مجالس العجمان الرسمي


المجلس الطلابي يعنى هذا المجلس بأخر الاخبار الجامعات والكليات والمعاهد الأكاديمية

رد
 
أدوات الموضوع طرق مشاهدة الموضوع
  #21  
قديم 28-08-2010, 12:47 AM
فاستبقوا الخيرات فاستبقوا الخيرات غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Aug 2010
المشاركات: 261
معدل تقييم المستوى: 14
فاستبقوا الخيرات is on a distinguished road
رد: لكل معلم .. لكل طالب "متجدد"

الإيثار على النفس
يُعتبر الإيثار -الذي هو أن يقدم الإنسان غيره على نفسه- من أعلى مراتب الكرم, "ولا يقوى عليه إلاّ أهل العزائم من الناس الذين صقلتهم العقيدة, وربّتهم تعاليم الإسلام، وقد ظهرت هذه الخلال الكريمة, والصفات النّجيبة في أقوى صورها وأعمق معانيها في جيل الصحابة الكرام".

رُوي عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنّها كانت صائمة, ولم يكن عندها سوى قرص من شعير, فجاءها سائل, فقالت لبريرة: ادفعي إليه ما عندك. فقالت: ليس إلاّ ما ستفطرين عليه, فقالت لها ادفعيه إليه ولعله أحوج إليه الآن, ولمّا جاء المغرب, أهدى إليهم رجل شاة بقرامها, وهو ما كانت العرب تفعله إذا أرادوا شواء شاة طولها من الخارج بالعجين حفظا لها من رماد الجمر. فقالت لبريرة كلي هذا خير من قرصك.

وروى البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان أبو طلحة أكثر أنصار المدينة نخلا, وكان أحبّ أمواله إليه بيرحاء, وكانت مستقبلة المسجد, وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب, فلما نزلت (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) قام أبو طلحة فقال: يا رسول الله إنّ الله يقول(لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) وأحبّ أموالي إليّ بيرحاء, وإنّها صدقة لله أرجوا برّها وذخرها عند الله, فضعها يا رسول الله حيث أراك الله, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بخ بخ ذلك مال رابح وقد سمعت ما قلت, وإنّي أرى أن تجعلها في الأقربين, قال أبو طلحة: أفعل يا رسول الله, فقسّمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمّه).

وقد آثر الأنصار المهاجرين بأموالهم حتى أرادوا أن يقسموا بساتينهم معهم لولا أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم طلب منهم أن يقاسموهم الثمر فقط, لأنّ المهاجرين يعملون في التجارة ولا يعرفون الزراعة واستصلاح الأرض.

فالأنصار عُرفوا بهذه الخصلة الجليلة, فهم قدوة لكلّ من يؤثر الآخرين على نفسه.

هذه القصص وغيرها من النصوص تدل على ما تركتها التربية النبوية من أثر محمود في نفوس المؤمنين من الإيثار على النفس وتحمل مسؤولية الحياة الاجتماعية بصدق وتضحية.

الباحث: علي ابو بكر أمادو (النيجر)

رد مع اقتباس
  #22  
قديم 28-08-2010, 10:33 PM
فاستبقوا الخيرات فاستبقوا الخيرات غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Aug 2010
المشاركات: 261
معدل تقييم المستوى: 14
فاستبقوا الخيرات is on a distinguished road
رد: لكل معلم .. لكل طالب "متجدد"

