مجالس العجمان الرسمي

العودة   مجالس العجمان الرسمي > ~*¤ô ws ô¤*~المجالس العامة~*¤ô ws ô¤*~ > مجلس الدراسات والبحوث العلمية

مجلس الدراسات والبحوث العلمية يعنى بالدراسات والبحوث العلمية وفي جميع التخصصات النظرية والتطبيقية.

رد
 
أدوات الموضوع طرق مشاهدة الموضوع
  #1  
قديم 16-07-2007, 05:14 PM
الشهــاب الشهــاب غير متصل
Banned
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
المشاركات: 572
معدل تقييم المستوى: 0
الشهــاب is on a distinguished road
Lightbulb من أصول أهل السنة والجماعة (فضيلة الدكتور صالح بن فوزان الفوزان)

الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا وقدوتنا وحبيبنا محمد رسول الله ، ورضي الله عن أصحابه البررة الأطهار ؛ المهاجرين والأنصار . وبعد :

فهذه كلمات مختصرة في بيان عقيدة أهل السنة والجماعة ، دعا إلى كتابتها ما تعيشه الأمة الإسلامية اليوم من تفرق واختلاف ؛ يتمثلان في كثرة الفرق المعاصرة والجماعات المختلفة . كل يدعو إلى نحلته ويزكي جماعته ، حتى أصبح المسلم الجاهل في حيرة من أمره من يتبع ؟ وبمن يقتدي ؟ وأصبح الكافر الذي يريد أن يسلم لا يدري ما هو الإسلام الصحيح الذي قرأ وسمع عنه ؛ الإسلام الذي هدى إليه القرآن وسنة النبي صلى الله عليه وسلم ، الإسلام الذي مثلته حياة الصحابة الكرام ، وانتهجته القرون المفضلة . وإنما يرى للإسلام أسماء في الغالب بدون مسمى ، كما قال أحد.

(الجزء رقم : 35، الصفحة رقم: 142)

المستشرقين : الإسلام محجوب بأهله ، يعني المنتسبين إليه بدون اتصاف بحقيقته .

لا نقول إن الإسلام مفقود بالكلية ؛ لأن الله سبحانه وتعالى ضمن بقاءه ببقاء كتابه ، كما قال تعالى سورة الحجر الآية 9 إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ، وببقاء جماعة من المسلمين تقوم على تطبيقه وحفظه والدفاع عنه ، كما قال تعالى : سورة المائدة الآية 54 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ وقال تعالى : سورة محمد الآية 38 وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ ، نعم هي الجماعة التي قال عنها الرسول صلى الله عليه وسلم : صحيح مسلم الإمارة (1920),سنن الترمذي الفتن (2229),سنن أبو داود الفتن والملاحم (4252),سنن ابن ماجه الفتن (3952),مسند أحمد بن حنبل (5/279). لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين ، لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم ، حتى يأتي أمر الله تبارك وتعالى ، وهم على ذلك . ومن هنا يجب علينا التعرف على هذه الجماعة المباركة التي تمثل الإسلام الصحيح ، جعلنا الله منها ؛ ليعرفها من يريد التعرف على الإسلام الصحيح ، وعلى أهله الحقيقيين ؛ ليقتدي بهم ويسير في ركابهم ، ولينضم إليها من يريد الدخول في الإسلام من الكفار .

المراد بالفرقة الناجية أهل السنة والجماعة

كان المسلمون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أمة واحدة كما قال تعالى : سورة الأنبياء الآية 92 إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ، وكم حاول اليهود والمنافقون تفريق المسلمين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يستطيعوا ، قال المنافقون : سورة المنافقون الآية 7 لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا ، فرد الله عليهم بقوله : سورة المنافقون الآية 7 وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ ، حاول اليهود تفريق المسلمين ، وارتدادهم عن دينهم :


(الجزء رقم : 35، الصفحة رقم: 143)

سورة آل عمران الآية 72 وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ، لكن الخطة لم تنجح ؛ لأن الله كشفها وفضحها ؛ حاولوا مرة ثانية ، فأخذوا يذكرون الأنصار ما جرى بينهم من عداوة وحروب قبل الإسلام ، وما تقاولوا به من أشعار الهجاء فيما بينهم ، فكشف الله خطتهم بقوله تعالى : سورة آل عمران الآية 100 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ ، إلى قوله تعالى : سورة آل عمران الآية 106 يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ ، وجاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى الأنصار فوعظهم وذكرهم بنعمة الإسلام ، واجتماعهم به بعد الفرقة- فتصافحوا وتعانقوا وفشلت خطة اليهود ، وبقي المسلمون أمة واحدة ، والله تعالى أمرهم بالاجتماع على الحق ، ونهاهم عن الاختلاف والتفرق- فقال تعالى سورة آل عمران الآية 105 وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ ، وقال تعالى : سورة آل عمران الآية 103 وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا .

وقد شرع لهم سبحانه الاجتماع في أداء العبادات في الصلاة والصيام والحج وطلب العلم . والنبي صلى الله عليه وسلم كان يحث على اجتماع المسلمين ، وينهاهم عن التفرق والاختلاف .

وكان صلى الله عليه وسلم يخبر خبرا معناه الحث على الاجتماع والنهي عن التفرق ، فكان يخبر بحدوث تفرق في هذه الأمة ، كما حصل للأمم قبلها ؛ حيث قال صلى الله عليه وسلم : سنن الترمذي العلم (2676),سنن أبو داود السنة (4607),سنن ابن ماجه المقدمة (44),مسند أحمد بن حنبل (4/126),سنن الدارمي المقدمة (95). فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا ، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي .

وقال صلى الله عليه وسلم : سنن الترمذي الإيمان (2640),سنن أبو داود السنة (4596),سنن ابن ماجه الفتن (3991),مسند أحمد بن حنبل (2/332). افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة ، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة ، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة- كلها في النار إلا واحدة . قلنا من هي يا رسول

(الجزء رقم : 35، الصفحة رقم: 144)

الله- قال : من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي ، وقد وقع ما أخبر به صلى الله عليه وسلم فتفرقت الأمة في أواخر عصر الصحابة ، ولكن هذا التفرق لم يؤثر كثيرا في كيان الأمة ، طيلة عصر القرون المفضلة التي أثنى عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: صحيح البخاري الشهادات (2508),صحيح مسلم فضائل الصحابة (2535),سنن النسائي الأيمان والنذور (3809),سنن أبو داود السنة (4657),مسند أحمد بن حنبل (4/427). خيركم قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم ، قال الراوي : لا أدري ذكر بعد قرنه قرنين أو ثلاثة . وذلك لوفرة العلماء من المحدثين والمفسرين والفقهاء ، بما فيهم علماء التابعين وأتباع التابعين والأئمة الأربعة وتلاميذهم ، ولقوة دولة الإسلام في تلك القرون ، فكانت الفرق المخالفة تجد الجزاء الرادع بالحجة والقوة .

وبعد انقضاء عصر القرون المفضلة ، اختلط المسلمون بغيرهم من أصحاب الديانات المخالفة ، وعربت علوم أهل الملل الكافرة ، واتخذ ملوك الإسلام بعض البطانات من أهل الكفر والضلال ، فصار منهم الوزراء والمستشارون ، فاشتد الخلاف وتعددت الفرق والنحل ، ونجحت المذاهب الباطلة ، ولا يزال ذلك مستمرا إلى وقتنا هذا ، وإلى ما شاء الله .

ولكن بحمد الله بقيت الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة متمسكة بالإسلام الصحيح ، تسير عليه وتدعو إليه ، ولا تزال ولن تزال بحمد الله ؛ مصداقا لما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم من بقاء هذه الفرقة واستمرارها وصمودها ، وذلك فضل من الله سبحانه ، من أجل بقاء هذا الدين وإقامة الحجة على المعاندين .

إن هذه الطائفة المباركة تمثل ما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم مع الرسول صلى الله عليه وسلم ، في القول والعمل والاعتقاد ، كما قال صلى الله عليه وسلم : سنن الترمذي الإيمان (2641). هم من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي ، إنهم بقية صالحة من الذين قال الله فيهم : سورة هود الآية 116 فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ .
أسماء الفرقة الناجية ومعناها

لما كانت هذه الفرقة هي الفرقة السالمة من الضلال- تطلب الأمر معرفة أسمائها وعلاماتها ؛ ليقتدى بها ، فلها أسماء عظيمة تميزت بها من بين سائر الفرق ، ومن أهم هذه الأسماء والعلامات : أنها الفرقة الناجية ، الطائفة المنصورة ، أهل السنة والجماعة ، ومعانيها كما يلي :

1 - أنها الفرقة الناجية ؛ أي الناجية من النار ، حيث استثناها النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر الفرق وقال : سنن ابن ماجه الفتن (3993),مسند أحمد بن حنبل (3/120). كلها في النار إلا واحدة ؛ يعني ليست في النار .

2 - أنها تتمسك بكتاب الله وسنة رسوله ، وما كان عليه السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار ؛ حيث قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم : سنن الترمذي الإيمان (2641). هم من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي .

3 - أن أهلها هم أهل السنة والجماعة ، فهم يتميزون بميزتين عظيمتين ؛ الأولى : تمسكهم بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم ، حتى صاروا أهلها ، بخلاف سائر الفرق ؛ فهي تتمسك بآرائها وأهوائها وأقوال قادتها ، فهي لا تنسب إلى السنة ، وإنما تنسب إلى بدعها وضلالتها كالقدرية والمرجئة ، أو إلى أئمتهم كالجهمية ، أو إلى أفعالهم القبيحة كالرافضة والخوارج ، والميزة الثانية أنهم أهل الجماعة ؛ لاجتماعهم على الحق وعدم تفرقهم ، بخلاف الفرق الأخرى لا يجتمعون على حق ، وإنما يتبعون أهواءهم ، فلا حق يجمعهم .

4 - أنها الطائفة المنصورة إلى قيام الساعة ؛ لأنها نصرت دين الله فنصرها الله ، كما قال تعالى : سورة محمد الآية 7 إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ ، ولهذا قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم : صحيح البخاري المناقب (3442),صحيح مسلم الإمارة (1037),مسند أحمد بن حنبل (4/93). لا يضرهم من خذلهم ، ولا من خالفهم ، حتى يأتي أمر الله تبارك وتعالى وهم على ذلك .

أصول أهل السنة والجماعة

إن أهل السنة والجماعة يسيرون على أصول ثابتة وواضحة في الاعتقاد والعمل والسلوك ، وهذه الأصول العظيمة مستمدة من كتاب الله وسنة رسوله ، وما كان عليه سلف هذه الأمة من الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان ، وهذه الأصول تتلخص فيما يلي :

الأصل الأول : الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ، والإيمان بالقدر خيره وشره .

1 - فالإيمان بالله يعني الإقرار بأنواع التوحيد الثلاثة ، واعتقادها والعمل بها ، وهي توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية وتوحيد الأسماء والصفات ؛ فتوحيد الربوبية معناه توحيد الله بأفعاله من الخلق والرزق ، والإحياء والإماتة ، وأنه رب كل شيء ومليكه ، وتوحيد الألوهية معناه إفراد الله بأفعال العباد التي يتقربون بها إليه- إذا كانت مما شرعه الله ؛ كالدعاء والخوف والرجاء والمحبة ، والذبح والنذر والاستعانة والاستعاذة والاستغاثة ، والصلاة والصوم والحج ، والإنفاق في سبيل الله ، وكل ما شرعه الله وأمر به ، لا يشركون مع الله غيره فيه ، لا ملكا ولا نبيا ولا وليا غيرهم .

وتوحيد الأسماء والصفات معناه : إثبات ما أثبته الله لنفسه ، أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من الأسماء والصفات ، وتنزيه الله عما نزه عنه نفسه ، أو نزهه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم من العيوب والنقائص ، من غير تمثيل ولا تشبيه ، ومن غير تحريف ولا تعطيل ولا تأويل ، كما قال تعالى : سورة الشورى الآية 11 لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ، وكما قال تعالى : سورة الأعراف الآية 180 وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا .

2 - والإيمان بالملائكة معناه : التصديق بوجودهم ، وأنهم خلق من خلق الله خلقهم من نور ؛ خلقهم لعبادته ، وتنفيذ أوامره في الكون ، كما قال تعالى :


(الجزء رقم : 35، الصفحة رقم: 147)

سورة الأنبياء الآية 26 بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ سورة الأنبياء الآية 27 لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ , سورة فاطر الآية 1 جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ .

3 - والإيمان بالكتب يعني : التصديق بها ، وبما فيها من الهدى والنور ، وأن الله أنزلها على رسله لهداية البشر ، وأعظمها الكتب الثلاثة التوراة والإنجيل والقرآن ، وأعظم الثلاثة القرآن الكريم ، وهو المعجزة العظمى ؛ قال تعالى : سورة الإسراء الآية 88 قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ، ويؤمن أهل السنة والجماعة بأن القرآن كلام الله منزل غير مخلوق ؛ حروفه ومعانيه ، خلافا للجهمية والمعتزلة ، القائلين بأن القرآن مخلوق كله حروفه ومعانيه .

وخلافا للأشاعرة ، ومن شابههم ، القائلين بأن كلام الله هو المعاني ، وأما الحروف فهي مخلوقة ، وكلا القولين باطل . قال تعالى : سورة التوبة الآية 6 وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ , سورة الفتح الآية 15 يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ ؛ فهو كلام الله لا كلام غيره .

