مجالس العجمان الرسمي

العودة   مجالس العجمان الرسمي > ~*¤ô ws ô¤*~المجالس العامة~*¤ô ws ô¤*~ > مجلس الدراسات والبحوث العلمية

مجلس الدراسات والبحوث العلمية يعنى بالدراسات والبحوث العلمية وفي جميع التخصصات النظرية والتطبيقية.

رد
 
أدوات الموضوع طرق مشاهدة الموضوع
  #1  
قديم 09-06-2007, 07:00 PM
الصورة الرمزية زبيدة احمد
زبيدة احمد زبيدة احمد غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Jun 2007
الدولة: حمى ربي ونصيري
العمر: 43
المشاركات: 3,612
معدل تقييم المستوى: 20
زبيدة احمد is on a distinguished road
حقيقة انتماء الشمال الافريقي العربي بدراسات تاريخية علمية بحتة

احببت ان انقل لكم هده الموسوعة التاريخية العلمية عن حقيقة انتماء الشمال الافريقي لاصول عربية لا غبار عليها ردا على من ينشرون أكاديب وهلوسات غربية ادعاءا قصد التفرقة بين افراد الامة العربية
اترككم مع الموضوع:

المكان جامعة محمد الخامس / المغرب
التاريخ 2004-11-23
محاور الندوة
المحور الأول : العرب / اليمانيون .. 1. وحدة المنشأ والأصل 2. اللهجات . 3. النظم الاجتماعية . 4. العمارة . المحور الثاني : الهجرات العربية اليمانية قبل ظهور الإسلام .. 1- إلى بلاد الرافدين . 2- إلى بلاد الشام . 3- إلى وادي النيل والمغرب . 4- إلى شرق أفريقيا . المحور الثالث : الهجرات العربية اليمانية بعد ظهور الإسلام .. 1- حركة فتوحات أم هجرات منظمة . 2- مسار الهجرات وعلاقته بالطرق التجارية . 3- علاقة الحواضر الإسلامية العربية . المحور الرابع : التمازج البشري وأهميته في تكوين المدينة العربية الإسلامية ، وفي تكوين المدينة الإمارة .. أولاً : المدينة العربية الإسلامية : 1- الكـوفـة . 2- البصـرة . 3- الفسطـاط . ثانياً : المدينة الإمارة : 1- مدينة / أمارة القيروان . 2- مدينة / إمارة تاهرت . 3- مدينة / إمارة فاس . المحور الخامس : علاقة الهجرات بالمشروع الوحدوي على الصعيدين السياسي والثقافي أولاً : المشروع السياسي : 1- في العهد الأموي . 2- في العهد العباسي . ثانياً : المشروع الثقافي 4- في العهد الأموي . 5- علاقة الهجرات بالفرق والمذاهب .
ملخص الندوة
الهجرات العربية إلى شرق أفريقيا ودورها في نشر الإسلام والعروبة د. علي حسين الشطشاط – الجماهيرية ترجع صلة الجزيرة العربية بشرق أفريقيا إلى فترة ما قبل الإسلام ، فقد حدثت اتصالات كان هدفها التبادل التجاري الذي نتج عنه استقرار مؤقت في مراكز ساحلية أسسها العرب لأغراض تجارية. لقد لعبت الهجرة العربية إلى شرق أفريقيا دوراً مهماً وبارزاً في نشر الإسلام في تلك المناطق ، فقد جاء المسلمون إلى شرق أفريقيا بعد إيذاء قبيلة قريش للنبي – صلى الله عليه وسلم – وأصحابه في قله ، فاضطر جماعة من المسلمين إلى الهجرة إلى بلاد الحبشة والاستقرار فيها بعد ما لقوه من حسن استقبال النجاشي لهم ، ثم توالت الهجرات العربية إلى شرق أفريقيا في فترات زمنية متعددة ونتيجة للظروف السياسية التي مرت بها الدولة الإسلامية وما نتج عنها من اضطهاد لبعض فئات من المجتمع الإسلامي فقد هاجر الكثير من أولئك المضطهدين إلى شرق أفريقيا من بينها بعض القبائل اليمانية والحجازية والحضارمة إلى شرق أفريقيا واندمجوا بالسكان الأصليين وأسسوا بعض المحطات التجارية ، التي تطورت فيما بعد وأصبحت مدن مزدهرة لعبت دوراً كبيراً ومهماً في المنطقة . وعلى مر الأيام أدخل عرب الشاطئ الأفريقي في أنحاء المناطق الأفريقية المحاذية للساحل ، وشقوا طريقين شمالاً إلى بلاد الحبشة وأوغندا وتنجانيقا ومن المدن التي شيدها العرب على الساحل واتخذوا منها مرافئ للسفن : سفالة وكليوة وزنجبار ومعبسة ومالندي . ومما ساعد العرب على الهجرة إلى شرق أفريقيا العامل الجغرافي ، فمن حيث الموقع نجد أن شبه الجزيرة العربية قريبة جداً من أفريقيا لا يفصلها إلا البحر الأحمر والمحيط الهندي ، وعلى الرغم من ذلك فإن حب العرب للمغامرة وركوب البحر دفعهم إلى اكتشاف الأراضي المجهولة لديهم ، وقد ساعدهم في ذلك العامل الجغرافي ، فقد كانت الرياح الموسمية تدفع سفنهم حتى تصل إلى الساحل الشرقي ، وبعد شهور قليلة يتغير اتجاه الرياح فتدفعهم عائدين إلى بلادهم ؛ ومن ثم أصبح للبحارة العرب الأوائل الخبرة في معرفة مواقيت الرياح وأصبحت رحلاتهم من شبه الجزيرة العربية إلى شرق أفريقيا سهلة ولا خطورة فيها . هذا وبهدف هذا البحث إلى إبراز دور العرب في كشف القارة الأفريقية كما يوضح أثر الهجرات العربية إلى شرق أفريقيا في الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية ويتكون هذا البحث من العناصر التالية : 1. دور العرب في كشف القارة الأفريقية . 2. الهجرات العربية إلى الساحل الشرقي لأفريقيا والطرق التي سلكتها تلك الهجرات . 3. أثر الهجرات العربية على الحياة السياسية في شرق أفريقيا . 4. أثر الهجرات العربية على الحياة الدينية في شرق أفريقيا . 5. أثر الهجرات العربية على الحياة الاجتماعية في شرق أفريقيا . 6. أثر الهجرات العربية على الحياة الثقافية في شرق أفريقيا . 7. أثر الهجرات العربية على الحياة الاقتصادية في شرق أفريقيا . ومن خلال هذا البحث سنوضح أثر الهجرات العربية على مناحي الحياة المختلفة في شرق أفريقيا ، حيث سنرى أن العرب جاءوا إلى المنطقة بحضارة جديدة أتاحت للشعوب الزنجية طابعاً حضارياً متميزاً ، لازال واضحاً حتى اليوم في نظمهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، فقد خلطت تلك الهجرات الشعوب الوثنية من عزلتها المطبقة ، وخلقت منهم شعباً متماسكاً يحيا حياة كريمة لا غبن فيها ولا ظلم ، ترفرف عليه راية الاسم خفاقة . الهجرة اليمنية إلى موريتانيا د. حماه الله ولد السالم – موريتانيا لقد شكل دخول الإسلام إلى البلاد الموريتانية وما جاورها انقلاباً في البنية الاجتماعية حيث تم التخلي تدريجياً عن النسب الأموسي والانتقال بصورة حاسمة نحو النسب الابيسي ، ولم يكن ذلك مجرد تبدل في طريقة الانتساب بل كان انقلاباً في النظم السوسيو -=لغوية نتجت عنه أوضاع ثقافية وحضارية جديدة على مستوى علاقات الأفراد والجماعات ورؤيتها للحياة بل للوجود . وكان هذا الانقلاب أشد اثراً في البلاد الافريقية التي انتشر فيها الاسلام وتميزت على مناطق التخوم الغالوية وإلى اليوم في كل ضروب الحياة . يحلو للكاتبين والباحثين الغربيين ولا سيما الفرنسيين القول بأن البلاد الموريتانية يقطنها شعبان لا رابط بينهما بالرغم من اسمهما المشترك "البيضان" ، وهما صنهاجة وبنو حسان ، والحق ان البحث عن هذا النوع من الثنائيات المانوية في تواريخ الأمم هو ديدن بحاثة الغرب ودارسيه . لسنا هنا بصدد البحث في أصول التعرب وعلائقه في بلاد البيضان ولا عن الحقائق التي باتت ثابتة عن علاقة صنهجة باليمن وعمان . بل نحن بصدد التنبيه على حقائق تاريخية حول الانساب في موريتانيا وغرب الصحراء والساحل عموماً . ويمكن اجمال الروافد الانسانية العربية في التصنيفات التالية : 1- التشكيلات اليمنية : إن التدرج الانسابي من الانصارية إلى القرشية العامة إلى الشريفية في تقاليد البيضان المروية والمكتوبة ، كان بالتساوق مع تطور العصبيات السياسية في المغرب الاسلامي وتردد أصداء ذلك الصراع في الصحراء . كما ان التعلق بالنسب الانصاري يبدو وثيق الصلة باطروحة الأصل الحميري التي انتشرت بين البربر ابان الفتح ثم ألح عليها المؤرخون في العهد المرابطي .. لكن الأمر لا يلغي الشواهد التاريخية على وجود القبائل الانصارية التي انتقل اجدادها من المغرب نحو موريتانيا منذ القرن 15 م ومنها قبيلة البصاديين ، قبيلة اولاد تيدرارين ، وغيرها . ويؤكد ابن الخطيب في جل مصنفاته انساب المجموعة الانصارية الاندلسية التي تنحدر منها هذه القبائل . ومن أهم التشكيلات اليمنية مجموعة قبائل بني حسان المنحدرة من قبائل المعقل التي جاءت مع بني هلال وتدل الشواهد التاريخية والاستدلالات المنطقية على أصلها اليمني ، ولا يمكن بحال قبول أصلها القرشي لأنه يناقض كل ما في مصنفات الأنساب العربية . 2- التشكيلات القرشية : وهي المجموعات المنتمية إلى النسب القرشي العام أو المنحدرة من السلسلة الشريفة ، وتعود هجرة معظمها إلى مرحلتين هما القرن التاسع في عهد مملكة السعديين بالمغرب ومرحلة القرن الحادي عشر 11 م عهد مملكة العلويين المغاربة ، وتشمل مجموعات الشرفاء الأدارسة العلويين والمجموعات المنتسبة للنسب القرشي الفهري والتيمي . وليست على شرطنا في هذا العرض . الهجرات القديمة لشمال أفريقيا د. محمد مختار العرباوي – تونس موضوع الهجرات القديمة إلى شمال أفريقيا من الموضوعات المعقدة ، لكونها هجرات موغلة في القدم ، تعود بدايتها إلى المرحلة الأخيرة لما قبل التاريخ . ومما زاد في تعقيدها اطروحات المدرسة التاريخية الاستعمارية حول أصل البربر بما قدّمته من تحاليل وتفسيرات مغرضة . ولذا تعين على الباحث في تناول هذا الموضوع ان يستعين بجملة من المعارف : أنثروبولوجية (Pollenologie) ولغوية واجتماعية وغيرها لتجميع الأدلة حول حقيقة انتماء البربر وحول وجود الهجرات وزمن وصولها . وبناء على هذا فإن البحث سيتناول النقاط التالية : 1. نظريات المدرسة التاريخية الاستعمارية حول أصل البربر التي تعتبرهم من خارج المنطقة . ومعرفة هذه النظريات مهمّ بالنسبة لموضوع الهجرات ، مهمّ أيضاً في معرفة الخلفية الثقافية للتأصيل الجديد للبربر المروّج له في اطروحات وأدبيات النزعة البربرية الحالية . 2. المعلومات الأثرية : التي تؤكد أولى الهجرات وما أحدثته من تحول جديد في منطقة شمال أفريقيا ، وبحكم واقع المنطقة فهي ليست قادمة من أوروبا لانعدام العلاقة معهما ، ولا هي قادمة من الجنوب لكون أصحابها ليسوا زنوجاً ، وليس في مخلفاتهم من الرسوم ما يدلّ على الصفات الزنجية . وهذا يعني أنها هجرات شرقية بكل تأكيد . 3. بما أن المعلومات الماقبل تاريخية لا تؤكد على وجود جماعات مهاجرة من الشرق فحسب ولكن أيضاً على أنها مختلفة عن غيرها في مظاهرها الاجتماعية وفي ثقافتها ووسائل اقتصادها . وهذا يعني أن هذه الجماعات هي الجماعات البربرية الأولى . 4. الأدلة اللغوية والاجتماعية والثقافية : إذا كانت الجماعات البربرية هجرات شرقية حقيقية . فلا بدّ أن نجد في لغتهم ومظاهر حياتهم الاجتماعية والثقافية ما يبث انتسابهم إلى الشرق . وهذا ما سأحاول إبرازه بقدر الإمكان لنفي أيّ لبس حول الانتماء الحقيقي للبربر . 