عرض مشاركة واحدة
  #21  
قديم 11-08-2010, 04:32 PM
البحار الكبير البحار الكبير غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 407
معدل تقييم المستوى: 15
البحار الكبير is on a distinguished road
رد: شيء من الأدوية والأغذية المفردة التي جاءت على لسانه ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالحر

حرف اللام


لحم
قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وأمددناهم بفاكهة ولحم مما يشتهون‏}‏ ‏[‏الطور‏:‏ 22‏]‏‏.‏ وقال‏:‏ ‏{‏ولحم طير مما يشتهون‏}‏ ‏[‏الواقعة‏:‏ 21‏]‏‏.‏
وفي سنن ابن ماجه من حديث أبي الدرداء، عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏:‏ ‏(‏سيد طعام أهل الدنيا، وأهل الجنة اللحم‏)‏‏.‏ ومن حديث بريدة يرفعه‏:‏ ‏(‏خير الإدام في الدنيا والآخرة اللحم‏)‏‏.‏
وفي الصحيح عنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏:‏ ‏(‏فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام‏)‏‏.‏ والثريد‏:‏ الخبز واللحم، قال الشاعر‏:‏
إذا ما الخبز تأدمه بلحم ** فذاك أمانة الله الثريد
وقال الزهري‏:‏ أكل اللحم يزيد سبعين قوة‏.‏ وقال محمد بن واسع‏:‏ اللحم يزيد في البصر‏؟‏ ويروى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه‏:‏ كلوا اللحم فإنة يصفي اللون ويخمص البطن، ويحسن الخلق‏.‏ وقال نافع‏:‏ كان ابن عمر إذا كان رمضان لم يفته اللحم، وإذا سافر لم يفته اللحم، ويذكر عن علي‏:‏ من تركه أربعين ليلة ساء خلقه‏.‏
وأما حديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ الذي رواه أبو دواد مرفوعًا‏:‏ ‏(‏لا تقطعوا اللحم بالسكين، فإنه من صنيع الأعاجم، وانهسوه، فإنه أهنأ وأمرأ‏)‏‏.‏ فرده الإمام أحمد بما صح عنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ من قطعه بالسكين في حديثين، وقد تقدما‏.‏
واللحم أجناس يختلف باختلاف أصوله وطبائعه، فنذكر حكم كل جنس وطبعه ومنفعته ومضرته‏.‏
لحم الضأن‏:‏ حار في الثانية، رطب في الأولى، جيده الحولي، يولد الدم المحمود القوي لمن جاد هضمه، يصلح لأصحاب الأمزجة الباردة والمعتدلة، ولأهل الرياضات التامة في المواضع والفصول الباردة، نافع لأصحاب المرة السوداء، يقوي الذهن والحفظ‏.‏ ولحم الهرم والعجيف رديء، وكذلك لحم النعاج، وأجوده‏:‏ لحم الذكر الأسود منه، فإنه أخف وألذ وأنفع، والخصي أنفع وأجود، والأحمر من الحيوان السمين أخف وأجود غذاء، والجذع من المعز أقل تغذية، ويطفو في المعدة‏.‏
أفضل اللحم عائذه بالعظم، والأيمن أخف وأجود من الأيسر، المقدم أفضل من المؤخر، وكان أحب الشاة إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ مقدمها، وكل ما علا منه سوى الرأس كان أخف وأجود مما سفل، وأعطى الفرزدق رجلاً يشتري له لحمًا وقال له‏:‏ خذ المقدم، وإياك والرأس والبطن، فإن الداء فيهما‏.‏ ولحم العنق جيد لذيذ، سريع الهضم خفيف، ولحم الذراع أخف اللحم وألذه وألطفه وأبعده من الأذى، وأسرعه انهضامًا ‏.‏
وفي الصحيحين‏:‏ أنه كان يعجب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏:‏ ولحم الظهر كثير الغذاء ، يولد دمًا محمودًا ‏.‏ وفي سنن ابن ماجه مرفوعًا ‏:‏ ‏(‏أطيب اللحم لحم الظهر‏)‏‏.‏
لحم المعز
قليل الحرارة، يابس، وخلطه المتولد منه ليس بفاضل وليس بجيد الهضم، ولا محمود الغذاء‏.‏ ولحم التيس رديء مطلقًا، شديد اليبس، عسر الانهضام، مولد للخلط السوداوي‏.‏
قال الجاحظ‏:‏ قال لي فاضل من الأطباء‏:‏ يا أبا عثمان‏!‏ إياك ولحم المعز، فإنه يورث الغم، ويحرك السوداء، ويورث النسيان، ويفسد الدم، وهو والله يخبل الأولاد‏.‏
وقال بعض الأطباء‏:‏ إنما المذموم منه المسن، ولا سيما للمسنين، ولا رداءة فيه لمن اعتاده‏.‏ وجالينوس جعل الحولي منه من الأغذية المعتدلة المعدلة للكيموس المحمود، وإناثه أنفع من ذكوره‏.‏
وقد روى النسائي في سننه عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏:‏ ‏(‏أحسنوا إلى الماعز وأميطوا عنها الأذى فإنها من دواب الجنة‏)‏‏.‏ وفي ثبوت هذا الحديث نظر‏.‏ وحكم الأطباء عليه بالمضرة حكم جزئي ليس بكلي عام، وهو بحسب المعدة الضعيفة، والأمزجة الضعيفة التي لم تعتده، واعتادت المأكولات اللطيفة، وهؤلاء أهل الرفاهية من أهل المدن، وهم القليلون من الناس‏.‏
لحم الجدي‏:‏ قريب إلى الاعتدال، خاصة ما دام رضيعًا، ولم يكن قريب العهد بالولادة، وهو أسرع هضمًا لما فيه من قوة اللبن، ملين للطبع، موافق لأكثر الناس في أكثر الأحوال، وهو ألطف من لحم الجمل، والدم المتولد عنه معتدل‏.‏
لحم البقر‏:‏ بارد يابس، عسر الانهضام، بطيء الانحدار، يولد دمًا سوداويًا، لا يصلح إلا لأهل الكد والتعب الشديد، ويورث إدمانه الأمراض السوداوية، كالبهق والجرب، والقوباء والجذام، وداء الفيل، والسرطان، والوسواس، وحمى الربع، وكثير من الأورام، وهذا لمن لم يعتده، أو لم يدفع ضرره بالفلفل والثوم والدارصيني، والزنجبيل ونحوه، وذكره أقل برودة، وأنثاه أقل يبسًا‏.‏ ولحم العجل ولا سيما السمين من أعدل الأغذية وأطيبها وألذها وأحمدها، وهو حار رطب، وإذا انهضم غذى غذاء قويًا‏.‏
لحم الفرس
ثبت في الصحيح عن أسماء ـ رضي الله عنها ـ قالت‏:‏ نحرنا فرسًا فأكلناه على عهد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏.‏ وثبت عنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه أذن في لحوم الخيل، ونهى عن لحوم الحمر أخرجاه في الصحيحين‏.‏
ولا يثبت عنه حديث المقدام بن معدي كرب ـ رضي الله عنه ـ أنه نهى عنه‏.‏ قاله أبو داود وغيره من أهل الحديث‏.‏
واقترانه بالبغال والحمير في القرآن لا يدل على أن حكم لحمه حكم لحومها بوجه من الوجوه، كما لا يدل على أن حكمها في السهم في الغنيمة حكم الفرس، والله سبحانه يقرن في الذكر بين المتماثلات تارة، وبين المختلفات، وبين المتضادات، وليس في قوله‏:‏ ‏{‏لتركبوها‏}‏ ‏[‏النحل‏:‏ 8‏]‏، ما يمنع من أكلها، كما ليس فيه ما يمنع من غير الركوب من وجوه الانتفاع، وإنما نص على أجل منافعها، وهو الركوب، والحديثان في حلها صحيحان لا معارض لهما، وبعد‏:‏ فلحمها حار يابس، غليظ سوداوي مضر لا يصلح للأبدان اللطيفة‏.‏
