مواطن يشير إلى سيارته التي تضررت بفعل الأمطار
صواعق وسيول الفجر توقظ العروس على قتلى وجرحى وانهيارات
8 وفيات و18 إصابة و148 حادث سير وانهيار منازل بسبب الأمطار في جدة
السكان يتساءلون عن توقيت نهاية المعاناة في ظل عدم وجود قنوات لتصريف المياه
جدة، خليص،: مصطفى الفقيه، عاصم الغامدي،عمر المطيري، عبدالله الراجحي، عصام الزهيري، خالد الغنامي
استيقظت مدينة جدة قبل فجر أمس الخميس على أصوات رعد هادرة مصحوبة بضوء البرق الذي اخترق النوافذ والستائر ليقض مضاجع النائمين، وأعقبته أمطار رعدية غزيرة ورياح عاتية اقتلعت أشجارا وأطاحت بالأطباق اللاقطة من فوق الأسطح. وما إن ظهر أول ضوء للنهار حتى استفاقت جدة على حصيلة دامية من الخسائر تمثلت في 8 حالات وفاة و3 إصابات نتيجة انهيار منازل عدة، فضلا عن 148 حادث سير أسفرت عن نقل 15 حالة لقسم الطوارئ في مستشفى الملك فهد العام بجدة.
وتسببت السيول التي أحاطت مناطق شرق جدة في انهيار عدد من المنازل خاصة الشعبية منها في الأحياء العشوائية مثل أحياء (المصفاة، الصحيفة، باب مكة والمنتزهات)، وأسفرت عن حدوث وفيات وإصابات وتلفيات ممتلكات ومركبات وحوادث سير.
كما رصدت غرفة عمليات مرور جدة ما يزيد على 148 حادثا مروريا نتيجة تواجد كميات المياه الأمر الذي نتج عنه حوادث متعددة شملت تصادمات وتلفيات وإصابات وانقلاب مركبات.
وقد تابع أمير منطقة مكة المكرمة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالمجيد بن عبد العزيز أحداث الأمطار التي هطلت صباح أمس على محافظة جدة والطائف والعاصمة المقدسة، ووجه الجهات المختصة ببذل الجهد من أجل إنقاذ المحتجزين، وسرعة إسعاف المصابين، والتقليل من الحوادث، ورفع تقارير عاجلة عن الوضع. كما تابع محافظ جدة الأمير مشعل بن ماجد بن عبد العزيز الأوضاع في جدة وتلقى تقارير عاجلة من الدفاع المدني والمرور والأمانة وبعض الجهات الأخرى.
وأوضح مدير الدفاع المدني بمحافظة جدة العقيد محمد الغامدي أن من ضمن القتلى 6 وافدين، بينهم 4 لقوا حتفهم جراء انهيار منزل شعبي بحي المنتزهات شرق المحافظة، وشخص آخر انهار عليه محل شعبي بحي النزلة جنوب جدة، فيما لقي الآخر حتفه غرقا بمجرى السيل بكيلو سبعة جنوب شرق المحافظة.
وأضاف أن الطيران العمودي ساهم في إنقاذ 3 أسر بوادي مريخ بمنطقة الحرازات شرق المحافظة، مشيرا إلى أن غرفة العمليات تلقت حوالي 220 بلاغا ما بين التماس كهربائي وتجمع أمطار واحتجاز مركبات فيما تلقت غرفة العمليات بمدني جدة 9 بلاغات عن حرائق وتم السيطرة عليها.
من جانبه قال مساعد مدير مرور محافظة جدة العقيد محمد بن حسن القحطاني إن خطة سريعة وعاجلة تم استخدامها صباح أمس لمجابهة الأمطار حيث تم توجيه 200 دورية للميدان، فيما تم توجيه 7 فرق للإشارات حيث اتضح وجود 7 إشارات معطلة تم تشغيلها بواسطة مولد احتياطي وعادت إلى حالتها الطبيعية بعد مضي ساعتين من عطلها.