5. الملامح اليمنيّة : بما أنّ الجزيرة العربية هي مصدر الهجرات الأساسية . فلابدّ أن تكون من ضمنها العناصر اليمانية . ومن هنا تعين إبراز ملامحها والتعرف إلى مظاهر الثقافة السبئيّة – الحميريّة بشمال إفريقيا فضلاً على وجود قبائل بربرية صميمة تعلن انتسابها إلى حمير بكل وضوح وهي من الهجرات التي سبقت ظهور الإسلام . 6. الموقف العامّ لنسّابي البربر : وهو أيضاً موضوع مهمّ لا يمكن الاستغناء عنه في موضوع الهجرات " التواجد اليمني بالأراضي الليبية ودوره في ربطها بالمشرق " د. محمود أحمد أبوصوة - الجماهيرية يسعى هذا البحث إلى مناقشة جزئية تبدو للوهلة الأولى داعمة ومؤيدة للتفسير الكلاسيكي الغربي الذي يتعمد إغفال تاريخ بلدان المغرب المحلي وإبراز تبعيته. فالعديد من الدراسات الغربية التقليدية، ومن نحى نحوها، لا تلتفت كثيرا إلا للأحداث الكبرى: كالفتوحات الكبرى، و قيام الدول والإمبراطوريات واضمحلالها. وبالنظر إلى أن التفاسير التي تضمنتها هذه الأعمال كانت قد ذهبت إلى أن المنطقة لم تدخل التاريخ إلا بقدوم الفينيقيين، فقد ترتب على ذلك تجاهل شبه تام للمراحل السابقة والتي اعتبرت غير جديرة بالاهتمام. والأخطر من ذلك أن إصرار هذه الأعمال على هذه الوجهة دعم أطروحتها القائلة بأن المغرب بلاد بلا عباد. وحين تتلطف هذه المدرسة وتتواضع فإنها تذهب إلى أن تاريخه هو عبارة عن تاريخ للصراع بين قوى الخير الوافدة المتحضرة ( الرومان على وجه التحديد) وقوى الشر المحلية المتوحشة (البربر) . ولأن المحليين غير قادرين على التأسيس وبالتالي الاستقرار فإنهم كانوا وباستمرار في حاجة لمن يسوسهم، ويقوم بالعمل، بما في ذلك تحرير الأرض، عوضا عنهم!! فالرومان، يقول جوتيه في هذا السياق، طردوا الفينيقيين، والبيزنطيون ورثوا البلاد عن الرومان، أما العرب الذين طردوا البيزنطيين فقد ورث البلاد عنهم العثمانيون الذين طردهم الفرنسيون! لذلك فالتطرق لتاريخ الأراضي الليبية في العصر الوسيط وانطلاقا من دور الوافد، في هذه الحالة اليمني، يجعل المرء يرتاب في هذا التناول وينفر منه. والسؤالان اللذان يقفزان للذهن في هذا السياق لماذا الكتابة إذا في موضوع قد يؤكد من حيث التناول والتحليل دور الوافد ويتجاهل من جديد تاريخ المحليين؟ وماذا يمكن أن يضيف هذا التناول لتاريخ المنطقة المغربية بصفة عامة ولتاريخ الأراضي الليبية على وجه الخصوص ؟ في الحقيقة إن محاولة كتابة تاريخ" ليبيا" الوسيط بل والقديم أيضا خارج دائرة التبعية أمر غاية في الصعوبة. فالوثيقة، وكما يقول ابن خلدون لا توجد إلا في خزائن السلطان! وبالنظر إلى أن المنطقة لم تشهد قيام سلطنة/سلطان في العصر الوسيط، خيم الصمت حول هذا التاريخ وتضاعفت بذلك عتمته . بناء عليه، فإنه لا مفر من اللجوء، عند كتابة تاريخ ليبيا الوسيط، ليس فقط لتاريخ الوافد، بل ولتاريخ المناطق المجاورة للأراضي الليبية، إفريقية من ناحية الغرب، ومصر من ناحية الشرق. وهذا الوضع المعقد يزداد تعقيدا حين يتصفح المرء الأعمال القليلة التي عالجت تاريخ ليبيا بصفة عامة وتاريخها الوسيط بصفة خاصة. فهذه الأعمال وبالإضافة إلى أنها تؤكد هذا التناول الذي يكاد يقصر تاريخ المنطقة على تاريخ التواجد الأجنبي، فإن أصحابها لم يشغلوا بالهم بالنتف التي ترد في هذه الأعمال والتي تنوه عرضا بحياة الأفراد و بعلاقتهم بالوافد. فالأعمال الغربية التقليدية، الفرنسية والإيطالية على وجه التحديد، كانت حريصة على فصل تاريخ الأسياد، ممثلو الغرب في المنطقة، عن تاريخ المحليين، ولكنها كانت تضطر من حين لآخر للتنويه ببعض أنشطة السكان المحليين و ببعض عاداتهم ومؤسساتهم. وبدخول المسلمين المنطقة لم تتغير استراتيجية التناول إذ استمرت هذه الأعمال في تبني المنهج نفسه معتبرة التواجد الإسلامي تواجدا غريبا أولته كالعادة اهتماما خاصا ولكنه اهتمام لا يرقى بطبيعة الحال إلى مستوى اهتمامها بالوافد الأوروبي. ففي أغلبية هذه الأعمال لا الإسلام ولا المسلمين يرقيان إلى مستوى المسيحية والمسيحيين . وشح المعطيات الخاصة بالعصر الوسيط، واعتماد فرضية التبعية، فضلا عن التنويه بتاريخ الوافد هي قضايا لا تلام عليها الأعمال الغربية بمفردها، فالمصادر التاريخية الإسلامية الأولى تتحمل نصيبها من هذا الوزر؛ فدخول المسلمين المنطقة في القرن الأول للإسلام والذي صاغته المصادر الإسلامية بعد قرنين على الأقل ، اختزل في المقاومة التي أبدتها بعض المدن. وبالنظر إلى أن هذه الأخيرة كانت تحت السيطرة البيزنطية، فقد تم التركيز على هؤلاء، أما مدن المحليين وأنشطتهم فقد تم تجاهلها. واللافت للنظر أن هذا التوجه استمر حتى بعد دخول كل الأراضي الليبية في الإسلام. فالاهتمام بتاريخ المناطق المختلفة من الأراضي الليبية كان بقدر علاقته بالآخر/ الوافد، إذ أن المتصفح للمصادر الأولى يكاد لا يعثر فيها على أسماء المدن المحلية أو الزعامات المحلية. فبالنسبة لمرحلة الفتح، وفي الوقت الذي نوهت المصادر بمدن ساحل الأراضي الليبية الواقعة تحت النفوذ البيزنطي( بنطابلوس، أي المدن الخمس في شرق الأراضي الليبية، وإطرابلس، أي المدن الثلاثة في الغرب) فإن توقفها عند مدينتي برقة وزويلة كان نتيجة استقرار عقبة بن نافع فيهما قبل انتقاله إلى مدينة القيروان! أما الزعامات المحلية، وعلى الرغم من أن هذه المصادر أشارت ، في سياق تطرقها لمقاومة بعض هؤلاء لعقبة بن نافع، فإنها غفلت عن ذكر أسمائهم!! لذلك فإن المرء، وبعد أن أصبحت كل الأراضي الليبية مسلمة يجد صعوبة حقيقية في العثور على عباد في هذه البلاد، فما يعثر عليه الباحث بوفرة نسبية هو أسماء ولاة مدينة طرابلس الذين يتبعون والي القيروان، أما برقة وبالنظر لحسن طاعتها فإنها تعاقب من أجل ذلك ولا تلتفت إليها المصادر! فهذه الأخيرة، وإن كانت تلمح لتبعية برقة لمصر، فإنها تصر على تجاهل من كان يقوم على إدارتها من المحليين أو حتى من الوافدين. يقول البلاذري بأن أهلها كانوا" يبعثون بخراجهم إلى والي مصر من غير أن يأتيهم حاث أو مستحث، فكانوا أخصب قوم بالمغرب ولم يدخلها فتنة". لذلك، وفي ظل شح المعلومة، اضطر النفر القليل من الباحثين المعاصرين الذين انبروا للكتابة عن هذا التاريخ بالتزود بالنتف التي تضمنتها المصادر العربية الأولى، والأخذ بتأويلات المدارس الغربية، الفرنسية/ الإيطالية. من الطبيعي أن لا تتطرق الدراسة لكل هذه المشاكل التي احتلت حيزا كبيرا في أعمالي السابقة.غير أن اللجوء لدراسة تاريخ المنطقة من خلال التواجد اليمني أزعم أن له غاية مغايرة. ففي الوقت الذي لا ننفي الحاجة المستمرة للتعويل على تفاسير الأعمال غير المحلية، وعلى دراسة تاريخ ليبيا من زاوية تبعية هذه الأراضي لإفريقية ومصر، فإن الحرص، في الوقت الحاضر على الأقل وبسبب شح المعطيات، على إظهار دور المحليين المسكوت عنه، سيخفف من شدة وطأة ظاهرة التبعية من ناحية، وسيلقي المزيد من الضوء حول ظاهرة التكامل التي لم تشهدها من قبل المنطقة من ناحية أخرى . أثر هجرة قبيلتي الحبشان والجاعز من اليمن إلـى شرق أفريقـيا قـبل الإســـلام هدى عبدالرحمن العلام - الجماهيرية تتناول هذه الورقة البحثية التعريف بهاتين القبيلتين العربيتين اليمنيتين ، وأسباب هجرتهما إلى شرق "افريقيا" ، كما توضح الأوضاع الجغرافية وأثر الظروف المناخية والاقتصادية لجنوب شبه الجزيرة العربية التي انطلقت منها هجرات عربية مكثفة نحو الشمال والشمال الشرقي وشرق أفريقيا منذ 3000 سنة قبل الميلاد . ايضـاً تعرض الورقة أراء المؤرخـين في تحـديد الفـترة التاريخية الأولى للهجرات إلى شرق ( أفريقيا ) ، وكذلك توضح أقدم الإشارات الأثرية القديمة على هذه الهجرات وعلاقة الأحباش بالعرب في شبه الجزيرة وبلاد الرافدين وغيرها . كما تتضمن توضيح تمازج العرب والأفارقة وتأثيرهم على ساحل شرق ( أفريقيا ) . كما تشير هذه الدراسة إلى ما وصلت إليه المنطقة من تطور حضاري قبل ظهور الاسلام خصوصاً في عهد ملكة سبأ التي ورد ذكرها في القرآن الكريم ، وعلاقتها مع النبي سليمان عليه السلام ، والتي يرى بعض المؤرخين إنها هي الملكة بلقيس أو بلقمه ملكة سبأ ، حيث أن الاساطير الحبشية ترى أنها " الملكة ماكيدا " التي لها علاقة مع النبي سليمان ، وانجبت منه ملك الحبشة "منليك " ، وقد أظهرت الاكتشافات الأثرية الحديثة وجود مدينة أثرية في زيمبابوي اعتقد كثير من علماء الآثار أنها تتبع الملكة بلقيس التي حكمت اليمن وشرق أفريقيا . كما زاد الارتباط السياسي للمنطقتين في عهد الدولة الحميرية في اليمن حيث شهدت في طورها الأخير سيطرة مملكة الحبشة عليها وعلى الساحل الأفريقي الشرقي إذ لقب ملوكها ( بملك إكسوم وحمير وريدان وحبشة وسلع وتهامه ) . وبالرغم من انتصار اليمنيين على الأحباش بمساعدة الفرس الذين استعمروا اليمن عام 575 م حتى الفتح الاسلامي لها . إلا أن العلاقات استمرت وطيدة بين العرب والأحباش ، كما أن الهجرات استمرت من اليمن إلى الحبشة ، وما هجرة المسلمين الأوائل إلى الحبشة – وهي الهجرة الأولى لهم خارج شبه الجزيرة العربية – إلا دليل على وجود توصل بين ضفتي البحر ( الحبشة وشبه الجزيرة العربية )، وذليل أن هذا الوضع كان بمثابة الأرضية الآمنة التي يطمئن إليها الرسول عليه الصلاة والسلام ليرسل عدداً من المهاجرين على دفعات إلى الحبشة للنجاة بدينهم بل تذكر بعض المصادر تأثر نجاشي الحبشة بهم وإسلامه، ثم أنه وردت العديد من الآيات القرآنية التي تصف هذه العلاقات الطيبة، وكذلك ورد نحو (26) لفظ حبشي في القرآن الكريم ( أوردها السيوطي ) سنوضح معانيها بالعربية . اليمانيون في أفريقية في القرون الأولى للهجرة أ.