لحم الجمل
فرق ما بين الرافضة وأهل السنة، كما أنه أحد الفروق بين اليهود وأهل الإسلام، فاليهود والرافضة تذمه ولا تأكله، وقد علم بالإضطرار من دين الإسلام حله، وطالما أكله رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأصحابه حضرًا وسفرًا‏.‏
ولحم الفصيل منه من ألذ اللحوم وأطيبها وأقواها غذاء، وهو لمن اعتاده بمنزلة لحم الضأن لا يضرهم البتة، ولا يولد لهم داء، وإنما ذمه بعض الأطباء بالنسبة إلى أهل الرفاهية من أهل الحضر الذين لم يعتادوه، فإن فيه حرارة ويبسًا، وتوليدًا للسوداء، وهو عسر الإنهضام، وفيه قوة غير محمودة، لأجلها أمر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالوضوء من أكله في حديثين صحيحين لا معارض لهما، ولا يصح تأويلهما بغسل اليد، لأنه خلاف المعهود من الوضوء في كلامه ـ صلى الله عليه وسلم ـ لتفريقه بينه وبين لحم الغنم، فخير بين الوضوء وتركه منها، وحتم الوضوء من لحوم الإبل‏.‏ ولو حمل الوضوء على غسل اليد فقط، لحمل على ذلك في قوله‏:‏ ‏(‏من مس فرجه فليتوضأ‏)‏‏.‏
وأيضًا‏:‏ فإن آكلها قد لا يباشر أكلها بيده بأن يوضع في فمه، فإن كان وضؤوه غسل يده، فهو عبث، وحمل لكلام الشارع على غير معهوده وعرفه، ولا يصح معارضته بحديث‏:‏ ‏(‏كان آخر الأمرين من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ترك الوضوء مما مست النار‏)‏‏.‏ لعدة أوجه‏:‏
أحدها‏:‏ أن هذا عام، والأمر بالوضوء، منها خاص‏.‏
الثاني‏:‏ أن الجهة مختلفة، فالأمر بالوضوء منها بجهة كونها لحم إبل سواء كان نيئًا، أو مطبوخًا، أو قديدًا، ولا تأثير للنار في الوضوء وأما ترك الوضوء مما مست النار، ففيه بيان أن مس النار ليس بسبب للوضوء، فأين أحدهما من الآخر‏؟‏ هذا فيه إثبات سبب الوضوء، وهو كونه لحم إبل، وهذا فيه نفي لسبب الوضوء، وهو كونه ممسوس النار، فلا تعارض بينهما بوجه‏.‏
الثالث‏:‏ أن هذا ليس فيه حكاية ولفظ عام عن صاحب الشرع، وإنما هو إخبار عن واقعة فعل في أمرين، أحدهما‏:‏ متقدم على الآخر، كما جاء ذلك مباين في نفس الحديث، أنهم قربوا إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لحمًا، فأكل، ثم حضرت الصلاة، فتوضأ فصلى، ثم قربوا إليه فأكل، ثم صلى، ولم يتوضأ، فكان آخر الأمرين منه ترك الوضوء مما مست النار، هكذا جاء الحديث، فاختصره الراوي لمكان الإستدلال، فأين في هذا ما يصلح لنسخ الأمر بالوضوء منه، حتى لو كان لفظًا عامًا متأخرًا مقاومًا، لم يصلح للنسخ، ووجب تقديم الخاص عليه، وهذا في غاية الظهور‏.‏
لحم الضب
تقدم الحديث في حله، ولحمه حار يابس، يقوي شهوة الجماع‏.‏
لحم الغزال
الغزال أصلح الصيد وأحمده لحمًا، وهو حار يابس، وقيل‏:‏ معتدل جدًا، نافع للأبدان المعتدلة الصحيحة، وجيده الخشف‏.‏
لحم الظبي
حار يابس في الأولى، مجفف للبدن، صالح للأبدان الرطبة‏.‏ قال صاحب القانون ‏:‏ وأفضل لحوم الوحش لحم الظبي مع ميله إلى السوداوية‏.‏
لحم الأرانب
ثبت في الصحيحين ‏:‏ عن أنس بن مالك قال أنفجنا أرنبًا فسعوا في طلبها، فأخذوها، فبعث أبو طلحة بوركها إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقبله‏.‏
معتدل إلى الحرارة واليبوسة، وأطيبها وركها، وأحمده أكل لحمها مشويًا، وهو يعقل البطن، ويدر البول، ويفتت الحصى، وأكل رؤوسها ينفع من الرعشة‏.‏
لحم حمار الوحش
ثبت في الصحيحين‏:‏ من حديث أبي قتادة رضي الله عنه، أنهم كانوا مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في بعض عمره، وأنه صاد حمار وحش، فأمرهم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأكله وكانوا محرمين، ولم يكن أبو قتادة محرمًا‏.‏
وفي سنن ابن ماجه ‏:‏ عن جابر قال‏:‏ أكلنا زمن خيبر الخيل وحمر الوحش‏.‏
لحمه حار يابس، كثير التغذية، مولد دمًا غليظًا سوداويًا، إلا أن شحمه نافع مع دهن القسط لوجع الظهر والريح الغليظة المرخية للكلى، وشحمه جيد للكلف طلاء، وبالجملة فلحوم الوحوش كلها تولد دمًا غليظًا سوداويًا وأحمده الغزال، وبعده الأرنب‏.‏
لحوم الأجنة
غير محمودة لاحتقان الدم فيها، وليست بحرام، لقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏:‏ ‏(‏ذكاة الجنين ذكاة أمه‏)‏‏.‏
ومنع أهل العراق من أكله إلا أن يدركه حيًا فيذكيه، وأولوا الحديث على أن المراد به أن ذكاته كذكاة أمه‏.‏ قالوا‏:‏ فهو حجة على التحريم، وهذا فاسد، فإن أولالحديث أنهم سألوا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقالوا‏:‏ يا رسول الله ‏!‏ نذبح الشاة، فنجد في بطنها جنينًا أفنأكله‏؟‏ فقال‏:‏ ‏(‏كلوه إن شيءتم فإن ذكاته ذكاة أمه‏)‏‏.‏
وأيضًا‏:‏ فالقياس يقتضي حله، فإنه ما دام حملًا فهو جزء من أجزاء الأم، فذكاتها ذكاة لجميع أجزائها، وهذا هو الذي أشار إليه صاحب الشرع بقوله‏:‏ ذكاته ذكاة أمه كما تكون ذكاتها ذكاة سائر أجزائها، فلو لم تأت عنه السنة الصريحة بأكله، لكان القياس الصحيح يقتضي حله‏.‏
لحم القديد
في السنن من حديث ثوبان رضي الله عنه قال‏:‏ ذبحت لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ شاة ونحن مسافرون، فقال‏:‏ ‏(‏أصلح لحمها‏)‏ فلم أزل أطعمه منه إلى المدينة‏.‏
أنفع من النمكسود، ويقوي الأبدان، ويحدث حكة، ودفع ضرره بالأبازير الباردة الرطبة، ويصلح الأمزجة الحارة والنمكسود‏:‏ حار يابس مجفف، جيده من السمين الرطب، يضر بالقولنج، ودفع مضرته طبخه باللبن والدهن، ويصلح للمزاج الحار الرطب‏.‏
لحوم الطير
قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏ولحم طير مما يشتهون‏}‏ ‏[‏الواقعة‏:‏ 21‏]‏‏.‏
وفي مسند البزار وغيره مرفوعًا ‏(‏إنك لتنظر إلى الطير في الجنة، فتشتهيه، فيخر مشويًا بين يديك‏)‏‏.‏
ومنه حلال، ومنه حرام‏.‏ فالحرام‏:‏ ذو المخلب، كالصقر والبازي والشاهين، وما يأكل الجيف كالنسر والرخم واللقلق والعقعق والغراب الأبقع والأسود الكبير، وما نهي عن قتله كالهدهد والصرد، وما أمر بقتله كالحدأة والغراب‏.‏
