عرض مشاركة واحدة
  #19  
قديم 11-08-2010, 04:31 PM
البحار الكبير البحار الكبير غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 407
معدل تقييم المستوى: 15
البحار الكبير is on a distinguished road
رد: شيء من الأدوية والأغذية المفردة التي جاءت على لسانه ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالحر

حرف القاف


قرآن
قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين‏}‏‏.‏ ‏[‏الإسراء‏:‏82 ‏]‏، والصحيح أن من ها هنا، لبيان الجنس لا للتبعيض، وقال تعالى ‏{‏يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور‏}‏ ‏[‏يونس‏:‏57‏]‏‏.‏
فالقرآن هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية، وأدواء الدنيا والآخرة، وما كل أحد يؤهل ولا يوفق للإستشفاء به، وإذا أحسن العليل التداوي به، ووضعه على دائه بصدق وإيمان، وقبول تام، واعتقاد جازم، واستيفاء شروطه، لم يقاومه الداء أبدًا‏.‏ وكيف تقاوم الأدواء كلام رب الأرض والسماء الذي لو نزل على الجبال، لصدعها، أو على الأرض، لقطعها، فما من مرض من أمراض القلوب والأبدان إلا وفي القرآن سبيل الدلالة على دوائه وسببه، والحمية منه لمن رزقه الله فهمًا في كتابه، وقد تقدم في أول الكلام على الطب بيان إرشاد القرآن العظيم إلى أصوله ومجامعه التي هي حفظ الصحة والحمية، واستفراغ المؤذي، والإستدلال بذلك على سائر أفراد هذه الأنواع‏.‏ وأما الأدوية القلبية، فإنه يذكرها مفصلة، ويذكر أسباب أدوائها وعلاجها‏.‏ قال‏:‏ ‏{‏أو لم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم‏}‏ ‏[‏العنكبوت‏:‏51‏]‏، فمن لم يشفه القرآن، فلا شفاه الله، ومن لم يكفه، فلا كفاه الله‏.‏
قثاء
في السنن من حديث عبد الله بن جعفر رضي الله عنه، أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يأكل القثاء بالرطب، ورواه الترمذي وغيره‏.‏
القثاء بارد رطب في الدرجة الثانية، مطفئ لحرارة المعدة الملتهبة، بطيء الفساد فيها، نافع من وجع المثانة، ورائحته تنفع من الغشي، وبزره يدر البول، وورقه إذا اتخذ ضمادًا، نفع من عضة الكلب، وهو بطيء الانحدار عن المعدة، وبرده مضر ببعضها، فينبغي أن يستعمل معه ما يصلحه ويكسر برودته ورطوبته، كما فعل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذ أكله بالرطب، فإذا أكل بتمر أو زبيب أو عسل عدله‏.‏
قسط وكست بمعنى واحد‏.‏ وفي الصحيحين من حديث أنس رضي الله عنه، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏(‏خير ما تداويتم به الحجامة والقسط البحري‏)‏‏.‏
وفي المسند من حديث أم قيس، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏(‏عليكم بهذا العود الهندي، فإن فيه سبعة أشفية منها ذات الجنب‏)‏‏.‏
القسط
نوعان إحداهما الأبيض الذي يقال له البحري‏.‏ والآخر الهندي، وهو أشدهما حرًا، والأبيض ألينهما، ومنافعهما كثيرة جدًا‏.‏
وهما حاران يابسان في الثالثة، ينشفان البلغم، قاطعان للزكام، وإذا شربا، نفعا من ضعف الكبد والمعدة ومن بردهما، ومن حمى الدور والربع، وقطعا وجع الجنب، ونفعا من السموم، وإذا طلي به الوجه معجونًا بالماء والعسل، قلع الكلف، وقال جالينوس ينفع من الكزاز، ووجع الجبين، ويقتل حب القرع‏.‏