د. راضي دغفوس - تونس يطرح البحث قضية التواجد اليمني في أفريقيا في القرون الأولى للهجرة وهذا يعني ان اليمانيين قد قدموا إلى أفريقيا منذ فترات طويلة ترجع حسب بعض المصادر العربية مثل ابن خلدون إلى الألف الأول قبل الميلاد . لكننا لن نتعرض إلى هذه المسألة الشائكة بقدر ما سنركز على مساهمة اليمانيين في حركة الانتشار الإسلامي أو الفتوحات العربية الإسلامية في بلاد المغرب بصفة عامة وأفريقيا بصفة خاصة وذلك منذ الفترة الراشدة . وفيما يلي أهم المحاور التي سيقع التعرض إليها : أولاً : التذكير بالخصائص العامة لأفريقيا قبل الفتح العربي الإسلامي وخاصة من الناحية البشرية والسكانية. ثانياً : دور اليمانيين في فتوح أفريقيا : العناصر المشاركة – الانتماءات القبلية – القيادات وأهم الأحداث العسكرية والسياسية المتعلقة بالفتح . ثالثاً : استقرار اليمانيين بأفريقيا ومساهمتهم في عمليات الانتشار في بلاد المغرب ، وكذلك في الأندلس وجنوب بلاد غالة . الخاتمة : تقييم التواجد اليمني في أفريقية من مختلف النواحي ( السياسية – الاجتماعية والثقافية ) ومحاولة الإجابة على إحدى الإشكاليات المطروحة في المحور الثالث من محاور الندوة : هل يمكن اعتبار هذه العمليات حركة فتوحات أو هجرات منظمة ؟ الهجرات اليمانية حتى القرن الثالث الميلادي د. رفعت هزيم – سوريا لا بدّ لمعرفة تاريخ اليمن القديم وطبيعة صلاته بالدول والأقوام – داخل الجزيرة العربية وخارجها – من الاعتماد على نوعين من المصادر ، أحدهما : ما تركه اليمنيون القدماء أنفسهم ، والمراد به : النقوش والكتابات اليمنية القديمة ؟ وكذلك المخلفات الاثرية كالمعابد والمقابر والنقود والتماثيل وغيرها ، ويلحق بها كتب الاخباريين والمؤرخين ! والأخر : ما ورد عن اليمن القديم تاريخياً وحضارة في كتابات الجيران قريبين أو بعيدين ، واهمها : الكتابات والنقوش السامية ولاسيما الكتابات الآشورية والحبشية ، وكتابات اليونان والرومان المسمّاة بالمصادر الكلاسيكية . وقد تناول البحث معتمداً على هذه المصادر التحركات البشرية والهجرات من اليمن القديم إلى بلاد الشام وإلى الساحل الأفريقي للبحر الحمر والشمال الأفريقي حتى القرن الثالث الميلادي ، وانتهى بعد تمحيص شتى المصادر بكلا نوعيها ، وبعضها مزعوم لعدم وجود أي دليل على حدوثها في أي مصدر ما عدا كتب الاخباريين ، وبعضها مرجّح رجحاناً يقارب اليقين لوجود أدلّة تاريخية ولغوية تؤكدها كالهجرات إلى شمال الجزيرة العربية وبلاد الشام وبلاد الرافدين . والظاهر ان تلك الهجرات والتحركات لم تكن هجرات كبرى ، بل كانت هجرات جماعات صغيرة متتابعة في أزمنة متعاقبة . الأثر المشرقي في البناء السياسي لدول المغرب الإسلامي خلال القرن الثاني الهجري د. صالح معيوف مفتاح – الجماهيرية يتناول هذا البحث مرحلتين من الهجرات المذهبية أو المعارضة السياسية أولاً : هجرة الأفكار المذهبية الخارجية " مرحلة تصدير الثورة " في بداية القرن الثاني وظهور مذهب الصفرية والاباظية وبروز كيانات سياسية مذهبية بعد جولة طويلة من الصراع بين معتنقي هذه الافكار وولاة الدولة الأموية في افريقية والمغرب فتكونت كيانات سياسية مثل الصفرية في سجلماسة والاباضية في تاهرت . ثانياً : الهجرة الثانية وهي ممثلة في المعارضين للدولة العباسية من أبناء البيت العلوي الذين يرون احقيتهم في الخلافة من أبناء عمومتهم العباسيين وبعد هزيمة العلويين في وقعة فخ هاجرت منهم مجموعات إلى بلاد فارس وبلاد المغرب حيث كون العلويون أمارة الادريسية كان يتكئ في بداية أمره على الشرعية الدينية ونسب العلويين إلى فاطمة الزهراء بنت الرسول صلى الله عليه وسلم الأمر الذي لقى ترحيباً بين القبائل المغربية والتفت حول إدريس المؤسس الأول لهذه المارة ولكن يجب ألا نغفل الجانب الفكري الواصلي بين القبائل المغربية وخاصة قبيلة اوربه التي احتضنت منذ البداية ميلاد الدولة الادريسية . التواصل الحضاري والثقافي بين اليمن والمستوطنات الحضرية في شرق افريقيا د. عبده علي عثمان – اليمن إن تشابه السمات والتجارب الحضارية لمجتمعات البحر الأحمر عبر مراحل تاريخية مختلفة لا ينم عن أهمية المكان فحسب ولكنه يعكس أيضا انتشار النماذج والعلاقات الحضارية لجماعات المحليات وخاصة في ميدان التجارة والزراعة والعلاقات الدينية وأنماط الحياة الاجتماعية للسكان . إن تشابه أسماء المدن والأماكن والجبال والوديان والآبار والأسماء الدينية وأسماء القبائل ليس صدفة ولكنها تدل على العلاقات الحضارية المتبادلة التي تكونت بين مجتمعات البحر الأحمر خلال فترات تاريخية طويلة فالمدن التي تكونت قبل الإسلام والمدن التي ازدهرت أيضاً بعد الإسلام وفي العصور الوسطى كانت محطات تجارية هامة على سواحل البحر الحمر . وكانت هذه المدن تقوم بوظائف اقتصادية هامة في تجارة الترانزيت بين مجتمعات الجزيرة العربية من ناحية وبين مجتمعات شرق افريقيا من ناحية اخرى . اضافة إلى بعض البلدان الأخرى التي نشأت معها علاقات تجارية ومنها مصر والهند والصين والعلاقات التي نشأت مع اليونان والرومان قبل الاسلام . وقد مثلت هذه المدن التي تكونت على سواحل البحر الحمر والبحر العربي مجتمعات سكانية مستقرة وظهرت تيارات متزايدة للهجرات البشرية من جنوب الجزيرة العربية إلى شرق افريقيا وكذلك من السواحل الافريقية إلى جنوب الجزيرة العربية ذاتها . ومن المدن التي ازدهرت قبل الاسلام مدينة السوا ومدينة عدن وميناء قنا على السواحل اليمنية . كما ازدهرت عدد من المدن على الساحل الافريقي المقابل منها ومنها مدينة بيلول ، زيلع ، ثم معدر ، رحيتا ، عد ، تاجوري ، طيعو وديري على السواحل الأفريقية . كما تطورت بعض المدن الاخرى في الفترة الاسلامية ومنها مدينة زبيد وعدن ومدينة سواكن في السودان وقد استمرت هذه المدن بمثابة الشريان الذي يربط خطوط التجارة ، والصلات الحضارية بين السكان وتواصلهم على سواحل البحر الأحمر والجزيرة العربية وقد اسهم في ذلك ايضاً مواسم الحج إلى مكة والكعبة المشرفة ويذكر بعض المؤرخين الاثيوبيين ان الصلات التي تكونت بين المهاجرين اليمنيين والاثيوبيين تشبه تأثير اليونانيين على الرومان عبر الصلات الحضارية أكثر من أي عوامل أخرى . كما يشير بعض المؤرخين ان الصلات التي تكونت بين اليمن وساحل افريقيا قديمة ومستمرة ، وقد اتسمت هذه العلاقات بين السواحل اليمنية وشرق افريقيا بالديمومة وان العوامل الطاردة من اليمن قد ساعدت على هجرة اليمنيين إلى شرق افريقيا في مراحل تاريخية مختلفة . هذا بالاضافة إلى العوامل الجاذبة لليمنيين إلى هذه المناطق وخاصة التجارة ونشر الرسالة الإسلامية . القبائل الليبية والجزيرة العربية : هل من صلـــة ؟ أ.د. علي فهمي خشيم – الجماهيرية يتناول البحث الصلات الاثنية واللغوية بين ما يسمى القبائل الليبية القديمة من جهة والجزيرة العربية ( جنوبها وشمالها ) وبلاد الرافدين ووادي النيل من جهة أخرى . ويعتمد الكاتب على المصادر اليونانية واللاتينية أساساً ، إلى جانب الإشارة إلى المصادر العربية المتقدمة ، في عرض أطروحته ، كما يتتبع أثر الهجرات العتيقة المتبادلة بين مشرق الوطن الكبير ومغربه ، متخذاً المنهج اللغوي المقارن بين أسماء الأعلام والقبائل والجماعات البشرية المذكورة في المصادر التي رجع إليها ، وامتدادها في العصر الوسيط والحديث وحتى المعاصر ، سبيلاً لمعرفة علاقة شعوب المنطقة بعضها ببعض . العرب في القيروان : من المرحلة اليمانيّة إلى المرحلة الهلالّية د. محمد حسن – تونس يتناول البحث في مرحلة أولى كيفيّة استقرار القبائل العربية وخصوصاً اليمانية منها بمدينة القـيروان وناحيتها . ونحاول رصد أسماء هذه القبائل ، انطلاقاً من مقاربات مختلفة : تاريخية وأثرية . ويتطرق المحور الثاني إلى فاعليتها في التعمير والإنماء الاقتصادي وإلى مدى تأثيرها في المجالين الزراعي والمائي ، فقـد اقترنت أسماء بعض البساتين والأجنّة باليمانية ، كما أن عديد المنشآت المائية ( مواجل وسدود ... ) تلازم وجودها مع الحضور اليمني . وهو أمر يقضي بدوره إلى طرح إشكاليات أخرى ، متعلقة بجغرافية التوطين اليماني وبجذور المنشآت المائية . وعلى أيّ ، فإن إحدى القضايا الإنسانية هي كيفيّة تطور هذه المجموعات اليمانية بعد الانتشار الهلالي . كيف حصل التفاعل بين الاثنين ، هل وقع عن طريق التعايش والتقاطع أم هل طمست قبائل الكعوبعو حكيم الحضور العربي السابق ؟ إن التحليل المجهري للمجال القيرواني ، تاريخياً وأثرياً ، قمين بالإبانة عن مدى التقاطع الحاصل بين حدود المزرعة اليمانيّة والعشيرة السليميّة والهلالّية . في الأسماء الجغرافية / التاريخية ومدلولاتها نمـــوذج ( العلاقات البشرية اليمنية / المغربية قبل الإسلام ) د. محمد محفل - سوريا في المصادر القديمة المشرقية والكلاسيكية نجد عدة أسماء ما زال النقاش محتدماً حولها ، على سبيل المثال : الموريون – الامازيغ – البربر – الساراكني – اللوبيون / اللوفيون / نوميدية / الخ .. فهل هذه الأسماء هي أسماء عرقية أم ذات دلالة حضارية / اجتماعي ، أم جغرافي .. الخ . فكما نعلم قد ينسب شعب ما إلى إله / طوطم أو أسم منطقة ذات مدلول جغرافي ، أو نشاطات وحرف صناعية / تجارية .. الخ . فهـل تساعدنا بعض الأسماء الواردة أعلاه على إلقاء بعض الضوء على موضوع الندوة . ونحن نعترف سلفاً ان الخوض في محاور الندوة ، أو على الأقل بعض محاورها لهو أمر حساس وعصي أحياناً ، لفقدان الوثائق ولندرة اللقى الأثرية القديمة ، كما سنرى من خلال الدراسة .. وكما قالوا : ( العلم أخذ وعطاء واجتهاد ) وعسى ان نوفق بعض الشيء في اجتهادنا ... الصلات بين جنوب شبه الجزيرة العربية وبلاد الرافدين خلال الألف الأولى ق.