العلم عز لا ذُلَّ فيه، ولا يُدرَكُ إلا بِذُلٍ لا عِزَّ فيه

تبين هذه القاعدة حقيقة العلم أنه عِِزٌ، يرفع من مكانة صاحبه بين العالمين، كما قال تعالى( يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات).
ومن شروط حصول هذا العز العلمي، التذلل للعلماء، وَخَفْضِ الجناح لهم، حتى يُدْرِكَ المُتَعَلِّمُ ما لديهم من علم.
وأما التَّعَزُّز والكِبْر في طلب العلم فإنه يمنع صاحبه من الحصول عليه.
إذِ العلـمُ أعلى رتبة في المراتب...ومن دونه عـز العلا في الكواكب
فذو العلم يبقى عزه متضاعفا...وذو الجهل بعد الموت تحت التَّيَارِب
فمَـنْ رَامـَهُ رَامَ المراتب كلها...ومَـنْ حازَهُ قد حازَ كُلَّ المـطالب
أ.د. خالد بن حامد الحازمي
رد مع اقتباس
  #23  
قديم 28-08-2010, 10:51 PM
فاستبقوا الخيرات فاستبقوا الخيرات غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Aug 2010
المشاركات: 261
معدل تقييم المستوى: 14
فاستبقوا الخيرات is on a distinguished road
رد: لكل معلم .. لكل طالب "متجدد"

من استطال الطريق ضعف مشيه

تفيد هذه القاعدة أنه يلزم الراغب في تحقيق الأهداف النبيلة أن لا يستبعد نهاية الطريق وبُعْد المسافة وطول الزمن فإن ذلك أول معوقات تحقيق الأهداف.
فمن أسباب استطالة الطريق التعجل في تحقيق الهدف، ومحبة الاستحواذ على الثمرة. ولذلك عندما نشرع في الهدف علينا أن نترك مجالا واسعاُ لمن سيقطف الثمرة أنا أو غيري.
فالعظماء الذين حققوا الأهداف العظيمة كانت من سماتهم المجال الواسع لقاطفي ثمارهم. وللإسلام وقفات عظيمة ومنهجا سامقا في ذلك.
وبالتالي يلزم المرء أن يربي نفسه على ذلك
أ.د. خالد بن حامد الحازمي
رد مع اقتباس
  #24  
قديم 28-08-2010, 11:08 PM
أميـرة أميـرة غير متصل
Banned
 
تاريخ التسجيل: Aug 2010
الدولة: فرجينيا امريكا
المشاركات: 61
معدل تقييم المستوى: 0
أميـرة is on a distinguished road
رد: لكل معلم .. لكل طالب "متجدد"

الله يعافيك

رد مع اقتباس
  #25  
قديم 28-08-2010, 11:09 PM
بنت خالتها بنت خالتها غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Aug 2010
الدولة: الكويت الرياض
المشاركات: 23
معدل تقييم المستوى: 0
بنت خالتها is on a distinguished road
رد: لكل معلم .. لكل طالب "متجدد"

مشكككوره

رد مع اقتباس
  #26  
قديم 29-08-2010, 12:18 AM
فاستبقوا الخيرات فاستبقوا الخيرات غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Aug 2010
المشاركات: 261
معدل تقييم المستوى: 14
فاستبقوا الخيرات is on a distinguished road
رد: لكل معلم .. لكل طالب "متجدد"

الإبداع العلمي
لقد جاء الإسلام والناس في جاهلية جهلاء، في عباداتهم واعتقاداتهم وأخلاقهم، وفي علومهم ومعارفهم، حتى أن عدد الذين يقرؤون ويكتبون في قريش هم سبعة عشر رجلا، منهم: عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب ـ رضي الله عنهم ـ .

وجاء الإسلام وفي الأوس والخزرج عدد يكتبون، منهم: سعد بن عبادة، والمنذر بن عمرو، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت، فكان يكتب العربـية والعبريـة ـ رضي الله عنهم ـ.

وقد وجه الإسلام إلى الإبداع العلمي عن طريق مفاتحه، التي منها:

1ـ الدعوة إلى التعلم ، قال تعالى (وما كان المؤمنون لينفروا كافة، فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون)

2ـ رفع مكانة العلم والعلماء، قال تعالى (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أُوتوا العلم درجات، والله بما تعملون خبير)

ونتج عن هذا التشجيع وهذه العناية الإسلامية بالعلم أن اشتغل كثير من المسلمين بالعلم والتصنيف في سائر العلوم النافعة، وقاموا بتشييد المكتبات العلمية والمدارس، وإنشاء الوقف لها بما يمكنها من الاستمرارية دون تأثر بالتقلبات الاقتصادية أو التغيرات السياسية.

