مجالس العجمان الرسمي

العودة   مجالس العجمان الرسمي > ~*¤ô ws ô¤*~المجالس العامة~*¤ô ws ô¤*~ > مجلس الدراسات والبحوث العلمية

مجلس الدراسات والبحوث العلمية يعنى بالدراسات والبحوث العلمية وفي جميع التخصصات النظرية والتطبيقية.

رد
 
أدوات الموضوع طرق مشاهدة الموضوع
  #1  
قديم 10-07-2005, 06:43 AM
سهيل الجنوب سهيل الجنوب غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Apr 2005
المشاركات: 873
معدل تقييم المستوى: 19
سهيل الجنوب is on a distinguished road
وسائل التربية الفكرية ( دراسة تربوية في الاسرة )

وسائل التربية الفكرية


تمهيد

للتربية الفكرية وسائلها التي تهدف إلى تحقيق التكامل التربوي في شخصية المسلم ، فكما هو يتربى على حسن الخلق والآداب، فكذلك يتربى على البلوغ بمواهبه العقلية أعلى درجات الكمال البشري الذي منحه الله له، وفيما يلي نستعرض بعض وسائل التربية الفكرية ومهمات الأب في ذلك:



أولاً: التلقين:

يميل الطفل في طفولته المتأخرة إلى تقبل الآراء والحقائق عن الكبار، وتكون لديه قابلية كبيرة للإستهواء والانقياد، كما أن قدرته على التفكير المجرد تكون جيدة، فيميل إلى الاحتكاك بالكبار وأخذ القيم والمعايير عنهم، كما أنه في هذه السن يصبح قادراً على إدراك الخطأ والصواب ؛ لهذا كان منهج التلقين المباشر لأساسيات الدين في هذه الفترة هاماً للغاية، إذ أن الولد لا يفهم معظم تصرفات الكبار، فيكون تلقينه المفاهيم الصحيحة وسيلة سهلة جيدة في هذه الفترة ، خاصة وأن الولد مستعد للتقبل والاقتناع.

ولا يعني هذا أن التلقين للمفاهيم الإسلامية لا يصلح إلا في الطفولة المتأخرة، بل إن التلقين في الطفولة المبكرة له أهميته أيضاً؛ فإن "التعليم الديني الذي يتلقاه الطفل في السنوات المبكرة يترك بصماته على عقليته في الطفولة المتأخرة حيث تتكون عنده مفاهيم تصبح أكثر وضوحاً مع تقدمه في السن، وبهذا يستطيع أن يفهم النظريات المجردة على نحو أفضل ، لهذا كان السلف رضوان الله عليهم يبدؤون في تلقين أولادهم أساسيات الدين منذ الطفولة المبكرة عند إبتداء نطقهم، فكانوا يعلمون الأولاد قول "لا إله إلا الله" سبع مرات لتكون أول شيء يقولونه، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلّم الغلام من بني عبد المطلب إذا أفصح قوله الله تعالى: (الحمد لله الذي لم يتخذ ولداً ولم يكن له شريك في الملك) (الاسراء:111) سبع مرات، وكان علي بن الحسن رحمه الله يعلمّهم: (قل آمنت بالله وكفرت بالطاغوت) .

وهذا العمل من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن السلف الصالح فيه دليل على أن الطفل يختزن هذه المعلومات في حافظته، وتتشرب بها نفسه بالتكرار. لهذا أجمع أئمة السلف على أن نطق الصبي بالشهادة قبل البلوغ كافٍ، فلا يحتاج إلى تجديد ذلك بعد البلوغ. ولو لم يكن هناك فائدة من وراء تلقين الصغير هذه القضايا لكان من العبث قيام السلف الصالح بها، وإضاعة الوقت والجهد.

ومن هنا تتضح أهمية تلقين الولد الصغير هذه الشهادة العظيمة؛ إذ يبدأ الأب بتلقينه "لا إله إلا الله" اقتداءً بالسلف رضوان الله عليهم، ويلقنه معناها إذا كبر قليلاً: "إني أعلم وأقر وأعترف وأعقتد بأن المعبود الحق الذي لا يستحق العبادة غيره هو الله تعالى، وأُبيّن ذلك وأظهره بلساني وأفعالي وسلوكي". ولا بأس بتعليمه هذه الجمل حتى وإن لم يفهمها أو يعقلها، فإنه إذا كبر علم معناها وعقلها وكانت أدعى للتطبيق في حياته وسلوكه.

وإذا عقل الولد وبدأ يفهم بصورة أفضل يُلقن: أن الإسلام، وهو دين الله الذي لا يقبل غيره، وأنه لا عز إلا بالإسلام، وأن ما أصاب الأمة من هزائم ونكبات ما كان ليحصل إلا بسبب تفريط المسلمين في التزام دينهم. كما يُلقن: أنه ما قام المسلمون بدعوة الله والتزام منهجه إلا كان الانتصار في النهاية للإسلام وأهله.

