عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 14-10-2007, 02:33 PM
بنت الكويت بنت الكويت غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Oct 2007
الدولة: k u ω a i Ŧ
العمر: 40
المشاركات: 43
معدل تقييم المستوى: 0
بنت الكويت is on a distinguished road
رد: بيان عقيدة أهل السنة والجماعة ولزوم اتِّباعها

الأصل الثالث: الإيمان بالكتب: يجب الإيمان بالكتب إجمالاً وأن الله عز وجل أنزلها على أنبيائه ورسله لبيان حقيقة التوحيد والدعوة إليه، قال عز وجل: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} [الحديد: 25] ونؤمن على سبيل التفصيل بما سمى الله منها: كالتوراة، والإنجيل، والزبور، والقرآن العظيم، والقرآن أفضلُها وخاتمُها والمُهَيمِنُ عليها، والمصدّقُ لها، وهو الذي يجب على جميع العباد اتباعه وتحكيمه، مع ما صحت به السنة. الأصل الرابع: الإيمان بالرسل: الإيمان بالرسل، فيُصدّق المُسلم تَصدِيقًا جازمًا بأن الله عز وجل أرسل الرسل؛ لإخراج الناس من الظلمات إلى النور، فيجب الإيمان بهم إجمالاً وتفصيلاً، فيجب الإيمان بهم على وجه الإجمال، ويجب الإيمان بمن سَمَّى الله منهم على وجه التفصيل، قال الله عز وجل: {رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} [النساء: 165] فيؤمن العبد أن من أجاب الرسل فاز بالسعادة ومن خالفهم باء بالخيبة والندامة، وخاتمهم وأفضلهم هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. الأصل الخامس: الإيمان باليوم الآخر: الإيمان باليوم الآخر يدخل فيه الإيمان بكل ما أخبر الله به وأخبر به رسوله صلى الله عليه وسلم مما يكون بعد الموت ومن ذلك ما يأتي: 1ـ عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا وضعت الجنازة فاحتملها الرجال على أعناقهم فإن كانت صالحة قالت: قدموني قدموني وإن كانت غير صالحة قالت: يا ويلها أين تذهبون بها؟ يسمع صوتَها كلُّ شيء إلا الإنسان ولو سمعها الإنسان لصعق"، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: "أسرعوا بالجنازة فإن تك صالحةً فخير تقدمونها إليه وإن تَكُن غير ذلك فشرٌّ تضعونَهُ عن رقابكم". 2ـ الإيمان بفتنة القبر وأن الناس يمتحنون في قبورهم بعد الموت فيقال للإنسان: من ربك وما دينك ومن نبيك؟ فالمؤمن يقول: ربي الله وديني الإسلام، ونبيي محمد صلى الله عليه وسلم، والفاجر يقول: هاه هاه لا أدري سمعت الناس يقولون شيئًا فقلته، فيقال له: لا دريت ولا تليت فيضرب بمطرقة من حديد فيصيح صيحة يسمعها كل شيء إلا الإنسان، وفي رواية "يسمعها من يليه إلا الثقلين". قال الله تعالى: { يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ}. 3ـ الإيمان بنعيم القبر وعذابه: فقد ثبت بالكتاب والسنة وهو حق يجب الإيمان به، والعذاب يجري على الروح والجسد تبع له ويوم القيامة على الروح والبدن جميعًا. فعذاب القبر ونعيمه حق دلّ عليه كتاب الله وسنةُ رسوله صلى الله عليه وسلم. 4ـ القيامة الكبرى: حين ينفخ إسرافيل في الصور النفخة الأولى ثم ينفخ نفخة البعث والنشور فتعاد الأرواح إلى أجسادها فيقول الناس من قبورهم لرب العالمين حفاة عراة غرلاً. 5ـ الميزان الذي توزن به الأعمال، ويوزن العاملُ وعملُه {فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ، وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ} [المؤمنون: 102-103]. 6ـ الدواوين وتطاير الصحف، فآخذ كتابه وصحائِفَ أعماله بيمينه، وآخذ كتابه بشماله من وراءِ ظهره: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيهْ، إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيهْ، فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ، فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ، قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ، كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأَيَّامِ الْخَالِيَةِ، وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيهْ، وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيهْ، يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ، مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيهْ، هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيهْ} [الحاقة: 19-29]، وقال تعالى: {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ، فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا، وَيَصْلَى سَعِيرًا} [الانشقاق: 10-12]. 