وبعد ما جاء الإسلام تفتقت تلك العقول وأبدعت في تفوقها، وتواصل هذا الإبداع في الأمة، فتولدت علوم ومعارف، ما كان لأحد قبلهم بها معرفة، ومن ذلك: علم أصول الفقه، الذي أول من صنف فيه الإمام الشافعي، وأول من صنف في الفقه الإمام مالك بن أنس، وأول من صنف في غريب القرآن الكريم أبو عبيدة معمر بن المثنى، وأول من عمل العَرُض هو الخليل بن أحمد، وأول من وضع الإعراب أبو الأسود الدؤلي، وأول من صنف في صنعة الشعر عبد الله بن المعتز .

ولقد برع المسلمون في العلوم التجريبية، وأسسوا قواعدها ونواتها، ففي مجال الصيدلة: هم أول من اخترع الكحول، والمستحلبات، والخلاصات العطرية، واستخدم الرازي لأول مرة الزئبق في تركيب المراهم، وهم أول من غلف حبات الأدوية المرة بغلاف من السكر، ليتمكن المريض من استساغة الدواء، وهم أول من غلف الأدوية المعمولة على شكل حبوب، كما برعوا وابتكروا تحضير وضع وتركيب الضمادات والمساحيق واللزوق، وقد وقفوا على صنع مراهم تجف مع الوقت، كشماعات أو غطاء للجروح الحديثة، ومن أشهر من برع في علم الأدوية عبدالرحمن بن محمد بن عبد الكريم بن واقد، المتوفى سنة 467هـ 1074م.

وفي علم التشريح تم اكتشاف الدورة الدموية الصغرى (الدورة الدموية الرئوية) وكذلك الدورة الشريانية من قبل ابن النفيس، واكتشفوا عدد الأغشية القلبية، ووضيفتها، واتجاه فتحاتها لمرور الدم، وبرعوا في تشريح العيون وجراحتها، واكتشفوا أن العضلات المحركة للمقل ست عضلات، وبينوا أن العين آلة للبصر وليست باصرة .

وفي علم الرياضيات هم أول من أسس (اللوغارتمات) فلقد ولد ونشأ وترعرع علم اللوغارتمات في البلاد الإسلامية، الذي يرجع في تكوينه لجهود سلسلة من الابتكارات على يد عدد من علماء الرياضيات، مثل: سنان بن الفتح الحراني، وابن يونس الصدفي المصري، وأبو الحسن على النسوي، وابن حمزة المغربي.

فهذه الشواهد تعطي دلالات عميقة بأن الإسلام فتق عن تلك العقول الصامته لتبدع في جميع المجالات العلمية، بعد أن كانت لا تحسن القراءة والكتابة، مما يؤكد عمق التربية الإسلامية واستيعابها لكل ما يخدم الإنسان والبشرية جمعا، وأنها نور يحرك الأفئدة نحو العطاء، مما يؤكد أن الدور التربوي يقع اليوم على المؤسسات التربوية لتغرس ذلك في الأجيال، بما يشعرها بماضيها المضيء، وعلى أكتافهم يرتقي البحث العلمي في ميادينه المختلفة.



أ.د. خالد بن حامد الحازمي

رد مع اقتباس
  #27  
قديم 29-08-2010, 01:36 AM
فاستبقوا الخيرات فاستبقوا الخيرات غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Aug 2010
المشاركات: 261
معدل تقييم المستوى: 14
فاستبقوا الخيرات is on a distinguished road
رد: لكل معلم .. لكل طالب "متجدد"