وعلى الأب أن يعلمه أيضاً أحكام الحلال والحرام ، ويربطه بأحكام الدين والشريعة، فيفهمه أن هذا حرام ، وهذا حلال ، في كل قضية من القضايا التي تعرض له، ليستشعر الولد أنه محاط بشريعة وأحكام تنظم كل شؤون حياته . فبعد فترة من هذا المران والتكرار، يصبح عند الولد حاسية خاصة، يحب أن يعرف حكم الله في كل قضية، أو أمر يقوم به فيسأل عن الحكم في كل ما يراه ويسمعه. وهذا الإحساس هو حجر الزاوية الأساسي في استقامة الولد في المستقبل إن شاء الله.

ويضيف الأب إلى هذه القضايا التي يُلقـّنها للولد ، قضية تلقينه وتعريفه بأعداء الإسلام، فيحاول أن يُعرَّفه بهم حتى لو كان ذلك بالأسماء، والشعارات فقط، وذلك لُتختزن هذه المعلومات في حافظته، وتستقر في نفسه، كأن يقول له دائماً: "أعداء الإسلام اليهود، والنصارى، والمجوس، .... وكل من هو على غير دين الإسلام". وفي بعض الأحيان يسأله: "من أعداء الله يا بني؟" فيجيبه الولد فوراً كما علمّه الأب.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 10-07-2005, 06:44 AM
سهيل الجنوب سهيل الجنوب غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Apr 2005
المشاركات: 873
معدل تقييم المستوى: 19
سهيل الجنوب is on a distinguished road

ثانياً: تعليم اللغة والكلام:

اللغة هي القوالب والأوعية التي ينتقل من خلالها الفكر والخلق والاعتقاد، وغير ذلك مما يمكن أن تنقله اللغة ، لهذا فإن لها تأثيرها البالغ في العقل والخلق والدين، "والفرد يتأقلم مع أنماط المواقف والأفكار والقيم التي تشكل ثقافة ما عن طريق اللغة بصورة أساسية،... فإن اللغة تساعد على تنشئة وعي الفرد وتشكيله الاجتماعي بصورة قوية".

لهذا "فإن نوعية الكلام الذي يستعمله الوالدان، ودقته، ومغزاه ، ونوع العلاقة التي ينشئها كلاهما مع أطفالهما، هي السند القوي للنمو العقلي".

فإذا أراد الأب أن يأمر ولده بالسكوت مثلاً، فإن العبارات التي تفيد المعنى كثيرة، فبإمكانه أن يقول للولد: "أسكت"، أو "لا تتكلم"، أو ينظر إليه نظرة حادة يفهم منها الولد وجوب التزام الصمت. وهذا الأسلوب في العادة غير موفق مع الولد الصغير خاصة، بل ربما زاده عناداً وإصراراً، إلى جانب أن الولد لا يستفيد من هذه الكلمة شيئاً جديداً في عالم اللغة، ولكن الأب لو استخدم اسلوب العبارات الطويلة التي تفيد المعنى المطلوب، وتحمل معها شيئاً من الحجة والإقناع، فإن المردود أفضل من ناحية استفادة الولد وسماعه عبارات لغوية طويلة، وكلمات جديدة، إلى جانب إقتناعه بالحجة، وفهمه لسبب الأمر، أو النهي، ومثال ذلك أن يقول الأب للولد: "يا بني أرجو أن تقلع عن الصراخ فإنني لا أستطيع أن أقرأ وأنت تصرخ، وإني محتاج أن أنهي قراءة هذا الكتاب اليوم؛ لتقديم ملخص عنه غداً" ، فالفرق بين العبارات واضح، ففي الأسلوب الأول استخدمت كلمة واحدة مكررة ومعروفة عند الولد ، أما في الأسلوب الثاني فإن عدد الكلمات أكثر، والأسلوب أفضل وأجمل وأنفع.

ولما كان أمر اللغة بهذا القدر من الأهمية ، فإن الأب يستخدم مع ولده، أفضل وأحسن الألفاظ ، معتمداً على اللغة العربية مفتاح العلوم ، ومتجنباً العامية قدر الإمكان، فإن تعليم الطفل الصحيح من اللغة ابتداء، أفضل من إعادة تصحيح ما أفسد منها.

ويبدأ الأب في تعليم الولد الكلام منذ ميلاده، فإنه محتاج إلى المناغاة بقدر حاجته إلى الغذاء واللبن، فقعود الأب من وقت لآخر ليحدث ولده الصغير، أو يقرأ عليه من كتاب يؤدي إلى تحسينات كبيرة في قدرة الولد على الكلام، وزيادة في اهتماماته اللغوية، فلو قرأ الأب ورده اليومي من القرآن الكريم بجوار ولده وهو يسمعه، فإن هذه الفائدة تحصل، بجانب حصول البركة بالقرآن، والثواب على القراءة: ويراعي الأب عند القراءة تحسين صوته، فإن الصوت الحسن يجذب النفس، ويرقق القلب، وفي الحديث: "زّينوا القرآن بأصواتكم" .
ويساعد على عملية الكلام عند الطفل وسرعته: اللعب معه ولمس جسمه خاصة الأصابع فإن "مناطق الكلام في المخ تتكون بتأثير انتقال النبضات من الأصابع عن طريق الأعصاب.. هذا بالإضافة إلى أن النشاط الحركي المنظم أثناء حدوث الكلام له تأثير طيب على النمو العقلي للطفل، وهو يساعد على عمليات التفكير والانتباه والتذكر". لهذا يتنبه الأب إلى أهمية الحركة عند الولد، وأن لها دوراً هاماً في نموه العقلي، فلا يزجره دائماً على كثرة لعبه وحركته؛ بل يهيىء له الجو المناسب، والمكان المناسب، لاستخراج طاقاته، وتنمية قدراته العقلية والجسمية.

