «إيمانويل الثاني» في محاولة منه لإعادة هيبة الإمبراطورية، وطلب منه عقد معاهدة يتعهد مراد بموجبها بعدم القيام بأية محاولة لغزو القسطنطينية، فلما وقف السلطان مراد موقفاً حازماً في وجه إيمانويل ورفض مطالبه عمد عمانويل إلى استدعاء الأمير مصطفى وأمده بعشر سفن حربية مدججة بالجنود والسلاح، فتمكن مصطفى من الإستيلاء على مدينة وميناء غاليبولي، ثم تمكن من التغلب على الجيش العثماني الذي أرسله السلطان مراد لمحاربته بقيادة وزيره بايزيد باشا، فسار السلطان مراد الثاني بنفسه لملاقاة عمه مصطفى الذي لم يلبث أن وقع في أسر مراد، ليواجه عقوبة الإعدام شنقاً، جزاء خيانته لله ولرسوله وللمؤمنين، وهل من خيانة لله ولرسوله وللمؤمنين أعظم من موالاة في جماعة المسلمين، ينبري هؤلاء ليزعموا أن الإسلام يبيح للسلطان قتل بني رحمه كيفما يشاء..؟

فرية باطلة ... وبهتان عظيم..

وأجدني هنا مضطراً للتوقف وقفة أردّ بها فرية خبيثة ألصقت بالسلطان محمد الفاتح، فقد درج بعض المؤرخين، وهم يؤرخون لحياته، على الزعم بأنه قام بقتل أخيه الرضيع أحمد جلبي بعد أيام قليلة من تسلمه مسؤولية السلطنة بعد وفاة أبيه السلطان مراد، خشية أن يزاحمه على السلطنة، ومن المؤسف أن هذا الزعم لم يقتصر على المؤرخين غير المسلمين، وإنما وقع في أحبولته عدد من المؤرخين المسلمين.

ولئن كانت هذه الفرية التي ألصقت بالسلطان محمد الفاتح تكون أوهمن من بيت العنكبوت، إلا أنني أجد من الواجب التوقف عندما وتفنيدها، لكي لا يبقى بعد ذلك عذر لأي مؤرخ يحترم نفسه، ويحترم شرف الكلمة التي يؤرخ بها، أن يستمر في ترديد هذا البهتان العظيم ضد السلطان محمد الفاتح.

هل يعقل أن سلطاناً ولي السلطنة في عهد أبيه، وتحت كنفه، ثم وليها من بعد وفاة أبيه، وقد اشتدّ ساعده، ونضجت خبرته، والتفت الأمة من حوله تحوطه بالحب والطاعة، هل يعقل أن هذا السلطان يغار من أخ له رضيع، فيخشى أن ينازعه على السلطة..؟ وكيف يتسنّى لطفل رضيع، وأنى له، أن ينازع على السلطنة، وهو الرضيع الذي إن تأخرت أمه عليه بالحليب يوماً مات جوعاً.

ثم هل يصدق إنسان عاقل، أن محمداً الفاتح، الذي تربى على مائدة القرآن، على يد خيرة علماء عصره، أمثال الشيخ أحمد بن إسماعيل الكوراني الذي كان الفاتح يسميه «أبا حنيفة زمانه»، والشيخ تمجيد أوغلو، والشيخ محمد جلبي زاده، والشيخ مولا إياش، والشيخ الغوراني، والشيخ سراج الدين الحلبي، والشيخ آق شمس الدين، ويمكن أن يفكر بمثل هذا الأمر الفظيع..؟

بل، لنفرض جدلاً أن محمداً الفاتح كان يوجس خيفة أن ينازعه أخوه الرضيع على السلطنة، أفما كان يستطيع أن يحتويه تحت كنفه، ويربيه على الإخلاص له، بدل أن يقتله؟

ولماذ يستبق محمد الفاتح الأمور فيقتل أخاه الرضيع، وقد كان بإمكانه أن ينتظر وهو مطمئن البال بضعة عشر عاماً حتى يكبر أخوه، فيتحقق من نوازعه ونواياه؟

من هنا نستطيع أن نتبين انتفاء المصلحة الشخصية للسلطان محمد الفاتح من قتل أخيه الرضيع.

ولننتقل الآن إلى مناقشة الطريقة التي تمت بها عملية القتل المزعومة، فقد زعم مروّجو هذه الفرية أن السلطان محمداً الفاتح أرسل أحد قواده، واسمه علي بك، إلى جناح النساء لقتل أخيه الرضيع، فلما علم علي بك أن الطفل موجود في حمام النساء حيث تقوم مربيته بغسله، اقتحم الحمام وأمسك بالطفل الرضيع وغطسه تحت الماء حتى مات مختنقاً غرقاً..

هل يصدق عاقل أن محمد الفاتح، وهو الذكي المحنك، يقدم على قتل أخيه الرضيع بهذه الصورة المكشوفة الساذجة؟ وهل كان عاجزاً عن تكليف إحدى النساء، كزوجته، أو إحدى خادماتها، بتنفيذ عملية القتل دون إثارة انتباه أحد، بدل من أن يرسل رجلاً إلى جناح النساء، وهو أمر غير مألوف، بله أن يسمح له بأن يقتحم هذا الرجل حمام النساء، حيث يكنّ فيه متحللات من حجابهن، ومتخففات من كثير من ملابسهن، وفي ذلك ما فيه من خروج مستهجن عن المألوف، من شأنه لو تحقق فعلاً أن يثير من هياج النساء، وضجيجهن، وصخبهن، ما يضطر ذلك الرجل إلى الفرار قبل أن ينفذ مأربه، مهما بلغت به الجرأة والنذالة؟

إذن، ما هي حقيقة هذه الفرية؟

الحقيقة أن المربية التي كان موكلاً إليها أمر العناية بالطفل الرضيع أحمد، انشغلت عنه لبعض شأنها بينما كانت تغسله، فوقع في حوض الماء، فمات مختنقاً غرقاً قبل أن تتداركه الأيدي التي امتدت لإنقاذه بعد فوات الأوان.

وتصادف بعد غرق الطفل بأيام قليلة أن أحد ضباط الجيش، واسمه علي بك، ارتكب جريمة عقابها الإعدام، فلما أعدم، وجد الحاقدون مادة جديدة خيّل إليهم أنهاتدعم بهتانهم، فطفقوا يزعمون أن علي بك هو الذي أغرق الطفل الرضيع أحمد، وأن السلطان محمد الفاتح خشي أن يفشي هذا الرجل سره فقتله، ومن هنا جاءت الفرية على النحو الذي أشرت إليه، وينبغي الإشارة إلى أن «إدوارد سي كريسي» يتبنى هذا الزعم في كتابه «تاريخ العثمانيين الأتراك» المطبوع بالإنجليزية في بيروت في عام 1961م، ويدّعي أن السطان الفاتح أقدم على قتل الضابط علي بك متهماً إياه بقتل أخيه الرضيع دون أن يكون للسلطان علم بذلك.

ولو أنهم توقفوا عند هذه الفرية وحدها لهانَ الأمر، ولكنهم ما برحوا أن بدأوا ينسجون من حولها المزيد من الافتراءات، فزعموا أن محمداً الفاتح، لم يكتف بقتل أخيه، بل أصدر قانوناً أعطى للسلطان الحق في قتل من يشاء من إخوته وأبنائه وأبناء عمومته وخؤولته، لقطع الطريق على أي منهم أن ينافسه على السلطة.

ولقد أوضح المؤرخ التركي المعاصر إسماعيل حامي دنشمند في كتابه «موسوعة التاريخ العثماني» الدافع الذي جعل السلطان محمد الفاتح يصدر هذا القانون فقال:

«حين وجد السلطان محمد الفاتح أن أكبر خطر يهدد الدولة العثمانية في الفترة التي سبقت توليه مقاليد السلطنة، نجم عن تكرار حوادث الانشقاق التي كانت تقع بين الأمراء العثمانيين، والتي كانت تصل في أكثر الأحيان إلى درجة الاقتتال، وتؤدي إلى انقسام الدولة إلى فريقين أو أكثر، مما كان يؤثر على وحدة الدولة، ويغري خصوم الإسلام بها، فقد رأى السلطان محمد الفاتح أن يضع قانوناً أسماه «قانون حفظ النظام للرعية» أكد بموجبه أن الموت سيكون مصير كل من يعلن العصيان المسلح ضد السلطان، ويتعاون مع أعداء الإسلام ضد المسلمين.»

ويردف إسماعيل حامي دنشمند أن هذا القانون كان سبباً في انحسار، أو على الأقل، في تقليص حوادث العصيان المسلح، التي كادت أن تصبح أمراً شائعاً في الدولة العثمانية قبل صدور هذا القانون.

وإن المرء لتتملكه الدهشة، حين يرى أن كل دول الدنيا، قديمها وحديثها، لا تخلو قوانينها من مثل هذا القانون، ومع ذلك لا تجد أحداً يعترض عليها أو يشوه مقاصدها، كما كان يفعل المغرضون تجاه الدولة العثمانية!

