عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 03-04-2005, 01:54 PM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

المرأة والحقوق المهضومة (1-2)
يحيى بن موسى الزهراني






لقد أتى على المرأة حين من الدهر، لم تقم لها قائمة، فكانت تائهة عائمة، كانت مسلوبة الإرادة، محطمة العواطف، مهضومة الحقوق، مغلوبة على أمرها، متدنية في مكانتها، مُتَصَرَّفاً بشؤونها، فكانت عند الرومان تعد من سقط المتاع، وعند اليهود تعتبر نجسة قذرة، واحتار فيها النصارى أهي إنسان له روح ؟ أم إنسان بلا روح ؟ ثم انتهى بها الأمر إلى دفنها حية عند العرب الجاهليين.

وبعد تلك الويلات، وإثر تلك النقمات التي كانت تعيشها المرأة، جاء الإسلام وأشرق نوره في جميع أصقاع المعمورة، فأعلن مكانة المرأة، ورفع قدرها، وأعظم من شأنها، فأخذت كامل حقوقها، ومن أعظم ذلك الصداق وهو المهر، فالمهر ملك لها وحدها تقديراً لها، ورمزاً لتكريمها، ووسيلة لإسعادها، لها في مهرها حرية التصرف بضوابطه الشرعية، فهو ملك لها، وليس لأحد من أوليائها أن يشاركها فيه، ومن فعل غير ذلك، فأخذ من مهرها ولو شيئاً يسيراً بغير إذنها ورضاها، فقد أتى باباً عظيماً من أبواب الظلم والتعسف، وأكل الأموال بالباطل، قال الله تعالى : " يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً * ومن يفعل ذلك عدواناً وظلماً فسوف نصليه ناراً وكان ذلك على الله يسيراً "، وقال صلى الله عليه وسلم : " إن رجالاً يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة " [ رواه البخاري ]. وما أخذ بسيف الحياء فهو حرام. فاتقوا الله أيها الأولياء في بناتكم ومن ولاكم الله أمرهن، أحسنوا إليهن، وأكرموهن، وأعطوهن مهورهن، فهذا هو الشرع المطهر، والبنت على كل حال لن تنسى تربية والديها، ولن تهمل تعبهما ونصبهما، ولن تغفل تعليمها والإنفاق عليها، فقد أوصى الله بالوالدين أيما وصية، فقال تعالى : " وبالوالدين إحساناً " .

المرأة ليست سلعة تباع وتشترى، وليست دجاجة تبيض كل يوم بيضة من ذهب، وليست عنزاً حلوباً يحلبها صاحبها متى شاء، المرأة إنسانة مكرمة، ذات مشاعر وأحاسيس مرهفة، تحمل بين جنباتها قلباً عظيماً، ونفساً طيبة، ولقد أوصى الإسلام بها وصية عظيمة، ورغب في ذلك، وجعل جزاء ذلك دخول الجنة دار الأبرار، والبعد عن النار، قال صلى الله عليه وسلم : " من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين " وضم أصابعه [ رواه مسلم ]، وقال صلى الله عليه وسلم : " من ابتلي ـ أي اختبر ـ من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن كن له ستراً من النار " [ متفق عليه ]، وحذر الشارع الكريم من إهمال حق البنات، أو عدم العناية بهن ، قال صلى الله عليه وسلم : " اللهم إني أحرج حق الضعيفين، اليتيم والمرأة " [ رواه النسائي وغيره بإسناد حسن ]، ومعنى ذلك : أن النبي صلى الله عليه وسلم يلحق الإثم بمن ضيع حقهما، وحذر من عاقبة ذلك تحذيراً بليغاً. فالمرأة هي الأم والأخت، والزوجة والبنت، وهي الخالة والعمة، هي صانعة الرجال، ومعدة الأبطال .

لما ضعف الإيمان، وقل اليقين، ولما طغت على الناس الماديات، ولما انجرف الناس وراء المغريات والملهيات، ولما طغى على الناس حب الدنيا، هبت عاصفة المدنية الحديثة، والتحضر الزائف، فأحدث الناس أموراً عجيبة، وعادات غريبة، بعيدة كل البعد عن الدين، ومن هذه العادات الباطلة، التغالي في مهور البنات، حتى وصلت إلى مئات الآلاف من الريالات، والبنت لا حول لها ولا قوة، لقد أعادوا عادات الجاهلية السحيقة، وأحيوا جذوة نار الظلم والجور التي كانت تعاني منه المرأة في الأزمنة الغابرة، سبحان الله العظيم، أنرضى بعادات الجاهلية لنا ديناً وقد أبطلها محمداً صلى الله عليه وسلم، أنحن أفضل من رسول الهدى صلى الله عليه وسلم في مهر بناته وزوجاته أمهات المؤمنين، كلا والله، لسنا بأفضل منه، فهو القدوة والأسوة التي يتحذى به، فقال عليه الصلاة والسلام : " خير الصداق أيسره " [ رواه الحاكم ]، وقال صلى الله عليه وسلم : " إن من يُمن المرأة تيسير خطبتها، وتيسير صداقها، وتيسير رحمها " [ رواه الإمام أحمد ]، قال ابن القيم رحمه الله : " المغالاة في المهر مكروهة في النكاح، وأنها من قلة بركته وعسره " .