ومن الوسائل المساعدة على تعلم الأولاد للكلام تشجيعهم عليه، والاستماع لهم باهتمام ، فإن التشجيع خير حافز على جد الولد في تعلم اللغة والنطق بها، كما أن وجود الولد في مجموعة من الأطفال في سنه يساعده أيضاً على ممارسة الكلام، وتعلم مفردات جديدة، على أن يلاحظ الأب في ذلك حسن اختيار الرفاق، فإن الطفل يمكن أن يتلقى منهم مفردات قبيحة يصعب على الأب بعد ذلك تخليصه منها.

كما أن للروايات والقصص المثيرة دوراً هاماً في مساعدة الولد على تركيب الكلام والقدرة على النطق ، فلو خصص الأب فترة قبل النوم - حيث يكون الطفل مركزاً ومقبلاً - في إلقاء بعض هذه الروايات والقصص معتمداً على اللغة العربية الفصحى، مع سهولة العبارة والإثارة العاطفية في القصة، فإن الولد سوف يستفيد من نصوص القصة مفردات جديدة، إلى جانب تعلم كيفية النطق والشجاعة على الكلام، بالإضافة إلى الأفكار، والقيم الجميلة التي يتعلمها من القصة وأحداثها.

أما ما يخص قضية اللعثمة والتهتهة عند بعض الأطفال الصغار، فإن أسبابها تعود عادة إلى أمور منها: الوراثة: فالطفل المتوسط الذكاء ينطق بصعوبة ، إلى جانب أن نطقه يتأخر، كما أن إهمال الولد الأكبر والالتفات إلى المولود الجديد، ولوم الولد عند حدوث اللعثمة منه بغير قصد، ووجود المشكلات العائلية التي تهدد بانهيار البيت، كل هذه الأمور تؤثر على الولد، وتضعف عنده القدرة على الكلام بطلاقة، ولا شك ان اهتمام الأب ومراعاته لحالة ولده النفسية، بإغفال ما عنده من بطء في الكلام واللعثمة، ومساعدته على النطق وتشجيعه عليه بالأساليب المختلفة، مع مراعاة أن يكون ذلك بعيداً عن نظر أقرانه وإخوته، يمكن أن يفيد الولد ويحسن من وضعه ونطقه.

ويلاحظ الأب أيضاً أن الإصرار على الولد، وإجباره على تعلّم اللغة قبل أن يكون مستعداً لذلك يعد من أسباب وجود هذه التهتهة واللعثمة إلى جانب التوتر النفسي الذي يحدثه هذا الإجبار والقسر عند الولد. فإن الطفل يمكن أن يبدأ النطق بكلمات لها معنى في نحو تسعة أشهر من عمهر، وقبل هذا السن لا يتجاوز كلامه إصدار أصوات، وأحرف متفرقة أو مجتمعة، دون أن يكون لها معنى مقصود أو مفهوم، فيلاحظ الأب هذه المفاهيم، ويراعي قدرات الولد، وإمكاناته العقلية في سن الطفولة.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 10-07-2005, 06:45 AM
سهيل الجنوب سهيل الجنوب غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Apr 2005
المشاركات: 873
معدل تقييم المستوى: 19
سهيل الجنوب is on a distinguished road

ثالثاً: تعلم القراءة والكتابة:

يستمر تلقين الولد إلى فترة طويلة حتى يتمكن من القراءة، وأخذ المعلومات بنفسه. فإن القراءة تعد من أعظم وسائل المعرفة، إذا لم تكن هي أعظمها، والأمر قد جاء بها من عند الله عز وجل، فقد كان أول التقاء بين السماء والأرض بعد انقطاع طويل، نزول قوله تعالى: (اقرأ باسم ربك الذي خلق) ( العلق:1) . وفي هذا إشارة إلى أهمية العلم والتعلم، وبيان وسيلتهما ومفتاحهما وهي القراءة.

والأب مكلّف بمهمة التعليم، فهو المسؤول عن تعليم أولاده القراءة، والكتابة، فقد قال عليه الصلاة والسلام: "حق الولد على الوالد أن يعلمه الكتابة والسباحة والرماية وأن لا يرزقه إلا طيباً".

وإن هذا لا يتحقق في جو فشت فيه الأمية بين المسلمين، وقل الشغف بالقراءة، والإطلاع وطلب العلم، خاصة من المقربين للولد، فإن "الرغبة في المطالعة لا تولد مع الطفل، فالأطفال لا يتعلمون حب الكتب بدافع ذاتي، فلا بد أن يقودهم شخص ما إلى عجائب عالم الكلمة المكتوبة"، وهذا الشخص لا بد أن يكون هو الأب، لأنه القدوة، ولأنه المحبوب من أولاده، وكل ما يصدر عنه، فهو جميل وحسن.