4 - والإيمان بالرسل يعني : التصديق بهم جميعا ؛ من سمى الله منهم ، ومن لم يسم ، من أولهم إلى آخرهم . وآخرهم وخاتمهم نبينا محمد ، عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام ، والإيمان بالرسل إيمان مجمل ، والإيمان بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم إيمان مفصل ، واعتقاد أنه خاتم الرسل ؛ فلا نبي بعده ، ومن لم يعتقد ذلك فهو كافر ، والإيمان بالرسل يعني أيضا : عدم الإفراط والتفريط في حقهم ، خلافا لليهود والنصارى الذين غلوا وأفرطوا في بعض الرسل ، حتى جعلوهم أبناء الله ، كما قال تعالى : سورة التوبة الآية 30 وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ، والصوفية والفلاسفة فرطوا في حق الرسل ، وتنقصوهم وفضلوا أئمتهم عليهم ، والوثنيون والملاحدة

(الجزء رقم : 35، الصفحة رقم: 148)

كفروا بجميع الرسل . واليهود كفروا بعيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام ، والنصارى كفروا بمحمد ، ومن آمن ببعضهم وكفر ببعضهم- فهو كافر بالجميع ؛ قال تعالى : سورة النساء الآية 150 إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا سورة النساء الآية 151 أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا ، وقال تعالى : سورة البقرة الآية 285 لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ .

5 - والإيمان باليوم الآخر يعني : التصديق بكل ما يكون بعد الموت ، مما أخبر الله به ورسوله من عذاب القبر ونعيمه ، والبعث من القبور والحشر ، والحساب ووزن الأعمال ، وإعطاء الصحف باليمين أو الشمال ، والصراط والجنة والنار . والاستعداد لذلك بالأعمال الصالحة ، وترك الأعمال السيئة والتوبة منها .

وقد كفر باليوم الآخر الدهريون والمشركون ، واليهود والنصارى ؛ لم يؤمنوا به الإيمان الصحيح المطلوب ، وإن آمنوا بوقوعه سورة البقرة الآية 111 وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى , سورة البقرة الآية 80 وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً .

6 - والإيمان بالقدر يعني : الإيمان بأن الله علم كل شيء ؛ ما كان وما يكون ، وقدر ذلك وكتبه في اللوح المحفوظ ، وأن كل ما يجري من خير وشر ، وكفر وإيمان ، وطاعة ومعصية- فقد شاءه الله وقدره وخلقه ، وأنه يحب الطاعة ويكره المعصية .

وللعباد قدرة على أفعالهم ، واختيار وإرادة لما يقع منهم من طاعة أو معصية- لكن ذلك تابع لإرادة الله ومشيئته ، خلافا للجبرية الذين يقولون إن العبد مجبر

(الجزء رقم : 35، الصفحة رقم: 149)

على أفعاله ، ليس له اختيار ، وللقدرية الذين يقولون إن العبد له إرادة مستقلة ، وأنه يخلق فعل نفسه ، وأن إرادة العبد ومشيئته خارجة عن إرادة الله ومشيئته ، وأنه يخلق فعل نفسه .

وقد رد الله على الطائفتين في قوله تعالى سورة الإنسان الآية 30 وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ، فأثبت للعبد مشيئته ردا على الجبرية الغلاة ، وجعلها تابعة لمشيئة الله ردا على القدرية النفاة .

والإيمان بالقدر يكسب العبد صبرا على المصائب ، وابتعادا عن الذنوب والمعائب .

كما يدفعه إلى العمل ، ويبعد عنه العجز والخوف والكسل .
ثانيا : ومن أصول أهل السنة والجماعة ، أن الإيمان قول وعمل واعتقاد ، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ، فليس الإيمان قولا وعملا دون اعتقاد ؛ لأن هذا إيمان المنافقين ، وليس هو مجرد المعرفة ، وبدون قول وعمل ؛ لأن هذا إيمان الكافرين الجاحدين ؛ قال تعالى سورة النمل الآية 14 وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا ، وقال تعالى : سورة الأنعام الآية 33 فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ ، وقال تعالى : سورة العنكبوت الآية 38 وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ .

وليس الإيمان اعتقادا فقط ، أو قولا واعتقادا دون عمل ؛ لأن هذا إيمان المرجئة ، والله تعالى كثيرا ما يسمي الأعمال إيمانا ؛ قال تعالى : سورة الأنفال الآية 2 إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ سورة الأنفال الآية 3 الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ سورة الأنفال الآية 4 أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا ، وقال تعالى : سورة البقرة الآية 143 وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ أي صلاتكم إلى بيت المقدس ، سمى الصلاة إيمانا .