أيها الأب الكريم إن من تساوم عليها، ومن تتغالى في مهرها ما هي إلا قطعة من جسدك، ونطفة منك، إنها ابنتك، فكيف تهضم حقها، وتمنع زواجها من أجل التغالي في مهرها، فليس من الإسلام تلك النظرة المادية التي تسيطر على أفكار طائفة من الناس، فيغالون في المهور، حتى وكأنهم في حلبة سباق وسوق مزايدة، فالمرأة ليست سلعة في سوق الزواج تعطى لمن يدفع فيها أكثر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه، فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض " [ رواه الترمذي وحسنه الألباني ]، وقال صلى الله عليه وسلم : " استوصوا بالنساء خيراً " [ متفق عليه ]، فهذا سعيد بن المسيب رحمه الله التابعي المعروف، كان لديه تلميذاً من تلاميذه ممن يحضرون درسه، ويحرص عليه أشد الحرص، ففقده عدة أيام فلما جاء التلميذ سأله عن سبب غيابه ؟ فأخبره أن زوجته قد ماتت فانشغل بها، فسأله سعيد : هل استحدثت امرأة ؟ أي هل تزوجت بعدها فقال : لا، ومن يزوجني وما عندي إلا درهمان أو ثلاثة ؟ قال له سعيد : أنا، قال : أو تفعل ؟ قال : نعم، فزوجه ابنته لأنه عرف أنه صاحب خلق ودين، ولم ينظر إلى كم يملك من العقارات والأموال، بل المهم أن يطمئن على ابنته وسعادتها .

وعلى النقيض من تلك القصة فهذه قصة حقيقية ذهبت ضحيتها الفتاة، وقاست آلامها بسبب المغالاة، تقدم رجل ثري لخطبة الفتاة، وساوم عليها ودفع فيها مبلغاً مالياً خيالياً من أجل أن يحصل على هذه المسكينة التي لا حول لها ولا قوة، والتي لا رأي لها عند جهلة الناس وعوامهم، فقدم ذلك الخاطب مبلغاً يقدر بأربعمائة ألف ريال، فسال لعاب الأب، وتحركت لديه شهوة المال، فأجبرت الفتاة على الزواج الحتمي المغصوبة عليه، وتم الزواج وما هي إلا أيام وليالي ثم يحصل الفراق، ويقع الطلاق، فكانت النتيجة دمار لهذه المسكينة، وتحطيم لباقي حياتها، فهي مطلقة ومن يرغب بالزواج من المطلقة اليوم ؟

قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : " ألا لا تُغلوا في صُدُق النساء، فإنه لو كان مكرمة في الدنيا، أو تقوى عند الله عز وجل، كان أولاكم به النبي صلى الله عليه وسلم، ما أصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من نسائه، ولا أصدقت امرأة من بناته أكثر من ثنتي عشرة أوقية، وإن الرجل ليغلي بصدقة امرأة من بناته حتى يكون لها عداوة في نفسه، وحتى يقول كُلفت لكم علق القربة " [ رواه الخمسة وغيرهم وهو أثر صحيح ]، ومعنى كلفت لكم علق القربة : يعني يقول لزوجته : تكلفت وتحملت لأجلك كل شيء حتى حبل القربة أحضرته لك، فكلما أخطأت المرأة كالها المكاييل، وأذاقها ألوان العذاب، عندما يتذكر ما سببته له من ديون، وإنفاق أموال. وزواج يكثر مهره، فاشل أوله، ومؤلم آخره، والواقع خير شاهد على ذلك. إن المغالاة في المهور والإسراف والبذخ و التقليد الأعمى والسطو على مهر المرأة، وصرفه في المظاهر البراقة الخداعة الفارغة، كل ذلك وراء عزوف الشباب عن الزواج، ووراء عنوسة البنات، مما ينذر بوقوع شر عظيم في الأمة والمجتمع، من فعل للفاحشة، وانتشار للجريمة، وتعقد بناء الأسرة المسلمة .

نحن في زمن قلت فيه فرص الوظيفة، وتدنى فيه مستوى المعيشة، وزاد فيه مستوى البطالة، فقليل من الشباب الجامعي من يجد وظيفة، فضلاً عمن لا يملك الشهادة الجامعية، وإن وجدت الوظيفة، فالراتب لا يفي بالغرض منه، فأجار مرتفع، ومعيشة غالية، ومهر باهض، وأنى للشباب الإتيان بكل تلك التكاليف، فهنا يجب أن نقف وقفة صادقة مع أنفسنا من تسهيل للمهور، وتيسير للزواج، وصيانة لأعراض البنين والبنات، ولا يمكن أن يحصل ذلك إلا بأن يطبق الرجال قول الله تعالى : " الرجال قوامون على النساء "، وبتطبيق قوله صلى الله عليه وسلم : " لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة " [ رواه البخاري ]، فالقوامة بيد الرجل، والحل والربط بيد الرجل، أما المرأة فهي تابعة لزوجها، لا تخرج عن رأيه ومشورته قيد أنملة، ولا بأس بمشاورة المرأة في أمر زواج ابنتها من الخاطب حتى تبدي رأيها في ذلك، لكن أن يترك لها زمام التصرف، والتفاوض، فهذا غير مشروع وخصوصاً في وقتنا هذا، الذي طغت فيه الفضائيات وحب تقليد الموضات وآخر الصيحات، وتقمص الأفلام والمسلسلات، حتى تغالت في المهور الأمهات، وأرهق كاهل الشباب بطلبات تنوء بحملها الجبال الراسيات، فاتقوا الله أيها الآباء والأمهات في أبنائكم وبناتكم، سهلوا المهور، يسروا الزواج، ارضوا بالخاطب الكفء، اخطبوا لبناتكم قبل أولادكم، كونوا قدوة صالحة، ومثالاً يحتذى به، وأنموذجاً طيباً. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " من دعته نفسه إلى أن يزيد صداق ابنته على صداق بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم اللواتي هن خير خلق الله في كل فضيلة، وهن أفضل نساء العالمين في كل صفة، فهو جاهل أحمق "