م د. جباغ سيف الدين قابلو – سوريا تشير الدلائل الأثرية التي عثر عليها في مواقع مختلفة من منطقة المشرق العربي القديم (مصر وبلاد الشام والعراق) إلى أن جنوب الجزيرة العربية قد أرتبط بعلاقات وثيقة مه هذه المنطقة من أقدم العصور . وبالطبع لا يمكن أن تقوم هذه العلاقة لو لم يكن لدى احد الطرفين ما يمكن أن يقدمه للأخر من جهة ولولا وجود وسيلة للاتصال بين هذين الطرفين تجعلهما شريكان وثيقان متممان لبعضهما . فمنطقة جنوب الجزيرة العربية بما حباها الله من مناخ وطبيعة وأرض مناسبة لإنتاج سلع كانت مطلوبة أشد الطلب في مناطق المشرق العربي القديم وعلى رأس هذه السلع البخور والمر واللبان والتي كانت مادة أساسية للاستخدام اليومي في المعابد أثناء أداء الطقوس الدينية وفي الاحتفالات الكبرى أثناء الاحتفالات بأعياد الآلهة وفي عمليات تطهير وتطبيب جثث المتوفين وتكفينهم وتحنيطهم (1) . ونحن في بحثنا هذا سنحاول التركيز على العلاقة بين جنوب الجزيرة العربية وبلاد الرافدين خلال الألف الأولى قبل الميلاد منطلقين من المرتكزات التي بيناها أعلاه وهي المواد المنتجة في الجنوب والتي كان الشمال بأمس الحاجة لها والطرق التي استخدمها التجار في تنقلهم بين هذه المناطق أي بين مناطق الإنتاج ومناطق الاستهلاك مع الإشارة هنا إلى أن هذه الطرق كانت متبدلة حسب الظروف وخاصة الأمنية منها فكما هو معلوم أن التجارة والأمّان على الطرق التجارية أمران متلازمان . الطريق الواصلة بين جنوب الجزيرة العربية وبلاد الرافدين : لم تقتصر تجارة جنوب الجزيرة العربية على المواد التي كانت تنتجها بنفسها بل تعدتها إلى ما كان يصلها من مواد منتجة في جنوب شرق آسيا والهند وشرق أفريقيا ، وما يميز تجـارة جنـوب الجزيرة العربية مع العالم الخارجي هو أن المواد المعدة للتصدير سواءً أ كانت منتجة ملياً أو مستوردة كانت تجمع وتخزن في مراكز رئيسية في جنوب الجزيرة ومن ثم تصدر من هناك إلى العالم الخارجي . لذلك توافرت في جنوب الجزيرة طرق تربط بين مناطق الإنتاج ومناطق التخزين وطرق أخرى تصل بين الموانئ التي تصل عبرها السلع المستوردة وبين مناطق التخزين أيضاً . ومن خلال تفحص المصادر الإغريقية والرومانية يصل الباحث إلى أن شبوة عاصمة حضرموت كانت مركزاً لتجارة اللبان ، حيث تتجمع فيها محاصيل اللبان من كافة مناطق الإنتاج الواقعة إلى الشرق منها سواءً في وادي حضر موت أو في ظفار ، كذلك تمنع كانت مركزاً لتجارة المر حيث تجتمع فيها محاصيل المناطق الواقعة جنوبها ويتبع هذين المركزين عدد من الموانئ التي تجلب إليها عن طريق هذه الموانئ المواد العطرية سواءً من المناطق المجاورة في الجزيرة كما هو في قنا أو من الشرق افريقيا كما في حللة أو كيلس وعدن وموزا في فترة لاحقة (2) ويبدو أن الطريق كانت تنطلق بعد ذلك من كل من شبوة وتمنع باتجاه نجران ومنها إلى شمال الجزيرة وشرقها . وسنتابع من هنا الطريق الشرقي لأنه كان الأكثر استخداماً للوصول إلى بلاد الرافدين فالطريق تنطلق من نجران حتى تثليث ثم يتجه شرقاً إلى وادي الدواسر مارا بالفاو ومنها يتابع إلى شمال شرق إلى أن يصل إلى الرهاء ومنها إلى جنوب بلاد الرافدين مع الاشارة إلى وجود تفرع من هذه الطريق تتجه جنوباً نحو السواحل العمانية عن طريق واحة البريمي ويبرين ولابد من أن نذكر هنا أنه كانت هناك تجارة بحرية ناشطة بين السواحل الشرقية للجزيرة العربية وموانئ بلاد الرافدين وإن منتجات جنوب الجزيرة العربية الواصلة إلى موانئها الشرقية كانت تنقل بحراً إلى بلاد الرافدين . وأما عن الأدلة النصية والأثرية والتي تؤيد وجود العلاقة بين جنوب الجزيرة العربية وبلاد الرافدين في فترة البحث فهي متعددة ومن الممكن ان نضرب بعض الأمثلة عنها : - فلقد عثر في بالقرب من عانة على خيم اسطواني من القرن الثامن ق.م مدون بالعربية الجنوبية وهناك رقم طينية مدونة أيضاً بخط المسند تعود للقرن السابع ق.م عثر عليها في منطقة الوركاء ( اوروك القديمة ). ومن الدلائل النصية على وجود هذه العلاقة نذكر مثلاً نص نينورتا – كودوري – اوصر حاكم اقليم سوخي وماري مطلع النصف الثاني من القرن الثامن ق.م والذي يتحدث فيه عن قيامه بسلب القوافل المحملة بالبضائع الآتية من سبأ وتيماء ويتضح من خلال سياق النص أن ما دفع هذا الحاكم إلى نهب هذه البضائع هو تجاوزها لنظام دفع الضرائب فهو يذكر أن هذه القوافل لم تمر عليه عندما كان في مدينة يسميها كارابيل – لا بل تجاوزته متخذة طريقاً لها بالقرب من منابع المياه ومن ثم تابعوا سيرهم نحو مدينة خندانو والتي ربما كانت أحد المراكز التجارية الكبرى للقوافل القادمة من شمال الجزيرة العربية (3) . ومما يلفت النظر في هذا النص ما يرد فيه عن المواد المستولى عليها فهي تشمل حمل مائتي جمل وأنواع مختلفة من الصوف والحديد والحجارة إلى جانب مئة أسير مع أسلحتهم . وأما الملك شاروكين الأشوري ( 722 – 781 ق.م ) فيذكر أنه تلقى الجزية من ايتار أمر السبتي وان الجزية كانت عبارة عن ذهب . وأحجار كريمة وعاج وبذور خشب العقيق وغيرها ، ونحو العام 685 ق.م تسلم الملك الاشوري الأخر سينحاريب ( 705 – 681 ق.م ) الجزية من كرب – ايلو السبني وهناك الآن اتفاق في اوساط الباحثين على أن هذين الملكين السبئيين اللذين يرد ذكرهما في نصوص هذين الملكين الأشوريين ما هما إلا المكرب السبئي يثع أمر بين بن سمه على وكرب ايلو هو المكرب أولاد الملك لاحقاً كرب ايل وتربن دمار على صاحب نصب النصر المشهور ورغم ادعاء الملك الاشوري بأن الحاكمين السبئيين قدما له الجزية فإننا نعتقد أن ما قدمه هذان الحاكمان لم يكن جزية بقدر ما كانت هدايا وذلك بغرض حماية مراكزهم التجارية في شمال الجزيرة العربية هذه المنطقة التي أصبحت هدفاً لغزوات الملوك الاشوريين المتعاقبين بداء من عهد الملك يتجلات بلاصر الثالث ( 745 – 727 ق.م ) . ومن الأدلة عن الصلات الاقتصادية بين الدولة البابلية الجديدة وسبأ ما ذكره هيرودوت من ان الكلديين كانوا يحرقون حوالي طنين ونصف من البخور للإله سنوياً في العيد الديني لهم ولاشك ان البخور كان يستورد من بلاد سبأ وأنه كانت هناك حاجة للاستخدام اليومي للبخور لدى الكلديين 4 ، ونستذكر في هذا المجال أن الملك الكلدي نبونيد (556 – 359 ق.م) قد هجر عاصمته التاريخية بابل واتخذ من تيماء مقراً لحكمه من أجل الإشراف المباشر على تجارة جنوب الجزيرة العربية مع بلاد الرافدين والتي كانت منطقة تيماء إحدى محطاتها الرئيسية . أن العلاقات بين جنوب الجزيرة العربية وبلاد الرافدين لم تقتصر على العلاقات الاقتصادية فالدلائل تشير إلى وجود صلات من نوع آخر تتمثل في التشابه في أسماء الآلهة التي كانت تعبد في كلتا المنطقتين فإله القمر الحضرمي المسمى سين له ما يماثله في بلاد الرافدين وبنفس الوظيفة ، والالهة البابلية السورية عشتار لها ما يماثلها في بلاد اليمن متمثلاً بالإله عشتر مع الخلاف في الطبيعة بين هذين الإلهين فهو إله مذكر في اليمن في حين أنه ألهة مؤنثة في سوريا وبلاد الرافدين ، كما أن اسم الإله ايل الداخل في تركيب اسم الملك السبئي الشهير كرب – ايل وتر يعتبر اسماً لإله رئيسي في بلاد الرافدين وسورية . ولم تقتصر الأمور المشتركة بين جنوب الجزيرة العربية وبلاد الرافدين على ذلك فهناك تأثيرات فنية وأثرية واضحة في الفنون واضحة في الفنون اليمنية ويرجع ذلك إلى الألف الثالث ق.م فمن المثير للانتباه أن العديد من التماثيل اليمانية تتماثل أو تتشابه مع التماثيل السورية العائدة للالف الثالث ق.م . فمنظر شجرة الحياة الذي اشتهر في بلاد الرافدين والذي يتمثل بالنخبة التي يقف على جانبيها أسدين أو وعلين بشكل متقابل ومنظر البطل الذي يتوسط حيوانين قابضاً عن إحدى القوائم الأمامية لكل منهما ومنظر البطل الذي يقف رافعاً على رأسه حيواناً مقرناً ، كل هذه المناظر تجد انعكاساً لها في تماثيل ومشاهد وجدت في مناطق متفرقة من جنوب الجزيرة العربية (5) . وفي الختام نريد أن نؤكد على ناحية هامة في إطار هذه العلاقات التي ربطت جنوب الجزيرة العربية مع مناطق بلاد الرافدين وهي ان خطوط التجارة التي ربطت بين هذين الإقليمين لم تكن فقط طرقاً لنقل البضائع عليها وإنما كانت طرقاً لانتقال المجموعات البشرية أيضاً فحتى فيما يتعلق بالتجارة فقد كان للعرب الجنوبيين جاليات على الأقل تقيم في البلاد التي يتاجرون معها وما النصوص التي عثر عليها في اوروك إلا دليلاً على ذلك كما أنه لا يمكن إغفال بعض أوجه التشابه في المجالات المختلفة التي أوردناها أعلاه للتدليل على وجود حركة اتصال للمجموعات البشرية بين هذين الإقليمين من أقاليم بلاد العرب في فترة البحث وان كان الأمر بحاجة لمزيد من البحث والدراسة وخاصة في المجل اللغوي لتأكيد الروابط بين لغات جنوب الجزيرة العربية مع مثيلاتها في بلاد الرافدين . هوامش البحث / 1. الجرو ، اسمهان : التواصل الحضاري بين عرب الجنوب والعالم القديم ، مجلة دراسات يمنية ، العدد 41 صنعاء 1990 ، ص 182 وما بعدها . 2. النعيم ، نورا عبدالله : الوضع الاقتصادي في الجزيرة العربية في الفترة من القرن الثالث قبل الميلاد وحتى القرن الثالث الميلادي دار الشواف ، الطبعة الأولى ، 1992 ، ص 212 . 3. حول نصوص هذا الحاكم : انظر اسماعيل ، بهجة خليل : نصو كودوري اوصر حاكم سوخي وماري ، سومر مج 42 جزء 1 – 2 1987 . 4. إسماعيل ، عارف أحمد : العلاقات بين العراق وشبه الجزيرة العربية صنعاء 1980 ، الطبعة الأولى ص 117 . 5. المرج السابق : ص 118 – 122 . الهجرات العربية اليمانية إلى بلاد الشام قبل الإسلام د. محمود فرعون – سوريا ثمة حقيقة ، تتلخص في أنه لا يمكن دراسة تاريخ بلد من بلدان الشرق الأدنى القديم ، بمعزل عن تاريخ البلدان الأخرى في المنطقة ، لأن الأحداث الخاصة إحداها ينعكس على جزء كبير من منطقة الشرق الأدنى القديم ، يضاف إلى ما تقدم إن دراسة الهجرات العربية القديمة إلى بلاد الشام .. جديرة بالاهتمام لأنها تلقى مزيداً من الضوء على بدايات ظهور اسم العرب في الكتابات والنقوش القديمة ، وبين الأصول العربية لسكان بلاد الشام وأشهر القبائل العربية التي استوطنت فيها قبل الإسلام ، وتأثيرها الحضاري . سوف نتجاوز ما سمى بالهجرات العربية السامية القديمة والتي أجمع عليها الباحثون بأنها خرجت من الجزيرة العربية منذ الألف الرابعة قبل الميلاد نحو بلاد الشام وبلاد الرافدين واتجه قسم منهم إلى شمال أفريقيا ، ونتتبع ظهور اسم العرب في الكتابات القديمة . بدأ ذكر العرب يتردد في الكتابات المسمارية بدءاً من أواسط القرن التاسع ق.م ، وذلك باسم اريبي A- ri – bi ، أربايا Ar-ba-a-a ويعد نقش شامنصر الثالث ( 858 – 824 ق.م ) أقدم شاهد كتابي يرد فيه ذكرهم ، فهو أقدم ذكر معروف لهم حتى الان ، ومن البديهي انهم كانوا موجودين قبل هذا التاريخ بوقت طويل ، ويعيشون غالباً حياة التنقل والترحال في البوادي العربية ، معتمدين على تربية الحيوان وعلى ممارسة شيء من التجارة ، وتذكرهم النقوش العائدة للفترة الآشورية الحديثة خصوماً ألداء للآشوريين . يتضمن النقش تقريراً عن انتصار الملك الاشوري في معركة جرت في موقع قرقر ( حالياً : خربة قرقور قرب مدينة جسر الشغور في شمالي سورية ) ، وذلك في سنة 853 ق.م ، على تحالف ضم عدة ممالك آرامية بزعامة ملك دمشق ، وشارك في التحالف شيخ عربي يدعى جنديبو أو جندب ، واسهم في المعركة بألف جمل ، أي بألف مقاتل على جمالهم

