((الرابطة الحقيقية))
قال العلامة الإمام الكبير المفسر المحدث الفقيه الأصولي اللغوي النحوي محمد الأمين الجكني الشنقيطي-رضي الله عنه وأرضاه-في [أضواء البيان-(3/ صـ441-445].
((ومن الآيات الدالة على أن الرابطة الحقيقية هي الدين،وأن تلك الرابطة تتلاشى معها جميع الروابط النسبية والعصبية : قوله تعالى: ( لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم ) [المجادلة:22]. إذ لا رابطة نسبية أقرب من رابطة الآباء والأبناء والإخوان والعشائر.وقوله: (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض) [التوبة:71] الآية،وقوله: ( إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم ) [الحجرات:10]. وقوله: (فأصبحتم بنعمته إخواناً ) [آل عمران:103]. الآية،إلى غير ذلك من الآيات فهذه الآيات وأمثالها تدل على أن النداء برابطة أخرى غير الإسلام كالعصبية المعروفة بالقومية-لايجوز،ولا شك أنه ممنوع بإجماع المسلمين.ومن أصرح الأدلة في ذلك مارواه البخاري في صحيحه قال : باب قوله تعالى : (يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون ) [المنافقون:8]. حدثنا الحميدي،حدثنا سفيان قال : حفظناه من عمرو بن دينار،قال: سمعت جابر بن عبدالله-رضي الله عنهما- يقول كنا في غزاة فكسع رجل من المهاجرين رجلاً من الأنصار؛فقال الأنصاري: ياللأنصار!! وقال المهاجري: ياللمهاجرين!!،فقال النبي-صلى الله عليه وسلم-: ((دعوها فإنها منتنة…)) الحديث.
فقول هذا الأنصاري: ياللأنصار،وهذا المهاجري: ياللمهاجرين-هو النداء بالقومية العصبية بعينه،وقول النبي-صلى الله عليه وسلم-(( دعوها فإنها منتنة)) يقتضي وجوب ترك النداء بها؛لأن قوله: (( دعوها)) أمر صريح بتركها،والأمر المطلق يقتضي الوجوب على التحقيق كما تقر في الأصول.
قال: فدل هذا الحديث الصحيح على أن النداء برابطة القومية مخالف لما أمر به النبي-صلى الله عليه وسلم-،وأن فاعله يتعاطى المنت،ولا شك أن المنتن خبيث،والله تعالى يقول: (الخبيثات للخبيثين) [النور:26] الآية،ويقول: ( ويحرم عليهم الخبائث ) [الأعراف:157].
وقال: واعلم أن رؤساء الدعاة إلى نحو هذه القومية العربية: أبوجهل،وأبولهب،والوليد بن المغيرة،ونظراؤهم من رؤساء الكفرة.وقد بين تعالى تعصبهم لقوميتهم في آيات كثيرة؛كقوله: (قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا)[المائدة:170] الآية،وأمثال ذلك من الآيات.
واعلم أنه لا خلاف بين بين العلماء-كما ذكرنا آنفاً-في منع النداء برابطة غير الإسلام؛كالقوميات والعصبيات النسبية،ولا سيما إذا كان النداء بالقومية يقصد من ورائه القضاء على رابطة الإسلام وإزالتها بالكلية؛فإن النداء بها حينئذ معناه الحقيقي: أنه نداء إلى التخلي عن دين الإسلام،ورفض الرابطة السماوية رفضاص باتاً،على الله يعتاض من ذلك روابط عصبية قومية،مدارها على أن هذا من العرب،وهذا منهم أيضاً مثلاً؛فالعروبة لا يمكن أن تكون خلفاً من الإسلام،واستبدالها به صفقة خاسرة)).
انتهى.
منــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــقول