سعيد شخص بسيط جداً كل من يراه لأول مرة يرحل وهو يحمل عنه انطباعاً بأنه إنسان (على نياته) يعيش في عالم وردي، سكان هذا العالم في نظره مثله ''علي نياتهم''، الكل صادق لا يوجد بينهم كذاب، طيبون لا مكان فيه للأشرار، انهم واضحون وصريحون دون أي تحفظ أو غموض·· ومع أن الدنيا تكشف له النقاب كل يوم عن أمور أخرى مغايرة لما يتخيلها الا أنه ''على نياته'' مصر على أن الدنيا ما زالت بخير!
سعيد كريم لا يستطيع أن يرد طلب أي سائل، فإن جاءه محتاج أجزل له العطاء حتى لو علم لاحقاً أنه ليس سوى نصاب محترف، وان لجأ إليه صديق لاقتراض مبلغا من المال أجاب طلبه عن طيب خاطر، حتى وان كان عاجزاً فلا يتردد في أن يكفله في البنك حتى لو كلفه ذلك أن يدفع جزءاً من الأقساط الشهرية من جيبه الخاص!
مشاوير سعيد اليومية محدودة جداً فهو من البيت الى عمله ·· ومن عمله إلى البيت ··· ومن البيت إلى المسجد ··· ومن المسجد إلى البيت ··· من البيت إلى بيت صديق الطفولة علي ·· ومن بيت علي إلى البيت··· من البيت إلى الجمعية التعاونية أول كل شهر ·· ومن الجمعية التعاونية - محملاً بالأكياس - إلى البيت!
سعيد يمتلك سيارة يابانية بيضاء اشتراها من الوكالة قبل ثمانية سنوات، عداد الكيلومترات فيها لم يتجاوز الستة آلاف كيلومتر، وبالرغم من الضغوط المتزايدة من قبل زوجته والحاحها عليه بشراء سيارة جديدة آخر موديل فهو لا يفكر بتغييرها قبل سنة 2020 ··!!
سعيد موظف مجد في عمله ومحبوب بشهادة الجميع، يؤدي عمله باتقان وعلى أكمل وجه، لم يحصل على ترقية منذ أكثر من عشرة سنوات، وراتبه لم يزد فلساً واحدا منذ أن حصل على آخر علاوة تشجيعية قبل خمسة سنوات، جميع زملائه ممن أقل منه سناً ومؤهلاً وكفاءة باتوا أعلى منه درجة، بل أن أحدهم كان قبل عدة اشهر يعمل تحت ادارته إذا به يتحول بقدرة قادر إلى رئيس قسم، كلما سأله أحد عن سبب تأخر الترقية أجابه بكلمة واحدة وهو يبتسم····· أرزاق···!!
سعيد ما زال محتفظاً بساعته ''الرادو'' القديمة التي أهديت اليه بمناسبة زفافه، ومذياعه الخشبي العتيق الذي لا يشتغل الا بعد ضربة قوية على إحدى جوانبه، وجهاز التلفاز 14 بوصة لأنه حء ةخ تءذءخ، وجهاز ألعاب ''أتاري'' وكمبيوتر ''صخر''، وأول لبس من أحية ''تميمة'' اشتراه بعد أن ادخر من مصروفه لثلاث سنوات متتالية!
قرر سعيد الدخول في عالم الأسهم والبورصة وسط المعمعة، فقام بوضع (تحويشة العمر) في أسهم شركة عقارية بناء على توصيات أحد الأصدقاء، مع مرور الأيام فقدت أسهم الشركة أكثر من 80 في المئة من قيمتها السوقية، والحبيب ··· ''على نياته'' ما زال واثقاً أن سعر السهو سيعود للارتفاع يوماً ما فهذا ما يصرح به محللو البورصة على القنوات الفضائية!
سعيد نجح في الوقوف على رجليه من جديد بعد نكسة الأسهم فادخر مبلغ من المال قرر أن يقتحم به عالم التجارة، فقام بمشاركة أحد الآسيويين في مشروع تجاري كبير، سنة واحدة فقط هرب بعدها الآسيوي إلى بلده بعد أن أتى على الاخضر واليابس وكبد الشركة خسائر فادحة، سعيد فصل من عمله، وباع سيارته اليابانية لتسديد جزء من الديون وحكم عليه بالسجن 5 سنوات!