يتبع

 

التوقيع

 


 
 

التعديل الأخير تم بواسطة : زبيدة احمد بتاريخ 09-06-2007 الساعة 07:12 PM.
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 09-06-2007, 07:08 PM
الصورة الرمزية زبيدة احمد
زبيدة احمد زبيدة احمد غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Jun 2007
الدولة: حمى ربي ونصيري
العمر: 43
المشاركات: 3,612
معدل تقييم المستوى: 20
زبيدة احمد is on a distinguished road
رد: حقيقة انتماء الشمال الافريقي العربي بدراسات تاريخية علمية بحتة

وتعد هذه الإشارة أول دليل على استخدام الجمال في المعارك (1) . وبعد أكثر من قرن زحف الملك الآشوري تجلات فلاصر الثالث (745 – 727 ق.م) إلى سورية أيضاً ، وذلك بغية مواجهة الحلف الذي شكله ضده رزون ملك دمشق ، وكان ضمن الحلف ملكة عربية تدعى زبيبة – Za-bi-bi التي كانت كاهنة وتتزعم قبيلة قيدار المنتشرة في شمالي الحجاز . وقد تمكن الملك الاشوري من إخضاع دمشق 732 ق.م ، ونصب فيها حاكماً آشورياً (2) . ويمكن أن يستخلص من هذين الشاهدين أن قبائل شمالي الجزيرة العربية كانت تتوسع في المناطق الجنوبية والجنوبية الشرقية من دمشق ، ويبدو أنها رأت في الآراميين هناك حليفاً يمكن الاعتماد عليه في مواجهة الأخطار الآشورية المتزايدة . وتشير المصادر إلى أن ملكة عربية أخرى أسمها شمس أو شمسه قادت في 732 ق.م تحالفاً عربياً ضد الاشوريين ، وشاركت فيه قبائل تيماء واسا a‘Asa وخيبا Hajappa وبدنا Bedena وسبأ (3) . وقد نال منها الآشوريون وفرضوا عليها قبول وجود مراقب آشوري في بلاطها ، وقد أجبرت هذه القبائل على الاعتراف بالسيادة الآشورية ، وقامت بارسال االاتاوة من ذهب وفضة وابل وجميع أنواع الافاوية . ولا شك في ان ذكر السبئيين هنا لافت للانتباه ، والراجح ان ذلك يدل على جاليات يمنية قديمة انتقلت إلى شمال غربي الجزيرة العربية في وقت مبكر خلال ممارستها أعمال التجارة بين الجنوب والشمال . ومن المعروف أنه كانت هناك طريق تجارية تخترق الجزيرة بدءاً من ميناء قنا على البحر العربي ثم تمر شمالاً بشبوة ومأرب وقرناو ونجران ومكة ويثرب ومدائن صالح حتى تيماء ، وتتفرع بعد ذلك إلى فرعين ، فرع يتجه نحو بابل وآخر نحو البتراء وغزة أو البتراء وبصرى . ومع الزمن استقرت على هذا الطريق حاميات وجاليات معينة ، وأسهم ذلك في التزاوج والاختلاط بين عرب الشمال وعرب الجنوب ، وقد أقامت أكبر الجاليات المعينية الجنوبية في واحة العلا شمالي يثرب (4) . ويعود اقدم ذكر لدولة سبأ اليمنية في الكتابات المسمارية إلى عهد الملك الآشوري شلمنصر الثالث ( 824 – 858 ق.م ) ، وذلك في نقش له يؤرخ بسنة 838 ، ويذكر أنه أحضرت جمال وخيول ونباتات عطرية وأحجار نفيسة وغير ذلك من سبأ إلى بلاد آشور (5) . لو تتبعنا النقوش الملكية الآشورية الحديثة سنلحظ بوضوح ازدياد الحديث فيها عن العرب والجزيرة العربية بدءاً من عصر حكم السلالة السرجونية ، وأول ملوكها شرّ كين ( سرجون) الثاني (721 – 705 ق.م ) ، أي من اواخر القرن الثامن ق.م ، ويتزامن ذلك مع ازدياد الدور السياسي للقبائل العربية ، وتحولها إلى قوة يحسب لها حساب لدى ملوك آشور ، ويشمل ذلك بشكل خاص عرب مناطق الحجاز والذين انتشروا من هناك نحو أطراف البادية السورية وبلاد بابل ، ونجد في النقوش الآشورية ذكر للحملات التي قام بها سنجريب واسرحدون في القرن السابع ق.م ضد القبائل العربية في شمال الجزيرة العربية وفي بادية الشام وصولاً إلى دمشق ، واخضاعه عدد من ملوكهم مثل تعل خونو وخزايل ، ثم تتكرر حملات آشور بانيبال ( 668 – 627 ق.م ) ضد قبائل قبدار في بادية الشام . ويتكرر ذلك في عهد نبوخذ نصر ونابيد . لا تحدد المصادر التي بين أيدينا الفترة الزمنية التي هاجرت فيها القبائل العربية إلى سورية . لكن المكتشفات الأثرية ألقت الأضواء على كثرة وجود العرب في سورية ، فالنصوص الكثيرة المنقوشة على صخور البازلت في المنطقة التي يطلق عليها اسم الصفا في الجنوب الشقي من دمشق تشير إلى أن السكان الذين نقشوا تلك النصوص في القرون الميلادية الأولى هو من أصل عربي ، فلغتهم لهجة عربية وكتابتهم تمت إلى الكتابات التي وجدت في جنوب الجزيرة العربية . وأهمية هذا الاكتشاف هو ان علماء الاثار قد تعرفوا على غرب الصفا قبل ان يختلطوا بغيرهم ، فتعرفوا بواسطة هذه النقوش على كتاباتهم وآلهتهم وعاداتهم (6) . كما ان الرأي السائد اليوم بين العلماء ان الانباط عرب كانوا يسكنون بادية الشام الجنوبية منذ القرن السادس قبل الميلاد . وقد استعملوا الآرامية في كتاباتهم ولم يذكرهم الاحباريون ، بدليل ان أسماءهم أسماء عربية خالصة ، وانهم يشاركون العرب في عبادة الأصنام المعروفة عند عرب الحجاز مثل ذي الشرى واللات والعزى ، وانهم رصعوا كتاباتهم الآرامية بكثير من الألفاظ العربية ، وبدليل إطلاق مؤرخي اليونان واللاتين والمؤرخ اليهودي (يوسفوس) كلمة العرب على الأنباط واطلاق اسم العربية الصخرية على أرضهم ، ولو لم يكن الانباط عرباً لما أطلق الكلاسيكيون اسم العرب عليهم ، وما كـانوا لـيدخلوا بلادهم ضمن أجزاء الجزيرة العربية ويجعلونها جزء من اجزائها الثلاثة (7) . أما استخدام الأنباط للآرامية في كتاباتهم فيعود إلى أن الآرامية كانت قد تغلبت قد تغلبت على أكثر لغات الشرق الادنى ، وصارت لغة الكتابة والتدوين والتجارة في هذه المنطقة قبل الميلاد وبعده بقرون . ولا عجب ان يدون الانباط وغيرهم من العرب بالأرامية ، لغة الفكر والثقافة والتجارة ، وان يتكلموا بلغة اخرى هي لغة اللسان . وينطبق على سكان تدمر ما ذكرناه عن الانباط فقد أخذ العنصر العربي يتغلب عليها تدريجياً بدءاً من مطلع الألف الأول قبل الميلاد ، حتى اصبح هذا العنصر في العهد السلوقي هو النواة الثابتة في تدمر والغالبة عليها ، وتلك الجذور المشتركة لمنطقة الشمال الأفريقي أ. حمد أحمد الحاج – الجماهيرية في قراءة للتاريخ ، واهتداء بعلم الحفريات ، واستدعاء للأدلة العلمية تناولت في دراستي الأصل الواحد للهجرات العربية بما فيها الهجرة العربية القبائل البربر لستوطن في الشمال الأفريقي في موجات متتالية . أما بالنسبة لنسبهم فالعديد من المؤرخين يرجحون في نصوصهم أن نسبهم يعود إلي العماليق أو بر بن قبس عيلان أو من نسل كنعان بن حام . وجميعهم انطلقوا من الجزيرة العربية شمالها ( فلسطين) أو جنوبها ( اليمن ). كما ناقشت الدراسة أصل التسمية حيث لا يوجد كلمة بربر كما قررته المصادر العربية ودائرة معارف أو نيفير ساليس ـ أصل عرقي بل تقر بنسبة البربر إلى العرب أصلاً ولغة ، ولم تحدد هويتهم على أسس عرقية بل أكدت انحدار هم من أصل شرقي. وحول عروبة البربر ومحاولة المستعمر في الشمال الأفريقي القفز على هذه الحقيقة للتفريق بين أبناء الأمة الواحدة بعد أن وجد وحدة أباء المغرب الدينية المتمثلة في 98% على مذهب ديني واحد . حيث بدأ يروج لوجود قومية عربية وأخرى بربرية مخالفاً بذلك كل الحقائق التي تدفع هذا الافتراء . وأولى هذه الحقائق - أن النسابة البربر أنفسهم يواصلون القبائل البربرية بأصول عربية سواء في الجزيرة العربية وخاصة بجنوبها أو ببلاد الشام . فالهجرات المتعددة التي قام بها العرب نحو الشمال الأفريقي نتيجة الجفاف الذي لحق بأرض المشرق سجلها المؤرخون المنسبون والشعراء والأدباء حتى من البربر أنفسهم يفتخرون بأصولهم العربية . وقد أوجز ابن خلدون التشابه بين البربر والعرب في بيوتهم وانتقالهم ومعاشهم في البراري ورسم لهم حياة هي نفسها حياة العرب: كما أوجز كذلك التشابه في الأخـلاق ( كما أثبتته الدراسة ) . ومن الغريب مع وجود الكثير من الحقائق التي تقول بعروبة البربر أن نجد من الباحثين الفرنسيين من يبذل جهوداً مدنية لمحاولة اكتشاف علاقة ما ـ ولو ضئيلة ـ بين اللغة البربرية من جهة وبين اللغات الأوروبية القديمة من جهة أخرى : فقد قارنوا البربرية بلغة الباسك ، ولغة البريتون وغيرها من اللغات الأوروبية القديمة ، فلم يجدوا بينهما أي تشابه يذكر . وخلصنا في هذا الباب من خلال الدراسة إلي أن البربر يضربون بجذورهم في الأصل العربي وأنهم من سكان جزيرة العرب ارتحلوا إلي الغرب من الشرق في هجرات متتالية . . كما تناولت الدراسة في قسمها الثاني الأصالة العربية للغة البربرية فالأستاذ العلامة وليم لانفر مؤكد بأن اللغة المصرية القديمة تتصل باللغات السامية ولغات البربر بأصل واحد. ومحررو مادة بربر في دائرة معارف يونيفر ساليس يذهبون الى أن أكثر طريق مؤكد للحقيقة هو نسبة اللغة البربرية إلى أصول حامية ـ سامية التي تجمع في بوتقة واحدة البربرية والمصرية القديمة والكوشية والسامية . وقد استعرضت في الدراسة بعض جوانب الارتباط اللغوي سواء من حيث وزن أفعول الذي جاء على وزنه في اليمن . وأسماء فروع قبيلة خولان باليمن القديم والتي سجلت بالخط المسند وهي أحنون، أعبوس، أحبوس . وكذا استعرضنا أسماء الأماكن التي تؤكد الارتباط بين المغرب العربي الكبير واليمن ولها صيغ أمازيغية واضحة . - في صعيد مصر ابنو ، أسيوط - واخيم وتيما في جبل حوران في سوريا - وتاركم، وأتبار وتيمرايين في السودان - واكسوم في أرتريا - وجزيرة ( أنتوفاش ) في اليمن كما عرضت الدراسة لاسماء القبائل اليمنية المتطابقة مع أسماء القبائل البربرية في منطقة الشمال الأفريقي . - الاشلوح : أسم قرية وقبيلة في اليمن . - الشلوح : تجمع كبير للقبائل البربرية في المغرب الأقصى . - الاكنوس : عشيرة من بني مهاجر في اليمن . - ومكناسة : في المغرب . كما تطرقنا إلى السمات والخصائص المشتركة بين البربرية والعربية . . بما يجعل الباحث يطمئن إلى أن البربرية لهجة قديمة انفصلت منذ القدم عن اللغة الام وأثرت فيها عوامل الزمن والمسافة والصحاري الشاسعة وعد استقرار أهلها . كل هذه العوامل مجتمعة أثرت تأثيراً كبيراً في جعل هذه اللهجة تأخذ طابعاً خاصاً عند العامة . ولكنها عند الخاصة هي لهجة انفصلت عن العائلة ( الام ) منذ القدم كالمهرية في اليمن وغيرها من اللهجات التي لم تجد قدرة على مواجهة ظروف الحياة أو لم تخلدها أو تنتصف لها الآداب أو لغير ذلك من أسباب .. وإن كانت هناك من توصيات تدفع أعمال هذا المؤتمر إلى الإمام فإننا نوصي بانتشاء مركز بحثي بفروعه ولجانه العلمية يكون من أبرز مهامه : - مناقشة الحقائق التاريخية للتثبت منها وحسم الخلاف حولها وتوثيقها في المجالات التالية : 1. الأصول والهجرات في ضوء نتائج الحفريات والآثار . 2. البعد التاريخي للغة العربية ولهجاتها القديمة وعلاقتها بالأسر اللغوية . الهجرات اليمنية إلى العراق والشام ومصر قـــبل الإسلام د. محمد سعيد شكري – اليمن لا ريب أن موضوع الهجرة اليمنية شمالاً قبل الاسلام ، بعد واحداً من أهم المواضيع التي شغلت وتشغل العديد من الباحثين والمهتمين قديماً وحديثاً بسبب التأثير المباشر لهذه الهجرة في صياغة جلة من الثوابت في تاريخ وطننا العربي وأمتنا العربية . لقد شغل جزء من وطننا العربي – الجزيرة العربية – في حقبة تاريخية معينة دوراً مؤثراً في الهجرة السامية عامة والعربية منها خاصة ، ويحد الجزيرة العربية شمالاً صحراء يطلق عليها بادية الشام أو الصحراء السورية ، اعتبرت جزء مكملاً للجزيرة العربية ، وخزاناً بشرياً يفيض إلى ما حوله في سورية والعراق ومصر . كما تعد شبه الجزيرة سيناء جزءً من الجزيرة العربية ، معها صحراء مصر الشرقية بين وادي النيل والبحر الحمر . وإضافة إلى ما سبق فإن اليمن وافريقية كانتا ملتصقتين في فترة جيولوجية متأخرة نسبياً ، مما جعل البحر الأحمر في فترة من فترات العلاقات اليمنية الأفريقية القديمة ، بحيرة داخلية ، ويعطي ذلك انطباعاً على سهولة الحركة المتبادلة بشرياً واقتصادياً . ويعطي البحث أهمية للهجرة اليمنية إلى العراق والشام ومصر قبل الإسلام للاسباب التالية : 1- الدور التواجدي للعرب في هذه المنطقة العربية ، في فترة ضعف للنظام السياسي العربي قبل الاسلام . 2- هذا الوجود العربي يعطي استمرارية للهوية العربية للمنطقة قبل الإسلام . 3- خلق حزمة من المعاني الروحية والفكرية والثقافية والحضارية العربية ، ساعدت الفتح الاسلامي لاحقاً على سرعة الانتشار . 4- الدور الاقتصادي الواضح في اقتصاديات العراق والشام ومصر . 