و ذكر القحطاني أن هطول الأمطار يوم الخميس الذي يصادف إجازة أسبوعية ساعد على التقليل من الحوادث وسرعة التعامل مع الوضع داخل الميدان حيث تم التغلب على مياه الأمطار المجتمعة في طريق المدينة بالقرب من شارع قريش.
وأضاف أنه تم تصريف المياه من الخدمة، وتم تسهيل الطريق أمام السيارات وأضاف أن 3 أعمدة إنارة أغلقت الطريق أمام السيارات في الخط النازل إلى جدة عند نهاية كوبري الخير مع شارع الأندلس، ومكثت حوالي 10 دقائق وقام المرور بإزالة تلك الأعمدة فيما ساهمت فرق من المرور بتسهيل المرور في طريق مكة القديم، حيث جاء سيل من الشرق وأثر على حركة السير في شارع الخدمة لكن تواجد الدوريات وفقا لمساعد مدير مرور جدة ساهم في القضاء على المشكلة، إضافة إلى الاستعانة بشيولات، وأضاف أن حادث انقلاب سيارة في طريق الملك أمام حي المحمدية وقع ولم يسفر عن إصابات.
ولم تسجل عمليات حرس الحدود أية حوادث سواء في عرض البحر أو خلافه وسارت جميع رحلات وحركة تنقل البواخر والسفن بشكل طبيعي.
وذكر رئيس الشؤون العامة بقيادة حرس الحدود بمنطقة مكة المكرمة المقدم محمد حسنين لـ"الوطن " أن منطقة مكة المكرمة برغم حدوث العواصف والأمطار الغزيرة إلا أنها خالية من الحوادث التي عادة ما تنجم عن الأمطار.
وعلى الرغم من رطوبة الأجواء فوجئ مرتادو كورنيش جدة الشمالي حوالي الرابعة والنصف صباحا برياح وعواصف قوية أدت إلى هروب بائعات الألعاب النارية من الجنسية الإفريقية، وسقوط الكثير من الأشجار الصغيرة وبعض اللوحات الإعلانية المعلقة على أعمدة الإنارة، وكذلك سقوط بعض عربات بيع المرطبات والمأكولات الخفيفة على قارعة الطريق، ليزداد الموقف صعوبة بعد سقوط أمطار غزيرة وسريعة، مصحوبة بكتل كبيرة من الثلج، بينما هرعت السيارات لمغادرة الموقع مما تسبب في إعاقة الحركة المرورية بشكل مفاجئ نظرا لارتفاع منسوب المياه في الطريق.
وشهدت معظم أحياء شمال محافظة جدة سقوط بعض الأشجار الكبيرة في الطريق وعلى السيارات المتوقفة أمام المنازل، ما أدى إلى خروج أصحابها فجرا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، ومحاولة إيجاد مسالك لكميات المياه المندفعة إلى الشوارع الرئيسية.
وكانت أكثر الأحياء تضررا بالمياه (المحمدية، البساتين، الخالدية، البوادي، السلامة، الروضة، الزهراء والنهضة)، ويتخوف سكان هذه الأحياء من التأخر في سحب المياه الراكدة ومهاجمة البعوض لهم حاملا أخطار الإصابة بحمى الضنك.
ولحقت أضرار من متوسطة إلى كبيرة بالمقاولين المنفذين بمواقع المشاريع الخاصة بتصريف مياه الصرف الحي ومياه السيول والأمطار وغيرها بسبب امتلاء العديد من الحفر بالمياه التي ابتلعت بعض المعدات وأدت إلى سقوط اللوحات الإرشادية والمرتبطة بمسار تحذيري مضاء على الشوارع حيث نجم عن ذلك إلحاق الضرر ببعض السيارات العابرة لتلك المواقع.
وقد سارع العاملون في فترة الليل إلى تشغيل مكائن سحب المياه من تلك الحفر ورفع مسارات التحذير عن الطريق بصعوبة بالغة حيث استخدموا طرقا بدائية لتلافي شدة الأمطار والرياح وسط حالة من الهلع من قائدي السيارات لانعدام الرؤية وعدم التزامهم بالإشارات المرورية في مثل هذه الأجواء لضمان سلامة الآخرين.
