السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بداية قصيره
رسالة الى مستدرك في صفوف جيش النظام الواقع على يمين ويسار السلطان
سأقرأها على الملأ رافعا رأسي بحروفها وكأن وقعها كدوي انفجارات بركان
ولعلني أهيم متخيلاً ...؟
أبدأ
في يوم كانت الصفراء مشمسة ونار لهبها لطيف ومحرق .. كنت ذاك العائد من بين بساتين وحدائق وأنهار القرية
حاملا على ظهري ماتبقى من فأسي على أمل أن أعيد سنّه غدا لأحتطب وأشطب وأحصد وآخذ قش يومي من رب عملي
ويكرمني دوما ذاك السمين بتفاحة حمراء ما أطعمها عند وقت التعب وما ألذها عندما أسابق أكلها وقت الغروب وموت النهار...
سألني يوما رب العمل قائلا مانوع قلبك .. قلت نابض .. قال بما ينبض؟ .. سكت لوهله وعاودت النظر حول قدمي
وكأني وقتها أبحث في مخيلتي عن دفتر حرماني عن دفتر أهدافي ... فلايوجد حتى طرف ورقه للذكرى
فتمتمت آهـ يقولون أن الحب مكانه القلب ولعل قلبي ينبض حبا وابتسمت ابتسامة مشغوف لنظراته علني أسكته
فما رفعت نظري إليه حتى أردف قائلاً .. أينبض قلبك بالحب ها ها ها ها حب من يا غلام؟
فكان جوابي بالمرصاد حب العمل يا مولاي فما أن أنتهي من عملي حتى أتشوق لأعيده غدا وأنت دوما لطيف المعاملة معي وسحبت يدي برفق على رأسي ضاحكا بتمسكن واضح..وعيني على سلة التفاح.
...
ذهبت بعدها بحين الى وادي قريب .. فوجدت حمامة قد أهلكها طول الطريق ... معها جناحاها المنتوشة ومنقارها الرقيق
فسرعان ما جهزت بصري كي أمعن النظر وأستمتع بالمنظر فما وجدت نفسي الا منزلقا من على صخرة على أخرى حتى
انتهيت ببطن الوادي وقد أخذ جسمي من الأشواك نصيب وأيضا من الحجارة نصيب آخر
فضحكت على حالي ورحمت قلبي المستمتع الذي لاينفك مغامرة مع عقلي.. عدت ببصري للوراء لأبحث عن ذاك الطائر لعلني رأيته حمامه ولكن جهد الاصابات وتوعك البال لم يهدأ حتى خرجت من الوادي وابتعدت عن القريه وعن أنهاراها وحدائقها وأسرارها وخفاياها علني أعود مبكرا الى كوخي لأجهز ما تبقى من حساء الأمس مع أنني سرحت في التفكير طويلا في طعم الحساء وشخير النوم
....
في اليوم التالي استقبلني رب عملي قائلا أهلا بالمحب أهلا ( ضحكته كانت سخريه ) ..
ومن هنا يبدأ نص الرسالة:
حب أعمى تسميه أم طريق مسدود.. فلاداعي بأن تذكرني بقلبي النابض فأنت من تحب؟
ماكان عملي يوما لتفاحة أو جهدا مجحود .... بل عملي لأتعلم وأيضا أخذت احتياطي للشتم والسب!
هذه حياتي وكأني فلاح صغير ماتريد مني الا أن تستعرض فصاحة مكانك وياليتك تستطيع أن تعرف قلبي البرئ
فبكيت بكاء يشبه بكاء المطلقات بل يشبه بكاء الثكالى المعنّسات بل بكاء الخيبة بكاء الألم بكاء الحرقة وطعم الحمم
فوقعت على وجهي فأول ما استقبلني فأسي فأكل من وجنتي وبقيت ممدا على الأرض حتى صباح يوم الغد
وعندما أفقت رفعت رأسي من على بقعة الدم .. أين أنا ..؟؟ أين أنا ..؟؟
نعم نعم <<< أنا في بستاني الأخضر ولعني انزلقت كما انزلقت في الوادي وأين ذاك الصبي ألم يأتي؟؟ يتأخر دوما
والمصيبة أنه لايوجد لاصبي ولاغلام ولا رب عمل
فقط أنـــــا <<< كنت رب العمل وكنت ذاك الغلام وكنت الضاحك المستسخر وكنت المدافع المندفع ولكن كنت مريضا بانفصام الشخصية وتوهمت أنني أنا أعمل لدى نفسي ومثلت غطرسة رب العمل وتمكنت من طبق دور الغلام بالتمسكن
