الأمير أمر بتخصيص طائرة لنقل المصابين الحرجين للعلاج في الخارج
كيد النساء وراء فاجعة الجهراء!
الروضان لـ"السياسة": إرسال الحالات الحرجة للخارج واستقدام اختصاصيين لعلاج غير القادرين على المغادرة
الرومي: من السابق لأوانه تحميل المسؤولية لأي طرف .. فالجميع قاموا بدورهم قدر المستطاع
"الشعبي": الفاجعة كانت تستوجب إعلان الحداد الوطني وانعقاداً دائماً لمجلس الوزراء
الحربش: نقل المصابين تمَّ بطريقة "مخزية" على أيدي عمال النظافة
كتب - منيف نايف وعايد العنزي وفهاد الفحيمان وريم الأحمد
على وقع كارثة حريق "العيون" عاشت الجهراء ومعها الكويت يوما آخر من الفجيعة امس, لملمت معه المنطقة المنكوبة بعض احزانها وودعت بعض ضحايا العرس الذين تم التعرف على جثثهم, ليبقى السؤال الاهم يتعلق بملابسات الحريق واسبابه وما انتهى اليه بعدما اتضحت معالم المأساة بتفاصيل ضحاياها ومصابيها.
وفي موازاة احصاء الحصيلة النهائية للضحايا والمصابين نشطت الجهود الامنية لكشف ملابسات الحادث في ضوء الحديث عن تهديدات تبلغها المعرس سابقا وتداول معلومات عن شبهة جنائية وراء الحريق واتهام سيدة بذلك, وهو اتهام حاولت السيدة انكاره بداية بتقدمها الى احد المخافر للإبلاغ عن تهديدات تلقتها بالقتل على خلفية ما اشيع عن علاقتها بالحادث لتعود وتعترف بعد ظهر امس بما نسب اليها, وفق ما قالت بعض المصادر الامنية, حيث افادت بأنها احضرت "بُطلا" من المحروقات ورمته على الخيمة لكنها لم تضرم النار فيها, مضيفة انها لم تكن تتوقع ان تحصل الكارثة وان القصد لم يكن يتجاوز التهديد.
هذه المعلومات التي سارعت الى تداولها بعض المواقع الاخبارية الالكترونية نقلا عن مصادر امنية لم تسمها سارعت وزارة الداخلية الى "احتوائها" حيث دعا الناطق الرسمي باسم الوزارة العقيد محمد الصبر الى التروي وعدم اطلاق الاتهامات جزافا, واكد ان وزارة الداخلية والاجهزة الامنية مازالت تواصل التحقيقات في موقع الكارثة وان الوزارة ستكشف نتائج تلك التحقيقات بكل شفافية بعد الانتهاء منها. علما ان معلومات المباحث تحدثت عن احتجاز صاحب مكتب الافراح الذي تعهد حفل الفرح وصاحب محل البوفيه وعدد من العاملات الآسيويات فيه للتحقيق معهم في كارثة العرس.
ولم يتوقف سيل التداولات رغم تحفظ "الداخلية" وافادت مصادر امنية ليلا بأن المتهمة التي اعترفت بجريمتها قامت بتمثيل الجريمة, وما عزز هذه التداولات قيام دوريات امنية واخرى تابعة لرجال المباحث بفرض طوق حول موقع الحادث, من دون ان تتضح اسباب ذلك. كما تردد ليلا ان المتهمة اقدمت على الانتحار وهو ما تم نفيه ايضا, لتبقى الحقيقة النهائية في عهدة تحقيقات وزارة الداخلية.
في المقابل وعلى الصعيد الميداني اتضحت امس النتائج شبه النهائية لحصيلة الحادث المفجع, حيث بلغ عدد الضحايا 43 بعدما اعلن عن وفاة مصابتين في مستشفى البابطين و76 اصابة خرج منها 24 حالة لتتوزع ال¯52 اصابة الباقية على مستشفيات الجهراء ومبارك الكبير والبابطين والفروانية.
وبانتظار التعرف على جثث بعض الضحايا تم امس دفن ثماني جثث ثلاث في الصليبخات وخمس في الجهراء التي نقلت اليها 11 ضحية تركت ست منها لتحديد مواعيد دفنها لاحقا.
هذه الفاجعة على المستوى الانساني حركت المشهد السياسي الذي ازداد تشابكا وتعقيدا, فالكارثة اكبر من ان تُحتمل, او ان تمر مرور الكرام من دون تحديد اسبابها وملابساتها والتوقف طويلا امام ما خلفته من دروس, منعا لتكرارها مرة ثالثة" - بعد حادث صالة الرفاع في فبراير الماضي وحريق العيون.