وقد خفي على جهال الأطباء نفعه من وجع ذات الجنب، فأنكروه ولو ظفر هذا الجاهل بهذا النقل عن جالينوس لنزله منزلة النص، كيف وقد نص كثير من الأطباء المتقدمين على أن القسط يصلح للنوع البلغمي من ذات الجنب، ذكره الخطابي عن محمد بن الجهم‏.‏ وقد تقدم أن طب الأطباء بالنسبة إلى طب الأنبياء أقل من نسبة طب الطرقية والعجائز إلى طب الأطباء،وأن بين ما يلقى بالوحي، وبين ما يلقى بالتجربة، والقياس من الفرق أعظم مما بين القدم والفرق‏.‏ ولو أن هؤلاء الجهال وجدوا دواء منصوصًا عن بعض اليهود والنصارى والمشركين من الأطباء، لتلقوه بالقبول والتسليم، ولم يتوقفوا على تجربته‏.‏ نعم نحن لا ننكر أن للعادة تأثيرًا في الإنتفاع بالدواء وعدمه، فمن اعتاد دواء وغذاء، كان أنفع له، وأوفق ممن لم يعتده، بل ربما لم ينتفع به من لم يعتده‏.‏
وكلام فضلاء الأطباء وإن كان مطلقًا، فهو بحسب الأمزجة والأزمنة، والأماكن والعوائد، وإذا كان التقييد بذلك لا يقدح في كلامهم ومعارفهم، فكيف يقدح في كلام الصادق المصدوق، ولكن نفوس البشر مركبة على الجهل والظلم، إلا من أيده الله بروح الإيمان، ونور بصيرته بنور الهدى‏.‏
قصب السكر
جاء في بعض ألفاظ السنة الصحيحة في الحوض ‏(‏ماؤه أحلى من السكر‏)‏، ولا أعرف السكر في الحديث إلا في هذا الموضع‏.‏ والسكر حادث لم يتكلم فيه متقدمو الأطباء، ولا كانوا يعرفونه، ولا يصفونه في الأشربة، وإنما يعرفون العسل، ويدخلونه في الأدوية، وقصب السكر حار رطب ينفع من السعال، ويجلو الرطوبة والمثانة، وقصبة الرئة، وهو أشد تليينًا من السكر، وفيه معونة على القئ، ويدر البول، ويزيد في الباه‏.‏ قال عفان بن مسلم الصفار من مص قصب السكر بعد طعامه، لم يزل يومه أجمع في سرور، انتهى‏.‏ وهو ينفع من خشونة الصدر والحلق إذا شوي، ويولد رياحًا دفعها بأن يقشر، ويغسل بماء حار‏.‏ والسكر حار رطب على الأصح، وقيل بارد، وأجوده الأبيض الشفاف الطبرزد، وعتيقه ألطف من جديده، وإذا طبخ ونزعت رغوته، سكن العطش والسعال، وهو يضر المعدة التي تتولد فيها الصفراء لاستحالته إليها، ودفع ضرره بماء الليمون أو النارنج، أو الرمان اللفان‏.‏ وبعض الناس يفضله على العسل لقلة حرارته ولينه، وهذا تحامل منه على العسل، فإن منافع العسل أضعاف منافع السكر، وقد جعله الله شفاء ودواء، وإدامًا وحلاوة، وأين نفع السكر من منافع العسل من تقوية المعدة، وتليين الطبع، وإحداد البصر، وجلاء ظلمته، ودفع الخوانيق بالغرغرة به، وإبرائه من الفالج واللقوة، ومن جميع العلل الباردة التي تحدث في جميع البدن من الرطوبات، فيجذبها من قعر البدن، ومن جميع البدن، وحفظ صحته وتسمينه وتسخينه، والزيادة في الباه، والتحليل والجلاء، وفتح أفواه العروق، وتنقية المعى، وإحدار الدود، ومنع التخم وغيره من العفن، والأدم النافع، وموافقة من غلب عليه البلغم والمشايخ وأهل الأمزجة الباردة، وبالجملة فلا شيء أنفع منه للبدن، وفي العلاج وعجز الأدوية، وحفظ قواها، وتقوية المعدة إلى أضعاف هذه المنافع، فأين للسكر مثل هذه المنافع والخصائص أو قريب منها ‏؟‏‏.‏

رد مع اقتباس