التشجيع والإبداعللتشجيع دور كبير وفاعل في إبراز أصحاب المواهب، كما أن في عدم التشجيع تثبيط للهمم، خاصة إذا صاحب ذلك التهوين من قدر الإنسان "والإسلام شجع الأفراد للاستفادة من إمكاناتهم وقدراتهم العملية في بناء الحضارة وعمارة الأرض على أساس من التعاون على البر والتقوى، ونبذ الحسد والتباغض" الذي قد يكون أحد أسباب عدم التشجيع .
وقد يرجع أسباب عدم التشجيع إلى يأس المعلم والأسرة من أن يلحقوا بركاب التقدم التقني أو الزراعي أو التجاري أو الصحي أو التعليمي أو غير ذلك من الجوانب التي تأخرت فيها الأمة، وقد يكون سبب عدم التشجيع الجهل بأهميته في كشف المواهب .
والدراسات التربوية تثبت أهمية التشجيع في صقل المواهب، وخطورة قهر الأفراد على اختيارات لا يرضونها "لأن الإنسان لا يركز انتباهه أو يعمل فكره، ويضاعف جهده إلا فيما يميل إليه، ويشعر بانجذاب شديد إلى ممارسته.
ومنهج التربية الإسلامية يقوم على التشجيع للخير، والتحذير من الشر والباطل، وآيات الترغيب والترهيب كثيرة في القرآن الكريم، وفي نصوص السنة النبوية، التي ترغب في الخير وتحذر من الشر والفساد وإضاعة الأوقات فيما لا فائدة فيه، قال صلى الله عليه وسلم ( لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن عمره فيم أفناه، وعن علمه فيم فعل، وعن ماله من أين اكتسبه، وفيم أنفقه، وعن جسمه فيم أبلاه).
ولما أن الإنسان مفطور على حب الخير لنفسه، وكره الشر والشقاء، فإنه يندفع في استجابة للمؤثرات الترغيبية والترهيبية؛ بشكل قوي، حيث أن الترغيب والترهيب أمران يقومان على الخوف والرجاء .
وقد كان عليه الصلاة والسلام يشجع أصحابه على الخير والاستزادة منه بكلمات الإشادة التي تشحذ الهمم، وتحمس على الخير، فقد سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم سؤالاً ثم أجاب عليه صحابي جليل، فيقول عليه الصلاة والسلام مشجعاً له : (ليهنك العلم أبا المنذر) فعن أُبي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سأله (أيُّ آية في كتاب الله أعظم ؟ قال: الله ورسوله أعلم، فردَّدها مِرارا، ثم قال أُبيُّ: آية الكرسي، قال: لِيَهْنَكَ العلمُ أبا المنذر)
وفي هذا الحديث العظيم من الفوائد التربوية: طرحه صلى الله عليه وسلم السؤال العلمي على أصحابه ليزدادوا علماً وفهماً، ثم تشجيعه صلى الله عليه وسلم لأصحابه، بالكلمة الطيبة المشجعة التي تشحذ الهمة نحو المزيد من الخير في العلم والفهم والتأمل قبل الإجابة. وفيه تأدب الصحابي الجليل مع نبي الرحمة والهدى؛ إذ لم يبادر بالإجابة فوراً تقديراً وإجلالاً لعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم وخشية أن يقول شيئاً على غير مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: الله ورسوله أعلم. ومن الفوائد التربوية: ترديد الرسول عليه الصلاة وأفضل التسليم السؤال، ليؤكد رغبته في الإجابة، حتى يؤكد الصحيح، ويصحح الخطأ. ثم يقول صلى الله عليه وسلم جملة تشجيعية في غاية الروعة والجمال : (لِيَهْنَكَ العلمُ أبا المنذر) ، فلو أنها خرجت من أحد المعلمين لكانت جميلة، فكيف وقد خرجت من لسان نبي الهدى والرحمة عليه أفضل الصلاة والتسليم.
وفي صحيح البخاري (مر النبي صلى الله عليه وسلم على نفر من أسلم ينتضلون، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( ارموا بني إسماعيل، فإن أباكم كان راميا.)
وكم في هذا الحديث من فوائد يجهل تطبيقها كثير من المدرسين، فالتشجيع أولها، ونوعية عبارة التشجيع ثانيها، وربط جملة التشجيع بنوع الفعل والممارسة ثالثها، وتذكيرهم بأمجاد أسلافهم رابعها. ولو ازددنا تأملاً فيها لازددنا علماً وفقهاً تربوياً.
أ.د. خالد بن حامد الحازمي