(الجزء رقم : 35، الصفحة رقم: 150)

ثالثا : ومن أصول أهل السنة والجماعة ، أنهم لا يكفرون أحدا من المسلمين ، إلا إذا ارتكب ناقضا من نواقض الإسلام ، أما الكبائر التي هي دون الشرك- فإنهم لا يحكمون على مرتكبها أي الكبائر بالكفر ، إلا إذا دل دليل على كفره ؛ كترك الصلاة تكاسلا ، فإنه قد دل الدليل على كفره ، وإنما يحكمون عليه بالفسق ونقص الإيمان ، وإذا لم يتب منها - فإنه تحت المشيئة ، إن شاء الله غفر له ، وإن شاء عذبه ، لكنه لا يخلد في النار ؛ قال تعالى : سورة النساء الآية 116 إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ، ومذهب أهل السنة في ذلك وسط ، بين الخوارج الذين يكفرون مرتكب الكبيرة ، وإن كانت دون الشرك ، وبين المرجئة الذين يقولون : هو مؤمن كامل الإيمان ، ويقولون : لا يضر مع الإيمان معصية ، كما لا ينفع مع الكفر طاعة .

رابعا : ومن أصول أهل السنة والجماعة : وجوب طاعة ولاة أمور المسلمين ، ما لم يأمروا بمعصية ، فإذا أمروا بمعصية- فلا تجوز طاعتهم فيها ، وتبقى طاعتهم بالمعروف في غيرها ؛ عملا بقوله تعالى : سورة النساء الآية 59 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : سنن الترمذي العلم (2676),سنن ابن ماجه المقدمة (42),مسند أحمد بن حنبل (4/126),سنن الدارمي المقدمة (95). أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة ، وإن تأمر عليكم عبد ، ويرون أن معصية الأمير المسلم معصية لرسول الله ؛ عملا بقوله صلى الله عليه وسلم : صحيح البخاري الجهاد والسير (2797),صحيح مسلم الإمارة (1835),سنن ابن ماجه الجهاد (2859),مسند أحمد بن حنبل (2/313). من يطع الأمير فقد أطاعني ، ومن عصى الأمير فقد عصاني ، ويرون الصلاة خلفهم ، والجهاد معهم ، والدعاء لهم بالصلاح والاستقامة ومناصحتهم .
خامسا : ومن أصول أهل السنة تحريم الخروج على ولاة أمور المسلمين ، إذا ارتكبوا مخالفة دون الكفر ؛ لأمره صلى الله عليه وسلم بطاعتهم في غير معصية ، ما لم يحصل منهم كفر بواح ، بخلاف المعتزلة الذين يوجبون الخروج على الأئمة إذا ارتكبوا شيئا من الكبائر ، ولو لم يكن كفرا ، ويعتبرون هذا من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والواقع أن عمل المعتزلة هذا هو أعظم المنكر ؛ لما يترتب

(الجزء رقم : 35، الصفحة رقم: 151)

عليه من مخاطر عظيمة من الفوضى وفساد الأمر ، واختلاف الكلمة وتسلط الأعداء .
سادسا : ومن أصول أهل السنة والجماعة سلامة قلوبهم وألسنتهم لأصحاب رسول الله ، كما وصفهم الله بذلك في قوله تعالى ، لما ذكر المهاجرين والأنصار وأثنى عليهم ، قال تعالى : سورة الحشر الآية 10 وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ، وعملا بقوله صلى الله عليه وسلم صحيح البخاري المناقب (3470),صحيح مسلم فضائل الصحابة (2541),سنن الترمذي المناقب (3861),سنن أبو داود السنة (4658),سنن ابن ماجه المقدمة (161),مسند أحمد بن حنبل (3/55). لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده ، لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا- ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه ، خلافا للمبتدعة من الرافضة والخوارج الذين يسبون الصحابة ويجحدون فضائلهم ، ويرى أهل السنة أن الخليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي رضي الله عنهم أجمعين ، فمن طعن في خلافة واحد من هؤلاء- فهو أضل من حمار أهله ؛ لمخالفته النص والإجماع على خلافة هؤلاء ، على هذا الترتيب .

سابعا : ومن أصول أهل السنة والجماعة محبة أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوليهم ؛ عملا بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم ، بقوله : صحيح مسلم فضائل الصحابة (2408),مسند أحمد بن حنبل (4/367),سنن الدارمي فضائل القرآن (3316). أذكركم الله في أهل بيتي ، ومن أهل بيته أزواجه أمهات المؤمنين رضي الله عنهن وأرضاهن ، فقد قال الله تعالى بعدما خاطبهن بقوله : سورة الأحزاب الآية 30 يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ ووجه إليهن نصائح ووعدهن بالأجر العظيم ، قال تعالى : سورة الأحزاب الآية 33 إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ، والأصل في أهل البيت قرابة النبي صلى الله عليه وسلم ، والمراد بهم هنا الصالحون منهم خاصة ، أما قرابته غير الصالحين- فليس لهم حق ؛ كعمه أبي لهب ومن شابهه ، قال تعالى : سورة المسد الآية 1 تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ السورة ؛ فمجرد القرابة من الرسول صلى الله عليه وسلم والانتساب إليه ، من غير صلاح الدين ، لا يغني صاحبه من الله شيئا ؛ قال صلى الله عليه وسلم : صحيح البخاري الوصايا (2602),صحيح مسلم الإيمان (206),سنن الترمذي تفسير القرآن (3185),سنن النسائي الوصايا (3646),مسند أحمد بن حنبل (2/361),سنن الدارمي الرقاق (2732). يا معشر قريش اشتروا

