ولأنها كانت تخاطب العقول السليمة والفطرة المستقيمة ،
والقلوب الواعية المتجردة من الهوى .
إن من أقوى الوسائل لفصل النزاع بين المختلفين بعد التحاكم
إلى الأصول الشرعية والبراهين العقلية : شهادات الآخرين ،
وقد شهد لهذه الدعوة المباركة ،
وإمامها وعلمائها ودولتها وأتباعها كثيرون من أهل العلم والفكر
والفضل والإنصاف ، من العلماء والأدباء والمفكرين والساسة والدعاة ، وغيرهم .
من المؤيدين ، والمعارضين ، والمحايدين ، من المسلمين وغير المسلمين ،
ومن كل بلاد العالم ومنذ نشأة الدعوة إلى يومنا هذا .
وإن كل الذين شهدوا لهذه الدعوة وإمامها وعلمائها ودولتها وأتباعها ،
كانوا يستندون في شهادتهم لها إلى البراهين والدلائل القاطعة التي لا يمكن
أن يتجاوزها المنصف إلا معترفًا بها ، ولا ينكرها إلا مكابر .
فإن فيما قاله أهلها وكتبوه وفعلوه ، وفي آثار هذه الدعوة الدينية
والدنيوية العلمية والعملية ، في العقيدة ، والنظام والسياسية ،
وسائر مناحي الحياة ومناشطها ، ما يشهد بالحق ويدحض الشبهات
والمزاعم والتخرصات والاتهامات .
علمًا بأن الدعوة ودولتها كانت في مراحلها الأولى لا تملك من
وسائل الدعاية والإغراء المادي ما يملكه خصومها كالأتراك وأمراء الأحساء ،
وأشراف مكة والبلاد المجاورة ، وغير المجاورة .
ولو اقتصرنا في الدفاع عن الدعوة ودولتها على أقوال المحايدين وكثير من الخصوم
في إنصافها والدفاع عنها لكان ذلك كافيًا في بيان الحقيقة ورد الشبهات ،
وإقناع من كان قصده الحق والتجرد من الهوى .
أما من كان دافعه الهوى والحسد أو العصبية أو المذهبية أو نحو ذلك
من الدوافع الصارفة عن الحق فلا حيلة فيه ، كما قال الله تعالى في
هذه الأصناف وأمثالهم من