دومة الجندل
يوم الثلاثاء 14 - 12 - 1425 هـ
تعد دومة الجندل إحدى محافظات منطقة الجوف الواقعة شمال المملكة.
وهي إحدى أهم المدن القديمة في شمال الجزيرة العربية
ويعود تاريخها المدون إلى القرن الثامن قبل الميلاد , أما الأدلة الآثارية فتشير إلى مرحلة مبكرة من عصور ما قبل التاريخ والعصور التاريخية القديمة .
وتعود أقدم المعلومات المدونة عن المدينة إلى سنة ( 688 )
قبل الميلاد , إذ ورد ذكر دومة الجندل في أحد النصوص المسمارية في حوليات الملك الآشوري سنحريبsennachrib (705-681ق.م) ضمن إشارة لحملة قام بها هذا الملك ضد مملكة دومة الجندل , ويشير النص إلى أن سنحريب دخل دومة الجندل وخربها وحمل معه الآلهة المحلية إلى نينوى بالعراق.
كذلك ورد ذكر دومة الجندل في حوليات الملك الآشوري أسرحدونesarhaddon 680-669ق.م , كما ورد ذكر ملوك وملكات دومة الجندل في حوليات الملك الآشوري آشوربانيبال
Assurbanipa. وفي النصف الثاني من القرن السادس ق.م وخلال حملة الملك البابلي نبونيدNabonidus 555-539 ق.م على شمال وشمال غرب الجزيرة العربية , أخضع نبونيد دومة الجندل الواقعة على الطريق المؤدي إلى تيماء , قبل دخول تيماء واستقراره فيها لمدة عشرة أعوام.
وقد أكدت الأعمال الآثارية التي تمت بالموقع استمرار الاستيطان بالمدينة خلال القرون السابقة للإسلام , وما تزال الشواهد الأثرية قائمة حتى الوقت الحاضر, وهي تعود إلى عصور تاريخية متسلسلة.
وفي العصر الجاهلي أصبحت دومة الجندل من أهم مدن شمال الجزيرة العربية ومركزا للقبائل العربية الشمالية . وكانت سوقها التجارية والأدبية من الأسواق المهمة في الجزيرة العربية . وكانت القبائل الشمالية والجنوبية تفد على هذه السوق, نظرا لتوسط دومة الجندل وقربها من بلاد الشام والعراق , مما زاد من أهمية سوقها ومكانتها بين القبائل العربية , وفي فترة السيطرة البيزنطية على بلاد الشام أصبح حكامها وشعبها خاضعين في ولائهم للإمبراطورية البيزنطية حتى الفتح الإسلامي.
وقد اهتمت المصادر الإسلامية المبكرة برصد بعض الأحداث المرتبطة بمحاولات المسلمين فتح دومة الجندل . فتحدثت عن سرايا الرسول صلى الله عليه وسلم إليها , ثم سرية عبد الرحمن بن عوف , وتلتها في السنة التاسعة سرية خالد بن الوليد , ثم فتح دومة الجندل وإخضاعها للسيادة الإسلامية في السنة الثانية عشرة للهجرة على يد القائد خالد بن الوليد في بداية خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه .
وقد تركزت المعلومات التي أوردتها المصادر على الفترة الإسلامية المبكرة ولم تعن بالفترة السابقة للإسلام,وهي الفترة الحضارية المهمة التي تزخر المدينة بمخلفاتها الأثرية التي ما تزال تقف شاهدا على ازدهار الموقع خلال العصور السابقة للإسلام . ومن المؤمل أن تمدنا الآثار الباقية, التي تعود لمختلف الفترات الحضارية بمعلومات قيمة عن تلك الفترات التي لم تتحدث عنها المصادر المكتوبة.
وتتكون آثار الموقع من بقايا المدينة القديمة وتحصيناتها , إضافة إلى عدد من المواقع المحيطة بالمدينة.