(الجزء رقم : 35، الصفحة رقم: 152)

أنفسكم لا أغني عنكم من الله شيئا ، يا عباس عم رسول الله لا أغني عنك من الله شيئا ، يا صفية عمة رسول الله لا أغني عنك من الله شيئا ، يا فاطمة بنت محمد سليني من مالي ما شئت لا أغني عنك من الله شيئا ، وقرابة الرسول الصالحون لهم علينا حق الإكرام والمحبة والاحترام ، ولا يجوز لنا أن نغلو فيهم ؛ فنتقرب إليهم بشيء من العبادة ، أو نعتقد فيهم أنهم ينفعون أو يضرون من دون الله ؛ لأن الله سبحانه يقول لنبيه صلى الله عليه وسلم : سورة الجن الآية 21 قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا ، سورة الأعراف الآية 188 قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ .

فإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم كذلك ، فكيف بغيره ، فما يعتقده بعض الناس بمن ينتسبون لقرابة الرسول اعتقاد باطل .

ثامنا : ومن أصول أهل السنة والجماعة التصديق بكرامات الأولياء ، وهي ما قد يجريه الله على أيدي بعضهم ، من خوارق العادات إكراما لهم ، كما دل على ذلك الكتاب والسنة ، وقد أنكر وقوع الكرامات المعتزلة والجهمية ، وهو إنكار لأمر واقع معلوم ، ولكن يجب أن نعلم أن من الناس في وقتنا من ضل في موضوع الكرامات وغالى فيها ، حتى أدخل فيها ما ليس منها من الشعوذة وأعمال السحرة والشياطين والدجالين ، والفرق واضح بين الكرامة والشعوذة ؛ فالكرامة ما يجري على أيدي عباد الله الصالحين ، والشعوذة ما يجري على يد السحرة والكفرة والملاحدة ؛ بقصد إضلال الخلق وابتزاز أموالهم ، والكرامة سببها الطاعة ، والشعوذة سببها الكفر والمعاصي .

تاسعا : ومن أصول أهل السنة والجماعة ، في الاستدلال ، اتباع ما جاء في كتاب الله أو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، باطنا وظاهرا ، واتباع ما كان عليه الصحابة من المهاجرين والأنصار عموما ، واتباع الخلفاء الراشدين خصوصا ؛ حيث أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بذلك في قوله صلى الله عليه وسلم سنن الترمذي العلم (2676),سنن ابن ماجه المقدمة (44),مسند أحمد بن حنبل (4/126),سنن الدارمي المقدمة (95). عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين .


(الجزء رقم : 35، الصفحة رقم: 153)

ولا يقدمون على كلام الله وكلام رسوله كلام أحد من الناس ؛ ولهذا سموا أهل الكتاب والسنة ، وبعد أخذهم بكتاب الله وسنة رسول الله- يأخذون بما أجمع عليه علماء الأمة ، وهذا هو الأصل الثالث الذي يعتمدون عليه بعد الأصلين الأولين ؛ الكتاب والسنة .

وما اختلف فيه الناس ردوه إلى الكتاب والسنة ؛ عملا بقوله تعالى : سورة النساء الآية 59 فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ؛ فهم لا يعتقدون العصمة لأحد غير رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا يتعصبون لرأي أحد حتى يكون موافقا للكتاب والسنة ، ويعتقدون أن المجتهد يخطئ ويصيب ، ولا يسمحون بالاجتهاد إلا لمن توفرت فيه شروطه المعروفة عند أهل العلم ، ولا إنكار عندهم في مسائل الاجتهاد السائغ .

فالاختلاف عندهم في المسائل الاجتهادية- لا يوجب العداوة والتهاجر بينهم ، كما يفعله المتعصبة وأهل البدع ، بل يحب بعضهم بعضا ، ويوالي بعضهم بعضا ، ويصلي بعضهم خلف بعض مع اختلافهم في بعض المسائل الفرعية ، بخلاف أهل البدع ؛ فإنهم يعادون أو يضللون أو يكفرون من خالفهم .

