معركة الكرامة

[علي سالم]

بسم الله الرحمن الرحيم
هي ليست معركة عادية في كل المفاهيم،فهي اول مواجه بين العدو الصهيوني و المقاتلين الفلسطينين في معركة تصادمية بالمفهوم العسكري وذالك خروجا عن طبيعة الثورة الشعبية وحرب العصابات حيث كان قرارا صعبا من قيادة الثورة والتي شارك بها فادة وموئسسيها،كما انها جاءت بعد اشهر قليلة على نكسة حزيران 1967 وهزيمة الجيوش العربية مجتمعة امام العدو الصهيوني مما اعاد الامل للشعوب العربية والفلسطينية بالنصر واعادة ما سلب من ارض.
كانت هذه المعركة من اقوى المعارك التي عرفت في تلك الفترة حيث استبسل بها الفلسطينيون ولبوا نداء الوطن والواجب الثوري.وبدات المعركة عندما اعلنت اسرائيل رسميا انها بصدد القضاء على مواقع الفدلئيين الفلسطينيين في مخيم الكرامة على بعد 5 كلم من جسر اللنبي،فقامت بشن هجوم واسع في 21/3/1968 على ضفة نهر الاردن الشرقية بين جسر الامير محمد شمالا حتى جنوب بحر الميت. لم يكن الهجوم مفاجئا لان الفدائيين والقوات الاردنية شاهدوا تحركات العدو قبل الهجوم بيومين، وعدا عن ذالك اعلن مندوب الاردن في الامم المتحدة ان اسرائيل تعد لهجوم على الاردن كما كانت تصريحات وتهديدات المسؤولين الاسرائيليين تشير الى ذالك بوضوح.
حشدت اسرائيل اربع الوية لتنفيذ الهجوم اضافة الى اربع اسراب نفاثة كغطاء جوي وحومات لنقل المشات وبلغ قوام هذه القوة 15000 جندي. اتخذ الفدائيين قرارا بالصمود الواعي للهجوم، وذالك لرفع معنويات الجماهير العربية والفلسطينية بعد نكسة 1967، وتحطيم معنويات العدو وانزال الخسائر في صفوفة وتحقيق الالتحام مع الجماهير.
في الخامسة والنصف من صباح 21/3 تحركت القوة الاسرائلية على 4 محاور، فعبرت النهر تحت غطاء المدفعية ولم تتقدم سوى 200 م حتى جوبهت بمقاومة عنيفة فدفعت بعناصر محمولة بالحوامات فتصدت لها القوات العربية وكبدتها خسائر كبيرة مما دفع القيادة الاسرائيلية الى زج قواتها الجويية بكثافة وذالك بقصف مرابض المدفعية الاردنية والمدافع المضادة للطائرات، ومواقع الفدائيين ومرابض الدبابات وخلال ذالك كانت الحوامات تنقل المزيد من الجنود وتعود بالقتلى والجرحى.تمكنت القوات المدرعة الاسرائيلية من الالتفاف بالقوات المنزلة جوا في الكرامة حوالي العاشرة من صباح 21/3 ودارت معارك دامية مع الفدائيين بدات بالبنادق والقنابل اليدوية ثم بالسلاح الابيض،فيما خاضت القوات الاردنية معارك عنيفة بالمدفعية منعت فيها العدو من التقدم.
في الثانية بعد الظهر كانت الخسائر الاسرائيلية تشير بوضوح الى حجم الثمن المدفوع من قبل اسرائيل في العملية ،فاذاعوا انهم حققوا هدف العملية وبداوا بالانسحاب وكانوا قد طلبوا وقف لاطلاق النار الساعة 11:30 بواسطة الجنرال اودبول المراقب الدولي ،لكن رئيس الحكومة الاردنيةرفض ذالك الا بعد انسحاب القوات الاسرائيلية وفعلا تم انسحاب اخر جندي اسرائيلي في الساعة 2،30 واثناء انسحابها تكبدت اسرائيل كثيرا من الخسائرلوقوعها في كمائن نصبتها المقاومة.
قاد العملية الاسرائيلية رئيس الجيش حاييم بارليف وكانت اول عملية تتخطى فيها اسرائيل نهر الاردن وقال يوري افنيري :ان المفهوم التكتيكي للعملية كان خاطئا من الاساس وان النتائج ادت الى نصر سيكولوجي للعدو الذي كبدنا خسائر كبيرة.بعد هذه المعركة تدفق سيل من المتطوعين للمقاومة ،وقوبل الشهداء في المدن العربية التي دفنوا فيها بمظاهرات كبرى وازداد اهتمام الصحافة العالمية بالمقاومة حتى ان الجماهير في السويد والنروج اطلقت هتافات معادية لاسرائيل اثناء زيارة ابا ايبان في 7/5/1968 كما كانت معركة الكرامة نوع من استرداد جزء من الكرامة المفقودة في حرب 1967.
خسر العدو في المعركة 70 قتيلا واكثر من 100 جريح ،و45 دبابة و25 عربة مجنزرة و 27 الية و 5 طائرات.
اما الجانب الفلسطيني كان هناك 17 شهيدا واما الاردتيون فقد خسروا 20 شهيدا و65 جريحا 10 دبابات و10 اليات ومدفعين ودمر الاسرائلييون اثناء انسحابهم عددا من المنازل واخزوا معهم 147 عربيا من الفلاحين بحجة انهم من الفادئيين.

نصر من الله و فتح قريب
لاجئ من لبنان