5- الدور السياسي الواضح في حيرة المناذرة ، وسورية وقضاعة وغسان قبل الاسلام . هذا وقد تطرق البحث إلى : أولاً : عوامل وأسبتب الهجرة اليمنية قبل الاسلام ( انهيار سد مأرب ، وعوامل طبيعية أخرى ، والصراعات القبلية والعشائرية ، وتدهور تجارة اليمن ، وعوامل الجذب في المناطق المهاجر إليها ، والضعف السياسي للدولة الحميرية ). ثانياً : نبذة مختصرة عن أنساب القبائل اليمنية المهاجرة إلى العراق والشام ومصر قبل الاسلام . ثالثاً : دراسة مهاجرة ومساكن القبائل اليمنية في الاراضي العربية الجديدة : أ. العشائر والقبائل المهاجرة إلى العراق ، ودورها السياسي والاجتماعي ، خاصة حلف تنوخ القبلي القبلي ، الذي أسس دولة المناذرة في الحيرة . ب. العشائر والقبائل المهاجرة إلى الشام والدور السياسي والاجتماعي فيها ، خاصة قضاعة وغسان ملوك سورية الجنوبية قبل الإسلام . ج. العشائر والقبائل المهاجرة إلى مصر . د. العشائر والقبائل اليمنية المهاجرة إلى وسط وشمال الجزيرة العربية . وتطرق البحث إلى دور هذه القبائل اليمنية المهاجرة قبل الإسلام في الفتوحات الإسلامية لاحقاً . رابعاً : درس البحث القبائل اليمنية المهاجرة قبل الاسلام وهي : أ‌. القبائل التي تنتسب إلى حمير ، وأهمها قضاعة وعشائرها . ب‌. القبائل التي تنتسب إلى مالك بين زيد بن كهلان . ت‌. القبائل التي تنتسب إلى عريب بن زيد بن كهلان . العلاقة بين اللغة الليبية القديمة(الأمازيغية)ولغات الشرق الأدنى القديم: د. محمد علي عيسى – الجماهيرية اصطلح الكثير من باحثي التاريخ القديم على تسمية منطقة المغرب العربي باسم المغرب القديم ، وذلك تسهيلاً لدراسة هذه المنطقة خلال عصورها التاريخية القديمة . والجدير بالذكر أن العلامة عبد الرحمن ابن خلدون في كتابه العبر وديوان المبتدأ والخبر ، قد أطلق هذا الاسم على هذه المنطقة منذ أكثر من سبعة قرون مضت . هذا من جهة ، ومن جهة أخرى أطلق المؤرخ اليوناني(هيرودوت)على نفس المنطقة السالفة الذكر اسم ليبيا وعلى السكان أسم الليبيون. وبالتالي فإن ليبيا والليبيون القدماء هي نفسها المغرب القديم وسكان المغرب القديم . ومن خلال النتائج التي تم التوصل اليها من المعطيات الأثرية والأنثروبولوجية ، تم التأكيد على أن الليبيين القدماء ، الذين حلوا بمنطقة المغرب القديم منذ عصور ما قبل التاريخ كانوا عبارة عن هجرات قدمت من مناطق شبه الجزيرة العربية وبلاد الشام ومنطقة ما بين النهرين ، وهو الأمر الذي جعل اللغة الليبية القديمة(الأمازيغية)جزءاً من ذلك الواقع اللغوي لتلك المناطق التي اصطلح العلماء على تسميتها خطأ بالسامية ، وهو ما فضلنا تسميتها بالعربية القديمة ، ولذلك فاللغة الليبية القديمة هي جزء من تلك المجموعة اللغوية العربية العريقة في القدم. وقد أشار إلى ذلك الكثير من الباحثين المرموقين ، وعلى رأسهم الألماني (روسلر) . وكان للهجرات التي خرجت من شبه الجزيرة العربية الدور البارز في تكوّن الممالك والإمبراطوريات في مناطق ما بين النهرين والشام ووادي النيل وشمال افريقيا ، ولم تكن هذه الهجرات السبب المباشر في تكوّن تلك الجماعات السكانية التي كونت تلك الإمبراطوريات والممالك فحسب ، بل كانت السبب المباشر في ظهور اللغات واللهجات الكثيرة التي اصطلح العلماء على تسميتها فيما بعد باسم اللغات الساميةوالحامية . ومن أبرز تلك اللغات التي ظهرت بتلك المناطق اللغة الأكادية التي تفرعت عنها البابلية والأشورية ، واللغة الآرامية التي تفرعت عنها السريانية والنبطية والتدمرية ، واللغة الكنعانية التي تفرعت عنها الأوغاريتية والعبرية والمؤابية والأدومية والقرطاجية ، واللغة العربية الجنوبية التي تكوّنت من اللغات المعينية والسبئية والحضرمية والقتبانية والتي تفرعت عنها الأثيوبية (الجعزية والتيجرينية والأمهرية والهررية) ، ولغات شمال شبه الجزيرة العربية التي تتكون من الثمودية واللحيانية والصفوية والعربية الفصحى. وقد نتج عن تلك الهجرات أيضاً ظهور اللغة المصرية القديمة (الهيروغليفية) في منطقة وادي النيل واللغة الليبية القديمة(الأمازيغية)فى منطقة المغرب القديم . وقد اتفق معظم الباحثين على إرجاع كل هذه اللغات إلى لغة أساسية أُولى أُطلق عليها اسم اللغة السامية الأم ، وهي بالتأكيد اللغة العربية القديمة ، التي كانت لغة المجموعات المهاجرة من شبه الجزيرة العربية ، والتي بدأت في الوصول إلي تلك المناطق منذ عصور ما قبل التاريخ . ولهذا السبب نجد آثار هذه الوحدة اللغوية ظاهرة بكل وضوح على كل تلك المجموعات السالفة الذكر من خلال وحدة الثقافة والتفكير العقلي المتقارب . العلاقة بين اللغة الليبية القديمة(الأمازيغية)واللغة الآكادية تنسب اللغة الأكادية إلى الأكاديين الذين وصلوا منطقة ما بين النهرين عن طريق هجرات جاءت من شمال شبه الجزيرة العربية ، وكان ذلك منذ بداية الألف الثالثة قبل الميلاد . إن عملية مقارنة اللغة الأكادية باللغة الليبية القديمة(الأمازيغية)يثير الكثير من الدهشة لدى المشككين في انتماء الليبيين القدماء لمناطق شبه الجزيرة العربية والشام وبلاد الرافدين ، بسبب التشابه الكبير بين اللغتين الليبية والأكادية ، رغم وقوع الأكادية في أقصى شرق الوطن العربي ، ووقوع اللغة الليبية القديمة في أقصى غرب هذا الوطن ، ويبدو ذلك التشابه واضحاً من خلال اشتراكهما في مراحل تطورهما من خلال ما يطلق عليه اللغة السامية ، ونجد اللغة الليبية القديمة تتشابه مع اللغة الأكادية في المجالات الصوتية والصرفية والمفرداتية . وقد أشار العلامة الألماني (روسلر) أن اللغة الليبية القديمة تلتقي مع اللغة الأكادية في عدد كبير من الجذور، وهو ما يؤكد وحدة الأصل ، والقرابة المعجمية بين اللغتين ، وقد كانت اللغة الليبية القديمة لا تميز بين المعرفة والنكرة ، حيث لا توجد بها أداة للتعريف شأنها في ذلك شأن اللغة الأكادية. العلاقة بين اللغة الليبية القديمة واللغة المصرية القديمة (الهيروغليفية) يؤكد الكثير من الباحثين اللغويين بأن اللغة المصرية القديمة (الهيروغليفية) ذات صلة أكيدة بما يسمى اللغة السامية الأم . ولقد تأكد حديثاً ، لمعظم الباحثين بما لا يدع مجالاً للشك بوجود تجانس داخلي بين المجموعات اللغوية المصرية القديمة والليبية القديمة والكوشية والتشادية ، وهو الأمر الذي يسمح لهؤلاء العلماء بمقابلة هذه المجموعات بالمجموعات المعروفة باسم السامية ، ولذلك نجد الكثير من العلماء وعلى راسم (روسلر) يلحقون هذه اللغات القديمة مباشرة بما أصطلح عليه بالمجموعة السامية ، ولذلك فاللغة الليبية القديمة سامية مثلها مثل فروع السامية المتواجدة في شبه الجزيرة العربية والشام وبلاد الرافدين ووادي النيل وشرق افريقي. وبالتالي عندما يقول يغض العلماء عن المصرية القديمة بأن جذورها القديمة أفريقية ، فإتهم يعنون بدون شك تلك الجذور التي قدمت من الصحراء الكبرى ، عندما بدأ السكان يغادرونها نحو الشمال والشمال الشرقي بسبب الجفاف الذي بدأ يحل بالمنطقة . وقد تعرفنا أن سكان الصحراء الكبرى جاءوا بكل ثقافاتهم ومعتقداتهم من شبه الجزيرة العربية والشام ، وبالتالي فإن اللغة المصرية القديمة واللغة الليبية القديمة ، تأثرت بمؤثرات سامية قادمة من الشرق ، سواء مباشرة ، أو بعد وصول هذه المؤثرات إلى الصحراء الكبرى ، وانتقالها فيما بعد نحو وادي النيل والشمال بصفة عامة . ومما يؤكد انتماء اللغتين الليبية القديمة والمصرية القديمة إلى ما يعرف باللغة السامية (العربية القديمة) ، ما يورده (أوريك بيتس) في كتابه القيًم الليبيون الشرقيون ، حين يؤكد أن اللغة المصرية القديمة سامية في طبيعة أفعالها ، وهي تشترك مع اللغة الليبية القديمة في العديد من الملامح . ويبدو ذلك واضحاً من خلال عمل مقارنة بين المفردات المصرية القديمة والليبية القديمة حيث يبدو واضحاً أن في اللغتين عدداً من الكلمات الأصلية البدائية المشتركة " . العلاقة بين اللغة الليبية القديمة واللغة الكنعانية يؤكد الكثير من المؤرخين على التأثير اللغوي الكنعاني على اللغة الليبية القديمة. وهذا ليس جديداً ، لأن الكنعانيين هم الذين علموا معظم شعوب العالم الأبجدية ، ويرى بعض الباحثين أن سكان المغرب القديم أقبلوا على اللغة الكنعانية ، عندما وجدوا ما فيها من قرابة مع اللغة التي يتخاطبون بها ، وذلك بسبب التواصل العرقي بينهم وبين الكنعانيين . ويؤكد هذه الحقيقة المؤرخ البيزنطي (بروكوبيوس القيصري) في القرن السادس الميلادي ، حين يقول " لقد وجد الفينيقيون الذين هاجروا بصحبة (ديدون) عليسة ، بين المستوطنين القدماء جماعات من بني جنسهم ، لذلك أسسوا قرطاجة بإذن منهم ". وهذا الأمر أدى فيما بعد كما يشير الكثير من الكتاب الكلاسيكيون وعلى رأسهم (ديودوروس الصقلي) و(استرابون) و(بلينى الأكبر) ، إلى تكون مجموعات سكانية جديدة كانت مزيجاً بين السكان الأوائل والمهاجرين الذين قدموا صحبة عليسة ، فنتج عنه ما يطلق عليه أولئك الكتاب اسم " الليبيون-الفينيقيون". ولهذه الأسباب مجتمعة جاءت أبجديتهم تحتوي على الكثير من حروف لغات الشرق الأدنى القديم . ويُعتقد أن الملك مسنسن (ماسينيسا) هو الذي كان وراء ظهور أبجدية ليبية على نمط الحروف الهجائية الكنعانية . العلاقة بين اللغة الليبية القديمة ولغات جنوب شبه الجزيرة العربية إستطعنا التعرف على لغات جنوب شبه الجزيرة العربية من خلال النقوش الكثيرة ، التي عرف منها حتى الآن أكثر من عشرة الآف نقش ، وهذه اللغات هي لغات عربية ، ولكنها غير العربية الفصحى المعروفة لدينا الآن ، وقد كُتبت تلك النقوش بخط المُسند ، الذي يتألف من 29 حرفاً أبجدياً أي بزيادة حرف واحد عن الأبجدية العربية الفصحى ، وحسب أشهر الآراء تنتمي هذه الأبجدية إلى الخط الكنعاني . إن وجود علاقات وطيدة بين اللغة الليبية القديمة واللغات العربية القديمة كالأكادية والمصرية القديمة والكنعانية ، يجعلنا نتأكد من وجود علاقة مشابهة بين الليبية القديمة ولغات جنوب شبه الجزيرة العربية ، وهو أمر طبيعي لأن جنوب شبه الجزيرة العربية ينظر إليها معظم الباحثين على اعتبارها مصدراً قوياً لهجرات قديمة ومتعاقبة قدمت إلى منطقة المغرب القديم منذ عصور ما قبل التاريخ وطيلة العصور القديمة والوسطى . وفي سبيل الوصول إلى معلومات حول هذا الموضوع قمت بزيارتين علميتين إلى اليمن خلال عامي 1997 و2001 إفرنجي . وقد توصلت من خلال هاتين الزيارتين إلى وجود تشابه كبير بين اليمن ومنطقة المغرب القديم في الكثير من مظاهر الحياة الإجتماعية والثقافية والمعمارية ، ورغم أن المعلومات التى توصلت إليها خلال هاتين الزيارتين في مجال تشابه لغات جنوب شبه الجزيرة العربية واللغة الليبية القديمة كانت محدودة ، فإنها كانت ذات أهمية كبيرة لإثبات تلك الأواصر العريقة في القدم بين سكان المنطقتين ، ولإثبات ذلك سنتابع بعض القواعد النحوية والمقارنات اللغوية بين اللغتين . 1- تتميز اللغة السبئية وملحقاتها بأداة عبارة عن حرف النون يلحق عادة بآخر الكلمات ، تسمى النون الحميرية ، وهي مثل أداة التعريف في اللغة العربية الفصحى . وفي اللغة الليبية القديمة اسماء قبائل تنتهي بحروف النون وهي بمثابة (ال) التعريف الذي هجر في عصور لاحقة مثل : بنو درجين وبنو ورتاجن وبنو مراسن وغيرهم . 2- توجد في لغات جنوب شبه الجزيرة العربية أسماء كثيرة صيغت على وزن الأفعول مثل:الأيفوع والأيزون والأوسون والأحروث والأهيون. وهذه الاسماء أصيلة في جنوب شبه الجزيرة العربية . ومما لا شك فيه أن وجود صيغ مشابهة كأمقون وأزمور وأصفود وأمرود وأعروس وأرفود وأمروث وأفروخ ، في منطقة المغرب القديم ، وشرق إفريقيا كان نتيجة لانتقال مؤثرات ثقافية إلى تلك المناطق. 3- تتشابه اللغة الليبية القديمة مع لغات جنوب شبه الجزيرة العربية في تأنيث بعض الكلمات . ونجد أمثلة كثيرة تؤيد ذلك في لغة النقوش بجنوب شبه الجزيرة العربية ، فيكتبون تهامت بدل تهامة وربيعت بدل ربيعة وحبشت بدل حبشة ويمنت بدل يمن وهكذا . وفي الليبية القديمة إلى الآن يصوغون الكلمات المؤنثة بتاء مفتوحة بدل تاء مربوطة مثل تيارت وهو اسم مكان وتوات وهي اسم قبيلة وتاهرت وهي اسم مدينة . ويبدو واضحاً من خلال مقارنة هذه الأسماء وجود تشابه في الصورة اللفظية العامة في اللغتين . 4- ومما يؤيد العلاقة الوطيدة بين اللغة الليبية القديمة ولغات جنوب شبه الجزيرة العربية ، التقارب الشديد بين اللغة الليبية القديمة وما يطلق عليه اليوم اسم لغات جنوب شبه الجزيرة الحديثة مثل : اللغة المهرية واللغة الشحرية واللغة السوقطرية ويبدو هذا التقارب واضحاً من خلال أن المجموعتين الليبية واليمنية قديمة قدم التاريخ وما زالت حية إلى الآن . وبالفعل رغم اختلاف المجموعتين اللغويتين في شكلهما العام ، فإننا استطعنا من خلال مقابلة بعض السكان السقطريين والمهرة ، التعرف على وجود بعض التشارك في بعض القواعد اللغوية ، وبعض المفردات ، ففي مجال القواعد النحوية . وتستعمل لغات جنوب شبه الجزيرة العربية قديماً ، وسكان المهرة في العصر الحديث ، للتمييز بين المذكر والمؤنت التاء في آخر الكلمة ، وهي الميزة الغالبة للغة الليبية القديمة ، أما فيما يخص تشابه المفردات اللغوية بين المنطقتين ، فاستطعنا التعرف على بعض هذه المفردات من خلال مقابلات مع بعض الأشخاص لفترة وجيزة ، توصلنا إلى تشابه تام في بعض المفردات . فكلمة يكّس تعني في الشحرية وجد أو أخذ ، وكلمة يكّس نفسها في اللغة الليبية القديمة تعني أخذ أو انتزع ، وكلمة سكف تعني في الشحرية شرب ، وكلمة سكف نفسها تعني في اللغة الليبة القديمة رشف ، وهي من مرادفات كلمة سوا (شرب) . 