رد مع اقتباس
  #28  
قديم 29-08-2010, 02:14 AM
فاستبقوا الخيرات فاستبقوا الخيرات غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Aug 2010
المشاركات: 261
معدل تقييم المستوى: 14
فاستبقوا الخيرات is on a distinguished road
رد: لكل معلم .. لكل طالب "متجدد"

الإبداع المهني

الإبداع المهني :
إن الإبداع المهني لا يعتمد على الخبرة والمهارة اليدوية فقط، بل لا بد من وجود عامل الذكاء، والتفكير والتطلع إلى التحسين والإصلاح والتطوير.
والتربية الإسلامية لا تعارض ذلك بل تحفز العقول على الابتكار والإبداع في المجال العملي والمهني، ومن الشواهد على ذلك :
قول النبي صلى الله عليه وسلم (لأن يغدو أحدكم فيحطب على ظهره؛ فيتصدق به ويستغني به من الناس، خير له من أن يسأل رجلاً، أعطاه أو منعه ذلك، فإن اليد العليا أفضل من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول) وفي هذا الحديث بيان لأهمية المهنة التي تكف الإنسان عن المسألة، كما أن في الحث على التكسب والنهي عن المسألة أول مفاتح الإبداع المهني، لأن المرء لا يبدع مهنياً ما لم تكن له صنعة يتخذها.
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة إلى جذع في المسجد قائما، فقال: إنَّ القيام قـد شـق عليّ، فقال لـه تميم الداري: ألا أعمل لك منـبرا، كـما رأيت يُصنع بالشام؟ فشاور رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين في ذلك، فرأوا أن يتخذه، فقال العباس بن عبد المطلب: إنَّ لي غلاما يقال له كلاب، أعملُ الناس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مره أن يعمله، فأرسله إلى أثلة بالغابة فقطعها، ثم عمل منها درجتين ومقعد . فظهر الإبداع المشوري من تميم الداري بصنع منبرا، ثم ظهر الإبداع المهني من غلام العباس بن عبد المطلب، حيث كان أعملُ الناس، فأخذ صلى الله عليه وسلم من كل شخص ما يُحسن ويُجيد فيه: من مشورة وصنعة، وفي هذا تشجيع منه صلى الله عليه وسلم، وتأييد للأعمال الإبداعية المفيدة .
وهذا يرسم للمؤسسات التعليمية قواعد تربوية في المجال المهني، ويؤكد لها أهمية العناية بالدروس المهنية النافعة التي تستثمر العقول ، وتزيل حواجز الخجل من الأعمال والصنائع التي يعرض ويعزف عنها كثير ممن لم يرتق في السلم التعليمي .
فبعض ممن لم يستطع مواصلة دراسته يأنف من العمل في الصنائع المهنية التي ربما لو عمل فيها لكان مبدعاً ، يشار إليه بالتفوق الذي ربما لا يحققه في السلم التعليمي . وقد أشار ابن قيم الجوزية إلى أهمية مراعاة استعدادات الصبي لما هو مهيأ له، فيذكر أنه مما ينبغي أن يعتمد حال الصبي، وما هو مستعد له من الأعمال، ومهيأ له منها، فيعلم أنه مخلوق له، فلا يحمله على غيره، ما كان مأذوناً فيه شرعاً، فإنه إن حمله على غير ما هو مستعد له لم يفلح فيه، وفاته ما هو مهيأ له، فإذا رآه حسن الفهم، صحيح الإدراك، جيد الحفظ واعياً، فهذه من علامات قبول العلم، وإن رآه بخلاف ذلك، ورأى عينه مفتوحة إلى صنعة من الصنائع، مستعداً لها، وهي صناعة مباحة نافعة للناس، فليمكنه منها، وهذا كله بعد تعليمه ما يحتاج إليه في دينه.
ومن هنا لابد للمنهج التعليمي أن يراعي ويحقق الميول لدى الدارسين بأهمية الأعمال المهنية، من خلال دراسة السيرة النبوية، وسير الأنبياء عليهم السلام، وكذلك الصحابة، وعلماء الأمة، فقد "كان داود زرادا، وكان آدم حراثا، وكان نوح نجارا، وكان إدريس خياطا، وكان موسى راعيا" . وكان الإمام أبي حنيفة يتجر في الخز، وكان ماهراً فيه. وكان الإمام أحمد بن حنبل يعمل التكك ويبيعها، ويتقوت بها .
فمهمة المؤسسات التعليمية أن تغرس ذلك في أفراد الأمة ليبدع الإنسان فيما هيأ له.