ويمكن أن يبدأ الأب في تأصيل حب القراءة عند الولد، عن طريق تأسيس مكتبة علمية في البيت بمجرد ولادة الطفل، فإن إحاطته بالكتب من أول الأمر تجعله يعتادها ولا يستنكرها، فيتعلم كيف يتعامل معها ويحترمها في سن مبكرة من عمره.

ويحاول الأب في هذه الفترة أيضاً أن يقرأ بجوار الولد بصوت عالٍ غير مزعج، حتى يعتاد على الإصغاء، وسماع صوت القراءة الرتيب، ولو جعل مختاره من القراءة هو كتاب الله عز وجل، كانت الفائدة أعظم، والأجر أكبر.

والطفل في سن الأربع سنوات يتشكل عنده خمسون بالمائة من النمو الذهني، فتكون المطالعة البسيطة في هذه الفترة تعزيزاً لهذا النمو الذهنبي عنده. كما أنه في سن السادسة تقريباً يشعر بالثقة في نفسه، وأنه قادر على اقتحام أي مجال من المجالات، فيكون إشغاله في هذه الفترة بالقراءة استغلالاً جيداً لهذه الطاقة الحيوية عنده. مع ملاحظة أن توجيه الولد إلى الإطلاع في سن مبكرة، لا ينبغي أن يكون إجبارياً، إذ أن إجباره على تعلم القراءة قبل استعداده لذلك يؤثر على الاتزان العاطفي عنده، إلى جانب أنه لن يتعلمها بسهولة ويسر، بل يفقد أولاً بأول ما يتعلمه منها، ويسوقه ذلك فيما بعد إلى كرهها وبغضها.

وقد جاءت بين توصيات "ندوة كتب الأطفال في دول الخليج العربية" والتي عقدت في البحرين عام 1985م، توصية نصت على : "عدم إجبار الأطفال في سن ما قبل المدرسة على القراءة والكتابة، مع توفير المثيرات الموحية لهم بتوفير الكتب المصورة المناسبة لتشجيعهم على التعامل مع الكتب" ، فهذه التوصية صريحة في التحذير من إجبار الطفل على القراءة قبل دخول المدرسة ، مع اتخاذ الوسائل المناسبة والموحية والمشجعة له للتعامل مع الكتب، فيمكن للأب أخذاً بهذه التوصية، أن يهيىء لولده في حدود سن الرابعة أو الخامسة تقريباً، مثيرات متنوعة، تدفعه للقراءة وحب الكتب، ومن ذلك استخدام بعض الكتب المصورة التي تتضمن صوراً ملونة جميلة لبعض الحيوانات، والنباتات، والأدوات والأشياء المختلفة، وتعليم الولد أسماءها، ثم سؤاله بعد ذلك عنها، فمن خلال هذه الوسيلة يتعلم الولد شيئاً من القراءة، ويتعرف على مضامين هذه الصور، إلى جانب تقوية صلته بالكتب وإشغاله بها.

ويُدرَّب الولد الصغير على القراءة من خلال تعلم الكلمات الكبيرة، كالموجودة في الجرائد، ولافتات المحلات، والإعلانات الكبيرة، ولوحات المرور الإرشادية، وغير ذلك مما يمكن أن يكون سهلاً على الطفل يمكنه قراءته بوضوح.

كما يمكن للأب زيادة تشجيع الولد على القراءة من خلال صناعة بعض الأحرف الهجائية من الحلوى، فيتعلم الولد ويأكل في نفس الوقت، وقد كان بعض القدماء يستعملون هذا الأسلوب، وقد نصح به الفيلسوف "إيراسموس". فبإمكان الأب تكليف أهل البيت بأن يصنعوا هذه الحلوي أو البسكويت، على شكل أحرف هجائية، أو أرقام عددية، ثم يجلس الأب من وقت لآخر يداعب ابنه ويلاطفه بهذا الأسلوب التربوي الجميل، فيتعلم أن القراءة شيء لطيف يدخل السرور، فتكون هذه خطوة مشجعة للولد لمواصلة المسير في تعلم القراءة نحو القصص والروايات المبسَّطة، والخاصة بالأطفال الصغار.

ولما كانت الصلة قوية بين القراءة والكتابة، فهما لا ينفكان ولا ينفصلان عن بعضهما البعض فإن الله سبحانه وتعالى بعد أن أمر بالقراءة في أول سورة أنزلها على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم في الآية الرابعة عن فضله ونعمته بأن علّم بالقلم فقال: (الذي علّم بالقلم) يقول قتادة رحمه الله في تفسير هذه الآية: "القلم نعمة من الله تعالى عظيمة، لولا ذلك لم يقم دين، ولم يصلح عيش، فدل على كمال كرمه سبحانه، بأن علّم عباده ما لم يعلموا، ونقلهم من ظلمة الجهل إلى نور العلم، ونبَّه على فضل علم الكتابة، لما فيه من المنافع العظيمة، التي لا يحيط بها إلا هو" .