ومن أهم آثار الموقع قلعة مارد التي تقع على مرتفع صخري يطل على البلدة القديمة من جهة الجنوب.
قلعة مارد :
ما جاء في المصادر من ذكر لهذه القلعة ..
ذكرت المصادر أن خالد بن الوليد كسر باب القلعة وأسر المتحصنين داخلها من أهل دومة الجندل وأتباعهم ، وأشار ابن خرداذبة إلى قلعة دومة الجندل التي ذكر أنها كانت تسمى قلعة مارد , وتحدثت عن محاولة الملكة الزباء (زنوبيا أو زينب) ملكة تدمر267-272م. احتلال قلعة مارد بدومة الجندل وحصن الأبلق بتيماء وفشلها في تحقيق ذلك , وأورد قولتها المشهورة (تمرّد مارد وعَزَّ الأبلق).
أماياقوت الحموي فقد ذكر أن دوماء بن إسماعيل استقر في موضع دومة الجندل وشيد فيها قلعة سميت دوماء باسمه لكن ياقوتا عاد وذكر في موضع آخر أن حصن دومة الجندل يسمى (مارد) وأن المدينة سميت دومة الجندل لأن حصنها شيد بالجندل. كما تحدث بعض الكتاب المتأخرين من الرحالة الغربيين الذين زاروا منطقة الجوف خلال القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين عن قلعة مارد ويُعد جورج أوغست فالين wallin , الذي زار المنطقة سنة1845م. أقدم هؤلاء الرحالة , إذ قدّم وصفا مختصرا لعمارة القلعة وقارنها بالقلاع القديمة بدمشق وفي عام1862م . زار دومة الجندل الرحالة الإنجليزي وليام بلجريفpalgrave . الذي يعد أفضل من وصف القلعة , لكنه ركّز على الشكل الخارجي, ولم يناقش تفاصيل القلعة من الداخل , وكذالك فعل الرحالة الإيطالي كارلو جوارمانيGuarmani , الذي زار دومة الجندل سنة1864م. أما الرحالة الذين جاؤا بعد هؤلاء فلم يضيفوا معلومات أخرى مهمة أمثال الليدي آن بلنت Blunt وجوليوس أو يتنجEuting .
وقلعة مارد تتميز بضخامة بنائها وقوته ومنعته , إذ تعد من أبرز القلاع الأثرية في شمال الجزيرة العربية . وقد استمر استخدام القلعة منذ إنشائها في عصر يسبق القرن الأول قبل الميلاد حتى وقت قريب جدا , وتمت آخر مرحلة من مراحل ترميم القلعة خلال فترة سيطرة أسرة الشعلان على دومة الجندل . وذكر فيلبي , الذي زار الجوف سنة1923م , أن القلعة رممت قبل سنتين من زيارته .
إحداثي قلعة مارد :
N 29 – 48 – 710
E 039 – 52 - 032
المراجع :
فتوح لبلدان للبلاذري
معجم البلدان لياقوت الحموي
ومعجم ما استعجم للبكري
المسالك والممالك للإصطخري
المسالك والممالك لابن خرداذبه
بلاد الجوف لابن جنيدل
في شمال غرب الجزيرة للجاسر
معجم شمال المملكة للجاسر
الجوف أرض الآثار والحضارة للقهيدان
خريطة تبين دومة الجندل وما حولها .
منظر من أعلى قلعة مارد لمسجد عمر رضي الله عنه ، والحي القديم ( حي الدرع ) والذي سأكتب
عنهما قريبا - إن شاء الله -
المدخل الرئيس للحي ، ومئذنة مسجد عمر .
قلعة مارد شامخة بأبراجها وأسوارها السامقة .
منظر آخر من مكان أقرب يبين مدى الإبداع وإتقان الصنع .
الحصن من زاوية أخرى .
هذه الصورة تبين ارتفاع الحصن الهائل الذي بقي صامدا على مر الايام .