7ـ الحساب؛ فإن الله يوقف عباده على أعمالهم قبل الانصراف من المحشر فيرى كلُّ إنسان عمله: {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا} [آل عمران: 30] {وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} [الكهف: 49]. 8 ـ الحوض؛ فيجب التصديق الجازم بأن حوض النبي صلى الله عليه وسلم في عرصات القيامة ماءُهُ أشد بياضًا من اللبن وأحلى من العسل، آنيته عدد نجوم السماء، وطوله شهر وعرضه شهر، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدًا، وهذا مختص بمحمد صلى الله عليه وسلم ولكن نبي حوض ولكن أعظمها حوض النبي صلى الله عليه وسلم. 9ـ الصراط؛ وبعده القنطرة بين الجنة والنار يجب الإيمان بذلك وهو منصوب على متن جهنم، يمر عليه الأولون والآخِرون، وهو أحدُّ من السيف وأدقّ من الشعر، يمرّ عليه الناس على حسب أعمالهم فمنهم من يتجاوزه كلمح البصر، وكالبرق، والكريح، وكالفرس الجواد، وكركاب الإبل، ومنهم من يعدو عدوًا، ومنهم من يمشي، ومنهم من يزحف زحفًا، ومنهم من يسقط في جهنم، وعلى حافة الجسر كلاليب تخطف من أمرت بخطفه، فإذا تجاوز المؤمنون وقفوا على قنطرة بين الجنة والنار فيقتص لبعضهم من بعض فإذا نُقُّوا أُذِنَ لهم في دخول الجنة. 10ـ الشفاعة وهي سؤال الخير للغير، وهي أنواع، منها: الشفاعة العظمى لأهل الموقف، والشفاعة في أهل الجنة أن يدخلوها والشفاعة في تخفيف العذاب عن أبي طالب، وهذه الثلاثة خاصة بمحمد صلى الله عليه وسلم. والشفاعة فيمن استحق النار أن لا يدخلها، وفيمن دخلها أن يخرج منها، ويخرج الله عز وجل من النار أقوامًا بغير شفاعة، بل برحمته وفضله، وهذه الشفاعة يشترك فيها النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وهي تتكرر من النبي صلى الله عليه وسلم أربع مرات: 1- يشفع فيمن كان في قلبه مثقال شعيرة من إيمان. 2- يشفع فيمن كان في قلبه مثقال ذرة أو خردلة من إيمان. 3- ثم فيمن كان في قلبه أدنى حبة من خردل من إيمان. 4- ثم فيمن قال: لا إله إلا الله ويقول الله تعالى: "شفت الملائكة وشفع النبيين، وشفع المؤمنون، ولم يبق إلا أرحم الراحمين فيقبض قبضة من النار فيخرج منها قومًا لم يعملوا خيرًا قط". 11ـ الجنة والنار، يجب الاعتقاد بأن الجنة والنار مخلوقتان لا تفنيان، والجنة دار أوليائه والنار دار أعدائه، وأهل الجنة فيها مخلدون وأهل الناس من الكفار مخلدون، والجنة والنار موجودتان الآن وقد رآهما رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الكسوف، وليلة المعراج، وقد ثبت في الحديث الصحيح أن الموت يجاء به في صورة كبش أملح فيوقف بين الجنة والنار ويذبح ويقال: يا أهل الجنة خلود فلا موت ويا أهل النار خلود فلا موت. الأصل السادس: الإيمان بالقدر خيره وشره: ويتضمن الإيمان بأمور أربعة: 1ـ الإيمان بأن الله تعالى علم أحوالَ عباده وأرزاقَهم وآجالهم وأعمالهم وما كان ويكون لا يخفى عليه شيء: {إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [العنكبوت: 62]، {لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا} [الطلاق: 12]. 2ـ كتابتهُ عز وجل لكل المقادير، قال عز وجل: {وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ} [يس: 12]، وقال سبحانه: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [الحج: 70]، وفي صحيح مسلم: "كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة". 