مع قلة الفرص الوظيفية، وكثرة متطلبات الحياة المادية، وضعف ذات اليد عند كثير من الشباب، وحتى لا تقع المفاسد، لا بد من الوقوف مع تحديد المهور وقفة دينية، شرعية صادقة، تنم عن مشاعر المحبة والألفة بين أفراد القبيلة، فأقول : خمسون ألفاً تكون مهراً، وعشرة آلاف للأم، وقصر للأفراح بعشرة أخرى، ووليمة وما يتبعها بعشرين ألفاً أو أكثر، هذا منع للزواج، وكسر للأزواج، وإحجام للشباب، وعنوسة للبنات، فلماذا لا ينقص المهر عن الخمسين، ولماذا لا يقل ما يقدم للأم، ولماذا لا يكون الزواج مختصراً بسيطاً، حتى لا يكلف الزوج إلا أقل القليل.

إن تيسير المهور، وتسهيل أمر الزواج، هو ما يتطلع إليه الشرع، وهو ما يرقبه الدين الحنيف، وتدعو إليه الفطرة السليمة .

وإليكم بعض الصور التي تبين مقدار الصداق في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فعن أنس رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى على عبدالرحمن بن عوف أثر صفرة فقال : " ما هذا ؟ قال : تزوجت امرأة على وزن نواة من ذهب، قال : " بارك الله لك، أولم ولو بشاة " [ رواه البخاري ومسلم ]، وعن سهل بن سعد رضي الله عنه : أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله إني قد وهبت نفسي لك، فقامت قياماً طويلاً، فقام رجل فقال : يا رسول الله زوجنيها إن لم يكن لك بها حاجة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هل عندك شيء تُصْدِقُها إياه ؟ قال : ما عندي إلا إزاري هذا. فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " إن أعطيتها إياه جلست لا إزار لك، فالتمس شيئاً، فقال : ما أجد شيئاً، فقال : " التمس ولو خاتماً من حديد " [ رواه البخاري ومسلم ]. وعند النسائي وأصله في الصحيحين، أن أبا طلحة خطب أم سليم، فقالت : والله يا أبا طلحة ما مثلك يُرد، ولكنك رجل كافر، وأنا امرأة مسلمة، ولا يحل لي أن أتزوجك، فإن تُسلم فذاك مهري، وما أسألك غيره، فأسلم فكان ذلك مهرها. ورجل تزوج بامرأة بما معه من القرآن، فيعلمها ويكون ذلك مهرها. تلكم كانت أمثلة لمهور نساء الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، ولقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم أروع المثل لأمته في شأن المهر والصداق، ولتيسيره لصداق بناته دليل ناصع على رغبته في تقرير هذا المعنى بين الناس، إن الصداق مجرد رمز لا ثمن سلعة، قال العلامة الألباني رحمه الله : " إن أهنأ العيش هو العيش المعتدل في كل شيء، والسعادة هي الرضا، والحر هو الذي يتحرر من كل ما يستطيع الاستغناء عنه، وذلك هو الغنى بالمعنى الإسلامي والمعنى الإنساني " .

دين الإسلام دين التكافل الإجتماعي ودين الرأفة والشفقة ودين المحبة والإخاء ودين الإيثار والوفاء، جاء الإسلام مرسياً قواعده المحكمة من لدن حكيم خبير، محطماً أسس الشرك والكفر، ومحرماً قواعد الجاهلية الجهلاء والظلمة الدهماء.

دين الإسلام هو الدين المهيمن على جميع الأديان ولن يقبل له من أحد من الناس دينا غيره ولهذا جاء ذلك صريحا في الكتاب العزيز بقول الله تعالى : { ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الأخرة من الخاسرين } ( آل عمران 85 )، وقال تعالى : { إن الدين عند الله الإسلام } ( آل عمران 19) .