وفي موازاة جهود حكومية حثيثة بذلت لعلاج المصابين ومداواة آلامهم والتخفيف عن ذويهم وقع المصاب الجلل تنادت اصوات النواب مطالبة إعلان الحداد الوطني على الضحايا وتعطيل المؤسسات والمصالح الحكومية, واقامة سرادق عزاء موحد, وابتعاث المصابين للعلاج في الخارج على نفقة الدولة, وتشكيل لجنة تحقيق "وزارية" في اسباب الحادث, وانشاء هيئة للطوارئ ومواجهة الازمات, فيما فتح الحادث بابا لبعض النواب والكتل البرلمانية والتيارات السياسية للهجوم على الحكومة, ومطالبتها بتحمل مسؤوليتها السياسية والمبادرة الى تقديم استقالتها.
في غضون ذلك كانت الكارثة محور الاجتماع الاستثنائي لمجلس الوزراء الذي ترأسه سمو الامير الشيخ صباح الاحمد بحضور سمو ولي العهد الشيخ نواف الاحمد ورئيس مجلس الامة بالنيابة عبدالله الرومي ورئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد ووزير شؤون الديوان الاميري الشيخ ناصر صباح الاحمد.
واذ عبر سمو الامير في مستهل الجلسة عن اعمق مشاعر الالم والحزن والاسى ازاء فاجعة الحريق المأساوي, اعلن وزير الصحة د.هلال الساير ان سموه امر بتخصيص طائرة لنقل المصابين بالحريق للعلاج في الخارج لمن تستدعي حالته ذلك, مشددا على ضرورة توفير كل الامكانات لتأمين الخدمات الطبية اللازمة للمصابين.
وفي الاطار نفسه زار سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد مصابي الحريق امس, حيث اطمأن على سلامتهم, وتابع اجراءات علاجهم في مستشفى الجهراء, واشاد سموه في تصريح الى الصحافيين بإجراءات وزارة الصحة, من حيث سرعة نقل المصابين الى المستشفى لتلقي العلاج اللازم فورا واستيعابها آثار الحادث المؤسف, مؤكدا ان الحكومة لن تتوانى في توفير الرعاية الصحية الكاملة لمصابي الحادث.
هذا التوجه اعاد التأكيد عليه وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء روضان الروضان في تصريح خاص الى "السياسة" اعلن فيه ان "الحكومة لن تتوانى في ارسال اي حالات حرجة الى الخارج لتلقي العلاج, وفيما يتعلق بالحالات التي لا تستطيع مغادرة البلاد سنطلب لهم اطباء اختصاصيين لمباشرة علاجهم".
الروضان اكد ايضا ان جهات الاختصاص في وزارة الداخلية والادارة العامة للاطفاء تعكف حاليا على التحقيق في اسباب الحادث تمهيدا لتقديم تقرير متكامل لمجلس الوزراء, مشيرا الى ان التحقيقات تحتاج الى وقت ودقة, والجهات المختصة تقوم على ذلك.
وعلمت "السياسة" ان الحكومة تدرس اصدار بيان مفصل عن الحادث خلال اجتماع مجلس الوزراء اليوم, لكنها لن تسمح بمناقشة الموضوع في الجلسة الطارئة لمجلس الأمة المقرر انعقادها بعد غد الأربعاء.
وكشف مصدر وزاري ل¯ "السياسة": ان مجلس الوزراء سيعرض خلال اجتماعه اليوم سلبيات خطط الطوارئ في وزارة الصحة المتعلقة بالمستشفيات وتعاملها مع الحالات الحرجة للوقوف على أسباب الخلل في تلك الخطط.
من جهته اكد رئيس مجلس الامة بالنيابة عبدالله الرومي انه من السابق لاوانه البحث عمن يتحمل مسؤولية الحادث, لاسيما وان الاجهزة الفنية هي المنوط بها معرفة اسباب وملابسات الحادث لافتا الى ان جميع الجهات المعنية قامت بدورها قدر المستطاع.
وايدته في الرأي النائبة معصومة المبارك التي رأت ان جهود وزارة الصحة في التعامل مع الحريق كانت واضحة وقالت: ان "وزارة الداخلية كان لها دور جبار", وشددت على ان كل طرف قام بدوره بالسرعة في العمل والتجاوب مع الحدث الذي يعد "مهنيا" من الطراز الاول.
ورفضت المبارك توجيه اللوم الى اي طرف معتبرة مثل هذا الامر مسببا للاحباط, فضلا عن كونه يبخس الجهود التي بذلت.