وبعد:

فإني أحسب أن القارئ الفطن، يدرك من خلال ما أوردتُ من حقائق، أن الحاقدين إنما يهدفون من وراء التركيز على تحريف تاريخ الأتراك العثمانيين المسلمين إلى الإساءة إلى الإسلام ذاته، ومن خلال الإساءة إلى الأتراك العثمانيين المسلمين، حين يظهرونهم بمظهر القوم المتوحشين الذين انعدمت الرحمة من قلوبهم، ومن خلال الإيحاء بأن مسألة قتل السلاطين لإخوانهم كانت أمراً عادياً مألوفاً عندهم.

أقول هذا، ولا أنفي أن يكون في تاريخ بني عثمان، وخاصة في عصورهم المتأخرة، بعض الأمور التي لا تنسجم مع الإسلام، وتتعارض مع أحكامه، وليس الذنب في ذلك ذنب الإسلام، وإنما ذنب المسيء نفسه.


--------------------------------------------------------------------------------

مجلة الأمة، العدد 53، جمادى الأولى، 1405 هـ

رد مع اقتباس
  #34  
قديم 17-04-2005, 12:55 AM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

الجدول الزمني للحروب الصليبية في المشرق

الجزء الأول

الحدث السنة

o مدة الدولة العباسية في بغداد 132-656 هـ

مدة دولة الأدراسة في المغرب
172-364 هـ

مدة الدولة الطولونية في مصر
254-293 هـ

توسع الطولونيين في بلاد الشام
264 هـ

قيام الدولة العبيدية في شمال إفريقية[1]
297-358 هـ

الدولة الإخشيدية في مصر
323-358 هـ

سيطرة البويهيين على الدولة العباسية
334-447 هـ

اندفاع السلاجقة من سهول تركستان
345 هـ

الدولة العبيدية في مصر
362-567 هـ

عهد ملوك الطوائف في الأندلس
422-484 هـ

دخول السلاجقة مرو ونيسابور
429 هـ

دخول طغرلبك السلجوقي بغداد ونهاية حكم البويهيين
447 هـ

مدة الدولة السلجوقية
447-656 هـ

احتلال الوزير البساسيري لبغداد بدعم من المستنصر بالله العبيدي أثناء غياب طغرلبك في إحدى حملاته الجهادية
450 هـ

مقتل البساسيري على يد السلاجقة
451 هـ

وفاة طغرلبك وتولية ابنه ألب أرسلان
455 هـ

دخول السلاجقة مدينة حلب
463 هـ

هزيمة الروم أمام السلاجقة قرب مدينة سيواس (في الأناضول) وأسر قائدهم مانويل كومنين
463 هـ

قتل رومانوس بعد إطلاق سراحه على يد ميخائيل السابع (463-471 هـ) الذي وثب على العرش عندما أسر رومانوس
463 هـ

بداية النزاع بين السلاجقة والعبيديين على بلاد الشام
463 هـ

تأسيس جماعة الاسبتارية Hospitallers في أوروبا للإشراف على المرضى، ثم تحولت إلى منظمة عسكرية حربية
463 هـ

معركة »ملاذكرت« بين السلاجقة والروم البيزنطيين، حيث أسِر رومانوس إمبراطور بيزنطة، ثم أطلق سراحه. كان عدد المسلمين لا يتجاوز 20 ألف جندي، بينما كان الروم زهاء 200 ألف.
464 هـ

فلسطين تدخل تحت حكم السلاجقة بما في ذلك بيت المقدس
464-472 هـ

وفاة ألب أرسلان وتولية ابنه ملكشاه. خلال فترة حكمه ضم الأراضي العربية الواقعة تحت العبيديين في المشرق (الشام والحجاز)، وبلغت دولة السلاجقة أوجها حيث امتدت من حدود الصين شرقاً إلى جورجيا والأراضي المجاورة للقسطنطينية غرباً.
465 هـ

انقطاع الخطبة للعباسيين في مكة
467 هـ

استرداد المسلمين لـ »منبج«
468 هـ

دخول السلاجقة دمشق وعودة الخطبة للعباسيين فيها بعد أن كانت للعبيديين
468 هـ

أرتق بن أكسب (مؤسس بيت الأراتقة) يصبح حاكماً على بيت المقدس

دخول تتش بن ملكشاه دمشق، ومقتل حاكمها أقسيس
472

ألكسيوس كومنين يصبح إمبراطوراً للدولة البيزنطية

عودة الخطبة للعباسيين في مكة
474 هـ

استراجاع السلاجقة لأنطاكية من الروم، وللقدس من العبيديين
477 هـ

سقوط مدينة طليلطة في الأندلس بيد النصارى الصليبيين
478 هـ

معركة الزلاقة في الأندلس بين المرابطين والصليبيين الإسبان وغلبة المسلمين فيها[2]
479 هـ

ضعف الدولة السلجوقية في بلاد الأناضول وتفرق أمرائها
479-485 هـ

مقتل نظام الملك أبي علي الحسن بن إسحاق الطوسي وزير ملكشاه على يد أحد الباطنيين الحشاشين

وفاة ملكشاه
485 هـ

وفاة الخليفة المقتدي
487 هـ

بابا روما أوربان الثاني يبدأ رحلته في فرنسا داعياً إلى الحروب الصليبية

إعلان الحرب على المشرق الإسلامي في كليرمونت

بداية قتل اليهود في أوروبا
488-489 هـ

دولة السلاجقة تنقسم إلى خمس ممالك متنافسة.

تعبئة الغرب لشن الحملات الصليبية على المشرق الإسلامي

بداية الحروب الصليبية وانهزام الموجات الثلاثة الأولى منها في هنغاريا

وصول الصليبيين إلى الشرق واستيلاؤهم على مدينة نيقية عاصمة سلاجقة الروم، وسقوط ضورليوم، وقونية وقيصرية ومرعش وغيرها من مدن الأناضول، مع ترحيب من الأقليات النصرانية (الأرمن وغيرهم) لهم وتقديم المعونات والدلاّل. ودخل الصليبيون مدينة أنطاكية في نفس السنة وقتلوا وسبوا ما لا يحصى عدده، وتسلم الأرمن أمورها. (اضغط هنا لتقرأ عن الحملة الصليبية الأولى.)

مهادنة حكام بعض المدن للصليبيين ودفعهم الجزية وتقديم العون لهم شريطة ألا يغيروا عليهم، مثل: حاكم شيزر سلطان بن منقذ؛ وكذلك مصياف
490 هـ

البندقية تعدّ 300 سفينة لمساندة الصليبين في حربهم ضد المسلمين
490-499 هـ

زحف العبيديين على مدينة صور
491 هـ

استيلاء الصليبيين على المعرة والبارة بمشاركة النصارى من الأرمن والسريان وقتلوا من أهلها أكثر من مائة ألف وسبوا وجعلوا جامع البارة كنيسة لهم. وقد استنجد أهلها برضوان أمير حلب وجناح الدولة أمير حمص ولكن لم يفعلا شيئاً
491-492 هـ

سقوط حصن الأكراد وطرطوس بيد الصليبيين؛ رفعهم الحصار عن عرقة؛ استسلام جبلة وطرابلس وإعطاء الجزية للصليبيين

أخذ العبيديين بيت المقدس من السلاجقة
492 هـ

احتلال الصليبيين لبيت المقدس وقتلهم مائة ألف من سكانها، وسبي مثلهم؛ ووقوف النصارى العرب إلى جانب الصليبيين. اختيار »جودفري دي بوايون« حاكماً للمدينة المنكوبة و»أرنولف مالكورن« بطريقاً عليها
492 هـ/

1099 م

دخول أهل أرسوف تحت حكم الصليبيين بعد عجز العبيديين عن الدفاع عنها ودفعهم الجزية لهم.

تحصين الصليبيين ليافا

وفاة جودفري ورفع الحصار عن عكا

سقوط حيفا بيد الصليبيين

بلدوين الأول يصبح ملكاً على مملكة القدس
493 هـ

هجوم الصليبيين على أرسوف براً وبحراً بمساعدة الأسطول البندقي وأخذها بالقوة.