(الخاتمة )

ثم هم مع هذه الأصول ، التي مر ذكرها ، يتحلون بصفات عظيمة هي من مكملات العقيدة ، ومن أعظم هذه الصفات :

أولا : أنهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، على ما توجبه الشريعة ؛ عملا بقوله تعالى : سورة آل عمران الآية 110 كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ، وبقوله صلى الله عليه وسلم : صحيح مسلم الإيمان (49),سنن الترمذي الفتن (2172),سنن النسائي الإيمان وشرائعه (5009),سنن أبو داود الصلاة (1140),سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1275),مسند أحمد بن حنبل (3/54). من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان ، وقلنا على ما توجبه الشريعة ، خلافا للمعتزلة الذين يخرجون بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عما توجبه الشريعة ، فيرون أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو الخروج على ولاة أمر المسلمين - إذا ارتكبوا معصية ، وإن كانت دون الكفر . فأهل السنة والجماعة يرون مناصحتهم في ذلك ، دون الخروج عليهم ، وذلك لأجل جمع الكلمة والابتعاد عن الفرقة والاختلاف ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ولعله لا يكاد يعرف طائفة خرجت على ذي سلطان ، إلا وكان في خروجها من الفساد أكثر من الذي في إزالته .

ثانيا : ومن صفات أهل السنة والجماعة المحافظة على إقامة شعائر الإسلام ، من إقامة صلاة الجمعة والجماعة ، خلافا للمبتدعة والمنافقين الذين لا يقيمون الجمعة والجماعة .

ثالثا : ومن صفاتهم قيامهم بالنصيحة لكل مسلم ، والتعاون على البر والتقوى ؛ عملا بقوله صلى الله عليه وسلم صحيح مسلم الإيمان (55),سنن النسائي البيعة (4197),سنن أبو داود الأدب (4944),مسند أحمد بن حنبل (4/102). الدين النصيحة . قلنا لمن ؟ قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ، وبقوله صلى الله عليه وسلم صحيح البخاري الصلاة (467),صحيح مسلم البر والصلة والآداب (2585),سنن الترمذي البر والصلة (1928),سنن النسائي الزكاة (2560),مسند أحمد بن حنبل (4/405). المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا .

رابعا : ومن صفاتهم : ثباتهم في مواقف الامتحان ، وذلك بالصبر عند البلاء ، والشكر عند الرخاء ، والرضا بمر القضاء .


(الجزء رقم : 35، الصفحة رقم: 155)

خامسا : ومن صفاتهم أنهم يتحلون بمكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال ، وبر الوالدين وصلة الأرحام وحسن الجوار ، وينهون عن الفخر والخيلاء ، والبغي والظلم ، والترفع على الناس ؛ عملا بقوله تعالى : سورة النساء الآية 36 وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا ، وبقوله صلى الله عليه وسلم : سنن الترمذي الرضاع (1162),مسند أحمد بن حنبل (2/250),سنن الدارمي الرقاق (2792). أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا ، نسأل الله عز وجل أن يجعلنا منهم بمنه وكرمه ، وألا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .


منقول من الرئاسة العامة للبحوث العلمية والافتاء
مجلة البحوث الإسلامية /العدد ألخامس والثلاثون الاصدار : من ذو القعدة الى صفر لسنة 1412ه1413ه

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 20-07-2007, 07:32 PM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road
رد: من أصول أهل السنة والجماعة (فضيلة الدكتور صالح بن فوزان الفوزان)

جزاك الله خير ولا هنت اخي الكريم الشهاب على هذا البحث القيم

 

التوقيع

 



من كتاباتي
صرخاااات قلم (( عندما تنزف ريشة القلم دما ))
قلم معطل وقلم مكسوووور
عندما ’تطرد من قلوب الناس !!!!!!(وتدفن في مقبرة ذاتك)
دعاة محترفون لا دعاة هواه ( 1)
الداعية المحترف واللاعب المحترف لا سواء(2)
نعم دعاة محترفين لا دعاة هواة!!!! (( 3 ))
خواطر وجها لوجه
همسة صاااااااااااارخه
خواطر غير مألوفه
اليوم يوم الملحمه ...
على جماجم الرجال ننال السؤدد والعزه
عالم ذره يعبد بقره !!!
معذرة يا رسول الله فقد تأخر قلمي
دمعة مجاهد ودم شهيد !!!!!!
انااااااااا سارق !!!!
انفلونزا العقووووووووول
مكيجة الذات
الجماهير الغبيه
شمووووخ إمرأه

 
 
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 23-07-2007, 04:58 PM
الشهــاب الشهــاب غير متصل
Banned
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
المشاركات: 572
معدل تقييم المستوى: 0
الشهــاب is on a distinguished road
رد: من أصول أهل السنة والجماعة (فضيلة الدكتور صالح بن فوزان الفوزان)

