في أول تقرير رسمي: السلطات المصرية استخدمت القوة المفرطة لقمع الاحتجاجات
القاهرة - الفرنسية:
توصل تقرير صاغته لجنة عينتها الدولة إلى أن الشرطة المصرية استخدمت القوة بشكل مفرط ضد المحتجين المؤيدين للديمقراطية في الاحتجاجات التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك.
وهذا التقرير هو أول رواية رسمية للاحتجاجات الهائلة التي بدأت في 25 كانون الثاني (يناير) وبلغت ذورتها في 11 شباط (فبراير) بالإطاحة بمبارك الذي ظل في الحكم 30 عاما.
وأفاد التقرير بأن عدد القتلى 846 محتجا على الأقل، بينما زاد عدد المصابين على ستة آلاف. وكانت السلطات قد قالت في البداية إن عدد القتلى يصل إلى نحو 380، وقتل 26 شرطيا أيضا.
وكثير من الأحداث التي تطرقت إليها لجنة تقصي الحقائق استغرقت دراستها وكتابة تقرير عنها أكثر من شهرين وعرضتها محطات تلفزيونية على الهواء مباشرة، ولم تشكل مفاجأة للمصريين الذين شهدوا الانتفاضة، لكن نشطاء في مجال حقوق الإنسان قالوا إن التقرير خطوة مهمة للأمام، وحمّلوا القيادة المصرية السابقة المسؤولية. وهذا واحد من المطالب الرئيسة للمحتجين.
وقالت اللجنة التي عينّتها الحكومة في تقريرها: "حق التجمع السلمي يعتبر من الحريات الأساسية المعترف بها عالميا". وسيستخدم التقرير كدليل في المحاكم والتحقيقات التي يجريها النائب العام.
وأضافت: "غني عن القول أن وقائع إطلاق النار وما نجم عنها من وفيات وإصابات خلال أحداث ثورة 25 يناير قد خلت من الالتزام بالضوابط المقررة قانونا".
وتابع التقرير: إن الشرطة استخدمت الذخيرة الحية بالإضافة إلى الرصاص المطاطي ومدافع المياه ضد المحتجين وداست الحشود بالسيارات المدرعة؛ مما أدى إلى مقتل الكثيرين.
وذكر التقرير شهادة ضابط أفاد بأنه تلقى أوامر بإطلاق النار على المحتجين. وقالت اللجنة إن لديها أدلة على أن المباني المطلة على ميدان التحرير استخدمها قناصة.
وأشارت إلى أن كثيرا ممن قتلوا أصيبوا بأعيرة نارية في الصدر والرأس.
وقال التقرير إن "اللجنة.. ترى أن أمرا صدر من وزير الداخلية وقيادات وزارة الداخلية إلى رجال الشرطة باستعمال السلاح الناري في تفريق المتظاهرين".
ويواجه وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي وأربعة ضباط كبار آخرين محاكمات بتهم قتل المحتجين خلال الانتفاضة الشعبية.
ويجري التحقيق مع مبارك أيضا بالتهم ذاتها. وينفي مبارك تلك التهم.
وجاء في التقرير: إن ضباط الشرطة صدرت لهم أوامر بالانسحاب من الشوارع بينما كانت تقع أعمال نهب؛ بهدف خلق فوضى وزرع الخوف في قلوب الناس من أجل إحباط الاحتجاجات.
وخلال الانتفاضة المصرية تحدثت وسائل الإعلام عن عمليات هرب من السجون. وقال التقرير: إن بعض الأدلة تشير إلى أن ذلك حدث بعلم الشرطة.
وأشار التقرير إلى أنه في بعض الحالات أطلقت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع والأعيرة النارية على السجناء لإجبارهم على الهرب. وتشير تقارير أخرى إلى أن الشرطة أخرجتهم من زنازينهم.
واتهمت اللجنة قوات الأمن أيضا بإرسال عملاء لها يرتدون ملابس مدنية مسلحين بهراوات ومدى ومسدسات وقنابل بنزين لمهاجمة المحتجين. وقام بعض هؤلاء بمهاجمة المحتجين على ظهور الخيل والجمال خلال واحد من أشهر أيام الانتفاضة الشعبية المصرية.
وقال حافظ أبو سعدة رئيس للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان: إن التقرير سيساعد النائب العام على إحالة كثير من المسؤولين السابقين للعدالة.
وأضاف: "هذا التقرير متقن للغاية. وسيشكل أساسا للمحاكمات وسيكون حجر زاوية في مساءلة المسؤولين".