بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الكريم ..السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحديث رواه الترمذي في السنن قال:
حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ ، وَنَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ ، قَالاَ : حَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ قُتَيْبَةَ ، عَنْ طُعْمَةَ بْنِ عَمْرٍو ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ صَلَّى لِلَّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا فِي جَمَاعَةٍ يُدْرِكُ التَّكْبِيرَةَ الأُولَى كُتِبَ لَهُ بَرَاءَتَانِ : بَرَاءَةٌ مِنَ النَّارِ ، وَبَرَاءَةٌ مِنَ النِّفَاقِ.
وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الحَدِيثُ عَنْ أَنَسٍ مَوْقُوفًا، وَلاَ أَعْلَمُ أَحَدًا رَفَعَهُ إِلاَّ مَا رَوَى سَلْمُ بْنُ قُتَيْبَةَ، عَنْ طُعْمَةَ بْنِ عَمْرٍو.
وقال ابن حجر في التلخيص الحبير:
" حَدِيثُ : رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { مَنْ صَلَّى لِلَّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا فِي جَمَاعَةٍ ، يُدْرِكُ التَّكْبِيرَةَ الْأُولَى كُتِبَ لَهُ بَرَاءَتَانِ : بَرَاءَةٌ مِنْ النَّارِ ، وَبَرَاءَةٌ مِنْ النِّفَاقِ } التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ وَضَعَّفَهُ ، وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ وَاسْتَغْرَبَهُ .
قُلْت : رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ ، عَنْ عُمَرَ .
رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ ، وَأَشَارَ إلَيْهِ التِّرْمِذِيُّ ، وَهُوَ فِي سُنَنِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْهُ ، وَهُوَ ضَعِيفٌ أَيْضًا مَدَارُهُ عَلَى إسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ فِي غَيْرِ الشَّامِيِّينَ ، وَهَذَا مِنْ رِوَايَتِهِ عَنْ مَدَنِيٍّ وَذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ الِاخْتِلَافَ فِيهِ فِي الْعِلَلِ وَضَعَّفَهُ.
وَذَكَرَ أَنَّ قَيْسَ بْنَ الرَّبِيعِ وَغَيْرَهُ رَوَيَاهُ عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ قَالَ : وَهُوَ وَهْمٌ ، وَإِنَّمَا هُوَ حَبِيبٌ الْإِسْكَافِيُّ وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى أَوْرَدَهَا ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْعِلَلِ ، مِنْ حَدِيثِ بَكْرِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْوَاسِطِيِّ ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ تَحِيَّةَ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ ، عَنْ حُمَيْدٍ ، عَنْ أَنَسِ رَفَعَهُ : { مَنْ صَلَّى أَرْبَعِينَ يَوْمًا فِي جَمَاعَةٍ صَلَاةَ الْفَجْرِ وَصَلَاةَ الْعِشَاءِ ، كُتِبَ لَهُ بَرَاءَةٌ مِنْ النَّارِ ، وَبَرَاءَةٌ مِنْ النِّفَاقِ }. وَقَالَ : بَكْرٌ وَيَعْقُوبُ مَجْهُولَانِ " أ.هـ
هذا وقد صححه الشيخ الألباني في الصحيحة فقال إنه وإن صح موقوفاً فهو في حكم المرفوع لأن مثل ذلك لا يقال بمجرد الرأي.
قال الألباني رحمه الله في الصحيحة:
روي من حديث أنس و أبي كاهل و عمر بن الخطاب .
1 - أما حديث أنس ، فله عنه أربعة طرق:
الأولى: عن أبي قتيبة سلم بن قتيبة عن طعمة بن عمرو عن حبيب بن أبي ثابت عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ... فذكره .
أخرجه الترمذي ( 2 / 7 - شاكر ) و أبو سعيد ابن الأعرابي في " المعجم " ( ق 116/ 2 ) و ابن عدي في " الكامل " ( ق 103 / 2 و 116 / 1 ) و أبو القاسم الهمداني في " الفوائد " ( ق 197 / 1 ) و البيهقي في " الشعب " ( 3 / 61 / 2872 ) .
قلت: و هذا إسناد رجاله ثقات ، لكن أعله الترمذي بالوقف، فقال : " و قد روي هذا الحديث موقوفا ، و لا أعلم أحدا رفعه إلا ما روى سلم بن قتيبة عن طعمة بن عمرو عن حبيب بن أبي ثابت عن أنس. و إنما يروى هذا الحديث عن حبيب ابن أبي حبيب البجلي عن أنس بن مالك قوله ".
قلت : ثم وصله هو و ابن عدي من طريق وكيع عن خالد بن طهمان عن حبيب بن أبي حبيب ( زاد الترمذي : البجلي ) عن أنس نحوه موقوفا عليه لم يرفعه.
قلت : و هذا ليس بعلة قادحة لأنه لا يقال بمجرد الرأي، فهو في حكم المرفوع، لاسيما و قد رفعه عبد الرحمن بن عفراء الدوسي : حدثنا خالد بن طهمان عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره نحوه هكذا دون ذكر حبيب.
أخرجه ابن عدي. و الدوسي هذا صدوق، و مثله شيخه خالد بن طهمان إلا أنه كان اختلط، فلا أدري أسقط منه ذكر حبيب في السند أم من الناسخ، و لعل هذا أقرب، فقد قال ابن عدي : " و هذا الحديث قد ذكر فيه حبيب بن أبي حبيب، فروى عنه هذا الحديث طعمة بن عمرو، و خالد بن طهمان، رفعه عنه طعمة، ورواه خالد عنه مرفوعا و موقوفا، و لا أدري حبيب بن أبي حبيب هذا هو صاحب الأنماط ، أو حبيب آخر ؟! ".