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 10-07-2005, 06:47 AM
سهيل الجنوب سهيل الجنوب غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Apr 2005
المشاركات: 873
معدل تقييم المستوى: 19
سهيل الجنوب is on a distinguished road

لهذا فإن اهتمام الأب بموضوع الكتابة بجانب القراءة يعد أمراً هاماً، لعظم الصلة بينهما، ويمكن بعد أن يعرف الولد أشكال الأحرف: أن يدرب على الإمساك بالقلم، فإن الطفل يمكنه تعلم طريقة إمساك القلم في الفترة من الثانية إلى الرابعة من عمره، فيُمكَّن من الكتابة على بعض الأوراق الكبيرة البيضاء، أو الملونة، مع استخدام الأقلام الملونة الجذابة، أو بالإمكان استخدام اللوح، أو غير ذلك حسب الإمكان، والأطفال في هذه الفترة مشغوفون بالرسم والتلوين، فيتعلمون رسم الأحرف والأعداد وتلوينها.

ولا يغفل الأب عن تشجيع ولده ومتابتعته والاهتمام بإنجازه، حتى وإن كان تافهاً غير مفهوم. مع ملاحظة قضية عدم إجبار الولد على استعمال يده اليمنى عند الكتابة أو الرسم، إن كانت كتابته باليسار طبيعية، قد جبل عليها، فإن إجباره يؤدي إلى إضطراب نفسي، وتركه على طبيعته ليس فيه محظور شرعي، إن لم يستعملها في الطعام أو الشراب.

كما أن الطفل يفتح عليه أول ما يفصح بكلمة التوحيد "لا إله إلا الله" فإه يُفضَّل أن يفتح عليه أيضاً عند أول قدرته على الكتابة أن يتعلم كتابة "لا إله إلا الله" أو "الله". وذلك بدلاً من البداء بكتابة اسمه كما هو الحال مع أكثر الآباء عند تعليم أولادهم الكتابة، حيث يبتدئون بتعليمهم كتابة أسمائهم، ولا شك أن الابتداء بكتابة اسم "الله" أعظم وأجل، وأوقع في نفس الوقد لتعظيم الله عز وجل، فإذا كان اللفظ "بلا إله إلا الله" والطفل بعد لا يعقل أمراً مستحباً، فإن بدأه بكتابتها وهو أعقل وأكبر أولى وأحرى.

إذا التحق الولد بالمدرسة الابتدائية، أو الروضة وحصلت له القدرة على القراءة، فإنه يوجه إلى القصص والروايات والكتب الصغيرة التي تناسب سنه، فيّؤمن الأب له في مكتبته الصغيرة مجموعة من هذه المطبوعات الجيدة، مراعياً شروط اختيارها، ومطلّعاً على مضامينها، فيشجع ولده على الإطلاع عليها وقراءتها، ولا بأس أن يشاركه الأب في أول الأمر، ويقرأ عليه بعض الصفحات من وقت لآخر، حتى يضمن شغف الولد بها، وانجذابه إليها، مراعياً أن يفهم الولد مضمونها وما تدور حوله أحداث القصة، فإن كثيراً من القُرَّاء الكبار - فضلاً عن الصغار - يجدون صعوبة في التقاط الأفكار الرئيسية من الكتاب، أو القصة. فيخرج القارىء بجزئيات حول الموضوع دون الفكرة الرئيسية. وهنا يكون دور الأب المثقف أن يعلّم ولده كيف يلتقط الفكرة الرئيسية التي تدور عليها أحداث القصة، أو مضمون الكتاب، وبذلك يكون قد خدم ولده خدمة عظيمة، قد فاتت على الكثير من الناس.

رابعاً: القصص والروايات:

تعد القصة وسيلة تربوية هامة في منهج التربية الإسلامية، حيث لا يقتصر دورها التربوي، وتأثيرها العاطفي والنفسي على الأطفال الصغار فحسب، بل يتعدى ذلك ليشمل الكبار والشيوخ. فهذا كتاب الله عز وجل قد تضمن بين دفتيه المباركتين قصصاً كثيرة تربى عليها الكبار في العهد النبوي، وما بعده قبل أن يتربى عليها الصغار، فأثمر تأثيرها - ممتزجاً بباقي جوانب المنهج الإسلامي - نماذج بشرية فاقت كل جيل قبلها، وأعجزت كل جيب بعدها أن يماثلها أو يساويها.

إن وجود هذا العدد الهائل من القصص في كتاب الله عز وجل، وسرد بعضها بتفصيل دقيق، وذكر بعضها في أكثر من سورة، رغم الإيجاز في توضيح أحكام الصلاة، والصيام، والزكاة، والحج، رغم أنها أركان الإسلام وأساساته، فهذه الشعائر التعبدية العظيمة لم يرد لها تفصيل في القرآن الكريم كما هو الحال في حق القصص القرآني الضي فُصَّل تفصيلاً دقيقاً وكثيراً، إن في هذا إشارة بالغة الوضوح في أن لهذا القصص مكانته وأهميته التربوية في منهج التربية الإسلامية.

وإذا كان الأمر كذلك فإن استخدام الأب للقصة في مجال توجيه الولد وتربيته، يعد أمراً موافقاً لمنهج التربية الإسلامية الصحيح، خاصة وأن التربويين يكادون يجمعون على أهمية استخدام القصة في تربية النشء، وأن لها أثراً تربوياً جيداً على شخصياتهم، فهي تقوي الخيال عندهم، وتشد انتباههم، وتنمي لغتهم، وتدخل عليهم السرور والبهجة، إلى جانب أنها تعلمهم الفضائل والأخلاق من خلال أحداثها المثيرة.