ومع استبشار المواطنين والمقيمين بخير هذه الأمطار، وبجمال الأجواء الحالمة التي كانت عليها جدة حتى نهاية يوم أمس تساءل الكثيرون عن الأدوار المناطة بالجهات المعنية وماذا يمكن أن تقوم به بعد أن تكونت البحيرات وسط الشوارع والميادين، وكان الكثير من العاملين في القطاعات العاملة ومرتادي الطرق الرئيسة خاصة يوم أمس الخميس عايشوا معاناة في الوصول لمقار أعمالهم بسبب غزارة المياه التي تكونت في معظم شوارع جدة، وتبادر للذهن المأساة الموسمية التي تجتاح جدة كل عام.
وانحبست أنفاس الكثيرين من قاطني أحياء شرق جدة نتيجة فقدان عدد من عائليهم وأبنائهم وتلفيات منازلهم بسبب قوة الرياح وغزارة الأمطار التي اقتلعت الأشجار وسقطت على جنبات الأرصفة والسيارات، مما نتج عنه تلفيات للكثير منها من الصباح الباكر وملاكها يغطون في سبات عميق لم يدروا إلا حينما تفاجأوا بأوضاع مركباتهم وهم يشاهدونها محطمة.
وأشار مصدر في إدارة التحاليل والتوقعات بالرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة إلى أن سبب هطول الأمطار الغزيرة على جدة هو منخفض السودان المتعمق في البحر الأحمر والتقاء محوره مع رياح شمالية غربية شكلت الحالة التي أثرت على أجواء جدة مما تسبب في هطول الأمطار بغزارة عليها أمس.
وعن سبب نزول حبيبات البرد في فصل الصيف في سابقة لم تشهدها جدة منذ أكثر من 20 عاما، أوضح أن ذلك يعود إلى شدة الحركة الرأسية داخل السحاب الناتجة عن تدفق الهواء البارد في طبقات الجو العليا، والذي ساعد على سرعة الحركة الرأسية مما ساهم في تكوين حبيبات البرد الكبير آنيا، وبدأت في التساقط عندما عبرت الكتل السحابية البحر لليابسة.
وأضاف أن هناك احتمالاً لاستمرار هذه الحالة خلال الـ24 الساعة المقبلة ووصفها بأنها حالة اعتيادية تحدث في كل عام, وذكر أن سرعة الرياح بلغت 60 كيلو متراً في الساعة وارتفع الموج إلى مترين مع احتمال تأثر عدد من مناطق السعودية بهذه الحالة كالرياض والقصيم وحائل، ولا تزال الفرصة مهيأة لتكوين سحب رعدية ممطرة يسبقها نشاط في الرياح.
وذكر المصدر أن الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة ستقوم بدراسة وافية عن آلية تكون البرد والتي لم تشهدها جدة منذ 20 عاما.
وأشارت المصادر لـ "الوطن" إلى أن عمليات الهلال الأحمر السعودي تلقت بلاغات وعلى الفور توجهت الفرق حيث باشرت حالات الوفاة الـ 8، و3 إصابات نتيجة انهيارات منازل شعبية ومخبز, وكانت أسباب الوفيات ما بين الصعق الكهربائي والغرق نتيجة انهيار المنازل, فيما لا يزال هناك طفل مفقود لأسرة توفي اثنان من أفرادها وتم نقل الأم إلى المستشفى وهي في حالة انهيار تام.
كما استقبل قسم الطوارئ بمستشفى الملك فهد العام 15 حالة حسب إفادة مدير عام المستشفى الدكتور سامي باداود، وهي إصابات طبيعية وبسيطة تركزت في الرضوض والكدمات وتم التعامل معها وعلاجها وغادرت المستشفى، ولم يتم تنويم أية حالة تأتي ضمن إطار الإصابات التي نجمت بسبب الأمطار التي هطلت على جدة أمس.