فترحمت على حالي ومسكت أطرف أصابعي المرتعشه ورميت فأسي بعيدا عني وقلت بيني وبين نفسي :
ياسائلا نفسك عن نبض من تحبه ... لاتوهم العقل بمـالم يـرى البصرا
يوما تموت فيموت نبض من تضمه... ولاينفعك انفصامك مادمت منتظرا
فتمتمت قائلا آهـ آهـ
سأرحل
قلت سأرحل
فخرجت عن نطاق الحدود .. ركبت أمواج البحر الأغرق بلا مد ولا جزر ولا حتى صوت موج مهجور
كأنني انسان بلا روح أو أنني روح ولكن لم أعلم أنني أنسان.؟
بعت حدائقي وبعت بستاني وهجرت وادي الانزلاق مع أنني أحمل ذكريات الشوك في ساقي المحفور
سأجرب تاريخ غيري وسألعب لعبة البط والعصفور
سأطير بلا جناح وسأعود بلا ركب
فكم قدهاجر وكم قد مات
فلايهم الانسان ماقد مر منذ عصور.. أليس القلب هو البيت الزاهي المعمور. سأسكن بين قوافل بحر دمائه
وسأشرب من دمع محجر جفونه وكأنني مسحور
لاأريد أبداً لا بستاناً ولا أن أعود الى ذاك الكوخ المصرور. فكم مللت طعم حسائي البارد وكم نمت بلا غطاء يدفي عظمي
الشحرور
سأكون سريعا في تعلمي وسأعشق وسأهيم متيما بالحب آهات امتلأت رأسي صفعات أحسها على وجهي
من ... من .... من... اتركني لأكمل حلمي
ولن كان الصوت ضخما جدا وكأنني أعرفه
هييييي أنت ياغلام يا أحمق لماذا لم تكمل عملك أيها الكسول؟؟؟
ففتحت عيني حقيقة فاذا أنا برب عملي حقيقه وقد كان كله حلم لاصحة له بالحقيقه ولست مريضا بانفصام الشخصية ولست رب عمل بل كسوول
فنهضت مسرعا من جوار سلة التفاح وقلت له نعم نعم حالاً أكمل عملي.
وخفت أن يكون هو أنا وأنني منفصم في الشخصية فأردت أن أتأكد فاقتربت منه فصفعته على وجهه
فغضب وأهلكني ضربا وأخرجني خارج بستانه بعد أن أخذ ردائي الذي أهداه لي قبل عامين
وتركني عاريا وكنت أنا ضحية حلم بل ضحية عقل بل ضحية حب بل ضحية ماذا؟
خسرت كل ماحولي حتى أسراري باعتني وتناهت باكيا ياليتني لم أسرح ولم أحلم ولم ولم ولم....
....
وعدت الى كوخي لأسامر ألم الضرب المبرح <<< فوجدت أن ألمي يتألم من ألم خيبتي
وتمنيت أن أموت أو أن لم أولد
فعقدت عزيمتي على أن أرحل وتعهدت على نفسي بأن لا أهيم ولا أفكر
وأن أكون مجرد انسان بلاروح أو روح لا أعتقد أنها تسكن بلا انسان فقط أريد أن أجد أكلي ومشربي
ولاهم لي حتى أين سأنم أو أين سألاقي مضجعي
وأكملت مسيرتي حتى انتهيت فكانت رسالة بلابيت
كأنها رصف من تاريخ عريق ولكن أغلبها قول ياليت
ضحيتها شخص أراد أن يحب..فحُرمت كل ماقد بنيت أو سعيت
وفعلا ها أنا مولود جديد معلّق .. كبير في بنيتي ولكن صغيرا في بهجتي
وفقدت بعد كل ماحصل كل شي .. كل شي .. كل شي
حتى أنني رأيت حمامة مكسور جناحها فتبسمت ضاحكا وغنيت قائلا:
تالا لا لا لاااالي ...لا لا لا لا لاااااالي
ورددت قائلا:
وسـماء رأيتـها فوقي معـمورة... بنجـوم كـأنها نوافـذ من بيـت
والقمر بينها سلطانا وأسطوره ... والـرب أكبر سـبحان مـا أحييت
من بين كل القصص المشهـورة... قصة قيس وليلى وأنا معهم ياليت
وانهمرت دموعي فمهما يكن عرفت بأنني انسان أحس بوجع وبفراق الأوطان
ورحلت للبعيد بلاعوده بلاعوده
وداعا بساتيني وأنهاري وسأشتاق للتفاح الأحمر وقت الغروب..
انتهت رسالتي وياليت شعري قد بنى لي على الأقل أي حاوية
ولكن اكتفيت بقول انتهى ووداعا
فكل هذا كان بالغلط أن أسامر الألم فما كان من الألم أن يسامرني من شدة الألم
........
انتهى الحبر
منقووووووووووول للأمانه لروعته