وعند اختيار الأب للقصة يراعي بعض الأمور:

أ) أن تهدف إلى فوائد خلقية وأدبية وعلمية مع تجنب القصص السخيفة.

ب) أن تضم جانباً من الفكاهة والمرح لجذب انتباه الولد وإدخال السرور عليه.

ج) إظهار الانفعالات على الوجه والصوت حسب المواقف المختلفة ليعيش الولد واقع القصة.

د) الثناء على أصحاب الفضل في القصة، وذم أصحاب الباطل والتقليل من شأنهم.

هـ) تجنب الوقائع التاريخية التي لا يفهمها الأطفال وليس فيها دروس أخلاقية تنفعهم، مثل مقتل عثمان رضي الله عه، أو موقعة الجمل، أو معركة صفين وغيرها من القصص التي لا تناسب الأطفال.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 10-07-2005, 06:47 AM
سهيل الجنوب سهيل الجنوب غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Apr 2005
المشاركات: 873
معدل تقييم المستوى: 19
سهيل الجنوب is on a distinguished road

ويمكن أن يضاف إلى هذه الأمور بعض القضايا الخاصة بالقصص المقروءة، فيراعي الأب أن تكون القصة مكتوبة بخط كبير وواضح، وبلغة سهلة ميسَّرة، مع استخدام الصور الزاهية الملونة.

أما ما يخص اختيار القصة نفسها من بين المعروضات المختلفة من قصص الأطفال، فإن الاهتمام بأدب الأطفال، والكتابة لهم، يعتبر من الاهتمامات الحديثة في هذا العصر، وقد اصبح في الآونة الأخيرة في توسع كبير، "إلا أن معظم هذه الكتابات تتم في غياب النقد والرقابة الوطنية التربوية"، فالكتب والقصص الخاصة بالأطفال، والتي تُترجم إلى العربية لا تمثل في الحقيقة احتياجات أطفالنا، ولا تعالج موضوعات تخصنا، بل هي بعيدة عن واقع حياتنا الذي نعيشه، إلى جانب أن أكثرها ضعيف الترجمة والنق إلى العربية، فتصعب على الطفل قراءتها.

والقصص والمجلات المنشورة مثل: "سوبرمان"، و"لولو"، و"الوطواط"، و"ميكي"، وغيرها تدور أحداثها حول المغامرات، والعنف، وشخصيات خرافية وهمية غير حقيقية، وبعضها شخصيات حيوانات، أو رجال فضاء، كما أن استخدام هذه المجلات للغة العربية العامية مكتوبة ومقروءة، يعد بلا شك أشد خطراً على اللغة العربية الفصحى من كون العامية مسموعة فقط دون كتابة.

ولا شك أن لهذه القصص بجانب هدمها للغة العربية الفصحى، فإن لها أثرها السيء في توجيه الأطفال، فهي لا تتضمن معاني تربوية رفيعة، كما أنها لا تهدف إلى غرس الأخلاق والقيم، إلى جانب أنها خرافية بعيدة عن الواقع والحقيقة، وأعظم من هذا كله أنها تُغفل وجود الله عز وجل بالكلية، وإن حدث وذكر جل شأنه، كان بلا دور حقيقي فعّال، فإن أبطال تلك القصص والمجلات، هم الذين يتحكمون في الكون ومقدَّراته، بما أوتوه من القوة الخارقة، والأجسام العملاقة، والأجهزة الفتاكة، ولا تخفي على الأب المسلم خطورة مثل هذه المنشورات على عقيدة الأولاد وأخلاقهم.

ويضاف إلى هذا النوع من القصص والروايات التي يتجنبها الأب تلك القصص المرعبة التي تدور أحداثها حول الجن والشياطين، فإنها تضر الولد، وتوقع في نفسه الفزع والخوف، إلى جانب أنها لا تحمل قيماً، أو فائدة علمية.

والأب يجد وفرة من القصص القرآني والنبوي الذي يتميز بحقيقته وواقعيته وبعده عن الخيال والخرافة، فيقوي عند الولد صلته بالتاريخ الإسلامي المجيد، إلى جانب ما يتضمنه من تقوية العقيدة بالله، وأنه هو المؤيد للمؤمنين، المخزي للكافرين، كما أن هذه القصص يتضمن إبراز الصراع الدائم بين الحق والباطل، وانتصار الحق في النهاية، وفي القصص القرآني وصل للولد بالأمم المؤمنة السابقة وأنبيائها، فيستشعر الولد أن تاريخه يبدأ من آدم عليه اللام، وينتهي إلى آخر إنسان يقول "لا إله إلا لاله" على وجه هذه الأرض، وهذا الاستشعار الهام يوقد في قلبه جذوة الإيمان، ويهبه علو الهمة والشأن، حتى وإن كان ضعيفاً مغلوباً على أمره فهو موصول بكل هذا التاريخ الطويل المجيد الضارب أطنابه في القرون الخالية واللاحقة، أما غيره من الأعداء والمجرمين فهم مبتورون منقطعون عن هذا التاريخ العظيم.