المرأة بين الإسلام والجاهلية :

لم يترك الدين الإسلامي الحنيف أمرا يخص الرجال والنساء إلا وبينه ،ولم يدع النبي صلى الله

عليه وسلم شاردة ولا واردة إلا وبين للمسلمين منها حكما وعلما ،فلم يدع حكما يهم الأمة إلا وبينه حتى يكون الناس على بصيرة من دينهم .وإن مما اهتم به الإسلام ودعا إلى تكريمه واحترامه ومعرفة قدرة المرأة، لأنها الأم والبنت والأخت والعمة والخالة والجدة والزوجة، فهي التي تعد بإذن الله تعالى الشعوب، وتنجب الرجال الأبطال الذين يتمسكون بدينهم الإسلامي الحنيف ويذودون عن حماه بالغالي والنفيس، فجاء دين الرأفة والرحمة، ودين الألفة ودين التعاون دين الإسلام جاء معرفا للبشرية جمعاء مكانة المرأة في الإسلام بعد أن كانت توأد في الجاهلية وتدفن حية وتمنع من الميراث إلى غير ذلك من الإجحاف فعرف الناس ما للمرأة من حق في الإسلام وخط لها خطوطا تسير وفق منهجها القويم حتى لا تزل بها الأقدام ،فتنزلق في مزالق الشرك والشيطان ـ والطغيان ـ والعصيان .

ومنذ بزوغ فجر الإسلام عادت للمرأة مكانتها التي سلبت إياها في عصور الشرك والوثنية، فرفعت رأسها شامخة معززة بعزة الإسلام ،مكرمة بكرامة الإسلام لها فأعطيت جميع الحقوق وأوجب عليها جميع الواجبات التي هي من اختصاصها حتى تربعت على مكانة عظيمة في القلوب فكان من النساء العالمة والمجاهدة والمعلمة والمربية والموجهة والمرشدة والداعية إلى الله تعالى إلى غير ذلك من الأمور التي حظيت بها المرأة في الإسلام.

أمور مهمة :

ولكن الإسلام حفظ للمرأة مكانتها وصان عرضها ،فحرم عليها الاختلاط بالرجال ومنعها من التبرج والسفور ،وحذرها من السفر بلا محرم وحرم عليها تقليد الكافرات،والتشبه بالرجال لأن ذلك يفضي إلى عواقب وخيمة لا تحمد عقباها ،ولاترجى أخراها ،وغير ذلك من الأمور والضوابط والحدود التي حدها الاسلام للمراة ومنعها من تخطيها أو انتهاكها حتى لاتقع في الحرام والعصيان لله الواحد الديان .ولكن وللأسف الشديد مع أن الإسلام حث على احترام المرأة وتقديرها، نجد أن أناساً يدعون الإسلام وهم يغالطون أنفسهم بهضمهم لحقوق المرأة ولعلنا نتحدث عن نقاط جوهرية يجب على المسلم المنصف المتبع للحق أن يعيها ويعمل بها وإلا فإنه سيقع في الظلم لامحالة ،ومن هذه النقاط ما يلي :

1ـ معرفة قدر المرأة ومكانتها في الإسلام وقد تم الحديث عنها فيما سبق فيكتفي به.

2ـ حرية المرأة في اختيار الزوج بضوابطه الشرعية فالمرأة لها الحرية في اختيار الزوج المناسب لها ممن ترضاه ،ويرضاه أهلها ممن تميز بصفات الدين والأخلاق وحسن السيرة والبعد عن المعاصي والذنوب والفسق والإجرام .

فتمنع المرأة من الزواج بتارك الصلاة لكفره وتمنع من المصر على بعض المحرمات كشارب المسكرات والمخدرات والدخان ،والمعروف بالإنحراف الخلقي والجنسي، كسيء الأخلاق والمعروف عنه شدة في طبعه من ضرب وسوء كلام ،وصاحب الزنا واللواط وغير ذلك من الأمور المحرمة شرعا .ففي مثل ذلك لايترك لها الخيار والحرية ،بل تمنع منه منعا حتى لا تورد نفسها المهالك بعد ذلك فتتحطم حياتها الزوجية والعائلية بسبب الاختيار السيئ للزوج.

3ـ راتب الموظفة :

وهذه النقطة هي الركيزة الأساسية التي من أجلها كتبت هذا الموضوع .ففضل الله تعالى واسع، وعطاؤه لا ممسك له وقد منُ الله سبحانه علينا بحكومة رشيدة ألزمت على الجميع ذكورا وإناثا مجانية التعليم فأشرقت القلوب وأنارت العقول ،وظهر العلم واندرس الجهل ،فعلم للأمة قدرها ومكانتها بين سائر الدول بعد أن كانت تغط في نوم عميق ،وبعد أن كانت منزلقة في دياجير الظلمات فلله الحمد من قبل ومن بعد .

فحرص الأباء والأمهات على تعليم الأولاد والبنات ففتحت المدارس والمعاهد والكليات والجامعات هنا وهناك ،وتعلم الناس صغارا وكبارا فكل يكافح ويجد ويجتهد من أجل الحصول على العلم ،فحصل التنافس بين الجميع في هذا المجال ،واقتحمت البنات مجال العلم بقوة واندفاع ،فتخرج منهن الطبيبات والمعلمات وغير ذلك من المهن الشريفة الرفيعة القدر والمكانة ،فأصبحت الموظفة تكد وتتعب من أجل مساعدة الأهل والخلان والوقوف جنبا إلى جنب مع الزوج والأولاد فتساعد الوالدين والزوج في نفقات الأسرة ومتطلباتها وليس ذلك إلزاما عليها فالقوامة للرجل دون المرأة ،والإنفاق واجب الرجل دون المرأة .