احتلال الصليبيين لقيسارية وذبح أهلها من المسلمين
494 هـ

هزيمة العبيديين أمام الصليبيين في الرملة

هزيمة الصليبيين أمام العبيديين قرب الرملة واسترجاع المدينة من الصليبيين

حصار العبيديين للصليبيين في يافا، ومجيء المدد للصلبيبيين من البحر وانهزام العبيديين عن المدينة

سقوط أنطرطوس (طرطوس) بيد الصليبيين بعد أن استردها بنو عمار منهم

مقتل صاحب حمص جناح الدولة على يد الباطنيين وحصار ريموند لحمص ثم ارتداده عنها بعد أخذ الجزية من أهلها
495 هـ

حصار الصليبيين لمدينة عكا وصمودها ثم انهزامهم عنها
496 هـ

أتابك الموصل »جكرمش« والأمير »سقمان بن أرتق« صاحب ماردين، يسيران لقتال الصليبيين في الرها ويتمكنا في إبادة الجيش الصليبي ويأسران »بلدوين« و»جوسلين«

مهاجمة الصليبيين عكا وأخْذ أهلها بالسيف بعد علمهم أن العبيديين لن يأتوا لنجدة أهلها
497 هـ

مهاجمة الصليبيين لطرابلس دون أخذها، واعتداؤهم على أهل جبيل

الصليبيون يهاجمون جبيل بمعاونة الجنوية مستخدمين أبشع الأساليب في قتل المسلمين وإهانتهم وأخذ أموالهم

هلاك ريموند الصنجيلي
498 هـ

القتال بين الصليبيين وجيش العبيديين بين عسقلان ويافا دون انتصار طرف على طرف، ولم يكن للأسطول العبيدي أي دور في المعركة، ثم أنه تعرض لعاصفة قذفت بنحو عشرين سفينة إلى الصليبيين فأخذوها غنيمة باردة
499 هـ

مهاجمة العبيديين لقافلة حجاج صليبيين بين يافا وأرسوف
500 هـ

مهاجمة العبيديين لمدينة الخليل
501 هـ

مهاجمة الصليبيين لمدينة صيدا بمعونة الأساطيل الإيطالية، ولكن وصول الأسطول العبيدي من مصر غير الموقف وكذلك نجدة طغتكين صاحب دمشق
502 هـ

انسحاب الصليبيين من صيدا وأخذهم لطرابلس بمساعدة الأساطيل الإيطالية وتكوين إمارة طرابلس الصليبية وحكمها »برترام بن ريموند الصنجيلي«

حصار بلدوين لبيروت براً وبحراً، وهروب حاكمها ليلاً إلى قبرص فسلم أهلها المدينة بالأمان، ولكن الصيليبيون خانوا العهد كعادتهم وذبحوا أهلها ببشاعة

مساعدة أسطول الجنويين والبيازنة للصليبيين في احتلال طرابلس ومدن أخرى
503 هـ

وصول العبيديين إلى أسوار القدس في إحدى غاراتهم

عودة الصليبيين لمحاصرة صيدا وتسليم المدينة لهم بالأمان
504 هـ

مقتل والي عسقلان للعبيديين »شمس الخلافة« الذي تقرب من الصليبيين واتهِمه المسلمون بالخيانة

مهاجمة الصليبيين لمدينة صور وارتدادهم عنها بعد قتال ضار ودعم »طغتكين« حاكم دمشق لأهلها بالسلاح والرجال

اجتماع مودود حاكم الموصل مع أتراك وأكراد ووفتحوا حصوناً عدة للفرنجة في سنجار، وحاصروا الرها ثم رحلوا عنها
505 هـ

مودود يعبر الفرات من الموصل إلى الشام بطلب من طغتكين حاكم دمشق لدعمه ضد الصليبيين وقد كثرت غاراتهم على دمشق

اجتماع القوات الإسلامية من الموصل ودمشق وغيرها عند السلمية

التقاء المسلمين مع الصليبيين عند طبرية وانهزام الصليبيين وأسر ملكهم بلدوين

مقتل الأمير مودود على يد أحد الباطنيين في مسجد دمشق بعد صلاة الجمعة وكان صائماً رحمه الله
507 هـ

الممتلكات الصليبية في الرها وأنطاكية إلى المصيصة تتعرض لزلازل مدمّرة

»آقسنقر البرسقي« (أبو عماد الدين زنكي) يصبح والياً على الموصل من قبل السلاجقة بعد مقتل الأمير مودود

أقسنقر ينازل الصليبيين في الرها

وفاة رضوان ملك حلب
508 هـ

»بدر الدين لؤلؤ« يحكم حلب بعد قتله لألب أرسلان بن رضوان
508-511 هـ

هزيمة الصليبيين للمسلمين في دانيث
510 هـ

مقتل بدر الدين لؤلؤ على يد أحد أعوانه

حاكم حلب يستنجد بالصليبيين ضد طغتكين (أمير دمشق) وإيلغازي بن أرتق (أمير ماردين) عندما تقدموا تجاه حلب

إيلغازي بن أرتق يتسلم حلب بدعوة من أهلها
511 هـ

تأسيس جماعة فرسان المعبد (الداوية) في بيت المقدس على يد »هيودي باينز« الفرنسي واتخاذهم جزءاً من الأقصى مقراً لهم

هلاك بلدوين (بغدوين) الأول، واستخلاف بلدوين الثاني بعده

اتحاد طغتكين والعبيديين على محاربة الصليبيين لكن هزموا أمامهم

سقوط »حصن الأتارب« و»زردنا« بأيدي المسلمين بعد أن اتحد طغتكين وإيلغازي لمقاتلة الصليبيين

حصول القتال بين إيلغازي والصليبيين في »ذات البقل« من أعمال حلب، وكان الظفر فيها للمسلمين
512 هـ

معركة »البلاط« بين المسلمين والصليبيين بموضع يدعى »تل عفرين« فحصدهم المسلمون فلم يسلم منهم إلا القليل وقتل أمير أنطاكية »روجر الأنطاكي«، وفتحت حصون
513 هـ

مقتل الأفضل وزير العبيديين

استمرار إيلغازي في جهاد الصليبيين
514 هـ

جوسلين دي كورتناي صاحب الرها يقع أسيراً بيد غازي بن بهرام الأرتقي صاحب »خربوط«، وبلدوين الثاني يصبح وصياً على الرها
515 هـ

وفاة إيلغازي بن أرتق، وامتلاك ابنه حسام الدين تمرتاش قلعة ماردين

بلدوين الثاني يهاجم مناطق شمال الشام ويضيق الحصار على حلب مستفيداً من تفكك دولة الأراتقة بعد وفاة الأمير إيلغازي
516 هـ

بلدوين الثاني حاكم القدس يقع أسيراً في أيدي المسلمين ثم يَسلم

أمير حلب سليمان بن عبد الجبار بن أرتق يهادن بلدوين الثاني مقابل ردّ حصن »الأتارب« إلى الصليبيين

المسلمون يأسرون بلدوين الثاني ملك القدس عندما حاول فك أسر جوسلين وسجن معه

تعاوُن الأرمن والمسحيين في تهريب جوسلين من أسره دون غيره، وبداية انتقام جوسلين من المسلمين
517 هـ

الصليبيون يحاصرون صور ويتسلمون المدينة بعد خروج أهلها منها

تحالف أمير حلب »بلك الأرتقي« مع طغتكين لقتال الصليبيين

مقتل بلك الأرتقي بسهم طائش في حصاره لـ»منبج«، وخلفه على حلب ابن عمه حسام الدين تمرتاش وانتقاله إلى ماردين

إطلاق سراح بلدوين لقاء فدية يدفعها وقلاع يسلمها للمسلمين
518 هـ

البرسقي صاحب الموصل يستلم حلب ويوحد القوى الإسلامية بين المدينتين ويهدد القوى الصليبية في شمال بلاد الشام

الصليبيون يتحالفون مع دبيس بن صدقة (أمير شيعي) وبني مزيد وسلطان شاه بن الملك رضوان السلجوقي، وحصارهم حلب ثم انهزامهم عنها لما علموا بقدوم البرسقي إليها

البرسقي يأخذ »كفر طاب«

وقوع القتال بين البرسقي والصليبيين وانهزام المسلمين، وتسليم رهائن الصليبين إلى ذويهم (كان منهم ولد لبلدوين الثاني وجوسلين الصغير وغيرهما..) وإقرار الهدنة بين الطرفين

المسلمون يستردون حصن »رفينة« من الصليبيين وهو واقع على أطراف العاصي بين حمص وحماة
519 هـ

الصليبيون يملكون مدينة صور
519 هـ

بلدوين الثاني يهاجم إمارة دمشق بجمع من الصليبيين عند مرج الصفّر (شقحب) ولكن ينهزمون أمام المسلمين

حصار الصليبيين لـ»رفينة« واستسلامها قبل مجيء نجدة المسلمين إليها

مهاجمة أسطول العبيديين موانئ الصليبيين في فلسطين وإتمام الصلح بين بلدوين والبرسقي

اغتيال البرسقي على يد الباطنية في الموصل بعد إتمام الهدنة بينه وبين الصليبيين

طمع الصليبيين وبعض أمراء المسلمين في أخذ حلب بعض اغتيال البرسقي
520 هـ

عماد الدين زنكي يصبح حاكماً على الموصل
521 هـ

عماد الدين زنكي يبدأ في توحيد الجبهة الإسلامية تحت راية واحدة

مدينة أربيل تدخل تحت حكم عماد زنكي
522 هـ

قوات عماد الدين تأخذ مدينة الرحبة ونصيبين

حلب تنضم إلى الجبهة الإسلامية ضد الصليبيين تحت راية زنكي

تآمر الباطنية [إسماعيلية، ودرزية، ونصيرية] على المسلمين في دمشق، وقتل رئيسهم »المزدقاني«