أ.د. خالد بن حامد الحازمي
رد مع اقتباس
  #29  
قديم 29-08-2010, 02:32 AM
فاستبقوا الخيرات فاستبقوا الخيرات غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Aug 2010
المشاركات: 261
معدل تقييم المستوى: 14
فاستبقوا الخيرات is on a distinguished road
رد: لكل معلم .. لكل طالب "متجدد"

الإبداع في التخطيط الحربيإن الإبداع التخطيطي الحربي لا يقل أهمية عن قوة العتاد، بل ربما يفوق قوة الترسانة الحربية من حيث التأثير في مسار المعركة. والرسول صلى الله عليه وسلم لم يهمل هذا الجانب، بل كان يأخذ بما تتفتق عنه عقول المبدعين من الصحابة رضي الله عنهم، ومن ذلك أنه في معركة بدر نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بأدنى ماء من بدر، فقال الحُبَاب بن المنذر بن الجموح: يارسول الله، أرأيت هذا المنـزل؟ أمنـزلاً أنزلكه الله ليس لنا أن نتقدمه ولا نتأخر عنه؟ أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟ قال صلى الله عليه وسلم: بل هو الرأي والحرب والمكيدة، فقال: يارسول الله، فإن هذا ليس بمنـزل، فانهض بالناس حتى تأتي أدنى ماء من القوم، فنـزله، ثم نُغَوِّر ما وراءه من القُلُب، ثم نبني عليه حوضاً فنملؤه ماء، ثم نقاتل القوم، فنشرب ولا يشربون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد أشرت بالرأي، فنهض رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من الناس، حتى إذا أتى أدنى ماء من القوم نزل عليه، ثم أمر بالقُلُب فَغُوِّرت، وبنى حوضا على القليب الذي نزل عليه، فملىء ماء ثم قذفوا فيه الآنية.
ويلاحظ في هذه المشورة الإبداعية، عناية الصحابة بالحكم الشرعي وتقديمه على العقل، حيث قال الحُباب بن المنذر: يا رسول الله أرأيت هذا المنـزل أمنـزلا أنزلكه الله تعالى، ليس لنا أن نتقدمه ولا نتأخره، أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟ فَيُفْهَم من ذلك، إن كان الأمر وحياً فالعقل تابع له، وليس للرأي مكان ، وأما إن كان الأمر جهداً عقلياً تخطيطياً فعندي في الأمر رأي.
ومن اللطائف التي يمكن استنتاجها، أنه لم يبين رأيه إلا بعد أن سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم القول الفصل، بأن الأمر ليس وحياً، بل رأياً، وهكذا نريد أن تكون التربية العقلية الإبداعية تهتم بالجانب التفكيري العقلي، ولكن تجعله يستظل ويسير تحت مظلة الشرع الحنيف، لا في مقدمته.
وأيضاً يتجلى الإبداع التخطيطي الحربي في مشورة سلمان الفارسي بحفر الخندف في غزوة الأحزاب (الخندق) فكان حفر الخندق عملاً إبداعياً لم تعرفه العرب من قبل، فكان ذلك أحد الأسباب في صد عساكر المشركين، بتوفيق الله تعالى ونصره.
فهذه الشواهد تؤكد حقيقة مؤداها أن النبي صلى الله عليه وسلم يعطي لذوي العقول المبدعه حقها من النظر والتشجيع البناء، ومن ثم الاستفادة مما يتولد عن أولئك من أفكار تخطيطية تسهم في أسباب النصر، بما يؤكد أن التربية الإسلامية تعطي في مضامينها التربوية معطيات تحقق للبيئات التربوية قواعد وأسس منهجية عملية للمناهج الدراسية.