لكن تعال بنا ننظر كيف استبد بعض الآباء براتب الموظفة ومنعها من أهم حقوقها من أجل أن يأكل تعبها ونصبها ،والله إن هذا لمن أشد الظلم والجور أن يأكل الأب راتب ابنته ظلما وعدوانا من غير حاجة ماسة إليه إلا بدافع الأشر والبطر .نسأل الله العافية .فقد وجد في مجتمعات المسلمين من يحرم ابنته من الزواج خوفا على راتبها من زوجها أن يقاسمه إياه، فأي تربية هذه ؟ وأي حياة هذه ؟ وأي خوف من الله هذا ؟ وأي أداء للأمانة هذه ؟

قد يقول الأب : وأين الحرام في ذلك وهي ابنتي ؟ ولي الحق في أخذ ما أحتاج إليه من مالها، كما جاءت بذلك السنة النبوية أن الولد والمال للأب، وأن خير ما أكل الإنسان من كسبه وولده من كسبه .

والجواب على ذلك : نعم لك الحق أن تأخذ من ما لها ما يكفيك إن كنت محتاجاً إليه، وثق تماماً أنها لن ترد عنك شيئاً فالبنت تحمل بين جنباتها قلباً جياشاً، وعواطف وأحاسيس كلها رحمة وعطفاً وشفقة ورقة، وحباً لوالديها خاصة، فلا تكاد تسمع لها صوتاً ولا همساً، كل ذلك خجلاً وأدباً، وحياءً وحباً، فانتبه أيها الوالد ! فهناك أمر مهم قد تغفل عنه ألا وهو أنك حرمتها الزواج من أجل أن تأكل مالها وتجتاحه، وهذا هو الحرام، فإن كنت من هذا الصنف من الآباء، الذين لا هم لهم في الدنيا إلا جمع المال، فاعلم أنه لن يملأ فاك إلا التراب، فلو كان لك واد من ذهب لتمنيت واد آخر، ولن يرضيك إلا التراب، فأنت أخذت مالها بطريقة غير شرعية، بل بطريقة أقرب إلى اللصوصية والغصب والإكراه، وكل ذلك حرام، وقد تستخدم معها الكلام الطيب فترات حتى تملك ما تريد من مالها بالحياء، وهذا حرام أيضاً، فما أخذ بسيف الحياء فهو حرام .

خيانة الأمانة :

أيها الأب ! أنت منعتها من أهم حقوقها عليك، وهو أن ترعاها حتى تكبر ثم تزوجها من الخاطب الكفء، وقد منعتها من ذلك بحجج واهية كاذبة، من أجل غاية دنيئة حقيرة، ومن أجل متاع زائل من أمتعة الدنيا الفانية، وقد تدعو ليل نهار وتراه لا يستجاب لك، أتدري لماذا ؟

لأن من موانع إجابة الدعاء أكل المال الحرام، وأنت فعلت ذلك، بأكلك لمال ابنتك المسكينة بغير وجه حق، فالنبي صلى الله عليه وسلم، [ ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء، يارب، يارب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك ] ( رواه مسلم ) .

وياليتك مادمت جموعاً منوعاً لحب المال، أن أحسنت إليها وزوجتها وشرطت مبلغاً شهرياً في عقد نكاحها لكان ذلك مقبولاً، مع العلم أن راتبها حق لها وحدها، فلا دخل لأحد فيه، لا أب ولا زوج ولا أخ ولا أخت، ولكنها لن تنسى تربيتك لها وعطف والدتها عليها، فكل ذلك عندها مرصود، ولكنك جعلت الباب في وجهها موصود، فاتق الله تعالى، واحذر من يوم يشيب فيه المولود .

فهذه المسكينة المحرومة تريد أن يكون لها زوجا وأبناء وأسرة ومنزلا تعيش فيه كيف شاءت وتلبس ما تشاء مما أباح الله لها من اللباس وتتصرف في بيتها كيف شاءت فلا تمنع عنها ما أباح الله لها من زواج وذرية فتكون بذلك مصادما لله ورسوله الذي دعا للزواج بالودود الولود والله تعالى يقول : { والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطيبات أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله هم يكفرون } ( النحل 72 ) .

وقال تعالى : { ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون } (الروم 21 ) .

فهذه الآيات وغيرها تحث على الزواج لأنه سكن لكلا الزوجين فكيف تأتي أيها الولي وتقول لله لايمكن أن أقبل بهذه الآية ؟فردك للخاطب الكفء الذي ترضاه موليتك مصادم لأمر الله بالزواج وهذا اعتراض منك للآيات القرآنية وهذا ظلم منك لمن ولاك الله أمرها، فالظلم ظلمات يوم القيامة فالله يمهل للظالم كي يرجع عن ظلمه وغيه ولكنه لايهمله، فإذا أخذه فإن أخذه أليم شديد .

