السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
يحكى أن أمامة بنت الحارث العثلبية عند عوف ابن محلم بن ذهل بن شيبان، فولدت له أم إياس بنت عوف فتزوجها الحارث بن عمرو الكندي فلما أرادت أمها هداءها إليه قالت لها:
((أي بنيّة، إن الوصية لو كانت تترك لفضل أدب أو مكرمة حب لتركت ذلك معك ولكنها تذكرة للعاقل ومنبهة للغافل ...
أي بنية، لو استغنت ابنة عن زوج لغنى أبويها لكانت أغنى الناس عنه، ولكنا خلقنا للرجال كما خلق الرجال لنا ..
أي بنية، إنك قد فارقت الوطن الذي منه خرجت والعش الذي منه درجت إلى كنِ لم تعرفيه، وقرين لم تأليفه، اصبح بملكه عليك ملكاً فكوني له أمه يكن لك عبداً واحفظي له خلالاً عشراً.
في القناعة راحة للقلب وفي المعاشرة بحسن الطاعة رضى الرب.
وأما الثالثة والرابعة: فالتعهد لموقع عينيه والتفقد لموضع أنفه فلا تقع عينيه والتفقد لموضع أنفه فلا تقع عينه منك على قبيح ولا يشم أنفه منك غلا أطيب ريح واعلمي أن الكحل أحسن الحسن الموجود وأن الماء أطيب الطيب المفقود ...
وأما الخامسة والسادسة: فالتعهد لوقت طعامه والهدوء عند منامه، فإن حرارة الجوع ملهبة وتنغيص النوم مغضبة ...
وأما السابعة الثامنة: فالاحتفاظ ببيته وماله والرعاية لحشمه وعياله فإن أصل حب الماء من التقدير، والرعاية على الحشم والعيال حسن التدبير ...
وأما التاسعة والعاشرة: فلا تفشين له سراً ولا تعصين له أمراً فإنك إن أفشيت سره لم تأمني غدره، وإن عصيت أمره أو غرت صدره ... واتق مع ذلك الفرح إذا كان ترحاً، والاكتئاب إذا كان فرحاً فإن الخصلة الأولى من التقصير والثانية من التكدير وأشد ما تكونين له إعظاماً أشد ما يكون لك إكراماً وأكثر ما تكونين له موافقة أحسن ما يكون لك مرافقة ...
واعلمي أنك لا تقدرين على ذلك حتى تؤثري هواه. على هواك ورضاه على رضاك فيما أحببت أو كرهت.
والله الموفق