عرض مشاركة واحدة
  #15  
قديم 19-09-2006, 11:20 PM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

لمصلحة من يحيي البابا ثقافة الصراع بين المسلمين والفاتيكان؟


محمد جابر الأنصاري الحياة - 19/09/06//

استطاع البابا بنديكتوس السادس عشر أن يمسح بجرة قلم كل الصور المستحبة والمقبولة للباباوات المصلحين المحدثين وأن يعيد إلى ذاكرتنا أبشع صور التعصب المذموم للقرون الوسطى التي تجاوزها عالمنا بجهد جهيد. ومن حيث أكتب وأنتمي في البحرين لا أشعر بحاجة لأحد ليعلمنا التسامح والبعد عن العنف، فقد تعايشنا وتعايش أسلافنا منذ أزمان مع مختلف أهل الديانات بلا عقد .

وإذا كان أحرار الفكر في العالم الإسلامي يتصدون لتيارات خنق الحقيقة والحرية في عالمهم، فعليهم من باب أولى التصدي للدعوات المشبوهة باسم الأديان الأخرى ذات الصفة الظلامية والانحطاطية والرجعية كما عكسته «محاضرة» بابا الفاتيكان الأخيرة والتي رجع فيها إلى نصوص تاريخية متخلفة ضد الإسلام تمثل روح الحروب الصليبية، والصراع القديم بين بعض دول أوروبا والسلطنة العثمانية .

إن أخطر ما في هذه المحاضرة هو الذهنية البابوية الراهنة التي تتعمد فتح الملفات القديمة البالية التي تجاوزتها حركة التقدم في العالم الحديث، بما في ذلك العالمين المسيحي والإسلامي حيث تجري حوارات متقدمة منذ عقود بين الجانبين الراغبين معاً في تجاوز حزازات الماضي والانفتاح على مستقبل إنساني أفضل كما كان يحاول البابا الراحل. غير أن البابا الحالي امتداداً لتيار «المحافظين الجدد» في الولايات المتحدة وخضوعاً لهم، فيما يبدو، يحاول إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، بفتح تلك الملفات البالية التي لا يخدم فتحها أي إنسان في أي مكان، ولا يعيد سوى ذكريات الكراهية والحقد والدماء، تمهيداً لإعادة فرضها على عالم تجاوزها – وإنسـانية ترفضها، وتريد بعض القوى في العالم إعادتها بدافع الكراهية وحب الهيمنة. وقبل التعرض للإسلام تهجم البابا الجديد على حركات الإصلاح الديني البروتستانتي وكاد يخرجها من دائرة العقيدة المسيحية! وإذا كان التبرير المكرر لمصادر الفاتيكان يقول إن «النص» لا يعبر عن رأي البابا الشخصي، فلماذا تعمد اختياره أصلاً وهو رأس الكنيسة وليس مجرد محاضر؟

إن هذه النزعة لدى البابا «الجديد» بفكره «العتيق» الميال إلى إحياء ثقافة الصراع، تمثل أكبر تهديد لأوروبا الجديدة ذاتها قبل أن تمس المسلمين أو غيرهم. فأوروبا المتحدة الجديدة تعمل على إعادة صياغة ذاتها والغرب عموما صياغة إنسانية منفتحة على العالم وعلى جيرانها المسلمين بالذات من منطلق نهضتها الليبرالية الحديثة وليس من صالحها أن يظهر على رأس واحدة من أهم مؤسساتها الدينية حبر أعظم يناقض معتقده وتفكيره كل ما ناضل الأوروبيون من أجله منذ قرون. إن حرق العلماء باسم «الحقيقة» الكنسية مازال ماثلاً للأذهان، كما أن صكوك الغفران التي ثار ضدها المناضل والمصلح الديني الكبير مارتن لوثر ما زالت موضع استهجان العالم أجمع، بينما «محاكم التفتيش» التي أقامتها البابوية في أسبانيا ضد اليهود والمسلمين بعد خروج العرب منها تبقى المثل الأسوأ للتعصب الديني في الذاكرة الإنسانية. ألم يكن كل هذا عنفاً دموياًً باسم الدين – الذي هو بالمناسبة دين المحبة كما بشر به السيد المسيح عليه السلام – فلماذا تغافل الحبر الأعظم عن هذا كله في محاضرته العصماء ولم يتذكر إلا المقولة الباطلة للإمبراطور البيزنطي مانويل باليولوغوس (الذي يسبغ عليه سعة العلم) في الإسلام ونبّيه الكريم في وقت تأججت فيه نار الصراع الديني وفي زمن لم تكن فيه السلطنة العثمانية بمستوى سماحة النبي العربي؟

نتمنى أن تكون هذه الإشارة البابوية هفوة أو زلة لسان ولكن الخشية أن يكون وراء الأكمة ما وراءها. فمن المقلق ان البابا يقف أصلاً ضد دخول تركيا للاتحاد الأوربي وقد أصدر إعلاناً رسمياً بذلك عام 2004 م.

