امبراطـورية التتـار (7) : من هو جنكيزخان ؟
السلطان الأعظم عند التتار ، وهوالذي وضع لهم السياسا التي يتحاكمون إليها ويحكمون بها ، وأكثرها مخالف لشرائع الله تعالى وكتبه ، وهو شيء اقترحه من عند نفسه ، وتبعوه في ذلك ، وكانت تزعم أمه أنها حملته من شعاع الشمس ، فلهذا لا يعرف له أب ، والظاهر أنه مجهول النسب .
وكان في ابتداء أمره خصيصاً عند الملك أز بك خان ، وكان إذ ذاك شاباًحسناً ، وكان اسمه أولاً تمرجي ، ثم لما عظم سمى نفسه جنكيزخان ، وكان هذا الملك قد قربه وأدناه ، فحسده عظماء الملك ووشوا به إليه حتى أخرجوه عليه ، ولم يقتله ولم يجد له طريقاً في ذنب يتسلط عليه به ، فهو في ذلك إذ تغضب الملك على مملوكين صغيرين فهربا منه ولجآ إلى جنكيز خان فأكرمهما وأحسن إليهما ، فأخبراه بما يضمره الملك أز بك خان من قتله ، فأخذ حذره وتحيز بدولة ، وأتبعه طوائف من التتار ، وصار كثيراً من أصحاب أز بك خان ينفرون إليه ويفدون عليه فيكرمهم ويعطيهم ، حتى قويت شوكته وكثرت جنوده ، ثم حارب بعد ذلك أز بك خان فظفر به وقتله ، واستحوذ على مملكته وملكه ، وعظم أمره وبعد صيته ، وخضعت له قبائل الترك كلها حتى صار يركب في نحو ثمانمائة ألف مقاتل ، وأكثر القبائل قبيلته التي هو منها ، وكان يصطاد من السنة ثلاثة أشهر والباقي للحرب والحكم .
ثم نشبت الحرب بينه وبين الملك علاء الدين خوارزم شاه صاحب بلاد خراسان وأذربيجان والعراق وغير ذلك ، فقهره جنكيز خان وغلبه واستحوذ على سائر بلاده بنفسه وبأولاده في أيسر مدة بلا منازع ولا مدافع ، كما ذكرنا في الحلقات السابقة ، وكان ابتداء ملك جنكيز خان سنة 599 هـ ، ووفاته سنة 624هـ ، فجعلوه في تابوت من حديد وعلقوه بين جبلين هنالك .
وأما كتابه الياسا فإنه كان يكتب في مجلدين بخط غليظ ، ويحمل على بعير عندهم ، وقد ذكر بعضهم أنه كان يصعد جبلاً ثم ينزل ثم يصعد ثم ينزل مراراً حتى يعي ويقع مغشياً عليه ، ويأمر من عنده أن يكتب ما يلقى على لسانه حينئذ ، فإن كان هذا هكذا فالظاهر أن الشيطان كان ينطق على لسانه بما فيها.
المصدر : البداية والنهاية 13/117-121 باختصار