5- وأخيراَ مما يؤيد وجود علاقة وطيدة بين اللغة الليبية القديمة ولغات جنوب شبه الجزيرة العربية ، اقتباس الأبجدية الليبية الكثير من حروفها من خلال أبجدية لغات شبه الجزيرة العربية ، ولقد كان ذلك يتم أحياناً باقتباس الحرف بشكله وقيمته الصوتية ، مثل : حروف التاء والشين والجيم والسين ، وهي طبق الأصل في اللغتين ، واحياناً أخرى يتم الاقتباس بإعطاء الحرف قيمة صوتية مخالفة للحرف المُقتبس ، مثل: حرف الباء الذي أخذ شكل حرف العين ، وحرف الدال الذي أخذ شكل الباء ، وحرف الحاء الذي أخذ شكل الهاء . العلاقة بين اللغة الليبية القديمة واللغة الآرامية اللغة الآرامية هي إحدى اللغات العربية القديمة ، التي اصطلح على تسميتها بالسامية، ومن حيث المصطلحات اللغوية ، هي قريبة من اللغتين الكنعانية والعبرية ، ولكنها أكثر قرباً للغة العربية الفصحى ، حيث تشترك معها في مصطلحات لغوية والفاظ مشتركة ، ويرى البعض بأن اللغة العربية الفصحى ورثت نفس الحروف الصوتية ، التي تستعملها اللغة الآرامية . ومما لا شك فيه أن اللغة الليبية القديمة قد اقتبست من اللغة الآرامية العديد من حروف أبجديتها ، فمثلاً نجد الحروف التاء والدال والشين والكاف والياء تتشابه في اللغتين الليبية القديمة والآرامية، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على الأصل المشترك الذي انفصلت منه اللغتان فى العهود القديمة وهي اللغة العربية الأم . العلاقة بين اللغة الليبية القديمة ولغات شمال شبه الجزيرة العربية من بين اللغات العربية القديمة بشمال شبه الجزيرة العربية ، التي عثر لها على نقوش كثيرة الثمودية واللحيانية والصفوية والنبطية . لقد كتبت اللغات الثلاث الأولى بالخط المسند ، في حين كتبت اللغة الرابعة بالخط الآرامي . ومما يؤيد وجود علاقة وطيدة بين اللغة الليبية القديمة ولغات شمال شبه الجزيرة العربية ، اقتباس الأبجدية الليبية الكثير من حروفها من خلال أبجدية اللغات الثمودية واللحيانية والصفوية والنبطية ، فمثلاً نجد حرفىّ الكاف والسين يتشابهان في اللغتين الليبية القديمة ولغة النقوش النبطية ، ونجد حروف السين والشين والتاء والطاء تتشابه أيضاً فى اللغتين الليبية القديمة ولغة النقوش الصفوية ، ونجد نفس الحروف السابقة تتشابه أيضاً في اللغة الليبية القديمة ولغة النقوش اللحيانية ، ونجد حروف التاء والشين والطاء تتشابه أيضاً في اللغة الليبية القديمة ولغة النقوش الثمودية . العلاقة بين اللغة الليبية القديمة واللغة العربية الفصحى تشترك كما سبقت الإشارة اللغات المصرية القديمة (الهيروغليفية) والسامية الأم والليبية القديمة والكوشية والتشادية في اصطلاح يعرف باسم المجموعة الحامية-السامية أو المجموعة الأفرو آسيوية . وقد ثبت من خلال الدراسات المختلفة أن اللغة العربية الفصحى ، هي أقرب اللغات السامية إلى الخصائص الصوتية والمعجمية لما يطلق عليه اسم السامية الأم . ومن الأدلة التى تثبت أن اللغة الليبية القديمة واللغة العربية الفصحى أخذت قواعدها النحوية من لغة عربية سابقة حالة التأنيث ، التي يكون عليها الفعل الماضي والمضارع مع المفردة الغائبة ، حيث تؤنث هاتان الحالتان بإضافة التاء للمفرد الغائب ، فنقول في العربية سكت للمذكر وسكتت للمؤنث ، ويسكت للمذكر وتسكت للمؤنث ، وكذلك في اللغة الليبية القديمة نقول يسُوسَم (سكت) للمذكر وتسُوسَم (سكتت) للمؤنث ، يسوسُوم (يسكت) للمذكر وتسُوسُوم (تسكت) للمؤنث . ويبدو واضحاً من خلال هذه الحالات أن الفعل سواء كان ماضياً أو مضارعاً ، عندما تضاف إلى آخره التاء يتحول إلى حالة المؤنث ، لأن التاء المضافة إلى الفعل تدل على علامة التأنيث . وفي هذا الصدد يوجد بين الباحثين من يرى بأن التاء ضمير مفرد مؤنث للغائبة ، والياء ضمير مفرد مذكر للغائب ، وفي هذا إقرار كما يرى بعض الباحثين بأن التاء للتأنيث والياء للتذكير، وهو ما يشير إلى قرابة بين اللغات العربية القديمة عامة ، وعلى وجه الخصوص إلى قرابة بين اللغتين الليبية القديمة والعربية الفصحى . ومن الوسائل المستعملة في اللغات العربية القديمة بما في ذلك اللغة الليبية القديمة، واللغة العربية الفصحى التأنيث ، وهي عملية التمييز بين المذكر والمؤنث باستعمال التاء أو الثاء ، والجدير بالذكر أن تحويل المذكر إلى المؤنث يتم في اللغة العربية الفصحى بإضافة تاء مربوطة إلى آخر الكلمة المذكرة فتصبح مؤنثة. ونجد مثالاً على ذلك كلمات كثيرة في لغات جنوب شبه الجزيرة العربية القديمة ، مثل كلمات تهامت وربيعت وحبشت وكندت ويمنت ، وهي نفس الطريقة في عملية التأنيث التى تتبع في اللغة الليبية القديمة . والغريب في الأمر أن عملية التأنيث بإضافة حرف التاء إلى آخر الكلمة مازالت موجودة حتى الآن في المهرة باليمن ، ومن خلال كلمات أخذتها بناء على مقابلات بسيطة مع بعض سكان المهرة وضحت لنا عملية التأنيث بإضافة تاء مفتوحة في نهاية الكلمة ، ورغم أن الكلمات التي أوردتها هنا ذات أصل عربي فصيح فإنها وضحت لنا هذه القاعدة الموجودة لدى المهرة منذ أقدم العصور حتى الآن ، فكلمة خيمة تتحول عند المهرة إلى خيمت وكلمة لحية تتحول عند المهرة إلى لحيت وكلمة نخلة تتحول عند المهرة الى نخلت ، ونجد الأمر نفسه لو طلبنا اليوم من أحد سكان المغرب العربي الناطقين باللغة الليبية القديمة تحويل نفس الكلمات السابقة إلى الليبية القديمة لحولها حرفياً كما حولها سكان المهرة ، ماذا يعني هذا ؟ هل أخذ المهرة هذه الطريقة في التأنيث من الليبين القدماء أم العكس هو الصحيح ؟ بالطبع ليس هذا وليس ذاك ، لأن هذه الطريقة من التأنيث قديمة قدم التاريخ ، وهي في الأصل موجودة في كل اللغات العربية القديمة ، ومعروف أن لغة المهرة واللغة الليبية القديمة من اللغات القديمة التي انحدرت من لغة عربية أُم ، وقد حافظت اللغتان على أصالتهما منذ أقدم العصور حتى الوقت الحاضر ، ولم يقتصر وجود طريقة التأنيث بالتاء المفتوحة في اللغة الليبية القديمة ، وفي لغات جنوب شبه الجزيرة العربية فقط ، بل إنها موجودة حتى فى الرسم القرآني ، حيث جاءت بعض الكلمات بالتاء المفتوحة مع أنها مربوطة مثل : كلمتي امرأة ورحمة كما نجد في الآيات القرآنية الآتية :"وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ" ."ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَتَ نُوحٍ وَاِمْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ"."إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أُوْلَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللّهِ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ" . ونجد في الكتابات البردية التي كتبت باللغة العربية الفصحى في بداية الفتح العربي الإسلامي ، كلمات عربية مؤنثة كان من المفروض أن تكتب بتاء مربوطة ولكنها كتبت بتاء مفتوحة ، مثل كلمة سنة كتبت على شكل سنت وكلمة امرأة كتبت على شكل امرات وكلمة ابنة كتبت على شكل ابنت وكلمة المسماة كتبت على شكل المسمات ، وهذا الأمر يدل على الترابط اللغوي بين اللغة الليبية القديمة والواقع اللغوي القديم للمنطقة العربية بكاملها . تمتاز اللغة العربية الفصحى بظاهرة كثرة جموع المذكر السالم وجموع التكسير ، وهذه الخاصية تعد من مميزات اللغات العربية القديمة كافة ، ومن خلال دراسة اللغة الليبية القديمة ، بما في ذلك اللهجات الحديثة اتضح أنها تمتاز هى الأخرى بمعظم هذه الجموع ، ويعتبر جمع المذكر السالم في اللغة العربية الفصحى جمعاً قياسياً له صيغتان،حيث تنتهي بالواو والنون في حالة الرفع ، وبالياء والنون في حالتي النصب والجر ، ويكون أساساً للعاقل ، ويمكن أن نلاحظ في اللغة الليبية القديمة هذه الطريقة من الجمع ولكنها لم تكن متطورة كما هي في اللغة العربية الفصحى ، ولاتزال اللغة الليبية القديمة تحتفظ بها رغم قدمها ، ونجد أمثلة كثيرة في هذه اللغة تأخذ نفس الطريقة السابقة فكلمة إيخف (رأس) يجمع إيخفاون ، وكلمة تالغمت (ناقة) تجمع تيلغمين ، ونجد في اللغة العربية الفصحى بقايا من هذه الظاهرة ، حيث جمعت بعض الكلمات بطريقة جمع المذكر السالم ، وأحياناً جمع تكسير ، وغالبية هذه الكلمات لغير العاقل مثل : أهل تجمع أهلون وأهلين واهال ، وعالم تجمع عالمين وعالمون وعوالم ، وأرض تجمع أرضون وأرضين وآراض ، وسنة تجمع سنون وسنين وسنوات ، ويعتبر جمع التكسير من أكثر الجموع أصالة في اللغة العربية الفصحى . وفي اللغة الليبية القديمة نجد هذا الجمع يفوق في كثرته اللغة العربية الفصحى لكونه الجمع الأساسي ، ويلاحظ أن جمع التكسير في اللغة الليبية القديمة جرى على نفس النمط الذي جرى عليه في اللغة العربية الفصحى فيما بعد . وتتشابه اللغة الليبية القديمة مع اللغة العربية الفصحى في جموع الكثرة ، التي تنتهي بألف ونون ، فنجد في اللغة العربية الفصحى بعض الأسماء تجمع على هذه الطريقة فغلام يجمع غلمان وجرد يجمع جردان وحوت يجمع حيتان وتاج يجمع تيجان ، واللغة الليبية القديمة مازالت الى الآن تتبع نفس الطريقة من الجمع فكلمة ألغم (جمل) يجمع إلغمان ، وكلمة إيزى (ذبابة) تجمع إيزان ، وكلمة إيتري (نجم) يجمع إيتران ، وكلمة آس (يوم) يجمع أُسان ، ويبدو واضحاً أن جموع التكسير في اللغة الليبية القديمة من أقدم الجموع التي عرفتها اللغات العربية القديمة ، وهو في الأساس جمع غير قياسي يتماشى وجوده مع طبيعة الفترة الأولى لتكون اللغة وما فيها من اضطراب وتداخل في الظواهر اللغوية . لم تشمل تلك الصلة بين اللغة الليبية القديمة واللغة العربية الفصحى في إشتراك اللغتين في التراكيب اللغوية والقواعد النحوية والطريقة الإشتقاقية فقط ، بل شملت بالإضافة إلى ذلك المفردات اللغوية التي كانت كثيرة لا يمكن حصرها . وأعرض هنا بعض الكلمات باللغة الليبية القديمة ، وما يقابلها باللغة العربية الفصحى . - يطس (نام) طس الشيء في الماء إذا غطسه ، والنوم فيه معنى الغطس في اللاوعي . - يرول (هرب) : وكلمة هرول العربية قريبة جداً من كلمة إروال الليبية القديمة. - يكّر(قام) وكر الظبي : وتب. -يدجال (حلف) من جل جلاله ، والحلف عادة يكون بالله. -يسغى (اشترى) : سوغ الشئ جعله مباحاً حلالاً ، تملك الشئ. -ألغم (الجمل) : اللغام : زبد أفواه الإبل . -إغيد (الجدي) : الغيدان من الشباب أوله. -يكّس (ينزع أو خلع) : وكس الشيء : نقّصه فلاناً : وبخه ، وكس ماله أنقصه. -تامطوت (المرأة) أصلها عربي ومعناها الكائن الذي يحيض . والطمث في العربية معناها الحيض . ويقال في العربية المرأة الطامث . -أرقاز(الرجل) وهي عربية معناها ركز شيئاً في شيء ، أقره وأثبته ، والرجل هو ركيزة البيت . -أمان (الماء) ومان = الماء في لغة قبيلة شمر بشبه الجزيرة العربية ، وهي عربية واضحة. إيفير(طار) جاءت من العربية أفر يفر وفر يفر . وهي تعني الطيران أو العدو والوثب استعداداً للطيران . -إيفسّر (نشر الشئ ضد طواه) جاءت من العربية فسّر وأوضح. -أنزار (المطر) وفي العربية النصرة = المطرة التامة ، نصر الغيث الأرض=سقاها، ونجد الكثير من الكلمات تنقلب فيها الصاد زاياًمثل رصين : رزين. -أملال (الأبيض) المؤلل الناصع اللون ، مؤلل الوجه حسنه. -يُزُوم أُزوم ( صام الصيام) في هذه الكلمة انقلبت الصاد زاياً ، وأيضاً في العربية الأزم الحمية والإمساك عن الطعام . -أوال (الكلام) وهو التأويل،ومن المعروف أن المصدر في فعّل(بتضعيف العين)كثيراً ما يقوم مقامه اسم المصدر:سلام في سلّم،وكلام في كلّم،وطلاق في طلّق،وزواج في زوّج،وواوال في اوّل. -أُودم (الوجه من الإنسان ومن كل شئ) وفي العربية الأديم وجه الشئ.وهو مدلول موحد في اللغتين،إلا أنه أكثر تعميماً في اللغة الليبية القديمة. -إيلس (اللسان) . وواضح القرابة بين إيلس جمعها إيلساون واللسان. -إيخف (الرأس) وقريبة من هذه الكلمة ، كلمة عربية أخرى وهي اليافوخ وهو الرأس ايضاً ، والذي يبدأ من ملتقى عظم مقدم الرأس الى مؤخره . -إيدامن (الدم) . ويمّت وتمّت (مات وماتت) ، والكلمتان عريقتان في عروبتهما، وترجعان إلى بداية ظهور اللغة العربية الأم في شبه الجزيرة العربية ، وتصادفنا هاتان الكلمتان طبق الأصل في اللغات العربية القديمة الأخرى كالأكادية والمصرية القديمة . رغم أن اللغة الليبية القديمة قريبة الصلة باللغة العربية الفصحى ، فإنه عند تعسر مكافأة هذه اللغة باللغة العربية الفصحى ، نجد هذه المكافأة واضحة تمام الوضوح مع اللغات العربية القديمة الأخرى كالأكادية والمصرية القديمة والكنعانية والسبئية ، وذلك من خلال ما خلفته لنا هذه اللغات من نقوش وألواح طينية مكتوبة، وهو ما يؤكد على الصلة المؤغلة في القدم بين مشرق الوطن العربي ومغربه. وبناء على كل ما تقدم نستطيع أن نطرح السؤال التالي : هل اللغة الليبية القديمة لغة عربية قديمة ؟ الإجابة نعم ، لأن كل القرائن تدل على أن اللغة الليبية القديمة مثلها مثل اللغات العربية القديمة الأخرى تفرعت عن لغة عربية قديمة أُم، وقد ظهرت هذه اللغات العربية القديمة بشبه الجزيرة العربية منذ أقدم العصور الموغلة في القدم ، حيث كانت المنطقة تزخر بالعديد من اللغات واللهجات ، ويبدو واضحاً أن السبب في هذا التعدد ، يرجع إلى انقسام القبائل وتوزعها إلى فروع كثيرة . وقد كان لمعيشة هذه القبائل والفروع البعيدة عن بعضها البعض ، بحكم العزلة والهجرة الى مناطق نائية السبب المباشر في إختلافات لغوية ، وظهور لهجات جديدة تكون غير مفهومة لغير المتكلمين بها. ومما لا شك فيه أن تلك اللغات كانت تختلف عن لغة القرآن الكريم ، لدرجة أن أحداً لو قرأ نصاً بهذه اللغات عجز عن فهمه ، وظن أنه يقرأ لغة من لغات الأعاجم ، ولكن هؤلاء وإن اختلفت لغاتهم فإنهم عرب فكل لغات العرب هي عربية وإن اختلفت وتباينت ، وما اللغة التي نزل بها القرآن الكريم ، إلا إحدى تلك اللغات الكثيرة ، وقد شُرفت بفضل نزول القرآن بها وأصبحت اللغة العربية الفصحى ، ولذلك فالكتابات التي دُونت في مناطق جنوب شبه الجزيرة العربية وشمالها ، وبعض المناطق الأخرى ، هي كتابات عربية ، وإن اختلفت عن عربيتنا . وتوجد لغات عربية أخرى مجهولة ، وقد جهلها العرب لأنهم بادوا قبل الإسلام ، أو لأنهم عاشوا في بقاع منعزلة نائية ، ولذلك لا نستطيع أن ننكر على الأقوام العربية المنسية عروبتها ، بمجرد اختلاف لسانها عن لساننا ، ووصول كتابات منها مكتوبة بلغة لا نفهمها . فلغتها هي لغة عربية وإن اختلفت عن اللسان العربي الفصيح ، وهذا الاختلاف والتباين في اللغات العربية القديمة كان موجوداً منذ أزمان بعيدة ، فقد أشار إلى هذا الاختلاف والتباين كتاب قدماء كثيرون ، منهم من يرجع لفترة ازدهار الحضارة العربية الإسلامية ، ومنهم من يسبق هذه الفترة بقرون عديدة . يقول الطبري في تفسيره بأن العرب إن جمع جميعها اسم عرب ، فهم مختلفو الألسن بالبيان ، متباينو ، المنطق والكلام . وقد كانت بعض هذه الألسن بعيدة بعداً كبيراً عن عربيتنا اليوم ، وخير مثال على ذلك اللغات العربية الجنوبية . وقد أشار إلى هذا التباين والاختلاف في لغات العرب القديمة أيضاً ، مؤلف يوناني عاش في القرن الأول الميلادي ، له كتاب سماه الطواف حول البحر الإريتري (البحر الأحمر) ، ذكر فيه بأن سكان ساحل الحجاز على البحر الأحمر ، والذين كانوا يقيمون بين مدينة (لوك كوماLeuke Kome) وميناء (موزا Muza) ، يتكلمون لهجات مختلفة ولغات متباينة لا يفهمونها عن بعضهم البعض ، وأن بعض هذه اللهجات واللغات بعيدة عن بعضها بعداً كبيراً .

