بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين
هذي الرسالة الى جميع إخواني وأخواتي أعضاء مجالس العجمان خاصة والى جميع المسلمين عامة
النصيحة
وآدابها في الإسلام أمر اعتنى به الاسلام عناية كبيرة وجعلها من حق المسلم على أخيه
فقد روى البخاري ومسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(حق المسلم على المسلم خمس وفي رواية ست وذكر منها وإذا استنصحك فانصح له)
إن الإخوان يتناصحون يتراحمون ينصح بعضهم بعضا بدافع الشفقة والرحمة والود والحب
وذلك قال الله سبحانه في أوليائه (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر)
أما أهل البدعة فيتفاضحون يشتم بعضهم بعضا تشهير وسب وتضخيم للأخطاء
قال الله عز وجل في المنافقين ( المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف )
جاء في الحديث المؤمن مرآة أخيه فكما ينظر الإنسان في المرآة ليزين من هيئته فكذلك ينتظر الأخ من أخيه أن ينبهه لأخطائه التي يغفل عنها
وهذا حديث يرويه جرير بن عبدالله البجلي سيد بجيلة الذي (قال مارآني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا تبسم في وجهي)
يقول جرير( بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فاشترط علي والنصح لكل مسلم)
فيقول جرير( والله الذي لا إله إلا هو إنني لكم ناصح ) رواه البخاري
ذكر ابن حجر أن جريرا كان ناصحا لعباد الله اشترى فرسا بأربعمائة درهم فقال لصاحب الفرس بكم بعته ؟ قال بأربعمائة درهم قال : أتريد أن تكون خمسة ؟ قال نعم قال وستة قال نعم قال وسبعة قال نعم قال وثمانمائة قال نعم
قال خذ ثمانمائة فإني بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على النصح لكل مسلم
إن النصيحة منهج المرسلين وسبيل المؤمنين الذي أمرنا باتباعه
قال صالح عليه السلام (ونصحت لكم ولاكن لا تحبون الناصحين)
وقال هود عليه السلام (وأنا لكم ناصح أمين )
وقال إبراهيم عليه السلام ( أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم )
وقال شعيب عليه السلام ( وقال ياقوم لقد أبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم فكيف آسى على قوم كافرين )
فانظر كيف أن النصيحة من منهج المرسلين وأن رد النصيحة من أخلاق الكافرين
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما صح عنه عند مسلم ( الدين النصيحة قيل لمن يارسول الله ؟ قال لله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم )
قال أهل العلم
النصيحة لله : بامتثال أمره واجتناب نهيه تبارك وتعالى
والنصيحة لرسوله : بتجريد المتابعة له بأن تجعله إماما لك
والنصيحة لأئمة المسلمين : أن لاتشق عصا الطاعه عليهم ما أطاعوا الله سبحانه
والنصيحة لعامة المسلمين : أن تحب لهم ماتحب لنفسك وأن تأمرهم بالمعروف وأن تنهاهم عن المنكر
إن السكوت عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والسكوت عن النصيحة
من أخلاق اليهود قال سبحانه وتعالى ( كانوا لايتناهون عن منكر فعلوه لبئس ماكانوا يفعلون)
لكن للنصيحة آداب إن التزم بها كانت نصيحة وإلا انقلبت فضيحة
يقول ابن تيمية رحمه الله : ليكن أمرك بالمعروف معروفا ونهيك عن المنكر بلا منكر
فما هي آداب النصيحة ؟ كيف تنصح أخاك ؟ كيف تقدم له النصيحة ؟
فمن آداب النصيحة : الإخلاص أن تخلص في نصيحتك وأن تقصد بها وجه الله لاتريد بها الظهور أو الشهرة أو أن تشفي غلا في القلب من حسد
أو ليقول الناس : جزاه الله خيرا من ناصح
ومن آداب النصيحة : النصح بلين أي بكلمة حانية بكلمة طيبة
يقول سبحانه وتعالى وهو يذكر نصيحة إبراهيم عليه السلام لأبيه المشرك
( يا أبت ) وكرر هذه الكلمة مرات وقال لقمان لابنه ( يابني )
فأخذ من ذلك بعض العلماء أن عليك أن تقدم مقدمات للمنصوح.
أما أن تصدمه صدما على وجهه فكيف يقبل النصيحة ؟
قال ابن المبارك في أدب الدعاة وأدب النصيحة : إذا صاحبت قوما أهل ود
فكن لهم كذي الرحم الشفيق
ولا تأخذ بزلة كل قوم
فتبقى في الزمان بلا رفيق
أرسل الله موسى وهارون عليهما السلام إلى فرعون فقال الله عز وجل لهما ( فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى )
قيل القول اللين هو أن يكنياه بكنيته
قال عمر
ثلاث تكتب الود لك في صدر أخيك : أن تدعوه بأحب الأسماء إليه وأن توسع له في المجلس وأن تبدأه بالسلام
قال الشاعر
أكنيه حين أناديه لأكرمه
ولا ألقبه والسوءة اللقب
كذلك أدبت حتى صار من خلقي
إني وجدت ملاك الشيمة الأدب
أرأيت محمدا عليه الصلاة والسلام ؟ أرأيت لمنهجه الذي شق العالم في خمس وعشرين سنة فقد قال الله فيه وفي دعوته : ( فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك )
ومن آداب النصيحة : الإسرار بها في موضع الإسرار نعم
تعمدني بنصحك في انفرادي
وجنبني النصيحة في الجماعة
فإن النصح بين الناس نوع
من التوبيخ لا أرضى استماعه
فإن خالفتني وعصيت أمري
فلا تجزع إذا لم تعط طاعة
ورد أن أسامة رضي الله عنه قال له الناس : يا أسامة ألا تكلم هذا أي عثمان
رضي الله عنه فقال أسامة : أتظنون أنني كلما نصحته أخبرتكم
هذا من إخلاصه وإسراره رضي الله عنه
ومن آداب النصيحة : أن تعمل بالنصيحة التي توجهها للناس لعل الله أن ينفع بها
( أتامرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون )
قال شعيب عليه السلام
(وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب )
يقول : لا أريد أن أدلكم على الهدى وأنا ضال وعلى الهداية وأنا متخلف وعلى النور وأنا في الظلام
ومن آداب النصيحة : أن تتثبت من الشيء المنقول إليك ( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا..... ) الآية
فيا مسلم إن جاءك خبر فارصده وتأكد منه ( ولا تقف ماليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا )
فالنميمة والغيبة والشائعات من أسلحة إبليس وبعض الناس إن يظنون إلا ظنا وماهم بمستيقنين
وكان صلى الله عليه وسلم إذا أتته الأخبار سأل وتثبت واحتاط حتى يبلغ به العلم اليقين قال تعالى ( وإن الظن لا يغني من الحق شيئا )
ومن آداب النصيحة : الصبر على الأذى
ولذلك قال لقمان عليه السلام لابنه ( يابني اقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك )
ولنتذكر دائما قول علي رضي الله عنه : المؤمنون نصحة والمنافقون غششة
فاللهم يامن أظهر الجميل وستر القبيح يامن لا يؤاخذ بالجريرة ولا يهتك الستر ياحسن التجاوز ياواسع المغفرة ياباسط اليدين بالرحمة ياصاحب كل نجوى ويامنتهى كل شكوى ياكريم الصفح ياعظيم المن يامبتدأ النعم قبل استحقاقها ياربنا وسيدنا يامولانا وياغاية رغبتنا أن تنصر جميع المجاهدين في كل مكان
واخر دعوانا ان الحمدلله رب العالمين
كتبه
أخوكم
محب البتار