** الشيشان شموخ وأحزان **

[المسافر]

الخبر



أكد قائد الجبهة الشرقية بالشيشان أنّ المقاتلين الشيشان يكبدون الاحتلال الروسي خسائر فادحة ويخوضون حرب استنزاف رهيبة ضد قوّاته, موضحًا أنّ القوات الروسية تتكبد 30 قتيلاً على الأقل شهريًا بخلاف الخسائر المادية, وأكد عدم تأثر المقاومة بالحملة الإعلامية التي تقودها الحكومة الموالية لموسكو.





التعليق




الشيشان أرض عرفت الجهاد ضد المحتل الروسي على فترات زمنية متلاحقة, دأب الاحتلال خلالها على ارتكاب المجازر الوحشية ضد المدنيين العزّل, وينصب قهرًا حاكمًا مواليًا يُؤمر فيطيع, ويُنهى فيستجيب.




وعلى وقع تلك المجازر وهذا التنصيب الزائف؛ يروِّج الاحتلال الروسي من قبل وما زال حتى الآن أنه في طريقه للقضاء المبرم على بعض "الجيوب" التي ما زالت تُصرّ على التحدي والعصيان.




ويبدو أنّ الطريق الذي خطّه الروس لأنفسهم في الشيشان للقضاء على المقاومة ما زال طريقًا طويلاً يمتلئ بالعقبات والعثرات التي تشكّك في بلوغ المراد والوصول إلى الهدف, بل وتجعل الكفة لصالح المقاومة ميدانيًا, كما هو تاريخيًا.




حقيقة الوقوف عند محطة الشيشان في سلسلة الأزمات والنكبات التي تمر بها الأمة الإسلامية, بقدر ما يثير في النفوس الأمل، وينمي في التنفس الاعتزاز بثلة توقف الاغتصاب القهري لبلدها على يد محتل غاشم, بقدر ما تثير في المقابل مرارة حزينة.
تلك المرارة مبعثها التغييب المتعمد من قِبل بعض وسائل الإعلام الغربية ـ على وجه الخصوص ـ لتلك القضية المصيرية للشعب الشيشاني إلا على استحياء حينما تسرّب خبرًا هنا أو هناك ذرًا للرماد في العيون.




والأمر ليس ببعيد عن نظيرتها العربية والإسلامية التي لا نقول إلا إنها غابت عن ساحة النزال في أرض الشيشان, وقد يكون لبعضها سبقٌ في بعض الميادين وتركيزها على بعض القضايا المحورية والأساسية كالعراق, إلا أنّ هذا التجاهل للصراع في الشيشان لهو نقطة غير مضيئة في ملف هذا الإعلام برمّته.




فاللافت أنّ غالب الوسائل الإعلامية لا تذكر الشيشان إلا حينما تودع بطلاً مجاهدًا, وتستقبل آخر, منساقةً وراء الإعلام الروسي الذي يكاد يحتكر صناعة الخبر عن طبيعة الصراع وتطوره, ويطمس عمدًا وجه الحقيقة الذي يسوؤه كثيرا.
هذا التجاهل في حقيقته نوع من مساعدة الاحتلال, صحيح أنّها مساندة سلبية, ولكنها شديدة الأثر في نفسية ومعنويات من يتصدى للاحتلال في أرض الشيشان وغيرها.




وأن تظل القضية حيّة متقدة شعلتها في النفوس من خلال التغطية المستمرة والقوية لهذا الصراع وغيره, نحسبها القضية الأساسية ومحور الارتكاز الذي يجب أن تقوم به وسائل الإعلام، خاصة تلك التي تكتسي ثوبًا إسلاميًا في نوع متناغم فيما بينها, بحيث تتنوع الاهتمامات ويختلف معدل التركيز على القضايا من وسيلة لأخرى, ولكن في العموم تجد كل قضية كالقضية الشيشانية ونظائرها رقعة من الاهتمام المستمر.




وفي الأخير نقول إن أكثر ما يعول عليه الاحتلال هو القضاء على القضية إعلاميًا ليتسنى له القيام بمزيد من الجرائم، وينفرد بما يظنّه فريسة سهلة, وهو ما كشفت عنه تقارير دولية لمنظمات تعمل في مجال حقوق الإنسان، والتي أحصت خلال الفترة بين يوليو 2000 ونهاية 2001 ما يقرب من 1260 جثة لشيشانيين مدنيين، وفي 2002م ما يزيد على 700 حالة، وذلك في تغطية فقط لثلث مساحة البلاد.
منقول من مفكره الأسلام