إسرائيل "خاسر كبير" من غياب مشرف
أمير لطيف
منصور علام
إسلام آباد- أطاحت استقالة الرئيس الباكستاني برويز مشرف بآمال إسرائيل في نيل اعتراف باكستاني بها، والتي بنتها على مجموعة تصريحات لمشرف ولقاءات عقدها مع ساسة إسرائيليين على مدار عدة سنوات، أوشت بعدم ممانعته في منح تل أبيب الاعتراف الصعب.
ورغم أن إسرائيل كانت تعلم أن فرصتها ضئيلة في الحصول على مبتغاها؛ بسبب المقاومة الشعبية لمثل هذه الخطوة، إلا أنه حتى هذا الأمل الضئيل تلاشى بتلاشي مشرف عن كرسي الرئاسة؛ ما جعل إسرائيل أحد أكبر الخاسرين"، بحسب تعبير منصور علام، السفير الباكستاني السابق والمحلل السياسي في لقاء مع "إسلام أون لاين.نت".
وذكَّر علام بأن مشرف طلب في 2007 من وزارة الخارجية الباكستانية إعداد خطة للاعتراف بإسرائيل، لكنها لم تخرج للنور بسبب الاضطرابات التي اجتاحت البلاد في مارس من نفس العام.
وعلى حد تعبير صحيفة "جيرزاليم بوست" الإسرائيلية في تعليقها على نفس الموضع فإن استقالة مشرف "حطمت أي طموح لإسرائيل في تحسين العلاقات بين البلدين، وإكسابها طابعا رسميا في المستقبل القريب".
ونقلت الصحيفة عن إسحاق كفير، الخبير الإسرائيلي في الشئون الباكستانية بمعهد هرتزيليا للدراسات السياسية، أن رئيس الوزراء إيهود أولمرت ارتكب أحد أكبر أخطائه السياسية عندما رفض عرضا تقدم به مشرف لإرسال قوات ضمن قوة حفظ السلام الدولية التي ذهبت إلى الحدود بين لبنان وإسرائيل 2006، مؤكدا أنه "كانت خسارة كبيرة ألغت الخطوة الأولى نحو علاقات رسمية مع إسرائيل".
وبدأ الحديث عن نية مشرف إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل في عام 2005 بمصافحته رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق آرييل شارون على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وبعد هذا اللقاء التاريخي تصافح وزير خارجيته آنذاك خورشيد قنصوري مع نظيره الإسرائيلي سيلفان شالوم في تركيا في نفس العام.
كما كان مشرف أول زعيم باكستاني توجه إليه دعوة لإلقاء كلمة في المؤتمر العالمي لليهود (مناصر لإسرائيل) الذي عقد في 2005 بالولايات المتحدة، وهو ما اعتبره مراقبون دليلا على التقارب بين مشرف وإسرائيل.
وأثار الرئيس الباكستاني المستقيل موجة استياء واسعة في بلاده عام 2006 عندما أبدى استعداد حكومته للاعتراف بإسرائيل بعد قيام الدولة الفلسطينية المنتظرة.
وتقول مصادر مقربة من مشرف إنه "كان يجتمع بشكل منتظم بالرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز خلال السنوات الثلاث الماضية"، مشيرة إلى أن أول اجتماع لهما كان في يناير 2005 بمنتدى دافوس، وأنهما بقيا على اتصال عن طريق الخطابات والمكالمات الهاتفية"، ووضح هذا في رسالة التهنئة التي بعثها بيريز إلى مشرف بمناسبة إعادة انتخابه رئيسا لباكستان في أكتوبر الماضي.
أمن "النووي"
ويؤكد السفير الباكستاني السابق منصور علام أن باكستان لن تعترف في الفترة المنظورة بإسرائيل، مستندا على أن الأحزاب المكونة للائتلاف الحكومي الحالي "لن تفكر أصلا في هذا الأمر".
وفسر رأيه بأن موقف نواز شريف -رئيس حزب الرابطة الإسلامية، جناح شريف- من هذه القضية "واضح جدا، ولن يدعم مثل هذا الأمر"، مشيرا إلى رفض شريف خلال ترأسه الحكومة في الفترة من 1993- 1995 عرضا إسرائيليا بإقامة علاقات مشتركة.
أما بالنسبة لحزب الشعب الذي يقود الائتلاف، وكانت تتزعمه رئيسة الوزراء الراحلة بينظير بوتو، فإنه يعتقد أنه سيأخذ نفس الموقف؛ "خوفا من رد فعل شعبي عنيف قد يعصف بشعبيته".
وأشار علام إلى أنه "بالرغم من أن رئيسة الحزب الراحلة بينظير بوتو أصدرت عدة بيانات لصالح إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، إلا أن إدراكها لحجم رد الفعل الشعبي المنتظر أثناها عن اتخاذ خطوات فعلية".
ووافقه الدكتور شاميم أختار، الرئيس السابق لإدارة العلاقات الدولية في جامعة كراتشي الذي علق بقوله: "إذا أقدم حزب الشعب على خطوة الاعتراف بإسرائيل، فإنها ستكون آخر مسمار يُدق في نعشه".
وبخلاف العامل الشعبي، يضيف إمتياز حسين، المحلل الأمني، عاملا آخر يتعلق بالأمن القومي للدولة وهو "أن إسرائيل واحدة من ألد المعارضين للبرنامج النووي الباكستاني، حتى إنها شاركت في حياكة عدة مؤامرات لتدميره".
وعلى هذا فإن حسين يعتبر أن "الاعتراف بإسرائيل يعني أن نمهد طريقا سهلا لإرسال جواسيسها إلى بلدنا، والتلصص على برنامجنا النووي".