رد مع اقتباس
  #30  
قديم 29-08-2010, 10:46 PM
فاستبقوا الخيرات فاستبقوا الخيرات غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Aug 2010
المشاركات: 261
معدل تقييم المستوى: 14
فاستبقوا الخيرات is on a distinguished road
رد: لكل معلم .. لكل طالب "متجدد"

الوفاء والتفاني
في هذه الإطلالة المفعمة بالمواقف التربوية، يتبين نهج النبي العملي التربوي العظيم، وعمق التربية التي بلغت ذروتها في قلوب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. فعندما عرف النبي صلى الله عليه وسلم قدوم عير قريش من الشام إلى مكة، والتي انطلقت منها معركة بدر العظيمة، حصل هذا الموقف. فعن أنس ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شاور حين بلغه إقبال أبي سفيان، قال: فتكلم أبو بكر، فأعرض عنه، ثم تكلم عمر، فأعرض عنه. فقام سعد بن عبادة؛ فقال: إيانا تُريد ؟ يا رسول الله ! والذي نفسي بيده ! لو أمرتنا أن نُخِيضها البحرَ لأخضناها، ولو أمرتنا أن نضرب أكبادها إلى بَرْكِ الغِمَادِ لفعلنا. قال: فندب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس، فانطلقوا حتى نزلوا بدراً. ووردت عليهم روايا قريش.)

قال العلماء: إنما قصد صلى الله عليه وسلم بذلك أخذ موافقة الأنصار لأنه لم يكن بايعهم على أن يخرجوا معه للقتال؛ وطَلَب العدو، وإنما بايعهم على أن يمنعوه ممن يقصده، فلما عَرَضَ الخروج لعِير أبي سفيان أراد أن يعلم أنهم موافقون على ذلك، فأجابوه أحسن جواب؛ بالموافقة التامة.

و يتبين في هذا الحديث احترام رسول الله صلى الله عليه وسلم للمواثيق وعنايته بها، بالرغم من تَعَمُّق العلاقة مع الأنصار، وكذا بينهم وبين المهاجرين، ولم يدفعه ذلك عليه الصلاة والسلام إلى تجاهل بنود المعاهدة، وبالتالي يعطي هذا الحدث للأمة درساً في أهمية حفظ ما يتفقون عليه، وأن لا يجعلوا لقوة العلاقة وتَوَطّدِهَا مجالاً ومسلكاً لإذابة ما يتفقون عليه. وهذا يكون في دائرة الأسرة، ودائرة الصداقات، وفي محيط العمل والمهنة. كمن يستسهل الشروط المبرمة في عقد الزواج نتيجة ما حصل من قوة في العلاقة بين الأصهار، فيدفع ذلك أحدهم أو بعضهم على التفريط باعتبار ما حصل من تطور ونمو في العلاقة، وكذلك ما قد يحصل بين شركاء العمل والمهنة من تساهل البعض في الاتفاقيات المبرمة بينهم، نتيجة تطور ونمو تلك العلاقة؛ مما قد يترتب على ذلك من الضرر أو الشعور بأن لا قيمة لتلك المواثيق والعهود، ثم ما يعقب ذلك من مشاعر قد تضر بالأطراف.

ألا يربي هذا النهج العملي الأخلاقي في الأمة احترام المواثيق، وعدم إذابتها وإضاعتها أو إضعاف قوتها بما يحصل من التواد الذي ربما كان نتيجة تلك المواثيق وثمرتها.

