عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 09-06-2007, 07:08 PM
الصورة الرمزية زبيدة احمد
زبيدة احمد زبيدة احمد غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Jun 2007
الدولة: حمى ربي ونصيري
العمر: 43
المشاركات: 3,612
معدل تقييم المستوى: 20
زبيدة احمد is on a distinguished road
رد: حقيقة انتماء الشمال الافريقي العربي بدراسات تاريخية علمية بحتة

وتعد هذه الإشارة أول دليل على استخدام الجمال في المعارك (1) . وبعد أكثر من قرن زحف الملك الآشوري تجلات فلاصر الثالث (745 – 727 ق.م) إلى سورية أيضاً ، وذلك بغية مواجهة الحلف الذي شكله ضده رزون ملك دمشق ، وكان ضمن الحلف ملكة عربية تدعى زبيبة – Za-bi-bi التي كانت كاهنة وتتزعم قبيلة قيدار المنتشرة في شمالي الحجاز . وقد تمكن الملك الاشوري من إخضاع دمشق 732 ق.م ، ونصب فيها حاكماً آشورياً (2) . ويمكن أن يستخلص من هذين الشاهدين أن قبائل شمالي الجزيرة العربية كانت تتوسع في المناطق الجنوبية والجنوبية الشرقية من دمشق ، ويبدو أنها رأت في الآراميين هناك حليفاً يمكن الاعتماد عليه في مواجهة الأخطار الآشورية المتزايدة . وتشير المصادر إلى أن ملكة عربية أخرى أسمها شمس أو شمسه قادت في 732 ق.م تحالفاً عربياً ضد الاشوريين ، وشاركت فيه قبائل تيماء واسا a‘Asa وخيبا Hajappa وبدنا Bedena وسبأ (3) . وقد نال منها الآشوريون وفرضوا عليها قبول وجود مراقب آشوري في بلاطها ، وقد أجبرت هذه القبائل على الاعتراف بالسيادة الآشورية ، وقامت بارسال االاتاوة من ذهب وفضة وابل وجميع أنواع الافاوية . ولا شك في ان ذكر السبئيين هنا لافت للانتباه ، والراجح ان ذلك يدل على جاليات يمنية قديمة انتقلت إلى شمال غربي الجزيرة العربية في وقت مبكر خلال ممارستها أعمال التجارة بين الجنوب والشمال . ومن المعروف أنه كانت هناك طريق تجارية تخترق الجزيرة بدءاً من ميناء قنا على البحر العربي ثم تمر شمالاً بشبوة ومأرب وقرناو ونجران ومكة ويثرب ومدائن صالح حتى تيماء ، وتتفرع بعد ذلك إلى فرعين ، فرع يتجه نحو بابل وآخر نحو البتراء وغزة أو البتراء وبصرى . ومع الزمن استقرت على هذا الطريق حاميات وجاليات معينة ، وأسهم ذلك في التزاوج والاختلاط بين عرب الشمال وعرب الجنوب ، وقد أقامت أكبر الجاليات المعينية الجنوبية في واحة العلا شمالي يثرب (4) . ويعود اقدم ذكر لدولة سبأ اليمنية في الكتابات المسمارية إلى عهد الملك الآشوري شلمنصر الثالث ( 824 – 858 ق.م ) ، وذلك في نقش له يؤرخ بسنة 838 ، ويذكر أنه أحضرت جمال وخيول ونباتات عطرية وأحجار نفيسة وغير ذلك من سبأ إلى بلاد آشور (5) . لو تتبعنا النقوش الملكية الآشورية الحديثة سنلحظ بوضوح ازدياد الحديث فيها عن العرب والجزيرة العربية بدءاً من عصر حكم السلالة السرجونية ، وأول ملوكها شرّ كين ( سرجون) الثاني (721 – 705 ق.م ) ، أي من اواخر القرن الثامن ق.م ، ويتزامن ذلك مع ازدياد الدور السياسي للقبائل العربية ، وتحولها إلى قوة يحسب لها حساب لدى ملوك آشور ، ويشمل ذلك بشكل خاص عرب مناطق الحجاز والذين انتشروا من هناك نحو أطراف البادية السورية وبلاد بابل ، ونجد في النقوش الآشورية ذكر للحملات التي قام بها سنجريب واسرحدون في القرن السابع ق.م ضد القبائل العربية في شمال الجزيرة العربية وفي بادية الشام وصولاً إلى دمشق ، واخضاعه عدد من ملوكهم مثل تعل خونو وخزايل ، ثم تتكرر حملات آشور بانيبال ( 668 – 627 ق.م ) ضد قبائل قبدار في بادية الشام . ويتكرر ذلك في عهد نبوخذ نصر ونابيد . لا تحدد المصادر التي بين أيدينا الفترة الزمنية التي هاجرت فيها القبائل العربية إلى سورية . لكن المكتشفات الأثرية ألقت الأضواء على كثرة وجود العرب في سورية ، فالنصوص الكثيرة المنقوشة على صخور البازلت في المنطقة التي يطلق عليها اسم الصفا في الجنوب الشقي من دمشق تشير إلى أن السكان الذين نقشوا تلك النصوص في القرون الميلادية الأولى هو من أصل عربي ، فلغتهم لهجة عربية وكتابتهم تمت إلى الكتابات التي وجدت في جنوب الجزيرة العربية . وأهمية هذا الاكتشاف هو ان علماء الاثار قد تعرفوا على غرب الصفا قبل ان يختلطوا بغيرهم ، فتعرفوا بواسطة هذه النقوش على كتاباتهم وآلهتهم وعاداتهم (6) . كما ان الرأي السائد اليوم بين العلماء ان الانباط عرب كانوا يسكنون بادية الشام الجنوبية منذ القرن السادس قبل الميلاد . وقد استعملوا الآرامية في كتاباتهم ولم يذكرهم الاحباريون ، بدليل ان أسماءهم أسماء عربية خالصة ، وانهم يشاركون العرب في عبادة الأصنام المعروفة عند عرب الحجاز مثل ذي الشرى واللات والعزى ، وانهم رصعوا كتاباتهم الآرامية بكثير من الألفاظ العربية ، وبدليل إطلاق مؤرخي اليونان واللاتين والمؤرخ اليهودي (يوسفوس) كلمة العرب على الأنباط واطلاق اسم العربية الصخرية على أرضهم ، ولو لم يكن الانباط عرباً لما أطلق الكلاسيكيون اسم العرب عليهم ، وما كـانوا لـيدخلوا بلادهم ضمن أجزاء الجزيرة العربية ويجعلونها جزء من اجزائها الثلاثة (7) . أما استخدام الأنباط للآرامية في كتاباتهم فيعود إلى أن الآرامية كانت قد تغلبت قد تغلبت على أكثر لغات الشرق الادنى ، وصارت لغة الكتابة والتدوين والتجارة في هذه المنطقة قبل الميلاد وبعده بقرون . ولا عجب ان يدون الانباط وغيرهم من العرب بالأرامية ، لغة الفكر والثقافة والتجارة ، وان يتكلموا بلغة اخرى هي لغة اللسان . وينطبق على سكان تدمر ما ذكرناه عن الانباط فقد أخذ العنصر العربي يتغلب عليها تدريجياً بدءاً من مطلع الألف الأول قبل الميلاد ، حتى اصبح هذا العنصر في العهد السلوقي هو النواة الثابتة في تدمر والغالبة عليها ، وتلك الجذور المشتركة لمنطقة الشمال الأفريقي أ. حمد أحمد الحاج – الجماهيرية في قراءة للتاريخ ، واهتداء بعلم الحفريات ، واستدعاء للأدلة العلمية تناولت في دراستي الأصل الواحد للهجرات العربية بما فيها الهجرة العربية القبائل البربر لستوطن في الشمال الأفريقي في موجات متتالية . أما بالنسبة لنسبهم فالعديد من المؤرخين يرجحون في نصوصهم أن نسبهم يعود إلي العماليق أو بر بن قبس عيلان أو من نسل كنعان بن حام . وجميعهم انطلقوا من الجزيرة العربية شمالها ( فلسطين) أو جنوبها ( اليمن ). كما ناقشت الدراسة أصل التسمية حيث لا يوجد كلمة بربر كما قررته المصادر العربية ودائرة معارف أو نيفير ساليس ـ أصل عرقي بل تقر بنسبة البربر إلى العرب أصلاً ولغة ، ولم تحدد هويتهم على أسس عرقية بل أكدت انحدار هم من أصل شرقي. وحول عروبة البربر ومحاولة المستعمر في الشمال الأفريقي القفز على هذه الحقيقة للتفريق بين أبناء الأمة الواحدة بعد أن وجد وحدة أباء المغرب الدينية المتمثلة في 98% على مذهب ديني واحد . حيث بدأ يروج لوجود قومية عربية وأخرى بربرية مخالفاً بذلك كل الحقائق التي تدفع هذا الافتراء . وأولى هذه الحقائق - أن النسابة البربر أنفسهم يواصلون القبائل البربرية بأصول عربية سواء في الجزيرة العربية وخاصة بجنوبها أو ببلاد الشام . فالهجرات المتعددة التي قام بها العرب نحو الشمال الأفريقي نتيجة الجفاف الذي لحق بأرض المشرق سجلها المؤرخون المنسبون والشعراء والأدباء حتى من البربر أنفسهم يفتخرون بأصولهم العربية . وقد أوجز ابن خلدون التشابه بين البربر والعرب في بيوتهم وانتقالهم ومعاشهم في البراري ورسم لهم حياة هي نفسها حياة العرب: كما أوجز كذلك التشابه في الأخـلاق ( كما أثبتته الدراسة ) . ومن الغريب مع وجود الكثير من الحقائق التي تقول بعروبة البربر أن نجد من الباحثين الفرنسيين من يبذل جهوداً مدنية لمحاولة اكتشاف علاقة ما ـ ولو ضئيلة ـ بين اللغة البربرية من جهة وبين اللغات الأوروبية القديمة من جهة أخرى : فقد قارنوا البربرية بلغة الباسك ، ولغة البريتون وغيرها من اللغات الأوروبية القديمة ، فلم يجدوا بينهما أي تشابه يذكر . وخلصنا في هذا الباب من خلال الدراسة إلي أن البربر يضربون بجذورهم في الأصل العربي وأنهم من سكان جزيرة العرب ارتحلوا إلي الغرب من الشرق في هجرات متتالية . . كما تناولت الدراسة في قسمها الثاني الأصالة العربية للغة البربرية فالأستاذ العلامة وليم لانفر مؤكد بأن اللغة المصرية القديمة تتصل باللغات السامية ولغات البربر بأصل واحد. ومحررو مادة بربر في دائرة معارف يونيفر ساليس يذهبون الى أن أكثر طريق مؤكد للحقيقة هو نسبة اللغة البربرية إلى أصول حامية ـ سامية التي تجمع في بوتقة واحدة البربرية والمصرية القديمة والكوشية والسامية . وقد استعرضت في الدراسة بعض جوانب الارتباط اللغوي سواء من حيث وزن أفعول الذي جاء على وزنه في اليمن . وأسماء فروع قبيلة خولان باليمن القديم والتي سجلت بالخط المسند وهي أحنون، أعبوس، أحبوس . وكذا استعرضنا أسماء الأماكن التي تؤكد الارتباط بين المغرب العربي الكبير واليمن ولها صيغ أمازيغية واضحة . - في صعيد مصر ابنو ، أسيوط - واخيم وتيما في جبل حوران في سوريا - وتاركم، وأتبار وتيمرايين في السودان - واكسوم في أرتريا - وجزيرة ( أنتوفاش ) في اليمن كما عرضت الدراسة لاسماء القبائل اليمنية المتطابقة مع أسماء القبائل البربرية في منطقة الشمال الأفريقي . - الاشلوح : أسم قرية وقبيلة في اليمن . - الشلوح : تجمع كبير للقبائل البربرية في المغرب الأقصى . - الاكنوس : عشيرة من بني مهاجر في اليمن . - ومكناسة : في المغرب . كما تطرقنا إلى السمات والخصائص المشتركة بين البربرية والعربية . . بما يجعل الباحث يطمئن إلى أن البربرية لهجة قديمة انفصلت منذ القدم عن اللغة الام وأثرت فيها عوامل الزمن والمسافة والصحاري الشاسعة وعد استقرار أهلها . كل هذه العوامل مجتمعة أثرت تأثيراً كبيراً في جعل هذه اللهجة تأخذ طابعاً خاصاً عند العامة . ولكنها عند الخاصة هي لهجة انفصلت عن العائلة ( الام ) منذ القدم كالمهرية في اليمن وغيرها من اللهجات التي لم تجد قدرة على مواجهة ظروف الحياة أو لم تخلدها أو تنتصف لها الآداب أو لغير ذلك من أسباب .. وإن كانت هناك من توصيات تدفع أعمال هذا المؤتمر إلى الإمام فإننا نوصي بانتشاء مركز بحثي بفروعه ولجانه العلمية يكون من أبرز مهامه : - مناقشة الحقائق التاريخية للتثبت منها وحسم الخلاف حولها وتوثيقها في المجالات التالية : 1. الأصول والهجرات في ضوء نتائج الحفريات والآثار . 2. البعد التاريخي للغة العربية ولهجاتها القديمة وعلاقتها بالأسر اللغوية . الهجرات اليمنية إلى العراق والشام ومصر قـــبل الإسلام د. محمد سعيد شكري – اليمن لا ريب أن موضوع الهجرة اليمنية شمالاً قبل الاسلام ، بعد واحداً من أهم المواضيع التي شغلت وتشغل العديد من الباحثين والمهتمين قديماً وحديثاً بسبب التأثير المباشر لهذه الهجرة في صياغة جلة من الثوابت في تاريخ وطننا العربي وأمتنا العربية . لقد شغل جزء من وطننا العربي – الجزيرة العربية – في حقبة تاريخية معينة دوراً مؤثراً في الهجرة السامية عامة والعربية منها خاصة ، ويحد الجزيرة العربية شمالاً صحراء يطلق عليها بادية الشام أو الصحراء السورية ، اعتبرت جزء مكملاً للجزيرة العربية ، وخزاناً بشرياً يفيض إلى ما حوله في سورية والعراق ومصر . كما تعد شبه الجزيرة سيناء جزءً من الجزيرة العربية ، معها صحراء مصر الشرقية بين وادي النيل والبحر الحمر . وإضافة إلى ما سبق فإن اليمن وافريقية كانتا ملتصقتين في فترة جيولوجية متأخرة نسبياً ، مما جعل البحر الأحمر في فترة من فترات العلاقات اليمنية الأفريقية القديمة ، بحيرة داخلية ، ويعطي ذلك انطباعاً على سهولة الحركة المتبادلة بشرياً واقتصادياً . ويعطي البحث أهمية للهجرة اليمنية إلى العراق والشام ومصر قبل الإسلام للاسباب التالية : 1- الدور التواجدي للعرب في هذه المنطقة العربية ، في فترة ضعف للنظام السياسي العربي قبل الاسلام . 2- هذا الوجود العربي يعطي استمرارية للهوية العربية للمنطقة قبل الإسلام . 3- خلق حزمة من المعاني الروحية والفكرية والثقافية والحضارية العربية ، ساعدت الفتح الاسلامي لاحقاً على سرعة الانتشار . 4- الدور الاقتصادي الواضح في اقتصاديات العراق والشام ومصر . 5- الدور السياسي الواضح في حيرة المناذرة ، وسورية وقضاعة وغسان قبل الاسلام . هذا وقد تطرق البحث إلى : أولاً : عوامل وأسبتب الهجرة اليمنية قبل الاسلام ( انهيار سد مأرب ، وعوامل طبيعية أخرى ، والصراعات القبلية والعشائرية ، وتدهور تجارة اليمن ، وعوامل الجذب في المناطق المهاجر إليها ، والضعف السياسي للدولة الحميرية ). ثانياً : نبذة مختصرة عن أنساب القبائل اليمنية المهاجرة إلى العراق والشام ومصر قبل الاسلام . ثالثاً : دراسة مهاجرة ومساكن القبائل اليمنية في الاراضي العربية الجديدة : أ. العشائر والقبائل المهاجرة إلى العراق ، ودورها السياسي والاجتماعي ، خاصة حلف تنوخ القبلي القبلي ، الذي أسس دولة المناذرة في الحيرة . ب. العشائر والقبائل المهاجرة إلى الشام والدور السياسي والاجتماعي فيها ، خاصة قضاعة وغسان ملوك سورية الجنوبية قبل الإسلام . ج. العشائر والقبائل المهاجرة إلى مصر . د. العشائر والقبائل اليمنية المهاجرة إلى وسط وشمال الجزيرة العربية . وتطرق البحث إلى دور هذه القبائل اليمنية المهاجرة قبل الإسلام في الفتوحات الإسلامية لاحقاً . رابعاً : درس البحث القبائل اليمنية المهاجرة قبل الاسلام وهي : أ‌. القبائل التي تنتسب إلى حمير ، وأهمها قضاعة وعشائرها . ب‌. القبائل التي تنتسب إلى مالك بين زيد بن كهلان . ت‌. القبائل التي تنتسب إلى عريب بن زيد بن كهلان . العلاقة بين اللغة الليبية القديمة(الأمازيغية)ولغات الشرق الأدنى القديم: د. محمد علي عيسى – الجماهيرية اصطلح الكثير من باحثي التاريخ القديم على تسمية منطقة المغرب العربي باسم المغرب القديم ، وذلك تسهيلاً لدراسة هذه المنطقة خلال عصورها التاريخية القديمة . والجدير بالذكر أن العلامة عبد الرحمن ابن خلدون في كتابه العبر وديوان المبتدأ والخبر ، قد أطلق هذا الاسم على هذه المنطقة منذ أكثر من سبعة قرون مضت . هذا من جهة ، ومن جهة أخرى أطلق المؤرخ اليوناني(هيرودوت)على نفس المنطقة السالفة الذكر اسم ليبيا وعلى السكان أسم الليبيون. وبالتالي فإن ليبيا والليبيون القدماء هي نفسها المغرب القديم وسكان المغرب القديم . ومن خلال النتائج التي تم التوصل اليها من المعطيات الأثرية والأنثروبولوجية ، تم التأكيد على أن الليبيين القدماء ، الذين حلوا بمنطقة المغرب القديم منذ عصور ما قبل التاريخ كانوا عبارة عن هجرات قدمت من مناطق شبه الجزيرة العربية وبلاد الشام ومنطقة ما بين النهرين ، وهو الأمر الذي جعل اللغة الليبية القديمة(الأمازيغية)جزءاً من ذلك الواقع اللغوي لتلك المناطق التي اصطلح العلماء على تسميتها خطأ بالسامية ، وهو ما فضلنا تسميتها بالعربية القديمة ، ولذلك فاللغة الليبية القديمة هي جزء من تلك المجموعة اللغوية العربية العريقة في القدم. وقد أشار إلى ذلك الكثير من الباحثين المرموقين ، وعلى رأسهم الألماني (روسلر) . وكان للهجرات التي خرجت من شبه الجزيرة العربية الدور البارز في تكوّن الممالك والإمبراطوريات في مناطق ما بين النهرين والشام ووادي النيل وشمال افريقيا ، ولم تكن هذه الهجرات السبب المباشر في تكوّن تلك الجماعات السكانية التي كونت تلك الإمبراطوريات والممالك فحسب ، بل كانت السبب المباشر في ظهور اللغات واللهجات الكثيرة التي اصطلح العلماء على تسميتها فيما بعد باسم اللغات الساميةوالحامية . ومن أبرز تلك اللغات التي ظهرت بتلك المناطق اللغة الأكادية التي تفرعت عنها البابلية والأشورية ، واللغة الآرامية التي تفرعت عنها السريانية والنبطية والتدمرية ، واللغة الكنعانية التي تفرعت عنها الأوغاريتية والعبرية والمؤابية والأدومية والقرطاجية ، واللغة العربية الجنوبية التي تكوّنت من اللغات المعينية والسبئية والحضرمية والقتبانية والتي تفرعت عنها الأثيوبية (الجعزية والتيجرينية والأمهرية والهررية) ، ولغات شمال شبه الجزيرة العربية التي تتكون من الثمودية واللحيانية والصفوية والعربية الفصحى. وقد نتج عن تلك الهجرات أيضاً ظهور اللغة المصرية القديمة (الهيروغليفية) في منطقة وادي النيل واللغة الليبية القديمة(الأمازيغية)فى منطقة المغرب القديم . وقد اتفق معظم الباحثين على إرجاع كل هذه اللغات إلى لغة أساسية أُولى أُطلق عليها اسم اللغة السامية الأم ، وهي بالتأكيد اللغة العربية القديمة ، التي كانت لغة المجموعات المهاجرة من شبه الجزيرة العربية ، والتي بدأت في الوصول إلي تلك المناطق منذ عصور ما قبل التاريخ . ولهذا السبب نجد آثار هذه الوحدة اللغوية ظاهرة بكل وضوح على كل تلك المجموعات السالفة الذكر من خلال وحدة الثقافة والتفكير العقلي المتقارب . العلاقة بين اللغة الليبية القديمة(الأمازيغية)واللغة الآكادية تنسب اللغة الأكادية إلى الأكاديين الذين وصلوا منطقة ما بين النهرين عن طريق هجرات جاءت من شمال شبه الجزيرة العربية ، وكان ذلك منذ بداية الألف الثالثة قبل الميلاد . إن عملية مقارنة اللغة الأكادية باللغة الليبية القديمة(الأمازيغية)يثير الكثير من الدهشة لدى المشككين في انتماء الليبيين القدماء لمناطق شبه الجزيرة العربية والشام وبلاد الرافدين ، بسبب التشابه الكبير بين اللغتين الليبية والأكادية ، رغم وقوع الأكادية في أقصى شرق الوطن العربي ، ووقوع اللغة الليبية القديمة في أقصى غرب هذا الوطن ، ويبدو ذلك التشابه واضحاً من خلال اشتراكهما في مراحل تطورهما من خلال ما يطلق عليه اللغة السامية ، ونجد اللغة الليبية القديمة تتشابه مع اللغة الأكادية في المجالات الصوتية والصرفية والمفرداتية . وقد أشار العلامة الألماني (روسلر) أن اللغة الليبية القديمة تلتقي مع اللغة الأكادية في عدد كبير من الجذور، وهو ما يؤكد وحدة الأصل ، والقرابة المعجمية بين اللغتين ، وقد كانت اللغة الليبية القديمة لا تميز بين المعرفة والنكرة ، حيث لا توجد بها أداة للتعريف شأنها في ذلك شأن اللغة الأكادية. العلاقة بين اللغة الليبية القديمة واللغة المصرية القديمة (الهيروغليفية) يؤكد الكثير من الباحثين اللغويين بأن اللغة المصرية القديمة (الهيروغليفية) ذات صلة أكيدة بما يسمى اللغة السامية الأم . ولقد تأكد حديثاً ، لمعظم الباحثين بما لا يدع مجالاً للشك بوجود تجانس داخلي بين المجموعات اللغوية المصرية القديمة والليبية القديمة والكوشية والتشادية ، وهو الأمر الذي يسمح لهؤلاء العلماء بمقابلة هذه المجموعات بالمجموعات المعروفة باسم السامية ، ولذلك نجد الكثير من العلماء وعلى راسم (روسلر) يلحقون هذه اللغات القديمة مباشرة بما أصطلح عليه بالمجموعة السامية ، ولذلك فاللغة الليبية القديمة سامية مثلها مثل فروع السامية المتواجدة في شبه الجزيرة العربية والشام وبلاد الرافدين ووادي النيل وشرق افريقي. وبالتالي عندما يقول يغض العلماء عن المصرية القديمة بأن جذورها القديمة أفريقية ، فإتهم يعنون بدون شك تلك الجذور التي قدمت من الصحراء الكبرى ، عندما بدأ السكان يغادرونها نحو الشمال والشمال الشرقي بسبب الجفاف الذي بدأ يحل بالمنطقة . وقد تعرفنا أن سكان الصحراء الكبرى جاءوا بكل ثقافاتهم ومعتقداتهم من شبه الجزيرة العربية والشام ، وبالتالي فإن اللغة المصرية القديمة واللغة الليبية القديمة ، تأثرت بمؤثرات سامية قادمة من الشرق ، سواء مباشرة ، أو بعد وصول هذه المؤثرات إلى الصحراء الكبرى ، وانتقالها فيما بعد نحو وادي النيل والشمال بصفة عامة . ومما يؤكد انتماء اللغتين الليبية القديمة والمصرية القديمة إلى ما يعرف باللغة السامية (العربية القديمة) ، ما يورده (أوريك بيتس) في كتابه القيًم الليبيون الشرقيون ، حين يؤكد أن اللغة المصرية القديمة سامية في طبيعة أفعالها ، وهي تشترك مع اللغة الليبية القديمة في العديد من الملامح . ويبدو ذلك واضحاً من خلال عمل مقارنة بين المفردات المصرية القديمة والليبية القديمة حيث يبدو واضحاً أن في اللغتين عدداً من الكلمات الأصلية البدائية المشتركة " . العلاقة بين اللغة الليبية القديمة واللغة الكنعانية يؤكد الكثير من المؤرخين على التأثير اللغوي الكنعاني على اللغة الليبية القديمة. وهذا ليس جديداً ، لأن الكنعانيين هم الذين علموا معظم شعوب العالم الأبجدية ، ويرى بعض الباحثين أن سكان المغرب القديم أقبلوا على اللغة الكنعانية ، عندما وجدوا ما فيها من قرابة مع اللغة التي يتخاطبون بها ، وذلك بسبب التواصل العرقي بينهم وبين الكنعانيين . ويؤكد هذه الحقيقة المؤرخ البيزنطي (بروكوبيوس القيصري) في القرن السادس الميلادي ، حين يقول " لقد وجد الفينيقيون الذين هاجروا بصحبة (ديدون) عليسة ، بين المستوطنين القدماء جماعات من بني جنسهم ، لذلك أسسوا قرطاجة بإذن منهم ". وهذا الأمر أدى فيما بعد كما يشير الكثير من الكتاب الكلاسيكيون وعلى رأسهم (ديودوروس الصقلي) و(استرابون) و(بلينى الأكبر) ، إلى تكون مجموعات سكانية جديدة كانت مزيجاً بين السكان الأوائل والمهاجرين الذين قدموا صحبة عليسة ، فنتج عنه ما يطلق عليه أولئك الكتاب اسم " الليبيون-الفينيقيون". ولهذه الأسباب مجتمعة جاءت أبجديتهم تحتوي على الكثير من حروف لغات الشرق الأدنى القديم . ويُعتقد أن الملك مسنسن (ماسينيسا) هو الذي كان وراء ظهور أبجدية ليبية على نمط الحروف الهجائية الكنعانية . العلاقة بين اللغة الليبية القديمة ولغات جنوب شبه الجزيرة العربية إستطعنا التعرف على لغات جنوب شبه الجزيرة العربية من خلال النقوش الكثيرة ، التي عرف منها حتى الآن أكثر من عشرة الآف نقش ، وهذه اللغات هي لغات عربية ، ولكنها غير العربية الفصحى المعروفة لدينا الآن ، وقد كُتبت تلك النقوش بخط المُسند ، الذي يتألف من 29 حرفاً أبجدياً أي بزيادة حرف واحد عن الأبجدية العربية الفصحى ، وحسب أشهر الآراء تنتمي هذه الأبجدية إلى الخط الكنعاني . إن وجود علاقات وطيدة بين اللغة الليبية القديمة واللغات العربية القديمة كالأكادية والمصرية القديمة والكنعانية ، يجعلنا نتأكد من وجود علاقة مشابهة بين الليبية القديمة ولغات جنوب شبه الجزيرة العربية ، وهو أمر طبيعي لأن جنوب شبه الجزيرة العربية ينظر إليها معظم الباحثين على اعتبارها مصدراً قوياً لهجرات قديمة ومتعاقبة قدمت إلى منطقة المغرب القديم منذ عصور ما قبل التاريخ وطيلة العصور القديمة والوسطى . وفي سبيل الوصول إلى معلومات حول هذا الموضوع قمت بزيارتين علميتين إلى اليمن خلال عامي 1997 و2001 إفرنجي . وقد توصلت من خلال هاتين الزيارتين إلى وجود تشابه كبير بين اليمن ومنطقة المغرب القديم في الكثير من مظاهر الحياة الإجتماعية والثقافية والمعمارية ، ورغم أن المعلومات التى توصلت إليها خلال هاتين الزيارتين في مجال تشابه لغات جنوب شبه الجزيرة العربية واللغة الليبية القديمة كانت محدودة ، فإنها كانت ذات أهمية كبيرة لإثبات تلك الأواصر العريقة في القدم بين سكان المنطقتين ، ولإثبات ذلك سنتابع بعض القواعد النحوية والمقارنات اللغوية بين اللغتين . 1- تتميز اللغة السبئية وملحقاتها بأداة عبارة عن حرف النون يلحق عادة بآخر الكلمات ، تسمى النون الحميرية ، وهي مثل أداة التعريف في اللغة العربية الفصحى . وفي اللغة الليبية القديمة اسماء قبائل تنتهي بحروف النون وهي بمثابة (ال) التعريف الذي هجر في عصور لاحقة مثل : بنو درجين وبنو ورتاجن وبنو مراسن وغيرهم . 2- توجد في لغات جنوب شبه الجزيرة العربية أسماء كثيرة صيغت على وزن الأفعول مثل:الأيفوع والأيزون والأوسون والأحروث والأهيون. وهذه الاسماء أصيلة في جنوب شبه الجزيرة العربية . ومما لا شك فيه أن وجود صيغ مشابهة كأمقون وأزمور وأصفود وأمرود وأعروس وأرفود وأمروث وأفروخ ، في منطقة المغرب القديم ، وشرق إفريقيا كان نتيجة لانتقال مؤثرات ثقافية إلى تلك المناطق. 3- تتشابه اللغة الليبية القديمة مع لغات جنوب شبه الجزيرة العربية في تأنيث بعض الكلمات . ونجد أمثلة كثيرة تؤيد ذلك في لغة النقوش بجنوب شبه الجزيرة العربية ، فيكتبون تهامت بدل تهامة وربيعت بدل ربيعة وحبشت بدل حبشة ويمنت بدل يمن وهكذا . وفي الليبية القديمة إلى الآن يصوغون الكلمات المؤنثة بتاء مفتوحة بدل تاء مربوطة مثل تيارت وهو اسم مكان وتوات وهي اسم قبيلة وتاهرت وهي اسم مدينة . ويبدو واضحاً من خلال مقارنة هذه الأسماء وجود تشابه في الصورة اللفظية العامة في اللغتين . 4- ومما يؤيد العلاقة الوطيدة بين اللغة الليبية القديمة ولغات جنوب شبه الجزيرة العربية ، التقارب الشديد بين اللغة الليبية القديمة وما يطلق عليه اليوم اسم لغات جنوب شبه الجزيرة الحديثة مثل : اللغة المهرية واللغة الشحرية واللغة السوقطرية ويبدو هذا التقارب واضحاً من خلال أن المجموعتين الليبية واليمنية قديمة قدم التاريخ وما زالت حية إلى الآن . وبالفعل رغم اختلاف المجموعتين اللغويتين في شكلهما العام ، فإننا استطعنا من خلال مقابلة بعض السكان السقطريين والمهرة ، التعرف على وجود بعض التشارك في بعض القواعد اللغوية ، وبعض المفردات ، ففي مجال القواعد النحوية . وتستعمل لغات جنوب شبه الجزيرة العربية قديماً ، وسكان المهرة في العصر الحديث ، للتمييز بين المذكر والمؤنت التاء في آخر الكلمة ، وهي الميزة الغالبة للغة الليبية القديمة ، أما فيما يخص تشابه المفردات اللغوية بين المنطقتين ، فاستطعنا التعرف على بعض هذه المفردات من خلال مقابلات مع بعض الأشخاص لفترة وجيزة ، توصلنا إلى تشابه تام في بعض المفردات . فكلمة يكّس تعني في الشحرية وجد أو أخذ ، وكلمة يكّس نفسها في اللغة الليبية القديمة تعني أخذ أو انتزع ، وكلمة سكف تعني في الشحرية شرب ، وكلمة سكف نفسها تعني في اللغة الليبة القديمة رشف ، وهي من مرادفات كلمة سوا (شرب) . 5- وأخيراَ مما يؤيد وجود علاقة وطيدة بين اللغة الليبية القديمة ولغات جنوب شبه الجزيرة العربية ، اقتباس الأبجدية الليبية الكثير من حروفها من خلال أبجدية لغات شبه الجزيرة العربية ، ولقد كان ذلك يتم أحياناً باقتباس الحرف بشكله وقيمته الصوتية ، مثل : حروف التاء والشين والجيم والسين ، وهي طبق الأصل في اللغتين ، واحياناً أخرى يتم الاقتباس بإعطاء الحرف قيمة صوتية مخالفة للحرف المُقتبس ، مثل: حرف الباء الذي أخذ شكل حرف العين ، وحرف الدال الذي أخذ شكل الباء ، وحرف الحاء الذي أخذ شكل الهاء . العلاقة بين اللغة الليبية القديمة واللغة الآرامية اللغة الآرامية هي إحدى اللغات العربية القديمة ، التي اصطلح على تسميتها بالسامية، ومن حيث المصطلحات اللغوية ، هي قريبة من اللغتين الكنعانية والعبرية ، ولكنها أكثر قرباً للغة العربية الفصحى ، حيث تشترك معها في مصطلحات لغوية والفاظ مشتركة ، ويرى البعض بأن اللغة العربية الفصحى ورثت نفس الحروف الصوتية ، التي تستعملها اللغة الآرامية . ومما لا شك فيه أن اللغة الليبية القديمة قد اقتبست من اللغة الآرامية العديد من حروف أبجديتها ، فمثلاً نجد الحروف التاء والدال والشين والكاف والياء تتشابه في اللغتين الليبية القديمة والآرامية، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على الأصل المشترك الذي انفصلت منه اللغتان فى العهود القديمة وهي اللغة العربية الأم . العلاقة بين اللغة الليبية القديمة ولغات شمال شبه الجزيرة العربية من بين اللغات العربية القديمة بشمال شبه الجزيرة العربية ، التي عثر لها على نقوش كثيرة الثمودية واللحيانية والصفوية والنبطية . لقد كتبت اللغات الثلاث الأولى بالخط المسند ، في حين كتبت اللغة الرابعة بالخط الآرامي . ومما يؤيد وجود علاقة وطيدة بين اللغة الليبية القديمة ولغات شمال شبه الجزيرة العربية ، اقتباس الأبجدية الليبية الكثير من حروفها من خلال أبجدية اللغات الثمودية واللحيانية والصفوية والنبطية ، فمثلاً نجد حرفىّ الكاف والسين يتشابهان في اللغتين الليبية القديمة ولغة النقوش النبطية ، ونجد حروف السين والشين والتاء والطاء تتشابه أيضاً فى اللغتين الليبية القديمة ولغة النقوش الصفوية ، ونجد نفس الحروف السابقة تتشابه أيضاً في اللغة الليبية القديمة ولغة النقوش اللحيانية ، ونجد حروف التاء والشين والطاء تتشابه أيضاً في اللغة الليبية القديمة ولغة النقوش الثمودية . العلاقة بين اللغة الليبية القديمة واللغة العربية الفصحى تشترك كما سبقت الإشارة اللغات المصرية القديمة (الهيروغليفية) والسامية الأم والليبية القديمة والكوشية والتشادية في اصطلاح يعرف باسم المجموعة الحامية-السامية أو المجموعة الأفرو آسيوية . وقد ثبت من خلال الدراسات المختلفة أن اللغة العربية الفصحى ، هي أقرب اللغات السامية إلى الخصائص الصوتية والمعجمية لما يطلق عليه اسم السامية الأم . ومن الأدلة التى تثبت أن اللغة الليبية القديمة واللغة العربية الفصحى أخذت قواعدها النحوية من لغة عربية سابقة حالة التأنيث ، التي يكون عليها الفعل الماضي والمضارع مع المفردة الغائبة ، حيث تؤنث هاتان الحالتان بإضافة التاء للمفرد الغائب ، فنقول في العربية سكت للمذكر وسكتت للمؤنث ، ويسكت للمذكر وتسكت للمؤنث ، وكذلك في اللغة الليبية القديمة نقول يسُوسَم (سكت) للمذكر وتسُوسَم (سكتت) للمؤنث ، يسوسُوم (يسكت) للمذكر وتسُوسُوم (تسكت) للمؤنث . ويبدو واضحاً من خلال هذه الحالات أن الفعل سواء كان ماضياً أو مضارعاً ، عندما تضاف إلى آخره التاء يتحول إلى حالة المؤنث ، لأن التاء المضافة إلى الفعل تدل على علامة التأنيث . وفي هذا الصدد يوجد بين الباحثين من يرى بأن التاء ضمير مفرد مؤنث للغائبة ، والياء ضمير مفرد مذكر للغائب ، وفي هذا إقرار كما يرى بعض الباحثين بأن التاء للتأنيث والياء للتذكير، وهو ما يشير إلى قرابة بين اللغات العربية القديمة عامة ، وعلى وجه الخصوص إلى قرابة بين اللغتين الليبية القديمة والعربية الفصحى . ومن الوسائل المستعملة في اللغات العربية القديمة بما في ذلك اللغة الليبية القديمة، واللغة العربية الفصحى التأنيث ، وهي عملية التمييز بين المذكر والمؤنث باستعمال التاء أو الثاء ، والجدير بالذكر أن تحويل المذكر إلى المؤنث يتم في اللغة العربية الفصحى بإضافة تاء مربوطة إلى آخر الكلمة المذكرة فتصبح مؤنثة. ونجد مثالاً على ذلك كلمات كثيرة في لغات جنوب شبه الجزيرة العربية القديمة ، مثل كلمات تهامت وربيعت وحبشت وكندت ويمنت ، وهي نفس الطريقة في عملية التأنيث التى تتبع في اللغة الليبية القديمة . والغريب في الأمر أن عملية التأنيث بإضافة حرف التاء إلى آخر الكلمة مازالت موجودة حتى الآن في المهرة باليمن ، ومن خلال كلمات أخذتها بناء على مقابلات بسيطة مع بعض سكان المهرة وضحت لنا عملية التأنيث بإضافة تاء مفتوحة في نهاية الكلمة ، ورغم أن الكلمات التي أوردتها هنا ذات أصل عربي فصيح فإنها وضحت لنا هذه القاعدة الموجودة لدى المهرة منذ أقدم العصور حتى الآن ، فكلمة خيمة تتحول عند المهرة إلى خيمت وكلمة لحية تتحول عند المهرة إلى لحيت وكلمة نخلة تتحول عند المهرة الى نخلت ، ونجد الأمر نفسه لو طلبنا اليوم من أحد سكان المغرب العربي الناطقين باللغة الليبية القديمة تحويل نفس الكلمات السابقة إلى الليبية القديمة لحولها حرفياً كما حولها سكان المهرة ، ماذا يعني هذا ؟ هل أخذ المهرة هذه الطريقة في التأنيث من الليبين القدماء أم العكس هو الصحيح ؟ بالطبع ليس هذا وليس ذاك ، لأن هذه الطريقة من التأنيث قديمة قدم التاريخ ، وهي في الأصل موجودة في كل اللغات العربية القديمة ، ومعروف أن لغة المهرة واللغة الليبية القديمة من اللغات القديمة التي انحدرت من لغة عربية أُم ، وقد حافظت اللغتان على أصالتهما منذ أقدم العصور حتى الوقت الحاضر ، ولم يقتصر وجود طريقة التأنيث بالتاء المفتوحة في اللغة الليبية القديمة ، وفي لغات جنوب شبه الجزيرة العربية فقط ، بل إنها موجودة حتى فى الرسم القرآني ، حيث جاءت بعض الكلمات بالتاء المفتوحة مع أنها مربوطة مثل : كلمتي امرأة ورحمة كما نجد في الآيات القرآنية الآتية :"وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ" ."ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَتَ نُوحٍ وَاِمْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ"."إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أُوْلَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللّهِ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ" . ونجد في الكتابات البردية التي كتبت باللغة العربية الفصحى في بداية الفتح العربي الإسلامي ، كلمات عربية مؤنثة كان من المفروض أن تكتب بتاء مربوطة ولكنها كتبت بتاء مفتوحة ، مثل كلمة سنة كتبت على شكل سنت وكلمة امرأة كتبت على شكل امرات وكلمة ابنة كتبت على شكل ابنت وكلمة المسماة كتبت على شكل المسمات ، وهذا الأمر يدل على الترابط اللغوي بين اللغة الليبية القديمة والواقع اللغوي القديم للمنطقة العربية بكاملها . تمتاز اللغة العربية الفصحى بظاهرة كثرة جموع المذكر السالم وجموع التكسير ، وهذه الخاصية تعد من مميزات اللغات العربية القديمة كافة ، ومن خلال دراسة اللغة الليبية القديمة ، بما في ذلك اللهجات الحديثة اتضح أنها تمتاز هى الأخرى بمعظم هذه الجموع ، ويعتبر جمع المذكر السالم في اللغة العربية الفصحى جمعاً قياسياً له صيغتان،حيث تنتهي بالواو والنون في حالة الرفع ، وبالياء والنون في حالتي النصب والجر ، ويكون أساساً للعاقل ، ويمكن أن نلاحظ في اللغة الليبية القديمة هذه الطريقة من الجمع ولكنها لم تكن متطورة كما هي في اللغة العربية الفصحى ، ولاتزال اللغة الليبية القديمة تحتفظ بها رغم قدمها ، ونجد أمثلة كثيرة في هذه اللغة تأخذ نفس الطريقة السابقة فكلمة إيخف (رأس) يجمع إيخفاون ، وكلمة تالغمت (ناقة) تجمع تيلغمين ، ونجد في اللغة العربية الفصحى بقايا من هذه الظاهرة ، حيث جمعت بعض الكلمات بطريقة جمع المذكر السالم ، وأحياناً جمع تكسير ، وغالبية هذه الكلمات لغير العاقل مثل : أهل تجمع أهلون وأهلين واهال ، وعالم تجمع عالمين وعالمون وعوالم ، وأرض تجمع أرضون وأرضين وآراض ، وسنة تجمع سنون وسنين وسنوات ، ويعتبر جمع التكسير من أكثر الجموع أصالة في اللغة العربية الفصحى . وفي اللغة الليبية القديمة نجد هذا الجمع يفوق في كثرته اللغة العربية الفصحى لكونه الجمع الأساسي ، ويلاحظ أن جمع التكسير في اللغة الليبية القديمة جرى على نفس النمط الذي جرى عليه في اللغة العربية الفصحى فيما بعد . وتتشابه اللغة الليبية القديمة مع اللغة العربية الفصحى في جموع الكثرة ، التي تنتهي بألف ونون ، فنجد في اللغة العربية الفصحى بعض الأسماء تجمع على هذه الطريقة فغلام يجمع غلمان وجرد يجمع جردان وحوت يجمع حيتان وتاج يجمع تيجان ، واللغة الليبية القديمة مازالت الى الآن تتبع نفس الطريقة من الجمع فكلمة ألغم (جمل) يجمع إلغمان ، وكلمة إيزى (ذبابة) تجمع إيزان ، وكلمة إيتري (نجم) يجمع إيتران ، وكلمة آس (يوم) يجمع أُسان ، ويبدو واضحاً أن جموع التكسير في اللغة الليبية القديمة من أقدم الجموع التي عرفتها اللغات العربية القديمة ، وهو في الأساس جمع غير قياسي يتماشى وجوده مع طبيعة الفترة الأولى لتكون اللغة وما فيها من اضطراب وتداخل في الظواهر اللغوية . لم تشمل تلك الصلة بين اللغة الليبية القديمة واللغة العربية الفصحى في إشتراك اللغتين في التراكيب اللغوية والقواعد النحوية والطريقة الإشتقاقية فقط ، بل شملت بالإضافة إلى ذلك المفردات اللغوية التي كانت كثيرة لا يمكن حصرها . وأعرض هنا بعض الكلمات باللغة الليبية القديمة ، وما يقابلها باللغة العربية الفصحى . - يطس (نام) طس الشيء في الماء إذا غطسه ، والنوم فيه معنى الغطس في اللاوعي . - يرول (هرب) : وكلمة هرول العربية قريبة جداً من كلمة إروال الليبية القديمة. - يكّر(قام) وكر الظبي : وتب. -يدجال (حلف) من جل جلاله ، والحلف عادة يكون بالله. -يسغى (اشترى) : سوغ الشئ جعله مباحاً حلالاً ، تملك الشئ. -ألغم (الجمل) : اللغام : زبد أفواه الإبل . -إغيد (الجدي) : الغيدان من الشباب أوله. -يكّس (ينزع أو خلع) : وكس الشيء : نقّصه فلاناً : وبخه ، وكس ماله أنقصه. -تامطوت (المرأة) أصلها عربي ومعناها الكائن الذي يحيض . والطمث في العربية معناها الحيض . ويقال في العربية المرأة الطامث . -أرقاز(الرجل) وهي عربية معناها ركز شيئاً في شيء ، أقره وأثبته ، والرجل هو ركيزة البيت . -أمان (الماء) ومان = الماء في لغة قبيلة شمر بشبه الجزيرة العربية ، وهي عربية واضحة. إيفير(طار) جاءت من العربية أفر يفر وفر يفر . وهي تعني الطيران أو العدو والوثب استعداداً للطيران . -إيفسّر (نشر الشئ ضد طواه) جاءت من العربية فسّر وأوضح. -أنزار (المطر) وفي العربية النصرة = المطرة التامة ، نصر الغيث الأرض=سقاها، ونجد الكثير من الكلمات تنقلب فيها الصاد زاياًمثل رصين : رزين. -أملال (الأبيض) المؤلل الناصع اللون ، مؤلل الوجه حسنه. -يُزُوم أُزوم ( صام الصيام) في هذه الكلمة انقلبت الصاد زاياً ، وأيضاً في العربية الأزم الحمية والإمساك عن الطعام . -أوال (الكلام) وهو التأويل،ومن المعروف أن المصدر في فعّل(بتضعيف العين)كثيراً ما يقوم مقامه اسم المصدر:سلام في سلّم،وكلام في كلّم،وطلاق في طلّق،وزواج في زوّج،وواوال في اوّل. -أُودم (الوجه من الإنسان ومن كل شئ) وفي العربية الأديم وجه الشئ.وهو مدلول موحد في اللغتين،إلا أنه أكثر تعميماً في اللغة الليبية القديمة. -إيلس (اللسان) . وواضح القرابة بين إيلس جمعها إيلساون واللسان. -إيخف (الرأس) وقريبة من هذه الكلمة ، كلمة عربية أخرى وهي اليافوخ وهو الرأس ايضاً ، والذي يبدأ من ملتقى عظم مقدم الرأس الى مؤخره . -إيدامن (الدم) . ويمّت وتمّت (مات وماتت) ، والكلمتان عريقتان في عروبتهما، وترجعان إلى بداية ظهور اللغة العربية الأم في شبه الجزيرة العربية ، وتصادفنا هاتان الكلمتان طبق الأصل في اللغات العربية القديمة الأخرى كالأكادية والمصرية القديمة . رغم أن اللغة الليبية القديمة قريبة الصلة باللغة العربية الفصحى ، فإنه عند تعسر مكافأة هذه اللغة باللغة العربية الفصحى ، نجد هذه المكافأة واضحة تمام الوضوح مع اللغات العربية القديمة الأخرى كالأكادية والمصرية القديمة والكنعانية والسبئية ، وذلك من خلال ما خلفته لنا هذه اللغات من نقوش وألواح طينية مكتوبة، وهو ما يؤكد على الصلة المؤغلة في القدم بين مشرق الوطن العربي ومغربه. وبناء على كل ما تقدم نستطيع أن نطرح السؤال التالي : هل اللغة الليبية القديمة لغة عربية قديمة ؟ الإجابة نعم ، لأن كل القرائن تدل على أن اللغة الليبية القديمة مثلها مثل اللغات العربية القديمة الأخرى تفرعت عن لغة عربية قديمة أُم، وقد ظهرت هذه اللغات العربية القديمة بشبه الجزيرة العربية منذ أقدم العصور الموغلة في القدم ، حيث كانت المنطقة تزخر بالعديد من اللغات واللهجات ، ويبدو واضحاً أن السبب في هذا التعدد ، يرجع إلى انقسام القبائل وتوزعها إلى فروع كثيرة . وقد كان لمعيشة هذه القبائل والفروع البعيدة عن بعضها البعض ، بحكم العزلة والهجرة الى مناطق نائية السبب المباشر في إختلافات لغوية ، وظهور لهجات جديدة تكون غير مفهومة لغير المتكلمين بها. ومما لا شك فيه أن تلك اللغات كانت تختلف عن لغة القرآن الكريم ، لدرجة أن أحداً لو قرأ نصاً بهذه اللغات عجز عن فهمه ، وظن أنه يقرأ لغة من لغات الأعاجم ، ولكن هؤلاء وإن اختلفت لغاتهم فإنهم عرب فكل لغات العرب هي عربية وإن اختلفت وتباينت ، وما اللغة التي نزل بها القرآن الكريم ، إلا إحدى تلك اللغات الكثيرة ، وقد شُرفت بفضل نزول القرآن بها وأصبحت اللغة العربية الفصحى ، ولذلك فالكتابات التي دُونت في مناطق جنوب شبه الجزيرة العربية وشمالها ، وبعض المناطق الأخرى ، هي كتابات عربية ، وإن اختلفت عن عربيتنا . وتوجد لغات عربية أخرى مجهولة ، وقد جهلها العرب لأنهم بادوا قبل الإسلام ، أو لأنهم عاشوا في بقاع منعزلة نائية ، ولذلك لا نستطيع أن ننكر على الأقوام العربية المنسية عروبتها ، بمجرد اختلاف لسانها عن لساننا ، ووصول كتابات منها مكتوبة بلغة لا نفهمها . فلغتها هي لغة عربية وإن اختلفت عن اللسان العربي الفصيح ، وهذا الاختلاف والتباين في اللغات العربية القديمة كان موجوداً منذ أزمان بعيدة ، فقد أشار إلى هذا الاختلاف والتباين كتاب قدماء كثيرون ، منهم من يرجع لفترة ازدهار الحضارة العربية الإسلامية ، ومنهم من يسبق هذه الفترة بقرون عديدة . يقول الطبري في تفسيره بأن العرب إن جمع جميعها اسم عرب ، فهم مختلفو الألسن بالبيان ، متباينو ، المنطق والكلام . وقد كانت بعض هذه الألسن بعيدة بعداً كبيراً عن عربيتنا اليوم ، وخير مثال على ذلك اللغات العربية الجنوبية . وقد أشار إلى هذا التباين والاختلاف في لغات العرب القديمة أيضاً ، مؤلف يوناني عاش في القرن الأول الميلادي ، له كتاب سماه الطواف حول البحر الإريتري (البحر الأحمر) ، ذكر فيه بأن سكان ساحل الحجاز على البحر الأحمر ، والذين كانوا يقيمون بين مدينة (لوك كوماLeuke Kome) وميناء (موزا Muza) ، يتكلمون لهجات مختلفة ولغات متباينة لا يفهمونها عن بعضهم البعض ، وأن بعض هذه اللهجات واللغات بعيدة عن بعضها بعداً كبيراً .

المركز العالمي لدراسات وابحاث الكتاب الاخضر

الموضوع: التحركات البشرية والهجرات اليمنية الى الشام وشرق وشمال أفريقيا قبل الاسلام وبعده

 

التوقيع

 


 
 
رد مع اقتباس