والحلال أصناف كثيرة، فمنه الدجاج، ففي الصحيحين ‏:‏ من حديث موسى، أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أكل لحم الدجاج وهو حار رطب في الأولى، خفيف على المعدة، سريع الهضم، جيد الخلط، يزيد في الدماغ والمني، ويصفي الصوت، ويحسن اللون، ويقوي العقل، ويولد دمًا جيدًا، وهو مائل إلى الرطوبة، ويقال‏:‏ إن مداومة أكله تورث النقرس، ولا يثبت ذلك‏.‏
ولحم الديك أسخن مزاجًا، وأقل رطوبة، والعتيق منه دواء ينفع القولنج والربو والرياح الغليظة إذا طبخ بماء القرطم والشبث، وخصيها محمود الغذاء، سريع الإنهضام، والفراريج سريعة الهضم، ملينة للطبع، والدم المتولد منها دم لطيف جيد‏.‏
لحم الدراج
حار يابس في الثانية، خفيف لطيف، سريع الانهضام مولد للدم المعتدل، والإكثار منه يحد البصر‏.‏
لحم الحجل
يولد الدم الجيد، سريع الانهضام‏.‏
لحم الإوز
حار يابس، رديء الغذاء إذا اعتيد وليس بكثير الفضول‏.‏
لحم البط
حار رطب، كثير الفضول، عسر الإنهضام، غير موافق للمعدة‏.‏
لحم الحبارى
في السنن من حديث بريه بن عمر بن سفينة، عن أبيه، عن جده رضي الله عنه قال‏:‏ أكلت مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لحم حبارى‏.‏
وهو حار يابس، عسر الانهضام، نافع لأصحاب الرياضة والتعب‏.‏
لحم الكركي
يابس خفيف، وفي حره وبرده خلاف، يولد دمًا سوداويًا، ويصلح لأصحاب الكد والتعب، وينبغي أن يترك بعد ذبحه يومًا أو يومين، ثم يؤكل‏.‏
لحم العصافير والقنابر
روى النسائي في سننه‏:‏ من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه، أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال‏:‏ ‏(‏ما من إنسان يقتل عصفورًا فما فوقه بغير حقه إلا سأله الله عز وجل عنها‏.‏ قيل‏:‏ يا رسول الله ‏!‏ وما حقه‏؟‏ قال‏:‏ تذبحه فتأكله، ولا تقطع رأسه وترمي به‏)‏‏.‏
وفي سننه أيضًا‏:‏ عن عمرو بن الشريد، عن أبيه قال‏:‏ سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول‏:‏ ‏(‏من قتل عصفورًا عبثًا، عج إلى الله يقول‏:‏ يا رب إن فلانًا قتلني، عبثًا، ولم يقتلني لمنفعة‏)‏‏.‏
ولحمه حار يابس، عاقل للطبيعة، يزيد في الباه، ومرقه يلين الطبع، وينفع المفاصل، وإذا أكلت أدمغتها بالزنجيبل والبصل، هيجت شهوة الجماع، وخلطها غير محمود‏.‏
لحم الحمام
حار رطب، وحشيه أقل رطوبة، وفراخه أرطب خاصية، وما ربي في الدور وناهضه أخف لحمًا، وأحمد غذاء، ولحم ذكورها شفاء من الإسترخاء والخدر والسكتة والرعشة، وكذلك شم رائحة أنفاسها، وأكل فراخها معين على النساء، وهو جيد للكلى، يزيد في الدم، وقد روي فيها حديث باطل لا أصل له عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏:‏ ‏(‏أن رجلًا شكى إليه الوحدة، فقال‏:‏ اتخذ زوجًا من الحمام‏)‏‏.‏ وأجود من هذا الحديث أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ رأى رجلًا يتبع حمامة، فقال‏:‏ شيطان يتبع شيطانة‏.‏
وكان عثمان بن عفان رضي الله عنه في خطبته يأمر بقتل الكلاب وذبح الحمام‏.‏
لحم القطا
يابس، يولد السوداء، ويحبس الطبع، وهو من شر الغذاء، إلا أنه ينفع من الإستسقاء‏.‏
لحم السمانى