قصة وعبرة :

وإليك هذه القصة التي تشيب لها الرؤوس وتندى لها الأفئدة :

كان والد الفتاه الموظفة يمنع كل من يأتي لخطبتها لسبب أو لأخر ،حتى مضى قطار العمر ودخلت في سن قد لايرغب بالزواج منها الشباب فمرضت من جراء ظلم والدها ورفضه المستمر بسبب أو بدون سبب فأدخلت المستشفى وبقيت فتره من الزمن حتى حضرتها الوفاة فاستدعت والدها ،وقالت :ياأبي قل آمين فقال :آمين ،قالت :قل :آمين ،فقال :آمين فكررتها ثلاث مرات ،ثم قالت :

أسأل الله أن يحرمك الجنة ،كما أحرمتني الزواج .ثم فارقت الحياة .إنا لله وإنا إليه راجعون .

فما الفائدة التي جناها ذلك الأب القاسي ؟وهل ستعيد له الأموال تلك البريئة الجريحة ؟

يقول الله تعالى في حق الظالمين : ( ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع ) [غافر 18 ] .

وقال تعالى : ( إن الظالمين لهم عذاب أليم ) [ابراهيم 22 ]

وقال صلى الله عليه وسلم :{ إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ،ثم قرأ قوله تعالى :

( وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد ) [هود 112 ] ( متفق عليه ). وقال صلى الله عليه وسلم : { استوصوا بالنساء خيرا } ( متفق عليه ).

وقال صلى الله عليه وسلم : [ إنه ليأتي الرجل السمين العظيم يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة ] ( متفق عليه ). فلا تحسب أنك بأكلك للمال الحرام ستخلد في هذه الدنيا، أم أن العذاب عنك بعيد، فكم من أناس انتفخت بطونهم من الحرام والنار لهم بالمرصاد، فهم حطب لها وحصب، قال تعالى : { والذي كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوىً لهم } ( محمد12 )، وكل جسد نبت من السحت أي الحرام فالنار أولى به .

وقال صلى الله عليه وسلم : [ من عال جاريتين ـ أي بنتين وقام عليهما بالمؤونة والتربية ـ حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين ] وضم أصابعه ( رواه مسلم ) .

وقال صلى الله عليه وسلم : [ من ابتلي ـ أي اختبر ـ من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن كن له ستراً من النار ] ( متفق عليه )، فهل أحسنت إلى ابنتك أنت ؟ أم أهنتها وأذقتها المرارة ؟ وجرعتها كأس الحرمان من الزواج من أجل تلك الوظيفة والعقبة الدنيئة، قال صلى الله عليه وسلم : [ اللهم إني أحرج حق الضعيفين، اليتيم والمرأة ] ( رواه النسائي وغيره وحسن سنده شعيب الأرنؤوط )، ومعنى أحرج حق الضعيفين : أي أن النبي صلى الله عليه وسلم يلحق الإثم بمن ضيع حقهما، وحذر من عاقبة ذلك تحذيراً بليغاً.

وقال صلى الله عليه وسلم : [ إن شر الرعاء الحطمة، فإياك أن تكون منهم ] ( متفق عليه ) ومعنى الحطمة : العنيف برعاية الإبل، فقد ضربه النبي صلى الله عليه وسلم مثلاً لوالي السوء، الذي يظلم من تحت ولا يته من أهل وغيرهم، وما فيه من قسوة وجلافة، وعدم رحمة، وبعده عن الرفق والشفقة .

وهذا حال كثير من الآباء اليوم ـ نسأل الله العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة .

السؤال يوم القيامة :

فأي اتباع لوصية النبي صلى الله عليه وسلم بالنساء والأولياء يحرمون بناتهم وأخواتهم ومن ولاهم الله عليهن من الزواج لأجل متاع زائل ووسخ من أوساخ الدنيا من أجل مال مايلبث أن يموت صاحبه ويتركه وراء ظهره يستمتع به الورثة من بعده ثم يحاسب هو عليه من أين اكتسبه وفيما أنفقه ،وسيطول به الحساب عند شديد العقاب .

فيا ولي الأمر ! إذا سئلت عن مال ابنتك من أين اكتسبته فماذا سيكون جوابك ؟

هل ستقول :يا رب ظلمتها وحرمتها من الزواج من أجل أكل راتبها بغير وجه حق فالويل لك ثم الويل لك ،عند شديد العذاب وسريع العقاب .

فلا إله إلا الله ما أشد العقاب وما أقسى العذاب .فاتق النار ولو بشق تمرة فنار جهنم لو ألقيت فيها الجبال الراسيات لذابت من شدة حرها .

الوصية بتربية البنات :

لقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بتربية البنات وأنه إذا أحسن تربيتهن كن له بإذن الله حجاباً ودرعاً من النار. فأين أنت أيها الولي من ذلك الحديث لقد خنت الأمانة وضيعت الولاية فكانت الخاتمة سيئة وتبدلت الجنة بالنار .