3ـ الإيمان بمشيئة الله النافذة فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، قال عز وجل: {وَمَا تَشَاؤُونَ إِلا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [التكوير: 29]، وقال: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس: 82]. 4ـ الإيمان بأن الله هو الخالق لكل شيء وما سواه مخلوق له، قال عز وجل: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} [الزمر: 62]. أمور تدخل في الإيمان بالله عز وجل: 1ـ يدخل في الإيمان بالله الصادق بجميع ما أوجبه الله على عباده وفرضه عليهم كأركان الإسلام الخمسة وغيرها مما أوجب الله على عباده. 2ـ ومن الإيمان بالله: الاعتقاد بأن الإيمان قول وعمل. 3ـ ومن الإيمان الحب في الله والبغض في الله. ثالثًا: وسطيّةُ أهلِ السُّنَّةِ والجماعة: 1ـ أهل السنة وسط في باب صفات الله عز وجل بين أهل التعطيل وأهل التمثيل: قال الله عز وجل: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} فأهل الإسلام وسط بين الملل، وأهل السنة وسط بين الفرق المنتسبة إلى الإسلام، فهم وسط بين أهل التعطيل الذين ينفون صفات الله عز وجل وبين أهل التمثيل الذين أثبتوها وجعلوها مماثلة لصفات المخلوقين. فأهل السنة أثبتوا صفات الله إثباتًا بلا تمثيل، وينزهون الله عز وجل عن مشابهة المخلوقين تنزيهًا بلا تعطيل، فجمعوا بين التنزيه والإثبات وقد ردَّ الله على الطائفتين بقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} رَدٌّ على المشبهة، {وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} ردّ على المعطّلة. 2ـ أهل السنة وسط في باب أفعال العباد بين الجبرية والقدرية: فالجبرية الذين هم أتباع جهم بن صفوان يقولون إن العبد مجبور على فعله كالريشة في مهب الريح، والقدرية الذين هم المعتزلة أتباع معبد الجهني ومن وافقهم قالوا: إن العبد هو الخالق لأفعاله دون مشيئة الله وقدرته، وهدى الله أهلَ السنة والجماعة لأن يكونوا وسطًا بين هاتين الفرقتين فقالوا إن الله هو الخالق للعباد وأفعالِهِم، والعبادُ فاعلون حقيقة ولهم قدرة على أعمالهم والله خالقهم وخالق أعمالهم وقدراتهم {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} [الصافات: 96] وأثبتوا للعبد مشيئة واختيارًا تابعين لمشيئة الله عز وجل: {وَمَا تَشَاؤُونَ إِلا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [التكوير: 29] والله المستعان. 3ـ أهل السنة وسط في باب وعيد الله بين الوعيدية والمرجئة: المرجئة قالوا: لا يضر مع الإيمان ذنب كما لا ينفع مع الكفر طاعة فعندهم أن الأعمال ليست داخلة في مسمى الإيمان وأن الإيمان لا يزيد ولا ينقص، وأن مرتكب الكبيرة كامل الإيمان وهذا باطل. والوعيدية: هم الذين قالوا: إن الله يجب عليه عقلاً أن يعذب العاصي كما يجب عيه أن يُثيب الطائع فمن مات على كبيرة ولم يتب منها فهو مخلد في النار، وهذا أصل من أصول المعتزلة، وبه تقول الخوارج. أما أهل السنة فقالوا: مرتكب الكبيرة إذا لم يستحلها، مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته أو مؤمن ناقص الإيمان وإن ماتَ ولم يتب فهو تحت مشيئة الله، إن شاء عفا عنه برحمته، وإن شاء عذبه بعدله بقدر ذنوبه ثم يخرجه، قال الله سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء} [النساء: 48]. 4ـ أهل السنة وسط في باب أسماء الدين والإيمان والأحكام بين الخوارج والمعتزلة، وبين المرجئة والجهمية: المراد بأسماء الدين هنا: مثل مؤمن، مسلم، كافر، فاسق، والمراد بالأحكام: أحكام أصحابها في الدنيا والآخرة. (أ) الخوارج عندهم أنه لا يسمى مؤمنًا إلا من أدى جميع الواجبات واجتنب الكبائر ويقولون إن الدين والإيمان قول وعمل واعتقاد، ولكنه لا يزيد ولا ينقص فمن أتى كبيرة كفر في الدنيا وهو في الآخرة خالد مخلد في النار إن لم يتب قبل الموت. (ب) المعتزلة قالوا بقول الخوارج إلا أنه وقع الاتفاق بينهم في موضعين: نفي الإيمان عن مرتكب الكبيرة، وخلوده في النار مع الكافرين. ووقع