حار يابس، ينفع المفاصل، ويضر بالكبد الحار، ودفع مضرته بالخل والكسفرة، وينبغي أن يجتنب من لحوم الطير ما كان في الآجام والمواضع العفنة، ولحوم الطير كلها أسرع انهضامًا من المواشي، وأسرعها انهضامًا، أقلها غذاء، وهي الرقاب والأجنحة، وأدمغتها أحمد من أدمغة المواشي‏.‏

ينبغي ألا يداوم على أكل اللحم
فإنه يورث الأمراض الدموية والامتلائية، والحميات الحادة، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه‏:‏ إياكم واللحم، فإن له ضراوة كضراوة الخمر، ذكره مالك في الموطأ عنه‏.‏ وقال أبقراط‏:‏ لا تجعلوا أجوافكم مقبرة للحيوان‏.‏

اللبن
قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين‏}‏ ‏[‏النحل‏:‏ 66‏]‏ وقال في الجنة‏:‏ ‏{‏فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه‏}‏ ‏[‏محمد‏:‏ 15‏]‏‏.‏ وفي السنن مرفوعًا‏:‏ ‏(‏من أطعمه الله طعامًا‏.‏ فليقل‏:‏ اللهم بارك لنا فيه، وارزقنا خيرًا منه، ومن سقاه الله لبنًا فليقل‏:‏ اللهم بارك لنا فيه، وزدنا منه، فإني لا أعلم ما يجزئ من الطعام والشراب إلا اللبن‏)‏‏.‏
وإن كان بسيطًا في الحس، إلا أنه مركب في أصل الخلقة تركيبًا طبيعيًا من جواهر ثلاثة‏:‏ الجبنية، والسمنية، والمائية، فالجبنية‏:‏ باردة رطبة، مغذية للبدن، والسمنية‏:‏ معتدلة الحرارة والرطوبة ملائمة للبدن الإنساني الصحيح، كثيرة المنافع، والمائية‏:‏ حارة رطبة، مطلقة للطبيعة، مرطبة للبدن، واللبن على الإطلاق أبرد وأرطب من المعتدل‏.‏
وقيل‏:‏ قوته عند حلبه الحرارة والرطوبة، وقيل‏:‏ معتدل في الحرارة والبرودة‏.‏
وأجود ما يكون اللبن حين يحلب، ثم لا يزال تنقص جودته على ممر الساعات، فيكون حين يحلب أقل برودة، وأكثر رطوبة، والحامض بالعكس، ويختار اللبن بعد الولادة بأربعين يومًا، وأجوده ما اشتد بياضه، وطاب ريحه، ولذ طعمه، وكان فيه حلاوة يسيرة، ودسومة معتدلة، واعتدل قوامه في الرقة والغلظ، وحلب من حيوان فتي صحيح، معتدل اللحم، محمود المرعى والمشرب‏.‏
وهو محمود يولد دمًا جيدًا، ويرطب البدن اليابس، ويغذو غذاء حسنًا، وينفع من الوسواس والغم والأمراض السوداوية، وإذا شرب مع العسل نقى القروح الباطنة من الأخلاط العفنة، وشربه مع السكر يحسن اللون جدًا، والحليب يتدارك ضرر الجماع، ويوافق الصدر والرئة، جيد لأصحاب السل، رديء للرأس والمعدة، والكبد والطحال، والإكثار منه مضر بالأسنان واللثة، ولذلك ينبغي أن يتمضمض بعده بالماء، وفي الصحيحين ‏:‏ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ شرب لبنًا، ثم دعا بماء فتمضمض وقال‏:‏ ‏(‏إن له دسمًا‏)‏‏.‏ وهو رديء للمحمومين، وأصحاب الصداع، مؤذ للدماغ، والرأس الضعيف، والمداومة عليه تحدث ظلمة البصر والغشاء، ووجع المفاصل، وسدة الكبد، والنفخ في المعدة والأحشاء، وإصلاحه بالعسل والزنجبيل المربى ونحوه، وهذا كله لمن لم يعتده‏.‏
لبن الضأن
أغلظ الألبان وأرطبها، وفيه من الدسومة والزهومة ما ليس في لبن الماعز والبقر، يولد فضولًا بلغميًا، ويحدث في الجلد بياضًا إذا أدمن استعماله، ولذلك ينبغي أن يشرب هذا اللبن بالماء ليكون ما نال البدن منه أقل، وتسكينه للعطش أسرع، وتبريده أكثر‏.‏
لبن المعز‏
لطيف معتدل، مطلق للبطن، مرطب للبدن اليابس، نافع من قروح الحلق، والسعال اليابس، ونفث الدم‏. واللبن المطلق أنفع المشروبات للبدن الإنساني لما اجتمع فيه من التغذية والدموية، ولاعتياده حال الطفولية، وموافقته للفطرة الأصلية، وفي الصحيحين ‏:‏ ‏(‏أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أتي ليلة أسري به بقدح من خمر، وقدح من لبن، فنظر إليهما، ثم أخذ اللبن، فقال جبريل‏:‏ الحمد لله الذي هداك للفطرة، لو أخذت الخمر، غوت أمتك‏)‏‏.‏ والحامض منه بطيء الاستمراء، خام الخلط، والمعدة الحارة تهضمه وتنتفع به‏.‏
لبن البقر‏:‏ يغذو البدن، ويخصبه، ويطلق البطن باعتدال، وهو من أعدل الألبان وأفضلها بين لبن الضأن، ولبن المعز في الرقة والغلظ والدسم، وفي السنن ‏:‏ من حديث عبد الله بن مسعود يرفعه‏:‏ ‏(‏عليكم بألبان البقر، فإنها ترم من كل الشجر‏)‏‏.‏
لبن الإبل‏:‏ تقدم ذكره في أول الفصل، وذكر منافعه، فلا حاجة لإعادته‏.‏
لبان‏:‏ هو الكندر
قد ورد فيه عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏:‏ ‏(‏بخروا بيوتكم باللبان والصعتر‏)‏‏.‏ ولا يصح عنه، ولكن يروى عن علي أنه قال لرجل شكا إليه النسيان‏:‏ عليك باللبان، فإنه يشجع القلب، ويذهب بالنسيان‏.‏ ويذكر عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أن شربه مع السكر على الريق جيد للبول والنسيان‏.‏ ويذكر عن أنس رضي الله عنه، أنه شكا إليه رجل النسيان، فقال‏:‏ عليك بالكندر وانقعه من الليل، فإذا أصبحت، فخذ منه شربة على الريق، فإنه جيد للنسيان‏.‏
ولهذا سبب طبيعي ظاهر، فإن النسيان إذا كان لسوء مزاج بارد رطب يغلب على الدماغ، فلا يحفظ ما ينطبع فيه، نفع منه اللبان، وأما إذا كان النسيان لغلبة شيء عارض، أمكن زواله سريعًا بالمرطبات‏.‏ والفرق بينهما أن اليبوسي يتبعه سهر، وحفظ الأمور الماضية دون الحالية، والرطوبي بالعكس‏.‏
وقد يحدث النسيان أشياء بالخاصية، كحجامة نقرة القفا، وإدمان أكل الكسفرة الرطبة، والتفاح الحامض، وكثرة الهم والغم، والنظر في الماء الواقف، والبول فيه، والنظر إلى المصلوب، والإكثار من قراءة ألواح القبور، والمشي بين جملين مقطورين، وإلقاء القمل في الحياض وأكل سؤر الفأر، وأكثر هذا معروف بالتجربة‏.‏
والمقصود‏:‏ أن اللبان مسخن في الدرجة الثانية، ومجفف في الأولى، وفيه قبض يسير، وهو كثير المنافع، قليل المضار، فمن منافعه‏:‏ أن ينفع من قذف الدم ونزفه، ووجع المعدة، واستطلاق البطن، ويهضم الطعام، ويطرد الرياح، ويجلو قروح العين، وينبت اللحم في سائر القروح، ويقوي المعدة الضعيفة، ويسخنها، ويجفف البلغم، وينشف رطوبات الصدر، ويجلو ظلمة البصر، ويمنع القروح الخبيثة من الإنتشار، وإذا مضغ وحده، أو مع الصعتر الفارسي جلب البلغم، ونفع من اعتقال اللسان، ويزيد في الذهن ويذكيه، وإن بخر به ماء، نفع من الوباء، وطيب رائحة الهواء‏.‏

رد مع اقتباس