إن الكريم من يحفظ العهود، ولا يستغل الظروف لإضاعتها أو إذابتها أو وأدها. بل يحفظها كاملة، ليكون وفيا كريما مخلصا. إلا إذا كان تنازلا من أهل الحق فيها.

وأما في إعراضه صلى الله عليه وسلم عندما أعرض عن الصحابيين الجليلين، ففيه إيماء لمقصده صلى الله عليه وسلم. وهذا الإيماء دون تحديد يدلل على كريم خُلُقه صلى الله عليه وسلم، مما يشير إلى أهمية هذا الأسلوب التربوي الراقي جداً، ولا سيما مع النبهاء وأولي الألباب، لما فيه من الآداب والتقدير،حيث فَطِن الأنصار إلى مقصده صلى الله عليه وسلم، وإلى ما يرمي إليه، فقام سعد بن عبادة رضي الله تعالى عنه؛ الفهيم اللبيب، مبيناً أن الذي فَهِمَهُ من رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم بيت القصيد، ثم باشر بالجواب، ولم يترك مجالاً لأن يَرُد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بنعم، أو نحو ذلك. وهذا من غاية الكرم والحب لمن يخاطبه، وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فتُعطي هذه المحادثة الحوارية التي تمتلئ بآداب الحوار والمناقشة، الأسلوب الرائع الذي ينبغي أن يُؤخذ به في مثل ذلك. وما يجب أن يتعلمه المسلم من منهجه صلى الله عليه وسلم، الذي تربى عليه أصحابه فكانوا خير مجتمع بشري وقف على هذه الأرض.

وفي متابعة حديثه رضي الله تعالى عنه؛ يبين مقدار تفانيهم لرسولهم وحبيبهم صلى الله عليه وسلم، بعبارة راقية في مبناها ومعناها، فيقول: والذي نفسي بيده ! لو أمرتنا أن نُخِيضها البحرَ لأخضناها، ولو أمرتنا أن نضرب أكبادها إلى بَرْكِ الغِمَادِ لفعلنا.

قسمٌ بالله، ثم يتلوه بيان لغاية ما يمكن أن يخوضوه معه صلى الله عليه وسلم، وهي عبارات يدل مبناها على معناها الذي لا يمكن أن تُوصف بأكثر من وصف سعد رضي الله تعالى عنه؛ وإن هذا التفاني بالنفس لَيُعَلِّمَ الأمة ما يجب أن يكونوا عليه مع منهج ودين الله تعالى حتى بعد وفاته صلى الله عليه وسلم، بأن يبذل المسلم غاية وسعه، في نشره والذب عنه والعمل به، ولكن كم من يُفرّط في التطبيق لما هو مطلوب منه، فضلاً عن النشر والذب، ولكنك أنت يا الله أرحم الراحمين يا رب العالمين.

أ.د. خالد بن حامد الحازمي

رد مع اقتباس
رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
طرق مشاهدة الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع إلى

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
" دورة مـــطبخ المجــالس"( متجدد) &آهــــات الحــــزن& مـطـبـخ الـمـجـالـس 328 01-02-2009 02:34 PM
ريـــمكس شـــباب وبنـــات " موضوع متجدد" &آهــــات الحــــزن& المجلس العــــــام 39 20-11-2008 11:58 AM
عــدنا ريمكس شباب وبنات " متجدد" &آهــــات الحــــزن& المجلس العــــــام 18 06-11-2008 03:51 PM
أحاديث خفق لها قلبي "متجدد بإذن الله" سمو الرووح المجلس الإســــلامي 2 26-07-2008 11:26 PM
دراسات خفيفة "موضوع متجدد" قلب الشوق مجلس الدراسات والبحوث العلمية 26 25-06-2007 06:43 PM

 


الوقت في المنتدى حسب توقيت جرينتش +3 الساعة الآن 09:03 PM .


مجالس العجمان الرسمي

تصميم شركة سبيس زوون للأستضافة و التصميم و حلول الويب و دعم المواقع