وفي تقديرنا فأسوأ ما يمكن أن يحدث للعلاقات الإسلامية المسيحية رفض انضمام تركيا إلى أوروبا المتحدة وهذه نصيحة وصيحة تحذير نأمل أن تسمعها دول أوروبا الصديقة. فهذا الرفض سيقدم لقوى التعصب في العالم الإسلامي بالذات أقوى ذريعة وحجة لتأكيد توجهاتها المتشددة، بينما انضمام تركيا إلى جوارها الأوروبي من شأنه أن يشيع مسحة من الأمل في علاقات إنسانية أفضل بين الجانبين - هذا مع تفهمنا للصعوبات التي ستواجه الأوروبيين بانضمام ثمانين مليون تركي إلى اتحادهم – كما أن انضمام تركيا من شأنه أيضاً تأكيد الطابع الليبرالي المتحرر للمجتمعات الأوروبية التي تعمل قوى التعصب الديني على إعادتها إلى الوراء كما نخشى أن تفعله المحاضرة البابوية غير الموفقة التي تسعى لهدم كل ما تمثله أوروبا الحديثة من إنسانية وانفتاح. هذا لا يعني إن المناخ الديني في عالمنا الإسلامي هو كما نأمله، وأن المسيحيين العرب مطمئنون إلى المستقبل، لكنه يمثل تنبيهاً لنا لتجنب الأسوأ وقطع الطريق على من يريد استغلال ذلك .

ربما كان البابا بنديكتوس السادس عشر متبحراً في قضايا اللاهوت بحكم عمله قبل البابوية كمفتش عقائدي كما يسميه البعض، ولكن فوق كل ذي علم عليم، كما يعلمنا القرآن الكريم الذي لا أعلم مدى دراية البابا بتعاليمه وروحه المتسامحة. وحبذا لو اهتم الحبر الأعظم بإعادة تثقيف ذاته، ولا عيب في ذلك، بالتركيز على علم الأديان المقارنة التي يتجاوز منهجها اتخاذ مذهب ديني بعينه مركزاً للحقيقة واعتبار ما عداه هوامش اعتقادية لا أهمية لها. نحن لا ندعوه الى الخروج من عقيدته التي نحترمها كما يعلمنا قرآننا الكريم: «ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا، الذين قالوا إنا نصارى» ... الآية 82 / المائدة، ولكن يمكن أن نتصور الضيق الذي يمكن أن يساور كل من يعيش في «غيتو» اعتقادي أو مذهبي، ويتوهم أنه وحده يمتلك الحقيقة الإلهية كاملة، وذلك عندما توضع كل المعطيات في مختلف الظواهر الدينية على الطاولة، بالنهج المقارن للأديان، ويشار إلى أن الإنسانية في تاريخها الطويل ومكابدتها الإيمانية قد مرت بكل تلك التنوعات الروحية في سبيل الوصول إلى الحقيقة.

إن أوروبا النهضة – وهي المحيطة بالفاتيكان من كل جانب – قد تجرأت على القيام بهذه الرحلة الروحية والفكرية المضنية منذ قرون، فهل يجرؤ البابا «الأوروبي» بنديكتوس السادس عشر على المرور بهذه النظرة المقارنة إذا كان لا ينوي العودة بأوروبا والكثلكة ومحيطهما الإنساني إلى صراعات القرون الأوروبية الوسطى والعصور المظلمة! ولكن تعمد الاستشهاد بذلك الإمبراطور البيزنطي، واختيار ذلك النص المغلوط على وجه التحديد، يشي بأن البابا يستعيد أجواء الحروب الصليبية ويستعد لحملات صليبية جديدة لن يقبل بها المجتمع الإنساني، وفي طليعته الفرق المسيحية الكبرى الثلاث: الكاثوليكية والأرثوذكسية والبروتستانتية.

ان محاضرته «البيزنطيـة» تكشف لا شعورياً عبر تلافيف الجغرافيا الأوروبية عن هاجسه «التركي»، وإن شملت الإساءة جميع المسلمين وجميع محبي الحقيقة في العالم، وعلى رأسهم المسيحيون والكاثوليك الأحرار. فحملته «الصليبية « الأولى، والتي بدأها عام 2004 بإعلان معارضته لانضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، هي التي يريد التعبئة لها اليوم لإغلاق البوابة الأوروبية أمام الأتراك وتحويل أوروبا إلى قلعة محاصرة يتحكم فيها الكرسي البابوي بزعامته، كما كان الأمر قبل حركات الإصلاح الديني التي قدم الأوروبيون تضحيات عظيمة في سبيلها.

والطريـف أن التقارير الصحفية تـشير إلى أن زيارتـه المقــررة إلى تركيا ما تزال «مقررة». فماذا لديه الآن ليقوله للأتراك؟ نرجو ألا يحمل معه إلى تركيا المزيد من الملفات «البيزنطية» العالقة التي بدأ ينفض عنها الغبار!

واللافت أخيراً أن أوروبا كدول وسياسة أثبتت ميلها إلى أن تكون مستقلة ومتحررة من هيمنة العداء للعرب والمسلمين وشعوب العالم الأخرى. فهل تكون توجهات البابا بنديكتوس السادس عشر هي الثغرة التي سينفذ منها حصان طروادة الجديد؟


كاتب من البحرين

 

التوقيع

 



من كتاباتي
صرخاااات قلم (( عندما تنزف ريشة القلم دما ))
قلم معطل وقلم مكسوووور
عندما ’تطرد من قلوب الناس !!!!!!(وتدفن في مقبرة ذاتك)
دعاة محترفون لا دعاة هواه ( 1)
الداعية المحترف واللاعب المحترف لا سواء(2)
نعم دعاة محترفين لا دعاة هواة!!!! (( 3 ))
خواطر وجها لوجه
همسة صاااااااااااارخه
خواطر غير مألوفه
اليوم يوم الملحمه ...
على جماجم الرجال ننال السؤدد والعزه
عالم ذره يعبد بقره !!!
معذرة يا رسول الله فقد تأخر قلمي
دمعة مجاهد ودم شهيد !!!!!!
انااااااااا سارق !!!!
انفلونزا العقووووووووول
مكيجة الذات
الجماهير الغبيه
شمووووخ إمرأه

 
 
رد مع اقتباس