وأوضحت عمليات مطار الملك عبدالعزيز الدولي أن حركة الطيران للرحلات المغادرة والقادمة لم تتوقف ولم تتأثر بالأمطار والرياح وأن جدول الرحلات استمر حسب ما أعد مسبقا.
إلى ذلك عبر أهالي جدة عن معاناتهم الموسمية مع الأمطار والسيول مطالبين الأجهزة المعنية بحلول ناجعة للمشكلة التي صارت عنوانا مكررا, بعيدا عن إطلاق الوعود والتصريحات التي صارت تتردد بنفس عباراتها كل عام.
ويقول المواطن سالم عمر " لقد كرهنا في مدينة جدة موسم الأمطار، لما يخلفه من خسائر من تعطل السيارات وتلف البضائع في المستودعات وتلف الشوارع جراء تراكم المياه، إذ في حال تلف الشارع لا يتم إصلاحه إلا بعد فترة طويلة هذا إذا تم إصلاحه أو أنه يتحول إلى حفر ومطبات تزيد من تلف السيارات ومعاناة سكان الأحياء".
أما احمد مغير فإنه يقول " لقد اصبح موسم هطول الأمطار موسماً للتندر على المدينة وخدمات الأمانة التي تعمل على إطلاق صهاريج شفط المياه في الشوارع، والتي تؤدي إلى تعطيل الحركة في الشوارع حتى بات موسم الأمطار موسماً تجارياً لأصحاب الورش وسائقي الونشات وغسالي السيارات الأفارقة المنتشرين في شوارع المدينة ". أما المواطن جمال محفوظ فإنه يقول " تجلب الأمطار البهجة والبشرى في كافة بقاع الأرض ما عدا مدينة جدة، حيث يتحول هطول الأمطار إلى كوارث يتضرر منها الجميع لعدم وجود قنوات لتصريف المياه، أما الأضرار التي نتعرض لها جراء ذلك ليست بذات بال مقارنة بإخواننا في بعض المناطق الذين تكون مصائبهم أكبر عند هطول الأمطار وتجمع السيول، إذ غالبا ما نسمع عن وقوع وفيات وحالات غرق أو حتى انهيارات لبعض المنازل في بعض المناطق النائية خاصة المناطق التي على طريق الساحل وإذا ما قارنا ما نتعرض له من مشاكل جراء الأمطار وما يواجهه سكان تلك المناطق فإن مشاكلنا تهون أمام ما يتعرضون له من مصائب".
مواطن آخر لديه كشك لبيع المشروبات والعصيرات في منطقة الكورنيش اقتلعت الأمطار والأعاصير الكشك الذي يملكه، التقيناه وهو ينظر إلى الكشك والحسرة تعتصر قلبه، قدر خسارته جراء هطول الأمطار وتحطم الكشك بما يقارب 35 ألف ريال قيمة الكشك والبضائع الموجودة فيه.
كما تعرضت محافظة الليث وقراها إلى هطول أمطار غزيرة وصواعق فجر يوم أمس، واستمرت قرابة الـ3 ساعات، مصحوبة بتساقط كتل من الثلج، دون وقوع خسائر في الأرواح. وأبدى بعض المواطنين تذمرهم من عدم تواجد الأجهزة التابعة للمحافظة والإدارات الحكومية أثناء الحدث لمواجهة الأضرار الناجمة عن الأمطار التي أدت إلى هدم المخيم الدعوي الذي سيقام في هذه الأيام.
وتسببت السيول في عزل قرى وادي قديد حيث انقطعت نسبة كبيرة من الطلاب والطالبات عن مدارسهم بسبب تقطع الطرق ووعورتها.
يذكر أنه تم بالأمس توزيع المعونات المالية التي أمر بها أمير منطقة مكة المكرمة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز لأهالي قرية الخوار التابعة لمحافظة خليص، والذين تضرروا من آثار السيول التي داهمت منازلهم، وعرضت أثاث منازلهم إلى الإتلاف.
12-05-2005, 05:10 PM
] 
العرض العادي
