اخذت تجول بناظريها على الوجوه اللاتي اكتظ بهن المكان ، حيث اختلطت الاصوات والهمسات داخل المجلس مع روائح العطور والقهوة ... لم تكن ترغب بالمجيء لولا الحاح جارتها التي اصرت على اصطحابها الى هذا الملتقى النسوي الاسبوعي او بالاحرى ملتقى النميمه كما تراه هي ...
" سوف تستمتعين كثيرا هناك بدلا من قضاء العطله بالجلوس لوحدك امام شاشة التلفاز ...ولا تنسي انك سوف تسمعين قصصا من كل شكل ولون وربمااغرب من الخيال ..فلكل واحده منهم حكاية تستحق ان نسمعها لاخذ العبرة او فقط لنعلم مالذي يدور خلف الابواب المغلقه ..." وجلجلت ضحكتها في الهواء ...
تنبهت الى صوت المرأه التي كانت تروي قصتها بانفعال وقد ارتسم الالم على ملامحها وهي تشكو خيانة الزوج ....استمرت بالكلام قرابة الساعه ...اختزلت فيها عمرا باكمله !
توالت بعد ذلك المتحدثات مابين شاكية تارة واخرى متفاخره تدعي السعاده ...وهي ابعد ماتكون عنها كما يبدو من محياها ! وهل تغادر من ذاقت السعاده مملكتها لتاتي الى هذا المكان ؟!
ومع كل ذلك كان الحديث مشوقا ... واخذ منها كل مأخذ ..وتفاعلت مع الكلام بدرجه انها لم تعد تميز بين صدقه من كذبه ...عالم جديد لم تكن قد الفته من قبل ..مرجل كبير للتنفيس عن الضغط قبل ان يصل درجة الانفجار حيث ولات حين مندم ... هرب المنطق والعقل وكل ماهو معقول ..هربت عقارب الساعه والزمان والفصول ...هناك كل شيء يهرب او مقتول ...
تصاعدت وتيرة الكلام واصبح لابد من المشاركه ...لم تعد ايماءة الرأس تكفي ..عدوى الثرثرة ينتشر بسرعه ... ولكن مايزال امامها الكثيرات قبل ان يصل دورها ..اوليست هي اصغرهم سنا !..قانون يطبق من غير الاعتراف به والا لصمت الجميع !
واخيرا جائت الفرصه ، والتفتت النسوة اليها .." وماذا عنك ايتها الغاليه ...احكي لنا قصتك ...؟! " .... تحول لون بشرة وجهها الابيض الى الاحمر خجلا ..ولكنها تنبهت فجأه الى شيء مهم ... لم تفطن له طوال الوقت ...وربما طوال مافات من عمرها ...ماهي قصتها ؟؟ ...انها لاتملك اية قصة ! ..عمن ستكلمهم !! انها وحيده في هذا الزمان ... واطرق برأسها الى الاسفل ... ومرت الدقائق كالدهور وشيئا فشيئا عم الصمت المكان ...الكل يبحلق في الفتاة الصامته وقد اخذهم الفضول كل مأخذ !
كان ذلك اخر يوم شوهدت فيه تلك الفتاة في ذلك المكان ...!