رفقاً بالبنات :

أيها الأب الحنون : يجب عليك أن تحسن إلى موليتك وتكرمها، وتحرص على إعفافها وإحصانها، وإخراجها من الضيق إلى السعة، ومن العنوسة إلى حياة الزوجية، فاختر لها الزوج الكفء، صاحب الدين والأخلاق، وإياك والمفسدين واللاعبين اللاهين، واحذر المنحرفين والمجرمين، ولا يكن المهر هو همك، فالفتاة ليست سلعة تباع وتشترى، وتعطى لمن يدفع فيها أكثر من الآخر، وليست عنزاً حلوباً، تحلبها متى شئت، بل هي إنسانة ذات مشاعر وأحاسيس، لها حق اختيار الزوج المناسب فلا يجوز لك شرعاً ولا عرفاً أن تكرهها على الزواج ممن لا ترضاه، ويحرم عليك ذلك، ثم هنا أمر مهم يجب أن تأخذه بعين الاعتبار، وهو أن المهر كاملاً من حق الفتاة وليس لك فيه شيء من الحق أبداً، فإن أخذته أنت بدون رضىً منها فهو سحت حرام عليك، وإن ساومت على ابنتك من أجل أن تحصل على المال من وراء تزويجها، وإن عرقلت مسيرة زواجها بسبب عنادك وتجبرك للحصول على المال من وراء تزويجها، فأنت آثم وعليك التوبة إلى الله عز وجل قبل أن يفاجئك الموت وأنت على حال كلها ظلم وطغيان من أجل حياة فانية زائلة.

قصة وعبرة :

وهذه قصة من واقع الحال، وليست من نسج الخيال، تقدم رجل ثري لخطبة الفتاة، وساوم عليها ودفع فيها مبلغاً مالياً خيالياً من أجل أن يحصل على هذه المسكينة التي لا حول لها ولا قوة، والتي لا رأي لها عند جهلة الناس وعوامهم، فقدم ذلك الخاطب مبلغاً يقدر بأربعمائة ألف ريال، فسال لعاب الأب، وتحركت لديه شهوة المال، فأجبرت الفتاة على الزواج الحتمي المغصوبة عليه، وتم الزواج وما هي إلا أيام وليالي ثم يحصل الفراق، فكانت النتيجة دمار لهذه المسكينة، وتطكيم لباقي حياتها، فهي مطلقة ومن يرغب في الزواج من المطلقة اليوم ؟ ما السبب ؟ إنه حب المال، ومن السبب ؟ إنه الأب الآكل للمال الحرام ؟

الخاطب الكفء :

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه، فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض ] ( رواه الترمذي وحسنه الألباني برقم 865 ) .

وروى البخاري في صحيحه قال : [ مر رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ما تقولون في هذا ؟ قالوا : حري إن خطب أن ينكح، وإن شفع أن يشفع، وإن قال أن يُستمع، قال : ثم سكت فمر رجل من فقراء المسلمين، فقال : ما تقولون في هذا ؟ قالوا : حري إن خطب ألا يزوج، وإن شفع ألا يُشفع، وإن قال ألا يُستمع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هذا خير من ملء الأرض مثل هذا ]. وهذا الحديث ليس على ظاهره، فهناك من الأغنياء من هم من الأتقياء الذين يخافون الله تعالى ويخشونه، ويُعمِلون أموالهم في سبيل الله تعالى، وهناك من الفقراء من تراه من معصية إلى معصية، ومن ذنب إلى آخر. فالحاصل أن الأب يسعى جاهداً لنيل الرجل المناسب لابنته فإن كان من الأغنياء الأتقياء فذاك المطلوب، وإلا فعليك بصاحب الدين والخلق الحسن، وهذه بضاعة نادرة في هذه الأزمان، ومن بحث وجد ـ بإذن الله ـ بغيته .

ولقد زوج النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً بامرأة بما معه من القرآن، فأين الآباء الحكماء العقلاء عن سنة نبيهم عليه أفضل الصلاة والسلام .

اخطب لابنتك :

بعض الآباء تجده يجد ويتعب في إيجاد المرأة التي توصف بكذا وكذا من الأوصاف لابنه، وقد يدفع مقابل ذلك مهراً طائلاً، أما ابنته فلا يهمه من خطبها إن كان فاسقاً أو صالحاً فالأمر سيان المهم كم يدفع ؟ وماذا سيدفع ؟ وهذا غير صحيح إطلاقاً، فالرجل العاقل الذي تهمه ابنته وتهمه سعادتها، هو الذي يسعى جاهداً من أجل اختيار الزوج الصالح لها حتى تعيش في هناء وخير، فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يعرض ابنته حفصة رضي الله عنها على عثمان رضي الله عنه، ثم أبا بكر رضي الله عنه، ثم خطبها منه رسول الله صلى الله عليه وسلم فزوجه إياها. القصة في صحيح البخاري 10/219 .

فلقد سعى جاهداً في أن يزوجها عثمان فلما لم يكن له بها رغبة، جد في أن يزوجها أبا بكر، فلما علم أبو بكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قد ذكرها تركها له، حتى خطبها ثم تزوجها، أولئكم الرجال الذي لا يهمهم قول قائل من قال، المهم سعادة البنت ومع من تكون، أما اتباع فلان وفلانة واستماع كلام هذا وذاك، فهذا كلام لا يقبله عاقل

وهذا سعيد بن المسيب التابعي المعروف، كان لديه تلميذ من تلاميذه ممن يحضرون درسه، ويحرص عليه أشد الحرص، ففقده عدة أيام فلما جاء التلميذ سأله عن سبب غيابه ؟ فأخبره أن زوجته قد ماتت فانشغل بها، فسأله سعيد : هل استحدثت امرأة ؟ أي هل تزوجت بعدها فقال : لا، ومن يزوجني وما عندي إلا درهمان أو ثلاثة ؟ قال له سعيد : أنا، قال : أو تفعل ؟ قال : نعم، فزوجه ابنته لأنه يعرف أنه صاحب خلق ودين، ولم ينظر إلى كم يملك من العقارات والأموال، بل المهم أن يطمئن على ابنته معه، وهل ستكون سعيدة أم لا بإذن الله ؟ هؤلاء هم الرجال، الذين باعوا الدنيا بالآخرة، الذين طلقوا الدنيا طلاقاً بائناً لا رجعة فيه، فلله در أولئك الرجال، عرفوا لماذا خُلقوا فاستعدوا للقاء الخالق سبحانه وتعالى.