المسلمون في دمشق يقتلون 6 آلاف باطني متآمر

تأسّف الصليبيين على قتل الباطنية في دمشق

والي قلعة بانياس (في الجولان) يسلم البلد للصليبيين وينتقل هو وأصحابه إلى بلادهم

الصليبيون يسيرون نحو دمشق ويحاصرونها

المسلمون يهزمون الصليبيين حول دمشق ويظفرون بهم ويقلتون منهم مقتلة عظيمة ويغنمون، ولم يفلت من الصليبيين غير مقدم الجيش وأربعون نفر

استيلاء جيش زنكي على مدينة حماة

عماد الدين يحصل على »التواقيع السلطانية« من محمود سلطان السلاجقة في بغداد بامتلاك الجزيرة والشام وما اتصل بهما

عماد الدين يقتل الصليبيين مقتلة عظيمة عند حصن »الأتارب«، ثم يمتلك الحصن ويدكه بالأرض، ويهادن من بقي من الصليبيين بعد أن سألوه الصلح

محاربة بعض أمراء المسلمين لزنكي خوفاً على ممتلكاتهم من أن تدخل تحت حكم زنكي، وانتصار زنكي عليهم
523 هـ

إيلغازي بن الدانشمند (التركماني) صاحب ملطية يواجه بوهيمند الثاني صاحب أنطاكية ويهزمه في سهل »عين زربه« ويقتل بوهيمند ويرسل رأسه إلى الخليفة في بغداد

أنطاكية تدخل تحت وصاية بلدوين الثاني ملك القدس بعد قتل بوهيمند
524 هـ

وفاة السلطان محمود السلجوقي وصراع البيت السلجوقي على السلطنة وانشغال عماد الدين زنكي به عن الصليبيين لفترة من الزمن
525 هـ

استياء الأحوال على عماد الدين في العراق والشام من قبل أمراء المسلمين
526-527 هـ

مسير عماد الدين إلى دمشق ومحاصرتها لأخْذها، ثم رجوعها عنها بعد مصالحة ملكها
529 هـ

مهاجمة جيش عماد الدين زنكي لمدينة اللاذقية بقيادة »أسوار« أمير حلب، وأسرهم سبعة آلاف من الصليبيين وقتل كثير منهم واستيلاؤه على كثير من الغنائم، وعجز الصليبيين عن الرد
530 هـ

قتل الخليفة الراشد على يد الباطنية ومبايعة المقتفي من بعده

تحسين العلاقات بين الخلافة العباسية وعماد الدين

حصار جيش زنكي لمدينة حمص ثم انصرافه عنها

مسير زنكي إلى حصن »بعرين« (بارين) وقتاله للصليبيين وانهزامهم هزيمة منكرة

تسليم الصليبيين حصن »بعرين« لزنكي بعد حصارهم فيه حصاراً شديداً منع عنهم كل شيء حتى الأخبار أن تصلهم

ولادة صلاح الدين يوسف بن أيوب بن شادي بقلعة تكريت
531 هـ

اغتيال الخليفة المقتفي على يد الباطنية وهو متوجه إلى همذان

الإمبراطور البيزنطي حنا كومين يهاجم بلاد المسلمين ويتحالف مع الصليبيين ضدهم

تسلّم حنا كومنين مدينة »بزاعة« بالأمان وغدره بأهلها، وقتله لأهلها وتعذيبهم حتى الشيوخ والأطفال والنساء

توجه حنا كومنين إلى حلب وحصارها وتركهم المدينة بعد أن قاتلهم المسلمون قتالاً شديداً وقتلوا منهم خلقاً كثيراً

انصراف الصليبيين عن حلب وحصارهم لحصن »الأتارب« في حين أخلاه المسلمون وأخذه الصليبيون حيث جعلوا فيه سبي »بزاعة« والأسرى المسلمين ثم رحلوا عنه

ابن سوار، نائب حلب، يتوجه إلى الأتارب ويوقع بالروم ويخلص الأسرى والسبي ويعود إلى حلب منتصراً

توجه التحالف البيزنطي-الصليبي إلى »شيزر« ومحاصرتها بالمنجنيقات واستنجاد صاحبها بعماد الدين زنكي

مسير عماد الدين إلى شيزر وتوقيعه بين حنا كومنين والصليبيين بالخديعة حتى رحل عنها كومنين وترك المناجيق وآلات الحصار على حالها، ومهاجمة عساكر زنكي لمؤخرة الجيش البيزنطي وأخذه ما تركه البيزنطيون خلفهم
532 هـ

وصول عماد الدين زنكي إلى حلب راجعاً من شيزر، ثم فتحه لحصن »بزاعة« بالسيف وقتل كل من فيه من الروم
533 هـ

استيلاء عماد الدين على بعلبك وشهرزور ومحاولته دخول دمشق

استمرار القتال بين زنكي والدمشقيين على دمشق وطلب حاكم دمشق العون من الصليبيين ضد عماد الدين

توجه عماد الدين لملاقاة الصليبيين في حوران قبل وصولهم إلى دمشق، وتخلف الصليبيين عن الخروج إليه لما سمعوا بمسيره خوفاً منه

اتفاق معين الدين أنر (مدبر أمور مجير الدين ملك دمشق) مع الصليبيين بتسليمهم قلعة بانياس (وكانت من أملاك زنكي) ويتفق معهم على حرب زنكي

حصار عماد الدين لدمشق مرة أخرى ثم رجوعه عنها دون قتال
534 هـ

عماد الدين زنكي يملك »الحديثة« ويخطب له في آمد

قوات زنكي تهاجم الصليبيين وتقتل منهم
536 هـ

عماد الدين يفتح مدينة »الرها« وانهيار أول إمارة صليبية في الشرق وهي إمارة الرها، وارتفاع معنويات المسلمين

عفو عماد الدين عن أهل الرها من النصارى السريان والأرمن لمواقفهم المخزية ضد المسلمين

حصار زنكي لمدينة »البيرة« ورجوعه عنها

تسليم الصليبيين قلعة »البيرة« لأمير ماردين خوفاً من استيلاء زنكي عليها ليتقوى بها عليهم

عماد الدين يعدم المتآمرين عليه من الأرمن ويطرد جزءاً منهم من الرها بعد مراسلتهم لجوسلين الثاني ليأتي ويوقع بالحامية المسلمة التي تركها زنكي في المدينة بعد فتحها
540 هـ

مقتل عماد الدين زنكي، رحمه الله، وهو محاصر لقلعة جعبر على الفرات. دخل عليه صبي إفرنجي من غلمانه مع جماعة وهو نائم فقتلوه وهربوا إلى القلعة وأخبروا أهلها ففرحوا بقتله

نور الدين محمود يخلف أباه عماد الدين

استغلال الصليبيين وبعض أمراء المسلمين موت عماد الدين ومهاجمتهم لبعض المدن

خروج أسد الدين شيركوه (عم صلاح الدين الأيوبي) لتأديب الصليبيين واستنقاذه لأسرى المسلمين

عصيان أهل الرها على المسلمين ودعوتهم للصليبيين لأخذ البلد

جوسلين الثاني وبلدوين (حاكم مرعش) يهاجمون الرها على غفلة من أهلها ويقتلون من فيها من المسلمين عدا من كان في قلعتها

محاصرة نور الدين للرها وهرب جوسلين بمن معه، لكن يلحقه المسلمون ويقتلون ثلاثة أرباعهم بما فيهم بلدوين، ومعاقبة المتآمرين وأخذ أسرى من أهلها

نور الدين يصالح حاكم دمشق الفعلي »معين الدين أنر« ويتزوج بابنته

نقض الصليبيين الصلح مع »معين الدين أنر« بعد أن وعدوا »التونتاش« حاكم بصرى وصرخد بمساعدته للاستقلال عن دمشق

توجه معين الدين ونور الدين إلى بصرى وصرخد واستيلاؤهم على المنطقة قبل وصول الصليبيين إليها

رجوع معين الدين ونور الدين إلى دمشق ومحاكمة الخائن »التونتاش« وعقابه
541 هـ

وصول الحملة الصليبية الثانية أراضي السلاجقة في آسيا الصغرى واصطدامهم بهم، وكانت مؤلفة من جيش الإمبراطور الألماني كونراد وجيش الملك الفرنسي لويس السابع (كل جيش مؤلف من سبعين ألف)

مسير الجيش الألماني من جهة البر ومهاجمة السلاجقة له وقتلهم كثيراً من رجاله

مسير الجيش الفرنسي جانب البحر لتجنّب غارات السلاجقة في الداخل
542 هـ

استيلاء نور الدين محمود على كثير من قلاع الصليبيين، وخيبة أمل الصليبيين وتجهيز الغرب للحملة الصليبية الثانية
542-543 هـ

مؤتمر كبير للصليبيين في القدس يقرر الهجوم على دمشق

محاصرة الصليبيين لدمشق وفشلهم في أخذها وانهزامهم عنها
543 هـ

نور الدين يتسلم حمص ويزداد نفوذه في الشام

نور الدين يهاجم إمارة أنطاكية ويصطدم مع الصليبيين، ويقتل صاحب أنطاكية ريموند دي بواتيه، و»رينو« صاحب مرعش وكيسوم و »علي بن وفا« زعيم الباطنية الذي كان مرافقاً للصليبيين

