الشيك ... وحرب التشكيك
****************
تابعت بتأنٍ وانتظار قضية الشيك التي أثيرت مؤخرًا ودار حولها جدل كبير ، وأبيت أن أكتب سطرًا واحدًا إلا بعد وضوح الرؤية ، ولكن الرؤية بعد وضوحها لا تبشر بخير ، حربٌ من التشكيكات والمهاترات شنتها أقلام معروفة الهوية على النائب الدكتور / فيصل المسلم في كشفه عن صورة ضوئية ممهورة بتوقيع سمو رئيس الوزراء لحساب نائب سابق في البرلمان بقيمة 200 ألف دينار كويتي.
أولاً : كفل الدستور الكويتي للنائب حق إبداء الرأي وعدم المؤاخذة القانونية عليه في المادة 110«عضو مجلس الأمة حر فيما يبديه من الآراء والأفكار بالمجلس، أو لجانه، ولا تجوز مؤاخذته عن ذلك بحال من الأحوال»كما نصت المادة (19) من القانون رقم 12/63 بشأن اللائحة الداخلية لمجلس الأمة ، فموقف الدكتور المسلم الآن دستوريًا وقانونيًا لا غبار عليه ، فهو نائب الأمة ، وطرح رأيه تحت قبة البرلمان.
ثانيًا : اعترف الصف القانوني والسياسي لسمو رئيس الوزراء بصحة الشيك ، فبات لزامًا على سموه توضيح الموقف وبيانه ، والكشف عن سبب تحرير هذا الشيك ، وعدم اللياذ بالصمت المحرج الذي يولّد الشبهات، وإلى الآن لم يتحدث سموه في القضية بشيء.
ثالثًا: أعضاء المجالس النيابية العامة أو المحلية سواء أكانوا منتخبين أو معينيين في حكم الموظف العام بنص المادة ( 43 ) من القانون ( 31) لسنة 1970 ، وتقاضي الموظف العام هبة مالية أو وعدًا بالهبة بشكل مباشر أو غير مباشر للقيام بعمله أو عدم القيام به جريمة بنص المادة ( 15 ) من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والتي وقعتها الكويت 2003 ، والشيك صدر من موظف تنفيذي لنائب برلماني أثناء فترة نيابته0
رابعًا: يتساءل البعض عن شيك الطبطبائي ، وهل هو الآخر موضع شبهة أم أنها حلال للإسلاميين حرام على غيرهم ؟ ، وسوء النية واضح من السؤال ، لكن شيك الطبطبائي معلَن وموجّه نحو جهة معروفة ، وهنا إعلانات مدفوعة الثمن في الصحافة تشكر سمو الرئيس على هذا التبرع ، أما الحالة هنا : شيك في الخفاء مجهول النسب والسبب ، والمطلوب بيان هذا السبب لا أكثر ، فلا مانع أن يتصدق أو يتبرع سمو الرئيس أو يفعل في ماله ما يشاء _ على القول أنه من مال سموه الخاص ، وهذا هو الظن فيه ـ ولكن العلانية والشفافية مطلوبة هنا لانتفاء الشبهات ، فالفارق بين الشيكين واضح للمنصفين ، ليس لأن أحدهما شيك بلحية والآخر حليق ، كما يحلو لبعض الحناجر أن تقول.
خامسًا: السؤال الذي يطرح : من أين حصل المسلم على الشيك ؟ لا يعني أبدًا تجاهل السؤال اللُّب : لماذا دفع سمو الرئيس الشيك ؟ ومن الذي استفاد منه؟! وكيف استفاد ؟ وهل هو من ماله الخاص أم من الأموال العام ؟ لأنه أصل الواقعة ولُبُّها ، وهذه هي المسألة التي تجنبها فريق سمو الرئيس القانوني والسياسي ، المستشار عادل بطرس أجاب في ( القبس ) أنّ مسؤولية إخراج الشيك تقع على الموظف الذي أخرج صورته الضوئية ، وليس على النائب المسلم الذي عرض صورة عن الشيك في جلسة مجلس الأمة ، كما أنه أشار إلى سابقة النائب الأسبق حمد الجوعان مع وزير العدل الأسبق الشيخ سلمان الدعيج بعرضه صورة ضوئية لشيك ممهور باسمه ، مما أسفر عن استقالة الوزير.
سادسًا: الحديث عن الشيك لا يعني إدانة سمو الرئيس بشيء ، فأمام سموه المنابر الإعلامية والصحفية التي يبين من خلالها حقيقة هذا الشيك ، كي ينفض غبار الشبهات عن صفحته البيضاء وكرسيه المؤثر في الحياة السياسية والشعبية والنيابية بوصفه الرأس الأولى في السلطة التنفيذية ، والحديث عن خلافات في الأسرة الحاكمة كانت وراء تحريك القضية وأن فيصل المسلم دمية تحركها أصابع في الأسرة الحاكمة لإسقاط الشيخ ناصر ديكورات إعلامية لن يصدقها الشعب الكويتي لأنها غير صحيحة ، وإن صحت الصراعات الصباحية الداخلية ففيصل المسلم بمكانته العلمية وتاريخه النيابي أكبر وأجلّ من أن يكون تلك الدمية المشتراة ، فكما نحن لا ندين سمو الرئيس لعدم امتلاكنا حق إدانته ، وكما أننا نحسن الظن في الرجل ونأمل منه المواجهة الشافية أمام الأمة لبيان حقيقة الأمر ، نأبى كذلك التشكيك في سمعة وذمة الدكتور فيصل المسلم ، وحرب التشكيك لا ثمرة من ورائها إلا تسويد ورقات الصحف وملء فراغاتها ، وتحصيل المكاسب الشخصية بفواتير النفاق السياسي ، والموقف لا يستدعي التشفي ولا تصفية الحسابات لا من سمو الرئيس ولا من النائب المخلص ، بل يتطلب كشف الحقيقة ، والمخطئ أيًّا كان اسمه ووصفه ومكانته عليه أن يدفع ثمن خطئه ، ولا أحد فوق المساءلة أمام الأمة ، ولا يحق أن يهدر دينار واحد في وجه غير مشروع ، نحن ننتظر حديث سمو الرئيس ، وننتظر الفصل الأخير في ملف هذا الشيك ، والله يظهر الحق بأمره ويجلي الحقيقة بعلمه ، وإن غدًا لناظره قريب.
م / حمد العصيدان ... كاتب وأكاديمي في الهيئة العامة للتعليم التطبيقي
alasidan@hotmail.com
11-11-2009, 10:27 PM
مقالة : الشيك ... وحرب التشكيك
العرض العادي
المواضيع المتشابهه