وطالب النائب حسين الحريتي الحكومة بتقديم تقرير شامل ومفصل الى مجلس الامة عن الكارثة ومراجعة اجراءات السلامة في اماكن التجمعات ووصف النائب عبدالرحمن العنجري الحادث بأنه "غير مسبوق في تاريخ الكويت الحديث", مشددا على ضرورة الا تذهب ارواح الضحايا سدى من دون التحقيق ومحاسبة من قصر او تهاون واكدت النائبة د. اسيل العوضي ضرورة فتح تحقيق في "مأساة الحريق الذي هز البلاد ولامس الجميع ومعرفة اسباب التقاعس في اجراءات الامن والسلامة".
ورغم تأكيده ان جميع الجهات التي تعاملت مع الحادث بذلت جهودا كبيرة اعتبر النائب مبارك الوعلان ان هذه الجهود لم تكن بالحجم المطلوب ولا تتناسب مع حجم الكارثة, معتبرا ان الحادث كشف ان ادارة الازمات في البلاد مفقودة.
من جهة اخرى شنت كتلة العمل الشعبي هجوما عنيفا على الحكومة على اكثر من مستوى - اذ انتقدت الكتلة في بيان اصدرته امس غياب اي دور لمجلس الوزراء الذي كان يجب ان يكون في حال انعقاد دائم فور وقوع الحادث, كما ابدت استياءها من غياب اي دور لاجهزة الاعلام الرسمية لساعات طويلة وخصوصا في الرد على استفسارات الاسر المنكوبة وتقديم البيانات المتوافرة لهم اولا بأول لافتة الى ان الامر كان يستوجب اعلان الحداد الوطني.
وقال النائب مسلم البراك: ان "وسائل الاعلام الرسمية لم تكن بمستوى الحدث, فبينما كانت اروقة المستشفيات تضج بأنين المصابين وعويل اهاليهم كانت الاذاعة الرسمية تبث اغنية "الاماكن" لمحمد عبده, اما التلفزيون فكان يعرض فيلما اجنبيا".
وشدد البراك على انه كان من الواجب اعلان حالة الطوارئ والحداد الوطني, وقال: لو ان مجلس الوزراء انعقد استثنائيا لربما كان ممكنا الاتصال بكل الجهات وفتح المستشفيات الخاصة لعلاج الحالات الحرجة.
وحول الخطوة التي تعتزم كتلة العمل الشعبي اتخاذها بعد البيان قال البراك "نحن الان نريد ان نلملم جراحنا ونسرع بانهاء مأساة الضحايا وبعد ذلك لكل حادث حديث".
وعلى دربه سار النائب خالد الطاحوس الذي دعا الى حداد رسمي, واعتبر الحادث دليلا على عدم وجود خطة طوارئ, وقال: "للاسف الحكومة عودتنا على مثل هذا التباطؤ في التعامل مع الاحداث, واعتماد اسلوب رد الفعل".
الحركة الدستورية الاسلامية اكدت بدورها ان تكرار حوادث حرائق الافراح بهذه الصورة المفجعة "ما هو الا الجانب الظاهر من التخبط والعجز الحكومي في ادارة الازمات وتفشي الاهمال والتسيب والواسطة والمحسوبية في الادارات الحكومية التي تسمح بمخالفة اشتراطات السلامة والامان".
وطالب ممثل الحركة في المجلس النائب جمعان الحربش في تصريح الى "السياسة" باجراء تحقيق شامل وسريع لمعرفة اوجه القصور ومحاسبة المسؤولين عنه, مشيرا الى ان الحادث يأتي في سياق حالة التردي العام في البلاد. ووصف طريقة نقل المصابين في المستشفيات ب¯ "المخزية" حيث يقوم عمال النظافة بنقل اسرة المصابين الى غرف الطوارئ والعمليات ما يعني وجود ازمة في ادارة الكوارث من شأنها ان تؤدي الى المآسي المتكررة.
واعلن الحربش ان كتلة التنمية والاصلاح ستعقد اجتماعا لاعضائها اليوم او غدا على ابعد تقدير لمناقشة الموضوع واصدار بيان مشترك بشأنه.
في موازاة ذلك شدد "حزب الامة" على ضرورة تقديم الحكومة استقالتها لمسؤوليتها الكاملة عن تقصير اجهزتها المعنية قبل وبعد الكارثة, مجددا مطالبته باصلاح سياسي حقيقي يمهد لقيام حكومة شعبية منتخبة من الكويتيين.
السياسة