التطوع أمر جميل وعمل إنساني نبيل يكمن جماله في أن القائم به يتطوع بعمل ما من دون أي إجبار أو فرض، وإذا توقفنا عند فعل ''طاع'' نجد أن معناه: لان وانقاد، واللين والانقياد لا يدفعنا أحد إلى القيام بعمل ما كما سبق وذكرت·· هي رغبة تسكننا من أجل تقديم خدمة إنسانية لمن يحتاج إليها، ولكن السؤال هنا: هل هناك من يعي معنى العمل التطوعي؟ أم أن العمل يرتبط هنا بأنه دون مقابل مادي ؟ أم ماذا ؟ وهل ندرك أهميته في المجتمع·
حقيقة أن العمل التطوعي أكبر وأجمل مما يعتقده البعض تجد فيه الكثير من إنسانيتك المفتقدة في جوانب كثيرة من حياتك، تجد نفسك المتغيبة عنك أحياناً·· الشاردة إلى مادية أهل الزمان وهموم الدنيا ومشاغلها، تنسى الأنا التي تسكنك وقد تعمي بصرك عن رؤية من حولك، العمل التطوعي الذي يراه البعض مضيعة للوقت تقابل فيه العديد من البشر حتى وإن لم تتعامل معهم وترى من يتعامل معهم ويختلط بهم، يكفيك أن تستمع دون إنصات إلى أحاديثهم البسيطة المشبعة باللقاء أحيانا والعناء أحيانا أخرى·· يكفيك أن تستمع لآلامهم وأحزانهم، يكفيك أن تجد لحظة تأمل تردد فيها: الحمد لله على كل حال·· لحظة تتضاءل فيها كل مصائبك التي كنت تعتقد أنها نهاية الدنيا ، يكفيك أنك تعرفت عليهم ولو من بعيد·
كما أن الأحاسيس الجميلة والإنسانية التي يشعر بها المتطوع حين يخفف ألم إنسان أو يمسح دمعته أو يأخذ بيده إلى بر الأمان، أو يضيء له الدرب ليستنير به بعيداً عن مبدأ خذ وهات·
في الإطار ذاته كثيراً ما يقترن العمل التطوعي بالخير·· لأنه خير للإنسان صاحب الخير والمستفيد منه، حيث إنك حين تساعد أحداً فأنت تقدم خيراً لنفسك ينفعك في آخرتك ويزيد من حسناتك، وبذلك تقدر نفسك وتحجز لها مكاناً عالياً طيباً في نفوس من قدمت لهم صنيعك الطيب·· وكأن الله خصك أنت كفرد لمساعدة الإنسان المحتاج أنت المتمثل في شخصك أو في المؤسسة التي تطوعت فيها بعيداً عن الربح المادي لتجني كل الخير·
فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ''إن لله عباداً اختصهم لقضاء حوائج الناس حببهم للخير وحبب الخير إليهم··· ''·