عقوبة خيانة الأمانة :

واحذر أن تخون الأمانة الملقاة على عاتقك فتزوج ابنتك لصاحب الأموال وكبير السن من أجل المتاع الزائل، فهي والله مسؤولية عظيمة أمام الله تعالى، فتوقعها في المهالك، فتبوء أنت بالإثم والخسارة يوم تعرض على ربك، ووالله لن تنفعك الأموال ولا العقارات ولا غير ذلك من حطام الدنيا، بل لن ينفعك إلا عملك الصالح وأداؤك للأمانة التي وضعها الله بين يديك .

وحذار كل الحذر أن تخون الأمانة التي عجزت عن حملها السموات والأرض والجبال، والتي تحملتها أنت، فتزوج ابنتك لصاحب الأموال الفاسق المجرم، الذي لا يعرف لله حقاً، ولا يقدر له قدراً، الذي لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً، وتجنب كبير السن الذي لا يعرف للفتاة قدرها واحترامها، ويحسبها سلعة بائرة، فلا احترام لها ولا تقدير، ولا مكانة لها ولا رفعة عنده، فتراها ذليلة عنده حقيرة، فتوقع ابنتك في الذل والمهانة، وتبوء أنت بالإثم والخسارة، فتعيش الفتاة المقهورة المجبورة حياة نكدة بائسة، وتذيقها المر بألوانه وأشكاله، وتموت في اليوم الواحد مائة مرة، فتعيش مضطهدة مقهورة .

فاحرص يارعاك الله على أداء الأمانة وبخاصة أمانة البنات فهن ضعيفات، حيلة لهن ولا طاقة، فالله عز وجل يقول : { يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون } ( الأنفال 27 )، وقال ربنا تبارك وتعالى : { والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون } ( المعارج 32 )، وقال صلى الله عليه وسلم مذكراً الولي بالمسؤولية الملقاة على عاتقه، وعظم خطرها وأنها سبب لدخول الجنة لمن اداها كما أمر الله تبارك وتعالى، وسبب لدخول النار لمن ضيعها فقال : [ كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ] ( متفق عليه )، وقال عليه الصلاة والسلام : [ ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة ] ( متفق عليه ) .

فأي غش أعظم من أن تغش ابنتك التي من صلبك أو تمت لك بصلة، وتمنعها من الزواج من أجل أن تأكل حفنة قذرة من أوساخ هذه الدنيا الفانية، واعلم أن خيانة الأمانة علامة واضحة من علامات النفاق، فقال صلى الله عليه وسلم : [ آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أؤتمن خان ] ( متفق عليه ) وفي رواية : [ ولو زعم أنه صلى وصام ]. ولقد توعد الله الخائن للأمانة الذي ضيعها ظلماً وعدواناً، ولم يرعها حق رعايتها توعده بالنار يوم القيامة فقال جل من قائل سبحانه : { إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيراً } ( النساء 145 ) .

ثم لو بلغت نقودك عنان السماء من وراء تزويج البنات الخاطب السيئ، أو من عدم تزويجهن وأكل مالهن، فهل تعتقد أنك ستخلد في هذه الحياة الدنيا ؟ طبعاً ستقول لا، وهذا هو الصحيح الذي لا مراء فيه ولا جدال، فقم إذاً بحق الله عليك، ثم بحق تلك البنات التي ضيعت حقوقهن، وأد الأمانة كما يجب فأنت مؤتمن ومسؤول .



 

التوقيع

 



من كتاباتي
صرخاااات قلم (( عندما تنزف ريشة القلم دما ))
قلم معطل وقلم مكسوووور
عندما ’تطرد من قلوب الناس !!!!!!(وتدفن في مقبرة ذاتك)
دعاة محترفون لا دعاة هواه ( 1)
الداعية المحترف واللاعب المحترف لا سواء(2)
نعم دعاة محترفين لا دعاة هواة!!!! (( 3 ))
خواطر وجها لوجه
همسة صاااااااااااارخه
خواطر غير مألوفه
اليوم يوم الملحمه ...
على جماجم الرجال ننال السؤدد والعزه
عالم ذره يعبد بقره !!!
معذرة يا رسول الله فقد تأخر قلمي
دمعة مجاهد ودم شهيد !!!!!!
انااااااااا سارق !!!!
انفلونزا العقووووووووول
مكيجة الذات
الجماهير الغبيه
شمووووخ إمرأه

 
 
رد مع اقتباس