قلت : فمن الظاهر من كلام ابن عدي هذا أن في الرواية المرفوعة عن خالد بن طهمان ( حبيب بن أبي حبيب ) ، فهو يرجح أن السقط من الناسخ. ثم هو قد ذكر ذلك في ترجمة حبيب بن أبي حبيب صاحب الأنماط ، و لا أرى أن له علاقة بهذا الحديث، لاسيما و هو متأخر الطبقة، فإنه من أتباع التابعين، روى عن قتادة و غيره، فهو إما حبيب بن أبي حبيب البجلي كما هو مصرح به في رواية الترمذي، و إما حبيب بن أبي ثابت كما في رواية الترمذي وغيره ، لكن وقع في رواية ابن عدي : " عن حبيب - قال أبو حفص : و هو الحذاء ".
فلعل الحذاء لقب حبيب بن أبي ثابت عند أبي حفص، و هو عمرو بن علي الفلاس الحافظ، فتكون فائدة عزيزة لم يذكروها في ترجمة ابن أبي ثابت. و الله سبحانه وتعالى أعلم .
وجملة القول : إن الحديث يدور على حبيب بن أبي ثابت أو حبيب بن أبي حبيب، وكلاهما ثقة، لكن الأول أشهر و أوثق، إلا أنه مدلس ، فإن كان الحديث حديثه فعلته التدليس، و إن كان الحديث حديث ابن أبي حبيب البجلي - و به جزم البيهقي كما يأتي - فعلته اختلاط خالد بن طهمان الراوي عنه ، لكنه يتقوى بمتابعة طعمة له، و كذلك يتقوى في حال كون الحديث محفوظا عن الحبيبين، كما هو ظاهر لا يخفى لذي عينين.
الثانية: ثم قال الترمذي : " و روى إسماعيل بن عياش هذا الحديث عن عمارة بن غزية عن أنس بن مالك عن عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا. و هذا حديث غير محفوظ ، و هو مرسل ، و عمارة بن غزية لم يدرك أنس بن مالك ".
قلت: وصله ابن ماجه ( 798 ) : حدثنا عثمان بن أبي شيبة : حدثنا إسماعيل بن عياش به، و لفظه : " من صلى في مسجد جماعة أربعين ليلة لا تفوته الركعة الأولى من صلاة العشاء ، كتب الله له بها عتقا من النار ". و أخرجه ابن عساكر في " التاريخ " ( 12 / 275 ) من طريق آخر عن إسماعيل بلفظ: " الظهر " ، مكان " العشاء " . و رواه سعيد بن منصور أيضا في " سننه " كما في " التلخيص الحبير " ( 2 / 27 ) عن إسماعيل ، و هو ضعيف في غير الشاميين ، و هذا من روايته عن مدني ، كما قال الحافظ ، و ذكر الدارقطني الاختلاف فيه في " العلل" وضعفه، و ذكر أن قيس بن الربيع و غيره روياه عن أبي العلاء عن حبيب بن أبي ثابت: قال: "و هو وهم ، و إنما هو حبيب الإسكافي ".
الثالثة: عن يعقوب بن تحية قال: حدثنا يزيد بن هارون عن حميد الطويل عن أنس مرفوعا بلفظ : " من صلى أربعين يوما في جماعة : صلاة الفجر ، و عشاء الآخرة أعطي براءتين ... " الحديث. أخرجه أبو المظفر الجوهري في " العوالي الحسان " ( ق 161 / 1 - 2 ) و الخطيب في " التاريخ " ( 14 / 288 ) و ابن عساكر ( 15 / 127 / 2 ) من طرق عن يعقوب به. أورده الخطيب في ترجمة يعقوب هذا ، و سماه يعقوب بن إسحاق بن تحية أبو يوسف الواسطي، و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا، إلا أنه ساق له بعض الأحاديث التي تدل على حاله ، و قال الذهبي : " ليس بثقة ، و قد اتهم " . ثم ساق له بسنده المذكور عن أنس مرفوعا : " إن من إجلالي توقير المشايخ من أمتي " ، و قال : "
قلت : هو المتهم بوضع هذا ".
و أورد هذه الطريق ابن الجوزي في " العلل " من حديث بكر بن أحمد بن يحيى الواسطي عن يعقوب بن تحية به . و قال : " بكر و يعقوب مجهولان ". ذكره الحافظ و أقره ، و فاته أن بكرا قد توبع عند الخطيب و غيره، كما أشرت إلى ذلك آنفا بقولي في تخريجه : " من طرق عن يعقوب " . فالعلة محصورة في يعقوب وحده.
الرابعة: عن نبيط بن عمرو عن أنس مرفوعا بلفظ : " من صلى في مسجدي هذا أربعين صلاة لا تفوته صلاة ، كتبت له براءة ... " الحديث .
قلت : و نبيط هذا مجهول ، و الحديث بهذا اللفظ منكر ، لتفرد نبيط به و مخالفته لكل من رواه عن أنس في متنه كما هو ظاهر ، و لذلك كنت أخرجته قديما في " الضعيفة " (رقم 364 ) فأغنى ذلك عن تخريجه هنا" انتهى كلام الشيخ الألباني رحمه الله
والله تعالى أعلم .. والسلام عليكم ورحمة الله