هامش على لقاء د.حميد عبد الله مع/ د.محمد شريف
شاهدتُ الحلقة الثانية من شهادة الدكتور محمد شريف،وكيل وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، في العراق،على عهد صدام حسين،ضمن سلسلة شهادات على تاريخ العراق،والتي يسجلها الدكتور حميد عبد الله،في جهد يستحق الذكر والشكر.
لفت نظري شهادته على لقاء الرئيس "صدام"بوفد العلماء المسلمين،والذي زار العراق،إبان احتلال الكويت.
اللقاء،كما ذكر الدكتور – تم بعيدا عن الإعلام،في مكان قريب من فندق الرشيد.
الوفد تجاوز عشرين شخصية إسلامية معروفة،منها :
"أربكان"و"الغنوشي"و"الترابي"و"قاضي حسين",غوشة"إلخ.
أول ما لفت نظري،أن أيا من الدكتورين،لم يشير إلى استغلال الإعلام العراقي لتلك الزيارة،وإظهارها على أنها زيارة تأييد – عكس الواقع - لما حصل!! وإلى وقتنا هذا لا زال هناك من يقول بذلك ويعتب على ذلك الوفد!! وقد علق على ذلك ووضحه – أكثر من مرة – الدكتور عبد الله النفيسي.
أما ما لفت نظري بعد ذلك .. فهو رد،وعتب الرئيس"صدام"على الوفد أن يثبطوه عن"الجهاد"!!
حتى لكأنهم أخذوا .. أو خجلوا !!
وهذا من أعجب العجب .. أعجب كيف سكتوا؟! هل أختذهم المفاجأة : الرئيس "البعثي" العلماني .. يتحدث عن الجهاد!
قلتُ كيف لم يسألوا :
من يسعى للجهاد هل يبدأ بالعدوان على مسلمين غافلين !!
وليس هذا سبب كتابتي لهذا الهامش :
أعجب مما سبق : ذكر أحد الوفد أنه زار الملك فهد،وأن الملك يحترم "صدام"ولا مشكلة بينهما.
فرد "صدام" : ليس له عندي شيء،ولكنه سمح للكفار بتدنيس أرض الحرمين... ثم المهم .. بل المهم جدا .. وهو أمر يستحق الدراسة.
قال الرئيس صدام :
لو كانت الكعبة عندي،وقبر الرسول – صلى الله عليه وسلم – لأخذت حجرا من الكعبة،وقبضة تراب من قبر الرسول – صلى الله عليه وسلم – وهزمتُ الأمريكان إلى واشنطن!!
علق الدكتور محمد شريف : كان "صدام"صادقا،مقتنعا،بما يقول .. بل كانت دموعه تنزل!!
اللافت للنظر أيضا،أن الوحيد الذي رد على"صدام"هو قاضي حسين - رئيس الجماعة الإسلامية في باكستان : 1938 / 2013م - والذي قال للرئيس :
لقد فعل جيشكم في الكويت ما لم يفعله المغول في بغداد!!
غضب الرئيس .. وأمر بأن ُيذهب بالوفد إلى الكويت .. ليشاهدوا قصور أمراء الكويت،ويروا ما فيها من الفواحش!!!!!!!!!!!!
طبعا لم يذهب الوفد .. فلا توجد قدرة على تأمين الوفد.
في هامش الهمش : الشيخ عباسي مدني،زار العراق،منفردا عن الوفد المذكور. قابل الرئيس بمفرده،وحين قابل الدكتور محمد شريف"عباسي"ساله عما قال للرئيس،ذكر أنه قال لـ"صدام": القيادة ليست في الكر فقط،بل أحيانا تكون في"الفر"أيضا .. والوقت ليس مناسبا : نؤسس نحن في الجزائر جيشا إسلاميا،وتركيا في طريقها لتكون "دولة إسلامية"وإيران الإسلامية .. وحين يكون الوقت مناسبا ... تستعيد الأمة مجدها – هذا بالمعنى طبعا- أما الآن .. فالدخول في حرب مع الغرب .. هو تحطيم لجيش العراق الكبير...
رفض "عباسي"أن يذكر رد الرئيس عليه!!
مما يذكر هنا للرئيس"صدام"أنه كتب مقالة ذكر فيها أن قيادة الإسلام إنما هي للعرب ،ونال من السلطنة العثمانية ..إلخ.
طلب الوزير – عبد الله فاضل – من الدكتور محمد شريف – وكيل الوزارة – أن يرد على المقال!