نور الدين يتجه بجيشه إلى أنطاكية ويهادن أهلها ويملك كل ما حولها من القلاع والحصون وغيرها من الأماكن المهمة

حضور بلدوين الثالث ملك بيت المقدس إلى أنطاكية وتهدئته لروع أهلها مما أصابهم من الفزع بسبب نور الدين
544 هـ

نور الدين يستولي على حصن أفامية القريب من شيزر وحماة وهادنه الصليبيون مما رأوا من قوته
545 هـ

هزيمة نور الدين أمام جوسلين الثاني وأخذ جوسلين سلاح نور الدين

أسر نور الدين لجوسلين الثاني، واستيلاؤه على أملاكه: تل باشر، عين تاب، عزاز، ومرعش وغيرها وحصون كثيرة
546 هـ

عسقلان تسقط في يد الصليبيين بعد اختلاف أهلها فيما بينهم، وكانت آخر معاقل العبيديين المصريين في فلسطين وتقوى الصليبيون بفتحها وفتح لهم باب مصر

ضعف مملكة دمشق أمام الصليبيين حتى دفعوا لهم الجزية، وثورة أهل دمشق على حاكمهم »مجير الدين!« لتخاذله عن الجهاد وموالاته للصليبيين

نور الدين يهمه أمر دمشق، ويأخذ »مجير الدين« بالحيلة حتى جاء دمشق وفتح له بعض الأحداث باباً من أبوابها فدخلها وحاصر »مجير الدين« في قلعتها إلى أن استسلم قبل أن ينجده أحد من الصليبيين
547 هـ

نور الدين يحاصر حارم التابعة لإمارة أنطاكية، ثم ينصرف عنها بعد أن صالح الصليبيين على أن يعطوه نصف أعمال حارم

نور الدين يتسلم بعلبك
551 هـ

انهزام قوات نور الدين في البقيعة قرب حصن الأكراد بين حمص وطرابلس، وكان عازماً على دخول إمارة طرابلس الصليبية

»شاور« يصبح وزيراً للخليفة العبيدي العاضد وصراعه مع »ضرغام« على الوزارة
558 هـ

مسير »شاور« إلى نور الدين مستغيثاً به على »ضرغام« الذي انتزع الوزارة منه

القوات النورية تتجه إلى مصر لمواجهة »ضرغام« بقيادة أسد الدين شيركوه ومعه صلاح الدين[3]

نور الدين وقواته تلتقي بالصليبيين ويأسرون ملوكهم: بوهيمند أمير أنطاكية، وريموند الثالث أمير طرابلس، وجوسلين الثالث دي كورتناي، وهيو الثامن لوزجنان، وحاكم قيلقيه البيزنطي. وقتلوا ما يزيد على عشرة آلاف صليبي

نور الدين يأخذ حارم ويزحف إلى أنطاكية

الاتفاق على إطلاق سراح بوهيمند الثالث بعد دفع فدية كبيرة وإطلاق الأسرى المسلمين عنده

نور الدين يفتح بانياس (وفي في الجولان)
559 هـ

المسلمون (قوات نور الدين) يفتحون حصن المنيطرة (بين جبيل وبعلبك)
561 هـ

مسير قوات نور الدين ثانية إلى مصر

المسلمون (قوات نور الدين وقطب الدين مودود) يغزون بلاد الصليبيين ويفتحون العزيمة وصافيتا ثم يعودون سالمين
562 هـ

مسير قوات نور الدين إلى مصر للمرة الثالثة

وفاة أسد الدين شيركوه في مصر
564 هـ


1 2 3 4


--------------------------------------------------------------------------------

[1] انظر »لمحة تاريخية عن الدولة العبيدية« في الفسطاط.

[2] انظر » الزلاقة: معركة كسبها الإيمان وضيع ثمارها الخلاف« في الفسطاط

[3] ستأتي تفاصيل الوقائع بين أسد الدين شيركوه وشاور والصليبيين في الجزء الثاني من الجداول الزمنية للحروب الصليبية.

رد مع اقتباس
  #35  
قديم 17-04-2005, 12:57 AM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

الجدول الزمني للحروب الصليبية في المشرق

2

صلاح الدين الأيوبي

الحدث
السنة

مولد صلاح الدين يوسف بن نجم الدين أيوب في قلعة تكريت

نجم الدين أيوب وأخوه أسد الدين شيركوه وأهلهم ينتقلون إلى قلعة بعلبك بعد أن استولى عليها عماد الدين زنكي
532 هجرية

صلاح الدين يرافق عمه شيركوه في حملة إلى مصر لأول مرة لإغاثة شاور وزير الفاطميين (العبيديين) ضد ضرغام الذي غلب على الوزارة

شاور يخاف من شيركوه من الإستيلاء على مصر ويهدده باستقدام الصليبيين إن لم يرحل

شيركوه يرحل عن مصر وبرحيله منع دخول الصليبيين مصر

تزايد خوف شاور من استيلاء نور الدين على مصر ومراسلته الصليبيين للقدوم لأخذ مصر

مسير أسد الدين شيركوه ومعه صلاح الدين بقواته إلى مصر وقتاله لشاور والصليبيين في معركة (البابين) وانتصاره عليهم

اتفاق الطرفين برجوع شيركوه إلى الشام والصليبيين إلى بلادهم، وموافقة شيركوه على مضض وذلك لضعف عسكره
558

الصليبيون ينكثون عهدهم مع شيركوه بشأن مصر ويسيرون لأخذها من شاور

الخليفة العبيدي العاضد وشاور يستغيثان بنور الدين

مسير شيركوه بالقوات النورية إلى مصر وأخذها، ورحيل الصليبيين عنها عندما علموا بمسير شيركوه إليها

مقتل شاور بطلب من العاضد والانتهاء من شره وسوء فعله

شيركوه يصبح وزيراً للعاضد

وفاة الوزير شيركوه –رحمه الله- بعد شهرين من ولايته، وتولي صلاح الدين للوزراة بعهد من العاضد

انزعاج الصليبيين من تولي صلاح الدين الوزارة في مصر وتحضيرهم لغزو مصر

الصليبيون ينزلون دمياط ورجوع صلاح الدين من محاصرة الكرك لجهادهم

اشتداد القتال بين المسلمين والصليبيين وانتصار المسلمين عليهم، وانهزام الصليبيين عن دمياط بعد أن قتل منهم الكثير وحرقت مناجيقهم

صلاح الدين يبدأ خطة التغيير في مصر: بالجهاد ضد الصليبيين في شرق الأردن، تقويته لمذهب أهل السنة، تشجيعه على العلم والفقه والدين..

تآمر (مؤتمن الخلافة) المتحكم في قصر العاضد مع الصليبيين للتخلص من صلاح الدين لشعورهم أن دولة بني العبيديين الباطنية آيلة إلى الزوال

اكتشاف صلاح الدين التآمر ضده، ومقتل الخصي (مؤتمن الخلافة)

ثورة السودان في القاهرة لمقتل (مؤتمن الخلافة) وقتال أبي الهيجاء –من قواد صلاح الدين- لهم وتغلبهم عليه

ضعف أمر العاضد ونية صلاح في قطع دابر الخلافة العبيدية
564

إعادة الخطبة للعباسيين في مصر وعودة مصر إلى حظيرة أهل السنة

وفاة العاضد آخر حكام بني عبيد ونهاية الدولة العبيدية الباطنية الإسماعيلية

توزيع الزكوات على الفقراء والمساكين وأبناء السبيل والغارمين من بيت المال، وأخذها من الأغنياء، ونشر العدل بين الناس الذي هو أساس إقامة الدول ومصدر قوتها


567

خروج صلاح الدين في أول غزوة من مصر بعد تسلمها إلى الكرك وعودته إليها

ابتداء الوحشة بين صلاح الدين ونور الدين..

وفاة نجم الدين أيوب أبي صلاح الدين في مصر

قتال صلاح الدين للصليبيين في الكرك والشوبك
568

وفاة نور الدين محمود بن زنكي بدمشق رحمه الله تعالى، وكان مولده سنة 511 هـ، وظهور ضعف ورثته وتعدي ابن أخيه سيف الدين على أملاكه التي تركتها وظلمه للرعية

صلاح الدين يرسل أخاه تورانشاه إلى اليمن وعدن فيفتحها ويخطب فيها للعباسيين بعد انقطاع

مؤامرة كبرى ضد صلاح الدين والإسلام يحيكها بقايا الباطنيين من العبيديين ويراسلون الصليبيين في الشام وصقلية للتوجه إلى مصر لأخذها من صلاح الدين

صلاح الدين يكتشف المؤامرة ويتخلص من رؤسائها ويرد الله كيد الخائنين

انتهاز الصليبيين موت نور الدين وحصارهم لقلعة بانياس وإقرار الصلح بينهم وبين دمشق، واستعظام صلاح الدين لما حدث
569

الصليبيون من صقلية يهجمون على الإسكندرية على حين غفلة من أهلها بقيادة ابن عم ملك صقلية وليم الثاني

أهل الإسكندرية يقاتلون الصليبيين ويرسلون إلى صلاح الدين للدعم والامدادات

مجيء عساكر المسلمين قريباً من الإسكندرية وعساكر صلاح الدين واستمرار القتال بين الطريفين حتى أنزل الله نصره على المؤمنين

اندحار الصليبيين عن الإسكندرية بعد تحري القتل فيهم وأخذ الأسرى منهم وغنيمة المسلمين لأسلتحتهم وما تركوه ورائهم

صلاح الدين يخمد ثورة أحد قادة الفاطميين، ويدعى كنز الدولة، في صعيد مصر

ملك الصليبيين في القدس (عموري الأول) يتحالف مع الباطنية (الحشاشية والإسماعيلية) في الشام للانتقام من المسلمين مقابل تنازل الصليبيين عن الضرائب التي تؤديها الباطنية لهم

صلاح الدين يدخل دمشق ويتسلم قلعتها ويبطل المكوس والمظالم التي أحدثت بعد وفاة نور الدين محمود

صلاح الدين يسير إلى حمص ويترك فيها حامية لمحاصرة قلعتها

صلاح الدين يملك حماة

مسير صلاح الدين نحو حلب وامتناع أهلها لتسليمها تعصباً لابن نور الدين، الملك الصالح، الذي كان عمره 12 سنة

تحالف أهل حلب مع الملاحدة الحشاشين لقتل صلاح الدين حيث بذل سعد الدين كمشتكين الأموال للتخلص منه، وقد حاول الحشاشون الملاحدة قتل صلاح الدين ولكن سلمه الله منهم، ولكن قتلوا أميراً له يدعى ناصح الدين خمارتكين وجرحوا غيره

أهل حلب يطلبون العون من صاحب طرابلس الصليبي للتخلص من صلاح الدين

صاحب طرابلس يسير نحو حمص، وصلاح الدين يترك حصار حلب ويعود إلى حماة

رحيل الصليبيين عن حمص ودخول صلاح الدين إليها وتملكه لقلعتها

صلاح الدين يطلب تفويضاً بالحكم من الخليفة العباسي ببغداد

صلاح الدين يحاصر بعلبك وأهلها يطلبون الأمان فيجيبهم صلاح الدين

تآمر أهل الموصل مع الحلبيين ضد صلاح الدين

اشتباك قوات صلاح الدين مع عسكر الموصل وانهزامهم أمامه

مسير صلاح الدين إلى حلب مباشرة بعد هزيمة عسكر الموصل

أهل حلب يطلبون الصلح مع صلاح الدين ويعترفون به سلطاناً على الشام

وصول رسل الخليفة العباسي المستضيء بنور الله إلى صلاح الدين بالتشريفات السلطانية، وتقليده بما أراد صلاح الدين من سلطات شرعية في كل الولايات التي كانت تابعة لنور الدين

صلاح الدين يستولي على قلعة بقرين قرب حماة من الأمير فخر الدين مسعود بن علي الزعفراني
570

خروج صلاح الدين إلى (مرج الصفّر) وإرسال الصليبيين إليه بطلب الهدنة فيهادنهم بشروط

حلب والموصل تتحالفان ضد صلاح الدين ونقض أهل حلب للمواثيق بتشجيع من أمير الموصل غازي بن مودود بن زنكي

أمير الموصل غازي بن مودود يتجه بقواته إلى حلب ويعسكر خارجها ويستنجد ببعض الأمراء المسلمين، ويحالف الصليبيين ضد صلاح الدين

صلاح الدين يطلب من عسكر مصر التوجه إلى الشام، وعند وصولهم إليه يتجه بهم صلاح الدين إلى حلب

تنفيذ المؤامرة على صلاح الدين بين الزنكيين والصليبيين وانتهاز الصليبيين الفرصة ومهاجمة المناطق التابعة لدمشق

صلاح الدين يجدد الهدنة مع مملكة القدس لئلا يضطر إلى القتال على جبهتين

قوات صلاح الدين تشتبك مع عساكر الموصل وحلب في تل السلطان وانكسار عساكر التحالف وانهزامهم شر هزيمة

انتزاع صلاح الدين لبعض القلاع الهامة بعد ذلك مثل بزاغة؛ وملك مدينة منبج

محاولة الباطنية الإسماعيليين اغتيال صلاح الدين وهو يحاصر قلعة »إعزاز« المنيعة، لكن نجاه الله منهم، واستمر حصار القلعة حتى استسلمت في 11 من ذي الحجة

إتمام الصلح بين صلاح الدين والملك الصالح صاحب حلب حيث دخل في الصلح أيضاً المواصلة وأهل ديار بكر


571

مسير صلاح الدين (في المحرم) إلى مصياف، مقر الباطنية، وقتاله لهم، فقتل وأسر منهم وخرب ديارهم حتى شفع فيهم خالُه صاحب حماة

إغارة الصليبيين على إقليم البقاع لصرف صلاح الدين عن أخذ حلب ومساعدة منهم لأعدائه، لكن الله هزمهم على يد ابن المقدم أمير بعلبك

عودة صلاح الدين إلى مصر لتفقد أحوالها وذلك بعد زواجه من أرملة نور الدين محمود

مهاجمة الصليبيين لأعمال دمشق في غياب صلاح الدين وهزيمة تورانشاه الذي خرج للقائهم

بناء سور القاهرة بأمر صلاح الدين لحمايتها من أي هجوم صليبي، وتعمير أسطول في الإسكندرية، وتحصين ثغرها وثغر دمياط
572

وصول حملة صليبية إلى الشام بقيادة فيليب الإلزاسي دعماً للقوات الصليبية ضد صلاح الدين

مهاجمة الصليبيين لإقليم حمص ومحاصرتهم لمدينة حماة ثم انسحابهم عنها

فشل محاولة إمبراطور بيزنطة التحالف مع الصليبيين لغزو مصر

محاصرة الصليبيين لـقلعة حارم مدة 4 شهور دون جدوى -مع هجوم أهل حلب عليهم- فتركوها بعد أن سمعوا أن صلاح الدين يريد مهاجمة بيت المقدس، فلما تركوها هاجمها جيش الملك الصالح (صاحب حلب) وضمها إليه.

موقعة الرملة بين قوات صلاح الدين والصليبيين (في جمادى الأولى) وانتصار المسلمين فيها، ثم انهزامهم أثناء عودتهم إلى مصر، حيث فاجأهم الصليبيون

مهاجمة الصليبيين لحماة وحصارهم لها، واستبسال أهلها في الدفاع عنها وانتصارهم على الصليبيين الذين ارتدوا عن البلد وحاصروا حارم
573

مسير صلاح الدين إلى الديار الشامية بعد وصول الأخبار إليه أن الصليبيين يحاصرون حارم

بناء الصليبيين لحصن بيت الأحزان (حصن جسر بنات يعقوب) قرب بانياس بين طبرية وصفد

انهزام الصليبيين بقيادة بلدوين في قتالهم مع قوات فرخ شاه ابن أخ صلاح الدين قريباً من بانياس وانضمام صلاح الدين إليهم بعد وصول أخبار القتال إليه

هجوم الصليبيين على حماة واندحارهم أمام القوات الإسلامية
574

الصليبيون يقيمون حصناً آخر إلى الشمال الغربي من بحيرة الحولة على جبل هونين في مواجهة بانياس.

موقعة مرج العيون وفتح حصن بيت الأحزان: حيث انتصر فيها المسلمون انتصاراً عظيماً وأسِروا من الصليبيين أكابرهم، مثل: ابن بيرزان صاحب الرملة ونابلس، وأخ لصاحب جبيل، وصاحب طبرية ومقدم الداوية، ومقدم الاسبتارية، وصاحب جينين وغيرهم. وفي نفس اليوم ظفر الأسطول المصري بسفينة صليبية كبيرة

مسير صلاح الدين مباشرة إلى حصن بيت الأحزان لتدميره، وقد استولى عليه وأسر من فيه ثم دمره وعفى أثره وغنم كثيراً من المال والسلاح والأقوات. وكان لتدمير هذا الحصن الأثر السيء على الصليبيين وفت في عضدهم

متابعة صلاح الدين الجهاد وإغارته على طبرية وصور وبيروت وعلى عكا نفسها

إتمام الهدنة بين صلاح الدين وبلدوين ملك القدس بطلب من الأخير
575

وفاة سيف الدين غازي بن مودود زنكي أتابك الموصل وديار الجزيرة، واختياره أخيه عز الدين مسعود بن مودود خلفاً له، وتفريقه لبعض ملكه في أبنائه سنجر وناصر الدين

صلاح الدين يغزو بلاد الأمرن بسبب اعتدائهم على المسلمين
576

مهاجمة الأسطول المصري مدينة أنطرطوس وإنزال الخسائر بالصليبيين واضطرارهم لطلب الهدنة من صلاح الدين. وبذلك أمن صلاح الدين جانب ريموند الثالث أمير طرابلس وبلدوين الرابع صاحب القدس ليتفرغ للقتال على جبهات أخرى ولتحقيق سياسته في توحيد بلاد الشام تحت قيادته، وخصوصاً حلب والموصل

وفاة الملك الصالح صاحب حلب، واستحلافه للأمراء قبل وفاته لابن عمه عز الدين مسعود بن مودود الزنكي
577

رد مع اقتباس
  #36  
قديم 19-04-2005, 12:28 AM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

بصائر لكل من يحب التاريخ
إخوتي في الله ، هذه كلمات صاغها قلم المفكر الإسلامي الأستاذ الدكتور عبد الكريم بكار حفظه الله تعالى، و قد وضعها في كتابه المسمى 149 بصيرة في التراث و الماضي و التاريخ و المستقبل و طبائع الأشياء .. و هو عبارة عن كتيب ضمن سلسلة من الكتيبات عددها 13 كتيب تناول فيها شتى المواضيع من دعوة و تربية و تعليم ....

