عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 10-07-2005, 06:47 AM
سهيل الجنوب سهيل الجنوب غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Apr 2005
المشاركات: 873
معدل تقييم المستوى: 20
سهيل الجنوب is on a distinguished road

لهذا فإن اهتمام الأب بموضوع الكتابة بجانب القراءة يعد أمراً هاماً، لعظم الصلة بينهما، ويمكن بعد أن يعرف الولد أشكال الأحرف: أن يدرب على الإمساك بالقلم، فإن الطفل يمكنه تعلم طريقة إمساك القلم في الفترة من الثانية إلى الرابعة من عمره، فيُمكَّن من الكتابة على بعض الأوراق الكبيرة البيضاء، أو الملونة، مع استخدام الأقلام الملونة الجذابة، أو بالإمكان استخدام اللوح، أو غير ذلك حسب الإمكان، والأطفال في هذه الفترة مشغوفون بالرسم والتلوين، فيتعلمون رسم الأحرف والأعداد وتلوينها.

ولا يغفل الأب عن تشجيع ولده ومتابتعته والاهتمام بإنجازه، حتى وإن كان تافهاً غير مفهوم. مع ملاحظة قضية عدم إجبار الولد على استعمال يده اليمنى عند الكتابة أو الرسم، إن كانت كتابته باليسار طبيعية، قد جبل عليها، فإن إجباره يؤدي إلى إضطراب نفسي، وتركه على طبيعته ليس فيه محظور شرعي، إن لم يستعملها في الطعام أو الشراب.

كما أن الطفل يفتح عليه أول ما يفصح بكلمة التوحيد "لا إله إلا الله" فإه يُفضَّل أن يفتح عليه أيضاً عند أول قدرته على الكتابة أن يتعلم كتابة "لا إله إلا الله" أو "الله". وذلك بدلاً من البداء بكتابة اسمه كما هو الحال مع أكثر الآباء عند تعليم أولادهم الكتابة، حيث يبتدئون بتعليمهم كتابة أسمائهم، ولا شك أن الابتداء بكتابة اسم "الله" أعظم وأجل، وأوقع في نفس الوقد لتعظيم الله عز وجل، فإذا كان اللفظ "بلا إله إلا الله" والطفل بعد لا يعقل أمراً مستحباً، فإن بدأه بكتابتها وهو أعقل وأكبر أولى وأحرى.

إذا التحق الولد بالمدرسة الابتدائية، أو الروضة وحصلت له القدرة على القراءة، فإنه يوجه إلى القصص والروايات والكتب الصغيرة التي تناسب سنه، فيّؤمن الأب له في مكتبته الصغيرة مجموعة من هذه المطبوعات الجيدة، مراعياً شروط اختيارها، ومطلّعاً على مضامينها، فيشجع ولده على الإطلاع عليها وقراءتها، ولا بأس أن يشاركه الأب في أول الأمر، ويقرأ عليه بعض الصفحات من وقت لآخر، حتى يضمن شغف الولد بها، وانجذابه إليها، مراعياً أن يفهم الولد مضمونها وما تدور حوله أحداث القصة، فإن كثيراً من القُرَّاء الكبار - فضلاً عن الصغار - يجدون صعوبة في التقاط الأفكار الرئيسية من الكتاب، أو القصة. فيخرج القارىء بجزئيات حول الموضوع دون الفكرة الرئيسية. وهنا يكون دور الأب المثقف أن يعلّم ولده كيف يلتقط الفكرة الرئيسية التي تدور عليها أحداث القصة، أو مضمون الكتاب، وبذلك يكون قد خدم ولده خدمة عظيمة، قد فاتت على الكثير من الناس.

رابعاً: القصص والروايات:

تعد القصة وسيلة تربوية هامة في منهج التربية الإسلامية، حيث لا يقتصر دورها التربوي، وتأثيرها العاطفي والنفسي على الأطفال الصغار فحسب، بل يتعدى ذلك ليشمل الكبار والشيوخ. فهذا كتاب الله عز وجل قد تضمن بين دفتيه المباركتين قصصاً كثيرة تربى عليها الكبار في العهد النبوي، وما بعده قبل أن يتربى عليها الصغار، فأثمر تأثيرها - ممتزجاً بباقي جوانب المنهج الإسلامي - نماذج بشرية فاقت كل جيل قبلها، وأعجزت كل جيب بعدها أن يماثلها أو يساويها.

إن وجود هذا العدد الهائل من القصص في كتاب الله عز وجل، وسرد بعضها بتفصيل دقيق، وذكر بعضها في أكثر من سورة، رغم الإيجاز في توضيح أحكام الصلاة، والصيام، والزكاة، والحج، رغم أنها أركان الإسلام وأساساته، فهذه الشعائر التعبدية العظيمة لم يرد لها تفصيل في القرآن الكريم كما هو الحال في حق القصص القرآني الضي فُصَّل تفصيلاً دقيقاً وكثيراً، إن في هذا إشارة بالغة الوضوح في أن لهذا القصص مكانته وأهميته التربوية في منهج التربية الإسلامية.

وإذا كان الأمر كذلك فإن استخدام الأب للقصة في مجال توجيه الولد وتربيته، يعد أمراً موافقاً لمنهج التربية الإسلامية الصحيح، خاصة وأن التربويين يكادون يجمعون على أهمية استخدام القصة في تربية النشء، وأن لها أثراً تربوياً جيداً على شخصياتهم، فهي تقوي الخيال عندهم، وتشد انتباههم، وتنمي لغتهم، وتدخل عليهم السرور والبهجة، إلى جانب أنها تعلمهم الفضائل والأخلاق من خلال أحداثها المثيرة.

وعند اختيار الأب للقصة يراعي بعض الأمور:

أ) أن تهدف إلى فوائد خلقية وأدبية وعلمية مع تجنب القصص السخيفة.

ب) أن تضم جانباً من الفكاهة والمرح لجذب انتباه الولد وإدخال السرور عليه.

ج) إظهار الانفعالات على الوجه والصوت حسب المواقف المختلفة ليعيش الولد واقع القصة.

د) الثناء على أصحاب الفضل في القصة، وذم أصحاب الباطل والتقليل من شأنهم.

هـ) تجنب الوقائع التاريخية التي لا يفهمها الأطفال وليس فيها دروس أخلاقية تنفعهم، مثل مقتل عثمان رضي الله عه، أو موقعة الجمل، أو معركة صفين وغيرها من القصص التي لا تناسب الأطفال.

رد مع اقتباس