وعرض الأب للقصص القرآني والنبوي على هذا النحو الفريد له بالغ الأثر على نفس الولد، ففي مجال اختيار القصص القرآني يمكن أن يعتمد على القرآن الكريم وكتب التفسير، وفي القصص النبوي، يعتمد على سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم في كتاب "السيرة النبوية" لابن هشام، أو كتاب "زاد المعاد" لابن القيم، وبعض الكتب الحديثة، مثل كتاب "فقه السيرة" لمحمد الغزالي، أو "فقه السيرة" لمحمد سعيد البوطي، أو كتاب "الرحيق المختوم" لصفي الرحمن المباركفوري.

ويكون دور الأب هو التحضير ثم الإلقاء، مع التركيز على العبر والعظات مستفيداً من كتاب "السيرة النبوية" لمصطفى السباعي، أما بالنسبة لإطلاع الأولاد فيكون من الكتب الصغيرة المؤلفة لهم، كسلسلة "قصص القرآن للأطفال" تأليف محمد علي قطب، وكتاب "غزوات الرسول للفتيان" لعبد المنعم الهاشمي وغيرهما، أما إن كان الولد ذا همة عالية، ولديه القدرة على القراءة في الكتب الكبيرة، المؤلفة للكبار فلا بأس مع إشراف الاب لتوضيح ما يخفي على الولد من كلمات، أو عبارات، أو معانٍ.

خامساً: التفكر في الكون:
لقد بث الله سبحانه وتعالى في هذا الكون من الآيات الباهرات الدالة عليه سبحانه وتعالى ما يعجز العقل البشري على أن يحصي عددها، أو يحيط بجملتها. وقد وجَّه الله عز وجل عباده إلى التفكر والتدبر في هذه الآيات العظيمة، فقال: (إنّ في خلق السموات والأرض وإختلاف الليل والنهار والفُلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماءِ من ماءٍ فأحيا به الأرضَ بعد موتها وبثَّ فيها من كُلِ دابةٍ وتصريفِ الرياحِ والسحابِ المُسخر بين السماءِ والأرضِ لأياتٍ لقومٍ يعقلون) ، ويقول سبحانه وتعالى آمراً الناس بالنظر في الكون بعين التفكر والتبصر: (قُلِ انُظروا ماذا في السموات والأرض) . في هذا التوجيه العظيم "يرشد تعالى عباده إلى التفكر في آلائه وما خلق الله في السماوات والأرض من الآيات الباهرة لذوي الألباب، مما في السماوات من كواكب نيـّرات، ثوابت وسيَّارات، والشمس والقمر والليل والنهار"، فهذه الآيات والآثار هي الطريق الصحيح بعد القرآن والسنة لمعرفة الله عز وجل، وإدراك عظمته وقدرته، ولا يمكن الوصول إلى ذلك إلا من خلال العقل والفكر والعلم؛ إذ بهم جميعاً يدرك الإنسان الخالق جل جلاله، فوجود الحكمة في المخلوقات، دليل على أن الذي خلقها حكيم، كما أن وجود الإعجاز فيها دليل على أن الذي أوجدها قادر، وهكذا يجد المتفكر المتبصر، يد الله عز وجل، ولطفه، وعظمته، قد ارتسمت على كل شيء خلقه وأوجده في هذ الكون، من الأجرام السماوية العظيمة، إلى الميكروبات الصغيرة الدقيقة، كل ذلك لله فيه كمة وإبداع.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 10-07-2005, 06:48 AM
سهيل الجنوب سهيل الجنوب غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Apr 2005
المشاركات: 873
معدل تقييم المستوى: 19
سهيل الجنوب is on a distinguished road

إن إشعار الولد بهذا الإبداع، وهذا الجمال في مخلوقات الله، له أثر بالغ في نفسه وقلبه؛ إذ "يمد القلب والعقل بزاد من المشاعر والتأملات، وزاد من الاستجابات والتأثرات، وزاد من سعة الشعور بالوجود، وزاد من التعاطف مع هذا الوجود... وذلك كله في الطريق إلى امتلاء الكينونة البشرية بالإيقاعات الكونية الموحية بوجود الله وبجلال الله، وبتدبير الله، وبسلطان الله، وبحكمة الله، وعلم الله".

والأب يتخذ من الوسائل المناسبة ما يقّرب إلى ذهن ولده هذه التصورات، وهذا الأسلوب الأمثل في النظر إلى الكون، إذ لا يكون نظر الولد نظراً سطحياً بعيداً عن التأمل والتدبر، بل يكون نظره نظر اعتبار واستمتاع بهذا الوجود العجيب، فإن "الاستمتاع بجمال الكون جزء أصيل مقصود في التربية الإسلامية لما له من آثار في النفس"، فمن فوائد النظر إلى السماء وآثاره النفسية، أنه يذهب الخوف والوساوس، ويذكر بالله عز وجل ويوقع في النفس تعظيمه وإجلاله، ويزيل الأفكار الرديئة من الذهن، وينقص الهم.