و قد تولى أمر طباعتها و نشرها دار الأعلام في الأردن ، فقمت بنقل ما كتبه عن التاريخ ، و أحلت كل مقولة إلى الصفحة الموجودة فيها أرجو منكم قراءتها بتمعن لتجدوا أنها فعلاً بصائر تشكل زاداً مهماً لكل من يرغب بدراسة التاريخ و التبحر فيه و تشكل منطلقاً هاماً بمشيئة الله تعالى للعودة إلى دينه العظيم .

هذا هو الجزء الأول منها :

التاريخ : في جوهره ليس أكثر من جملة من المبادرات الفذة استتبعت عدداً كبيراً من الاقتداءات و بذلك تشكلت تيارات من الفعل الإنساني المتميز . الصفحة 21 .

شفافية : الذين يقرؤون التاريخ كثيرون و الذين يقرؤونه بطريقة جيدة أقل من القليل و أكثرهم سوءاً هم الذين يفهمون التاريخ عبر آلية تشبه المعادلات الرياضية في صلابتها و ما هكذا يُفهم الإنسان و لا هكذا يقرأ مسجل نشاطاته و إنما يفهم من خلال الشفافية و الخيال و قراءة ما بين السطور و و فق ما نعرفه من سنن الله تعالى في الأنفس و المجتمعات . الصفحة 29 .

غلوّ : يملك التاريخ بوصفه سجلاً للكثير من الأنشطة المتقاطعة و المتباينة قابلية للتجزئة و التوظيف السيئ و المبالغ فيه و قد صار بعض الناس إلى أسوأ ما في تاريخنا من أحداث و وقائع ـ يدينها الإسلام نفسه ـ فأبرزوها على أنها من نتاج الإسلام و معطياته . و كان من جملة ردود الفعل على ذلك أن عمد بعض أهل الغيرة على هذا الدين إلى خير ما في تراثنا فأخرجوه للناس على أنه يمثل التراث كله و ما زال كثيرون ينتظرون القراءة الموضوعية و المتزنة و ربما سيطول انتظارهم . الصفحة 29 ـ 30 .

استخراج صعب : لا تأتي قراءة التاريخ من أجل استخراج النواميس و السنن الكونية منه إلا بالظنون و ذلك لأن معرفتنا بالأسباب الحقيقية التي أدّت إلى ولادة الأحداث الكبرى تظل معرفة ناقصة و جزئية و حين نوفق إلى معرفة ذلك فإن المشكلة التي تواجهنا تكمن في تحديد وزن كل سبب و حجم تأثيره في وقوع تلك الحوادث . الصفحة 30 .

في المنهج : من غير المنهجي أن نتعرف على عظمة أمة من خلال نتائج معركة أو من خلال وقف أوقفه بعض الناس أو من خلال جامعة أو مدرسة محترمة إن هذه الأمور و الأشياء و أشباهها ليست أكثر من مؤشرات محدودة و إن كثيراً من الذين يدرسون تاريخ الأمة على أنه كتل ممزقة يعمدون إلى توظيفه توظيفاً خاطئاً عن قصد و عن غير قصد و نحن نريد دائماً أن نصل إلى الحقيقة كما هي عليه و أن نوظفها التوظيف الذي ينسجم مع باقي الحقائق و المعطيات المتوفرة . الصفحة 31 .

اكتشاف مزدوج : علينا أن نعترف أننا لم نكمل قراءة تاريخنا الإسلامي على النحو المنشود و قد يكون ذلك غير ممكن كما أن اكتشافنا للعوامل الفعالة في بناء حركته لم ينضج بعد . فإذا أضفنا على ذلك أن الوعي البشري لا يكتمل أبداً أدركنا طبيعة العلاقة بين معطيات التاريخ و بين ما يطرحه وعينا من مقولات و فرضيات مما يجعلنا نسعى دائماً إلى اكتشاف مزدوج للتاريخ و بغيتنا الفكرية في آن واحد . الصفحة 31.

تحديات : كثيراً ما يقع الخلط و التحريف و الوهم و المبالغة في التفاصيل الدقيقة و في الجزئيات و الحيثيات التي يسوقها المؤرخ و ليس في الخطوط العريضة للوقائع و المشكل أن كثيراً من الوعاظ و التربويين و أولئك الذين يعتمدون أسلوب الحرفية في فهم التاريخ يهتمون اهتماماً مبالغاً فيه بتلك التفاصيل و الجزئيات مما يجعل الوهم و الإيهام من أوثق حلفائهم . الصفحة 32 .

أسير : كثير من الناس لا يملك بنية عقلية جيدة و من ثم فإنه يقع أسيرا للأخبار و الروايات التاريخية و يحاول فهمها على نحو حرفي و كأن الذي صاغها يملك فيها الكلمة النهائية كما يملك التعبير عنها على أعلى مستوى من الوضوح و القطعية مع أن القرآن الكريم يوجهنا إلى أن نجعل من المعطيات التاريخية أدوات نفتح بها حقولاً جديدة للفهم و بذلك نتجاوزها بدل أن نقع أسرى لها . الصفحة 32 .

فراغ : قد لا يستطيع المؤرخ الحصول على كل المواد و المعلومات و المعطيات التي تمكنه من بناء صورة كاملة لواقعة من الوقائع فيجد نفسه مضطراً إلى تكميلها من خلال روايات لا يرضى عنها تمام الرضا أو من خلال معرفته بطبائع الأشياء و مجريات الأحداث . الصفحة 33 .

عمل الإنسان : الأخبار التاريخية تنقل صوراً مقتبسة لما حدث أو قد كتبتها يد إنسان و يدرسها أيضا إنسان له عواطفه و معاييره و مسلماته و مصالحه و هذا كله يجعل من غير الحكمة إسلاس القيادة للمؤرخ دون أي تحفظ أو نظر أو مراجعة . الصفحة 33 .

زيادة وعي : نحن بحاجة ماسّة إلى أن نزيد درجة وعينا بتاريخنا كما أننا في حاجة إلى أن نُدخل في ثقافتنا العامة بعض المستخلصات المركّزة عن المنعطفات الكبرى في ذلك التاريخ و ذلك لأننا إذا لم نستطع أن نقارب بين رؤانا للماضي لم نستطع أن نقارب في فهم الحاضر و إذا لم تتقارب رؤانا للحاضر لم نستطع التخطيط لشأننا العام في المستقبل . الصفحة 33 .

طرفان : أفرط قوم في تقدير التاريخ حتى صار عندهم علم العلوم و ليس أي علم آخر في نظرهم سوى ظاهرة تاريخية و قال قوم آخرون : إنه لا يصلح أن يكون علماً كما لا يصلح للعمل و التطبيق و لذا فإنه لا شيء . الصفحة 34 .

مجتهد : المؤرخ إذ يرسم صورة لحادثة تاريخية مجتهد يستخدم كل مركّبه العقلي العام و مزاجه و خياله و منهجيته و كل ما يريد من وسائط و أدوات معرفية ، و لهذا فإن عمله بالتالي يحتمل الصواب و الخطأ .
الصفحة 34 .

بناء انتقائي : من أخطر ما يتعرض له العمل التاريخي هو الانتقائية فالروايات المتعددة و المتضاربة أحياناً حول حادثة من الحوادث تملي على المؤرخ أن يختار منها ما يتناسب مع رؤيته العامة لتلك الحادثة و حين تتوفر معلومات كثيرة حول واقعة ما فإن المشكلة لا تزول و لكن تتبدى في ثوب آخر و سيظل على المؤرخ أن يقوم بالترجيح و إلا خنقه سيل الأخبار المجدبة التي لا يربط بينها أي رابط . الصفحة 34.

تعليل و تعميم : من المعلوم جيداً أن اليونان اخترعوا ( التعاليل ) من أجل تلافي الثغرات التي يتركها الاستقراء الناقص و ما يستخدمه المؤرخ من تفسير و تعليل و تأويل في تشخيص الحدث التاريخي قد يعتمد على بعض الحقائق التاريخية لكن المؤرخ يحتاج إلى تعميم المفاهيم المتعلقة بطبيعة الناس و ميولهم و سلوكهم من أجل تمليك القارئ رؤية متماسكة و منطقية للحادثة التاريخية و هذا يجعل المؤرخ في دائرة المجازفة و سوء التقدير .





