الموضوع: الصلاة
عرض مشاركة واحدة
  #27  
قديم 29-09-2008, 02:11 AM
shireen shireen غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2007
المشاركات: 56
معدل تقييم المستوى: 18
shireen is on a distinguished road
رد: الصلاة

أما الآية الثالثة وهي كلمة
(مالك يوم الدين)فهي تبيّن لك أن هذا الرب الرحيم الذي كل فعله لعباده إحسان وخير هو المالك يوم القيامة وليس لأحد من الخلق يومئذٍ إرادة ولا اختيار في عمل يتقرب به إلى الله. وإذا كان قد منحك الله في هذه الحياة الدنيا حُريّة الاختيار لتقوم بالأعمال التي تكون سبباً في سعادتك يوم المعاد فقد انقضى في ذلك اليوم العظيم وقت العمل ومضى وسيكون يومئذٍ الحساب وسيكون الجزاء على الأعمال وليس لأحد إذ ذاك أن يختار غير ما يستحق وليس يُجزى إلا على ما قدَّم، إن خيراً فخير وإن شراً فشر.

وتفصيلاً لمعنى هذه الآيات الثلاثة نقول
: أما الآية الأولى وهي كلمة (الحمد لله رب العالمين)فإنما تنطوي تحتها معان جمّة فهي تعرفنا أن الله تعالى "رب".. وأن هذه الربوبية عامة فهو سبحانه وتعالى رب العالمين ثم هي تعرفنا أيضاً بأنه تعالى هو المسير لأمور هذا الكون وهي تعرفنا بأنه يحمد على تسييره وأن الحمد مقصور عليه فله الحمد وحده وبصورة عامة إنما تعرفنا بأن رب العالمين المسير لما في الكون من إنسان وحيوان أو أي شيء إنما يحمد على كل حال وأن كل فعله وسائر ما يسوقه لمخلوقاته فضل وإحسان وخير.

ونعرفك بكلمة
(رب)فنقول: الرب هو المربي مأخوذة من ربَّى وأصل الفعل ربا بمعنى زكا ونما وكما تقول ربا الزرع أي: نما وتشدِّد الباء فتقول: ربَّى فلان الغنمة أي خصَّها بالعناية فجعلها بسبب هذه العناية تنمو وتستمر في الحياة فأمدها بما يلزمها من مأكل منوَّع مُغذِّي وشرب موافق روي وعني بإيوائها في مأوى خاص مهوّى وأسامها في الأرض ترعى في الفلاة متعرضة لنور الشمس والهواء النقي.. وبصورة عامة قدّم لها سائر ما يتوقف عليه دوام وجودها وحياتها واستمرار نمائها.

فالتربية إذاً تعني الإمداد بما يلزم لدوام الحياة واستمرار الوجود والنماء وقد أصبح من السهل علينا أن ندرك معنى التربية لنبتة أو لزرع، ومعنى تربية طفل أو شخص، ومن اليسير علينا أن ندرك المراد من قولنا المعلم مربٍ وأن ندرك مجال تربيته والنواحي التي يخصها بعنايته
. وكذلك الأمر بالنسبة للمرشد والرسول وبصورة أعم نستطيع أن ندرك طرفاً من تربية الله تعالى لهذا الإنسان وعنايته به وإمداده إياه بما يلزم منذ أن كان جنيناً في بطن أمه حتى أضحى طفلاً ضعيفاً وما كان يرافق هذه الطفولة من العناية الإلهية في تسخير الأم المشحون قلبها بالعطف والحنان إلى أن أصبح إنساناً سوياً ورجلاً كاملاً ثم دوام هذه التربية واستمرارها عليه حتى آخر لحظة من لحظاته.

ويضيق بنا المجال ولا تتسع بطون الكتب لشرح معنى كلمة
(رب)ونحن وإن كنا لا نستطيع أن نجد لهذه الكلمة نهاية غير أن ذلك لا يمنعنا من تقريب القارئ من معناها بعض الشيء فلعله إذا هو فكَّر أدرك طرفاً من هذه التربية ووجد نفسه على شاطئ بحر خضم منها لا يدرك لها قراراً ولا تُحدُّ بحدٍ وهنالك يعظِّم المربِّي ويقدِّره وتخشع نفسه له وتعلم أن الحمد كله له.

أرأيت تربيتك في بطن أمك إذ جعلك تعالى في مستودع محفوظ من كل أذى وضرر ذي حرارة مناسبة وجو معتدل يأتيك رزقك رغداً بأصول ونظام تحار له العقول وأنت تسبح في الماء لا يضرك شيء من الأشياء يساق لك الدم صافياً نقياً والغذاء كاملاً وتخلق خلقاً من بعد خلق حتى تغدو إنساناً سوياً
.

رد مع اقتباس