أخر تحديث 20/11/2008
الحماسة لا تصلح في السياسة والحكمة ضالة المؤمن
كتب د. فالح محمد العمرة
قبل 10 سنوات كنت اسمع اشرطة لبعض الدعاة والمشايخ المعروفين في الحماسة والتشدد في تعاملهم مع المخالفين، وكان هؤلاء الدعاة ينتقدون بعض العلماء الكبار في اتخاذهم قاعدة قوله تعالى {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، وجادلهم بالتي هي أحسن}، ويريدون من العلماء ان ينكروا المنكر علانية دون مراعاة قواعد انكار المنكر والتعامل مع المخالفين، والتي يمكن ان تخلّف منكراً اكبر منه، وبعد سنين وجدت ان هؤلاء الدعاة والمشايخ غيروا طريقة تعاطيهم وتعاملهم مع المخالفين، واتجهوا الى لغة الحوار والمجادلة بالتي هي احسن، وهذا لا يعني تغيّر منهجهم، بل تغيّرت طريقة تعاملهم مع المخالف، وذلك لكبر السن والنضج والخبرة والحكمة في التعامل، وتجنب طيش الشباب والحماسة، وما جعلني اكتب هذه المقدمة هو الاستجواب المقدم الى رئيس مجلس الوزراء من قبل الاعضاء الثلاثة الطبطبائي ومحمد هايف والبرغش، وانا شخصيا لا أشك في نيتهم الطيبة في الدفاع عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن اختلف معهم في الطريقة التي عالجوا بها الحدث، وكان يكفيهم الجلوس مع رئيس مجلس الوزراء وحل المشكلة، وان يشرحوا بالتفصيل ما قام به هذا الرجل تجاه الله سبحانه او الصحابة او امهات المؤمنين، ومن ثم ترحيله من البلاد مع اخذ الوعود بعدم دخوله لأن عليه قيوداً امنية، ويجب احترام القانون من الجميع، واذا كان هذا الحل لا يعجب المستجوبين فكان عليهم استجواب وزير الداخلية لأنه المعني بهذا الأمر، ولا تخلوا عنه المسؤولية حتى لو قال انها اوامر عليا، لأنه يتحمل المسؤولية السياسية، وكان يجب على المستجوبين تغليب الحكمة في هذا الجانب والاستفادة مما حصل لصالحهم لكي لا يتكرر هذا الفعل، وألا يصبح الامر تحديا للسلطة في ظل هذه الظروف، وهل حسب اخواننا المستجوبون اثار هذا الاستجواب وما يحمله من مفاسد سواء أكانت شرعية ام وطنية، وهل نظروا ماهي المكاسب من وراء هذا الاستجواب على جميع الاصعدة، ارجو ألا ينظر الى الموضوع من زاوية واحدة وضيقة، بل يجب النظر من جميع الجوانب، لان الاصل هو حل المشكلة وليس استفحالها، ولعل غيرة اخواني الاعضاء على صحابة رسول الله هي التي دفعتهم الى تقديم الاستجواب، ولكن في نظري ليس هذا هو الحل المطلوب، كان الأجدر بهم التشاور مع اخوانهم اعضاء مجلس الامة حول هذه القضية والخروج بحلول اخرى لتقويض المشكلة، ونحن نتفق مع اخواننا ولا نختلف في حب الصحابة، ولا يبغض صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الا منافق ملعون، ولعن الله من سب اصحاب رسول الله، ولا كرامة لمن يسب صحابة رسولنا عليه السلام، قال صلى الله عليه وسلم: «من سب أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين» رواه الطبراني وصححه الألباني.
وقال مالك بن أنس: «الذين يشتمون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس له سهم أو قال نصيب في الإسلام».. الإبانة لابن بطه ص162.
وقال أبو بكر المروزي: «سألت أبا عبد الله عمن شتم أبا بكر وعمر وعثمان وعائشة رضي الله عنهم فقال: ما أراه على الإسلام» شرح الإبانة ص161.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الله الله في أصحابي لا تتخذوهم غرضاً بعدي فمن أحبهم فبحبي أحبهم ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم,ومن آذاهم فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله ومن آذى الله يوشك أن يأخذه» قال عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي: «من شتم أبا بكر الصديق رضي الله عنه فقد ارتد عن دينه وأباح دمه» «الإبانة ص162»، وشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لبعض الصحابة بالجنة وهم احياء، فقد روى الترمذي عن سعيد بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «عشرة في الجنة:أبو بكر في الجنة وعمر في الجنة وعثمان في الجنة وعلي في الجنة وطلحة في الجنة والزبير في الجنة وعبد الرحمن بن عوف في الجنة وسعد بن أبي وقاص في الجنة وسعيد بن زيد في الجنة وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة» «الترمذي3-311 وصححه الألباني».
وهذا ما اتفق عليه اهل السنة والجماعة في حب اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وهذه عقيدتنا وثوابتنا، وارجو من اخواني الاعضاء مقدمي الاستجواب مراجعة انفسهم، ليس من اجل احد، فقط من اجل الكويت لأن الوضع لا يحتمل.
alamrah75@gmail.com