بصائر لكل من يحب التاريخ ( الجزء الثاني )
إخوتي في الله هذا هو الجزء الثاني و الأخير من ( بصائر لك من يحب التاريخ ) أرجوا لكم النفع و الفائدة فيها أبو خيثمة .

تساؤل : يحتاج فهم ما يكتبه المؤرخ أن نحاول قراءة ما بين السطور و طرح عدد من الأسئلة المتعلقة بعمله و سيكون في إمكاننا أن نتساءل عن مدى قدرة المؤرخ على ترك مسافة واعية بين رأيه الشخصي و بين الأحداث التي يؤرخ لها أي محاولة تجنب الدمج بين رؤيته الشخصية للحدث و بين المعطيات و الحيثيات المكونة له . الصفحة 36 .

التباس : مهما بذل المؤرخ من جهد من أجل تعريفنا بالماضي فإنه لن يستطيع إلا أن ينقل لنا صورة غامضة و ملتبسة و ذلك لأن الأحداث المحكية هي في الغالب على صلة بالإنسان و ما كان كذلك فإنه سيظل بينه و بين الوضوح مسافات طويلة و لا أذكر أنني في يوم من الأيام قرأت معناً تاريخياً يقدم إجابات شافية على كل التساؤلات التي تثور في ذهن القارئ و الحقيقة أن المؤرخ ليس مطالباً بذلك و لا يستطيع تقديمه . الصفحة 36 .

صناعة دقيقة : صناعة التأريخ صناعة دقيقة للغاية والعمل فيها يتطلب شفافية عالية و خبرات متنوعة في عدد من العلوم الاجتماعية كالسياسة و الاجتماع و الاقتصاد و الحقيقة أن الماضي الذي نسرد أخباره و وقائعه يملك على نحو استثنائي أن يكون مصدراً لتجديد وعينا كما يمكن له أن يكون مصدراً لبلبلته و إرباكه . الصفحة 36 .

صياغة جديدة : مهما أتقن المؤرخ عمله فسيظل يحتوي على بعض الثغرات و سيظل هناك ما يمكن استدراكه عليه أو مناقشته فيه و أتصور أنه لا بد للقارئ إذا ما أراد أن يتجاوز عقابيل عمل المؤرخ من أن يكون له دورٌ ما في إعادة صياغة الواقعة التاريخية . الصفحة 37 .

من غير إطار : مهما حاول المؤرخ أن يشرح لنا ملابسات الوقائع و مناسباتها و أسبابها فإنه لن يستطيع توفية ذلك حقه لأسباب تتعلق بالصياغة الفنية و بطبيعة العمل التأريخي و لهذا فإننا سنظل نشعر بنوع من استغلاق الوقائع على أفهامنا كما يستغلق فهم رقم لا نعرف موقعه من المنظومة العددية . الصفحة 37 .

منسيون : يعيش معظم الناس على هذه الأرض و يغادرونها دون أن يتركوا وراءهم أي شيء يثير اهتمام المؤرخ و ذلك لأن التاريخ يصنع من وراء التصدي للمهمات الجليلة و من وراء التغيرات الأساسية التي يدخلها المرء على حياته الشخصية و السواد الأعظم من الناس غير مستعدين لا لهذا و لا لذاك . الصفحة 38 .

صنع التاريخ : لا يكتب التاريخ و لا تعمر الحياة بالخير و النبل و لا يعيش الناس أعزة كراماً من خلال المزيد من الأخذ و الاستحواذ و الكنز و إنما من خلال المزيد من البذل و العطاء و التضحية و إنكار الذات و من أولى من المؤمن الملتزم بهذه المعاني ؟ الصفحة 38 .

بعيون الحاضر : رؤيتنا للماضي بعيون الحاضر تساعدنا على رؤية الأحداث التاريخية من أفق ما كان ينبغي أن تجري عليه و إذا فعلنا ذلك نكون قد طورنا الماضي و زودناه ثراء و جعلناه أكثر قابلية للشرح و الفهم . و لكن علينا أن نتذكر أن رؤية الماضي من أفق ثقافة الحاضر لا تكون منصفة و لا عميقة بالقدر الكافي نظراً لاختلاف المفاهيم و الظروف المنتجة لرؤيتنا الحاضرة عن المفاهيم و الظروف التي اكتنفت الأحداث الماضية . الصفحة 38 .

نفور : إن الذين يتخذون من نظرية المؤامرة أداة في فهم التاريخ ينفرون من الرؤية الكلية و التقييم الجامع حيث يمكّنهم الانتقاء للحوادث و الوقائع من إبراز ما يريدون إبرازه و طمس ما يريدون طمسه الصفحة 39 .

منظار خاص : لعقيدة المؤرخ و تجاربه و انتماءاته و عواطفه و انطباعاته تأثير لا يستهان به في تكوين المنظار الذي يرى من خلاله الأحداث و لهذا فإن من غير الممكن أن ينظر المسلم إلى العصور الوسطى الأوروبية من عين المنظار الذي ينظر منه المؤرخ الأمريكي أو الأوروبي الصفحة 39.

برمجة : البيئات الجغرافية و الاجتماعية و الثقافية بكل ما تحمله من ثوابت و ملامح و معطيات و تقاليد و مفاهيم و أفكار ... تبرمج آلية التفكير و التحليل و التفسير لدى المؤرخ و هو لا يستطيع أن يتخلص من تلك البرمجة لأنها تشكل النافذة التي يعقل من خلالها الأشياء. الصفحة 39 .

موضوعية خاصة : الذي ينتهي إليه من يمعن النظر في أعمال المؤرخين هو أنه ليس في أعمال المؤرخين موضوعية مطلقة و نحن بين خيارين مؤداهما واحد و هو : إما أن نعتقد أن للتاريخ موضوعيته الخاصة به و التي تختلف عن الموضوعية العلمية و إما أن نقول بموضوعية منقوصة . الصفحة 40 .

انقطاع : من المؤسف أن جهود ابن خلدون في نقد الأخبار التاريخية لم تتابع من قبل الذين جاؤوا بعده و لم يجر تطوير قيّم بها بل إن ابن خلدون نفسه لم يستفد كما كان مأمولاً ـ مما سطره في مقدمته ـ من أصول نقدية رائعة حين كتب تاريخه ! الصفحة 40 .

مطواع : التاريخ بنية قابلة للاستخدام و التوظيف المتعدد فكما أنه صالح لأن يكون أداة تحفيز و توجيه نحو الخير و الصلاح و النجاح فإنه كذلك يصلح لأن يستخدم أداة إفساد و تخريب و من المؤسف القول إن معظم استخدامات الناس له استخدامات خاطئة و الذين يقعون في الخطأ يفعلون ذلك غالباً عن حسن نية أي أنهم غير قابلين للتصحيح لأنهم لا يشعرون أنهم يفعلون ما يستلزم التراجع ! الصفحة 40 .

تمت بفضل الله عز و جل و عونه

رد مع اقتباس
  #37  
قديم 19-04-2005, 07:43 AM
الصورة الرمزية العنيد
العنيد العنيد غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: أبوظبــــي دار الظبــي
العمر: 41
المشاركات: 4,997
معدل تقييم المستوى: 24
العنيد is on a distinguished road

ايها االفاااااضل : فالح العمره...بارك الله فيك يا بو بدر على هذا الموضوع الطيب....وعلى هذه الجهوود المباركة..

لك خالص ودي

 

التوقيع

 

أنــــــــــا العنيـــــــــــــد ولي هـــــــــامه يخضـــع لـــها العــــز ويليـــــن
أعـــــــــرف مواجيبي..وشرعــــي وأصـــوله...وأحســـــب حسابــــــي
وأدرك الشــــين والزيـــــن




بدك ولا ما بدكيش ولا ما بدكوووش

 
 
رد مع اقتباس
  #38  
قديم 19-04-2005, 08:05 AM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

مرحبا بك يا العنيد ولا هنت على حضورك يا الغالي

رد مع اقتباس
  #39  
قديم 30-04-2005, 08:48 PM
الخليجي الخليجي غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
المشاركات: 1,246
معدل تقييم المستوى: 21
الخليجي is on a distinguished road

جزالك الله خير

تقبل تحياتي

 

التوقيع

 

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن ناسا من الأنصار سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاهم ثم سألوه فأعطاهم حتى إذا نفد ما عنده قال ( ما يكن عندي من خير فلن أدخره عنكم ، ومن يستعفف يعفه الله ، ومن يستغن يغنه الله ، ومن يصبر يصبره الله ، وما أعطي أحد من عطاء خير وأوسع من الصبر )
رواه مسلم

 
 
رد مع اقتباس
  #40  
قديم 17-05-2005, 01:52 AM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

وجزاك بالمثل يا الغالي

رد مع اقتباس
رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع إلى

 


الوقت في المنتدى حسب توقيت جرينتش +3 الساعة الآن 04:42 AM .


مجالس العجمان الرسمي

تصميم شركة سبيس زوون للأستضافة و التصميم و حلول الويب و دعم المواقع