ومن الوسائل التي يمكن أن يتخذها الأب في هذا المجال، إعطاء الولد فرصة مناسبة للنظر في السماء، خاصة في الأوقات التي يكثر فيها ظهور النجوم، في الليالي غير المقمرة، ويكون ذلك من خلال الخروج للنـزهة مساء، فيخرج الأب مع أولاده إلى الصحراء القريبة، أو في مكان خارج المدينة، حيث الهدوء والسكينة، أو على الأقل على سطح المنـزل، كما يمكن إصطحاب المنظار المقرب ذي العدسات التي يمكن أن تقرب البعيد، فيوجهها الأب إلى بعض الأجرام السماوية البعيدة، ويعطي الولد فرصة للنظر والتأمل.

وللخلوة في الخلاء آثار نفسية طيبة إذ يمكن من خلالها تحقيق هذا النوع من التربية الجمالية بالنظر إلى الكون الفسيح، ويمكن للأب تخصيص بعض الوقت لتحقيق ذلك في نهاية الأسبوع مرة أو مرتين في الشهر. على أن يكون الخروج للمبيت، ليتحقق الهدف من هذا الخروج، وتطول مدة الاستمتاع، ويتوفر المجال المناسب للتحدث والتسامر.

ولا بأس أن يُقضى بعض الوقت في المساء على سطح المنـزل إن كان الخروج بصفة مستمرة إلى الخلاء متعذراً.

ويمكن للأب أيضاً إفادة أولاده بالجانب النظري في هذا الموضوع، وذلك من خلال تزويدهم بالمنشورات، والكتب المصورة، عن عجائب الكون الفسيح وغرائبه، وعظم أجرام السماء من النجوم والكواكب، وبعض العجائب التي دوّنها علماء الفلك، ويكون الجانب التطبيقي هو الخروج بالأولاد في هذه النـزهة المسائية الجميلة، ويحاول الأب من خلال حديثه إلى الأولاد، إظهار عظمة الله سبحانه وتعالى، مشيراً دائماً إلى قدرته العظيمة، وجميل صنعه، وإبداعه في هذا الكون، فعند استعراضه وشرحه لعجائب خلق الله في أجرام السماء، وضخامتها، يبين لطف الله ورحمته بأن نظّم لهذه الأجرام سيرها، فلا تحيد عنه ولا تخطئه، ولولا ذلك اللطف والرحمة منه، لاصطدمت ببعضها البعض، ولهلك الناس، وزالت معالم الدنيا.

وينتقل الأب مع أولاده من الكون الفسيح وعجائبه، إلى عجائب مخلوقات الله في الأرض، من حيوانات وحشرات وغيرها، مستعيناً في ذلك بالكتب العلمية المهتمة بهذا الجانب، ومستفيداً من كتابات ابن القيم رحمه الله تعالى في هذا المجال في كتابه "مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة"، فقد دوّن فيه كثيراً من عجائب صنع الله عز وجل في الكون، والإنسان، والحيوانات، والحشرات، فإذا راجعه الأب وجد مجالاً خصباً، ومعلومات جيدة، يمكنه شرحها للأولاد والاستفادة منها.

ويحاول الأب أن يظهر في استعراضه لهذه المخلوقات، فضل الله، ونعمته، وحكمته، في كل شيء من خلقه، فيظهر ذلك في خلق الإنسان وهيئته، وتركيب جسمه، وما في ذلك من العجائب، وفي خلق الدواب من الحيوانات والحشرات، في أجسامها، ومعاشها، وغير ذلك.

ففي الحشرات مثلاً يمكن أن يظهر الأب عجائب قدرة الله عز وجل من خلال استعمال جهاز المجهر المكبر، فيضع فيه شرائح من الحشرات، ويترك الأولاد ينظرون إلى تلك الأجزاء بعدما كُبّرت، فيرون أشياء عجيبة، لا يمكن أن تُرى بالعين المجردة، فيقع في أنفسهم ذلك التدبر، والتفكر، كما أن هذه المناظر التي رأوها لا يمكن أن ينسوها، بل تدفعهم إلى مزيد من الإطلاع والبحث في هذا الجانب، إذ أن الطفل شغوف بالجديد، محب للإطلاع والاكتشاف بطبعه.

ويترك الأب لأولاده العنان في التفكير والنظر في هذه العجائب، والغرائب من المخلوقات، في كل شيء خلقه الله عز وجل، ملاحظاً عدم تعرضهم إلى عالم الغيب بشيء من التكييف، أو التشبيه، أو التمثيل، ويبين لهم أن "العقل لا يستطيع أن يحكم، ولا يصح حكمه إلا في الأمور المادية المحدودة. أما ما وراءها أي عالم الغيب، فلا حكم للعقل عليه"، ويوضح لهم أن هذا من وساوس الشيطان ومكره بالإنسان، وأن النهي قد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدم الاسترسال مع هذا النوع من الوساوس فقال: "يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا وكذا؟ حتى يقول له: من خلق ربك؟ فإذا بلغ ذلك فليستعذ بالله ولينته"، وهذه المسألة يتنبه لها الأب ويُحذِّر منها الأولاد.

رد مع اقتباس
رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
طرق مشاهدة الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع إلى

 


الوقت في المنتدى حسب توقيت جرينتش +3 الساعة الآن 02:48 AM .


مجالس العجمان الرسمي

تصميم شركة سبيس زوون للأستضافة و التصميم و حلول الويب و دعم المواقع