مشكور اخي فالح على المرور والتعليق

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 23-07-2007, 05:56 PM
قــــــهـــيـــدان قــــــهـــيـــدان غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
المشاركات: 253
معدل تقييم المستوى: 17
قــــــهـــيـــدان is on a distinguished road
رد: من أصول أهل السنة والجماعة (فضيلة الدكتور صالح بن فوزان الفوزان)

الله لا يهينك على البحث القيم والرائع
لبن فوزان الله يجزاك الف خير
تقبل مروري

 

التوقيع

 



الله لا يهين مهرة النسيان على التصميم كل الشكر لها

 
 
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 23-07-2007, 11:47 PM
الصورة الرمزية مسفر مبارك
مسفر مبارك مسفر مبارك غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2007
الدولة: United Kingdom
المشاركات: 10,708
معدل تقييم المستوى: 28
مسفر مبارك is on a distinguished road
رد: من أصول أهل السنة والجماعة (فضيلة الدكتور صالح بن فوزان الفوزان)

جزاك الله خير يالشهاب والله لايهينك

 

التوقيع

 

ياصاحبي مافادنا كثر الأحلام ، واللي في خاطرنا عجزنا نطوله
:
نمشي ورى والوقت يمشي لقـدام ، ضعنا وضيّعنا كلاماً نقولــه
:


::




 
 
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 24-07-2007, 01:24 AM
الصورة الرمزية ~ورد~
~ورد~ ~ورد~ غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Oct 2006
الدولة: (^_^)
المشاركات: 1,415
معدل تقييم المستوى: 19
~ورد~ is on a distinguished road
رد: من أصول أهل السنة والجماعة (فضيلة الدكتور صالح بن فوزان الفوزان)

يعطيك الف عافيه على الموضوع

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 26-07-2007, 09:21 AM
الشهــاب الشهــاب غير متصل
Banned
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
المشاركات: 572
معدل تقييم المستوى: 0
الشهــاب is on a distinguished road
رد: من أصول أهل السنة والجماعة (فضيلة الدكتور صالح بن فوزان الفوزان)

مشكور يا قهيدان على المرور والتعليق

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 26-07-2007, 09:21 AM
الشهــاب الشهــاب غير متصل
Banned
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
المشاركات: 572
معدل تقييم المستوى: 0
الشهــاب is on a distinguished road
رد: من أصول أهل السنة والجماعة (فضيلة الدكتور صالح بن فوزان الفوزان)

مشكور يا مسفر على المرور- وفقك الله

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 26-07-2007, 09:22 AM
الشهــاب الشهــاب غير متصل
Banned
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
المشاركات: 572
معدل تقييم المستوى: 0
الشهــاب is on a distinguished road
رد: من أصول أهل السنة والجماعة (فضيلة الدكتور صالح بن فوزان الفوزان)

ولا هنت ياراكان- والله يعطيك العافية

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 19-08-2007, 03:51 PM
الصورة الرمزية عـسـاه خـيـر
عـسـاه خـيـر عـسـاه خـيـر غير متصل
ناصر آل رشيد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2007
الدولة: Mubarak Al-Kabeer
المشاركات: 5,519
معدل تقييم المستوى: 23
عـسـاه خـيـر is on a distinguished road
رد: من أصول أهل السنة والجماعة (فضيلة الدكتور صالح بن فوزان الفوزان)

جزاك الله خير ولا هنت اخي الكريم الشهاب على هذا البحث القيم

 

التوقيع

 

 
 
رد مع اقتباس
رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع إلى

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
( أول فتاة سعودية ) تقود السيارة+ صور د.محمداليامي المجلس العــــــام 43 04-09-2009 06:42 PM
دروس العلامة صالح بن فوزان الفوزان ارجووو التثبيت للافادة....! خــــــــــطاب المجلس الإســــلامي 4 27-05-2007 08:24 AM
63 داعية يكتبون بيان خطر ( ستار اكاديمي ) saad المجلس العــــــام 6 24-11-2006 08:54 AM
سيرة الفارس شالح بن هدلان وابنه ذيب محمد الهتلاني مجلس التاريخي العام 2 21-04-2006 12:54 PM
النسخة الجديدة لبروتوكولات الثورة الجعفرية ( أجراس الإنذار ) الشمالي المجلس السياسي 6 09-11-2005 11:00 AM

 


الوقت في المنتدى حسب توقيت جرينتش +3 الساعة الآن 10:34 AM .


مجالس العجمان الرسمي

تصميم شركة سبيس زوون للأستضافة و التصميم و حلول الويب و دعم المواقع