عودة مظاهر الالتزام الديني في الشارع السوري
دمشق – وكالات
أكدت مصادر إعلامية أن الشارع السوري يشهد عودة لملامح التدين والالتزام بالدين الإسلامي،
بعد حقبة كان فيها الملتزمون يعاملون بشكل سلبي في المجتمع. فضلاً عن تضييق من قبل الأمن.
وقالت وكالة الأنباء الألمانية: "إن كثيراً من المثقفين السوريين اليساريين في حقبة السبعينيات
والثمانينيات، تحولوا إلى متدينين تقليديين وبالغ بعضهم في إظهار التدين ربما كنوع من إعادة الاعتبار لنفسه بعد سنوات أو عقود من الابتعاد عن الدين".
وتوجد معظم هذه الحالات في المدن الصغيرة وفي الريف السوري الذي شهد في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي قفزات سياسية ملموسة دفعت بالشباب الريفي لتبني الماركسية
أو اشتراكية حزب البعث. ومعظم أصحاب تلك الحالات من الأطباء والمهندسين والمدرسين الذين
وجدوا أن بيئتهم الاجتماعية لا تتحمل حالة المد اليساري الذي كانوا يظهرونه بدون تقدير للعواقب.
ومن بين نماذج تلك الحالات فارس ل. الذي يخرج من منزله كل يوم عند الفجر لأداء صلاة الفجر
في مسجد قريب وعندما يعود يتوقع من زوجته وولديه أن يكونوا قد أنهوا صلاة الفجر استعدوا لتلاوة القرآن الكريم حتى ساعة مغادرة المنزل باتجاه العمل أو المدرسة.
ويعمل فارس موظفا حكوميا في دائرة عامة وولداه في الصف السابع والثامن من التعليم الأساسي.
لكن زوجته لا تعمل رغم حصولها على شهادة الحقوق لأن فارس لا يؤمن بعمل المرأة خارج المنزل.
ولكن الأمور لم تكن كذلك دائما. فقبل 20 عاما كانت زوجة فارس ترتدي الجينز وتدخن في مقصف الجامعة.
أما فارس فكان يوزع وقته بين الحوارات السياسية الحارة حول دكتاتورية البروليتاريا
وحرية المرأة وبين حضور نشاطات ثقافية وفنية وموسيقية.
ولكن المدن الكبرى لم تخل بدورها من هذه الظاهرة حيث تضم نماذج على الاتجاهين المعتدل
والمتشدد.
وعلى سبيل المثال يحرص "ل. ك" الكاتب الصحفي والإعلامي المعروف في الأوساط الإعلامية السورية
على أداء الشعائر الإسلامية دون مبالغة ولا يتناول الكحوليات.
وللكحوليات في سوريا قصة أخرى. فمنذ أن أغلقت محافظة دمشق (بار فريدي) آخر الحانات الواقعة
وسط العاصمة قبل نحو عامين، خلا قلب العاصمة من المشروبات الكحولية تقريبا.
ولا يستطيع السوريون الآن احتساء زجاجة من الجعة إلا في الفنادق السياحية
أو عدد يتضاءل شيئا فشيء من المطاعم في وسط المدينة أو عندما يتوجهون
للحي المسيحي الذي يحتوي على عدد من الحانات المكلفة أو المطاعم التي تقدم
المشروبات الكحولية مع الطعام.
وفي المقابل، يوجد بالطريق المؤدي لمطار دمشق عشرات المطاعم العملاقة التي تتسع
لبضعة آلاف شخص وجميعها محظور عليها تقديم المشروبات الكحولية.
ويقول الروائي السوري خالد خليفة لوكالة الأنباء الألمانية: "إن حالة الاتجاه نحو التدين
يمكن أن يكون نتيجة أن القفزة نفسها في القرن الفائت كانت مفتعلة أكثر منها أصيلة".