كتب ردا .. مدح فيه العرب،وأنهم حملة الرسالة .. وقال – ما معناه – أنهم إذا تحملوا الرسالة،قادوا الأمة .. وإذا تخلوا عن ذلك حملت بقية الشعوب المسلمة القيادة.
ذكر أنه – د.محمد شريف – له ملاحظات كثيرة على"العثمانيين"ولكن لهم من الفضل ما لا ينكر .. وأنه في القت الذي مُحي فيه الإسلام من الأندلس .. كان العثمانيون يفتحون"القسطنطينية".. وهذا فضل كبير لهم .. إلخ.
ذكر أيضا أن شعوبا أخرى حملت المشعل .. الفرس،والكرد.
طلب الوزير من الدكتور محمد،أن يرسل الرد للصحافة!!
قال / لا بد أن يعرض على الرئيس أولا .. عُرض .. فأمر بنشر الرد .. دون أن يحذف منه غير كلمة واحدة : "الكرد"!!
وبعد .. حجر من الكعبة .. وحفنة من تراب قبر النبي – صلى الله عليه وسلم – هذا أمر يحتاج إلى دراسة تحليلية لشخصية الرئيس صدام .. وهنا قضية أخرى .. أو شهادة أخرى،شهد بها الدكتور محمد لصالح "صدام" .. سأله الدكتور حميد عن شخصية صدام – هذا في الحلقة الثالثة من اللقاء – فذكر أن صدام كان.. يخطئ .. لكنه لم يكن"سطحيا"ومن الواضح أنه كان يقرأ . . قراءة واسعة متنوعة ... إلخ
وذكر – أيضا - أن الرئيس – ذات سنة – طلب من الوزارة كتابة كلمة خاصة بمولد النبي – صلى الله عليه وسلم – كُلف الدكتور محمد بكتابتها .. ففعل.
لكنها لم تقرأ .. وقرئت أخرى!ثم استدعي للرئاسة .. وقابل – أظن مدير المكتب – قدم شكره للدكتور محمد - حسب أمر الرئيس صدام -وأخبره أن الرئيس سهر ليلة كاملة وكتب بنفسه الرسالة المطلوبة.
وقيمها الدكتور محمد بأنها جيدة ومعبرة .. وخالية من الأخطاء التي كان يرتكبها"صدام"،مثل قوله : الأنبياء كلهم عرب!! .. وخالية أيضا من المبالغة في تمجيد العرب .. فهي رسالة للأمة الإسلإمية.
من المؤسف أن الدكتور لم يذكر تاريخ هذا الحدث!! مع أهمية ذلك .. من وجهة نظري ..
وسبق أن علقت – عبر حسابي في"تويتر"- على "تغريدة"حول الرئيس "صدام" .. لا أعتقد أننا أمام "صدام" واحد .. بالنسبة لي على الأقل هناك :
صدام"دكتاتور"العراق .. وتلك الاعدامات التي لا تنتهي ..
صدام : الذي احتل الكويت .. فكشف – حسب تعبير الدكتور محمد عبده يماني : وزير الإعلام السعودي الأسبق – "عورة الأمة" ..
صدام : 2003م. والذي أصبح في كفة والأمريكان في كفة ثانية.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن د.حميد عبد الله ،ذكر في إحدى حلقاته – لعلها عبر قراءة مذكرات : طاهر العاني،ولستُ على يقين – أن "صدام"- ربما في 94و 95 – أصبح البريد الذي يعرض عليه عبارة عن"هام" .. وغير ذلك .. فكان يستعرض "الهام"ويؤشر عليه .. ويترك الآخر،أحيانا لمدير مكتبه .. يؤشر عليه .. بينما الرئيس صدام .. يكتب مسودة رواية .. ويرسل ذلك للروائي المصري الكبير جمال الغيطاني .. لأخذ رأيه في الرواية!!
هناك قضية .. ذكرها "شيخ آخر" وهي أنه كتب للرئيس صدام عن عدم جواز مصادرة "الأوقاف" وأن الرئيس شكره لأنه نبهه لهذا الخطئ الذي كان سيقع فيه .. لم يذكر تاريخ الواقعة ايضا .. مع أهمية ذلك .
تلوحية الوداع / اقتطع لي أشرف الجزء الخاص بلقاء الرئيس بوفد الإسلاميين،وهو في عشرين دقيقة تقريبا .. من الدقيقة 20 حتى 44
أبو أشرف : محمود المختار الشنقيطي المدني.
رابط الفيديو :