المركز العالمي لدراسات وابحاث الكتاب الاخضر

الموضوع: التحركات البشرية والهجرات اليمنية الى الشام وشرق وشمال أفريقيا قبل الاسلام وبعده

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 12-06-2007, 08:36 AM
خالد المحفوظي خالد المحفوظي غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Apr 2005
المشاركات: 1,686
معدل تقييم المستوى: 20
خالد المحفوظي is on a distinguished road
رد: حقيقة انتماء الشمال الافريقي العربي بدراسات تاريخية علمية بحتة

موضوع جميل شكرا اختي الفاضلة زبيدة

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 12-06-2007, 09:03 PM
الصورة الرمزية زبيدة احمد
زبيدة احمد زبيدة احمد غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Jun 2007
الدولة: حمى ربي ونصيري
العمر: 43
المشاركات: 3,612
معدل تقييم المستوى: 20
زبيدة احمد is on a distinguished road
رد: حقيقة انتماء الشمال الافريقي العربي بدراسات تاريخية علمية بحتة

مرورك الاجمل اخي خالد
الله يجزاك خير
عساها تو صل المعلومة لمن يجهلها

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 17-06-2007, 08:17 PM
الصورة الرمزية ابوراشد
ابوراشد ابوراشد غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Dec 2005
المشاركات: 132
معدل تقييم المستوى: 19
ابوراشد is on a distinguished road
رد: حقيقة انتماء الشمال الافريقي العربي بدراسات تاريخية علمية بحتة

شكرا اخت زبيده على الموضوع الطيب والمجهود الكبير

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 17-06-2007, 10:20 PM
الصورة الرمزية زبيدة احمد
زبيدة احمد زبيدة احمد غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Jun 2007
الدولة: حمى ربي ونصيري
العمر: 43
المشاركات: 3,612
معدل تقييم المستوى: 20
زبيدة احمد is on a distinguished road
رد: حقيقة انتماء الشمال الافريقي العربي بدراسات تاريخية علمية بحتة

والشكر موصول لك اخي ابو راشد
على الحضور الجميل
بارك الله فيك وعليك
عساها تعم الفائدة ان شا الله
دمت في حفظ الرحمن

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 18-06-2007, 05:33 AM
ابومحمد الشامري ابومحمد الشامري غير متصل
ابوحمد الشامري ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Dec 2004
الدولة: شـبـكـة مـجـالـس العجمـــــان
المشاركات: 19,132
معدل تقييم المستوى: 10
ابومحمد الشامري قام بتعطيل التقييم
رد: حقيقة انتماء الشمال الافريقي العربي بدراسات تاريخية علمية بحتة

موضوع رائع وقيم جزاك الله خير اختي القديرة زبيدة في انتظار مواضعيك القيمة

 

التوقيع

 


تِدفا على جال ضوه بارد إعظامي=والما يسوق بمعاليقي ويرويها
إلى صفا لك زمانك عِل يا ظامي=اشرب قبل لا يحوس الطين صافيها
 
 
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 18-06-2007, 10:48 AM
الصورة الرمزية سعيّد ابوجعشه
سعيّد ابوجعشه سعيّد ابوجعشه غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Dec 2006
الدولة: K . S . A
المشاركات: 5,980
معدل تقييم المستوى: 23
سعيّد ابوجعشه is on a distinguished road
رد: حقيقة انتماء الشمال الافريقي العربي بدراسات تاريخية علمية بحتة

بيض الله وجهك على هذا المجهود يـــ زبيدة احمد

ولا هنتي يالغلا

 

التوقيع

 





 
 
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 18-06-2007, 01:08 PM
الصورة الرمزية مسفر مبارك
مسفر مبارك مسفر مبارك غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2007
الدولة: United Kingdom
المشاركات: 10,708
معدل تقييم المستوى: 28
مسفر مبارك is on a distinguished road
رد: حقيقة انتماء الشمال الافريقي العربي بدراسات تاريخية علمية بحتة

يعطيك العافيه يازبيده ....

 

التوقيع

 

ياصاحبي مافادنا كثر الأحلام ، واللي في خاطرنا عجزنا نطوله
:
نمشي ورى والوقت يمشي لقـدام ، ضعنا وضيّعنا كلاماً نقولــه
:


::




 
 
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 19-06-2007, 06:19 PM
الصورة الرمزية زبيدة احمد
زبيدة احمد زبيدة احمد غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Jun 2007
الدولة: حمى ربي ونصيري
العمر: 43
المشاركات: 3,612
معدل تقييم المستوى: 20
زبيدة احمد is on a distinguished road
رد: حقيقة انتماء الشمال الافريقي العربي بدراسات تاريخية علمية بحتة

مشكووور اخي ابو احمد على المرور الطيب
بارك الله فيك وعليك
ومشكور على تشجعيك الجميل
دمت في حفظ الله تعالى

رد مع اقتباس
رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
طرق مشاهدة الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع إلى

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
المصارف الاسلامية-سلسلة حديثة-هامة د.فالح العمره مجلس الدراسات والبحوث العلمية 1 14-11-2010 02:40 AM
الخط العربي فن وعلم وإبداع د.فالح العمره مجلس الدراسات والبحوث العلمية 6 22-05-2007 04:17 PM
العربي الصغير_ رؤية نقدية د.فالح العمره مجلس الدراسات والبحوث العلمية 4 08-05-2007 08:59 PM
المجتمع المدني والدولة السياسية في الوطن العربي - توفيق المديني خالد المحفوظي مجلس الدراسات والبحوث العلمية 5 10-05-2006 11:10 PM

 


الوقت في المنتدى حسب توقيت جرينتش +3 الساعة الآن 02:59 AM .


مجالس العجمان الرسمي

تصميم شركة سبيس زوون للأستضافة و التصميم و حلول الويب و دعم المواقع