الخلاف بينهم في موضعين: الخوارج سموه في الدنيا كافرًا، والمعتزلة قالوا في منزلة بين المنزلتين: فهو خرج من الإيمان ولم يدخل في الكفر. والخوارج استحلوا دمه وماله والمعتزلة لم يستحلوا ذلك. (ج) المرجئة قالوا: لا يضر مع الإيمان ذنب كما لا ينفع مع الكفر طاعة، فهم يقولون إن الإيمان مجرد التصديق بالقلب فمرتكب الكبيرة عندهم كامل الإيمان ولا يستحق دخول النار، وهذا يبين أن إيمان أفسق الناس عندهم كإيمان أكمل الناس. (د) الجهمية وافقوا المرجئة في ذلك تمامًا، فالجهم قد ابتدع التعطيل، والجبر، والإرجاء كما قال ابن القيم رحمه الله. ( هـ) أما أهل السنة فوفقهم الله للوسطية بين هذين المذهبي الباطلين فقالوا: الإيمان قول وعمل: قول القلب واللسان، وعمل القلب واللسان والجوارح، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، فقول القلب تصديقه وإيقانه، وقول اللسان النطق بالشهادتين والإقرار بلوزامها، وعمل القلب: النية والإخلاص والمحبة والانقياد، والإقبال على الله عز وجل والتوكل عليه ولوازم ذلك وتوابعه، وكل ما هو من أعمال القلوب، وعمل اللسان، ما لا يؤدى إلا به كتلاوة القرآن وسائر الأذكار والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعوة إلى الله عز وجل، وغير ذلك، وعمل الجوارح: القيام بالمأمورات واجتناب المنهيات، ومن ذلك الركوع والسجود وغير ذلك. فمرتكب الكبيرة عند أهل السنة مؤمن ناقص الإيمان، أو مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته، فلا ينفون عنه الإيمان أصلاً كالخوارج والمعتزلة، ولا يقولون بأنه كامل الإيمان كالمرجئة والجهمية، أما حكمه في الآخرة فهو تحت مشيئة الله عز وجل إن شاء أدخله الجنة من أول وهلةٍ رحمةً منه وفضلاً وإن شاء عذبه بقدر معصيته عدلاً منه سبحانه ثم يخرجه بعد التطهير ويدخله الجنة. هذا إن لم يأتِ بناقض من نواقض الإسلام. 5ـ أهل السنة وسط في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الروافض والخوارج: الرافضة غلوا في علي رضي الله عنه وأهل البيت، ونصبوا العداوة لجمهور الصحابة كالثلاثة، وكفروهم ومن والاهم، وكفَّروا من قاتل عليًّا، والخوارج قابلوا هؤلاء فكفرا عليًّا ومعاوية ومن معهما من الصحابة. والنواصب نصبوا العداوة لأهل البيت وطعنوا فيهم. أما أهل السنة فهداهم الله للحق فلم يغلوا في عليٍّ وأهل البيت، ولم ينصبوا العداوة للصحابة رضي الله عنهم ويم يكفروهم ولم يفعلوا كما فعل النواصب من عداوة أهل البيت، بل يعترفون بحق الجميع وفضلهم ويدعون لهم، ويوالونهم، ويكفون عن الخوض فيما جرى بينهم، ويترحمون على جميع الصحابة فكانوا وسطًا بين غلوِّ الرافضة وجفاء الخوارج، ويقول أهل السنة أفضل الصحابة: أبو بكر ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي، ثم بقية العشرة المبشرين بالجنة، ثم يرتبون الصحابة على حسب مراتبهم ومنازلهم رضي الله عنهم. 6ـ أهل السنة وسط في التعامل مع العلماء: أهل السنة يحبون علماءَهم، ويتأدبون معهم، ويذبون عن أعراضهم، وينشرون محامدَهم، ويأخذون عنهم العلمَ بالأدلة، ويرون أن العلماء من البشر غير معصومين، إلا أنه إذا حصل شيء من الخطأ والنسيان والهوى لا ينقص ذلك من قدرهم؛ لأنهم ورثة الأنبياء والأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا وإنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظٍّ وافر، فلا يجوز سبهم ولا التشهير بهم، ولا تَتَبُّع عَثَراتِهم ونشرها بين الناس؛ لأن في ذلك فسادًا كبيرًا، وقد أحسن ابن عساكر رحمه الله فيما نُقل عنه أنه قال: "اعلم يا أخي – وفقني الله وإياك لمرضاتِهِ وجعلني وإياك ممن يتقيه حق تقاته – أن لحومَ العلماءِ مسمومة، وعادةُ الله في هتكِ أستار منتقصيهم معلومة"وأن من أطال لسانَه في العلماءِ بالثلبِ بلاه الله قبل موته بموت القلب {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63]. 7ـ أهل السنة وسط في التعامُلِ مع ولاة الأمور: فهم وسط بين المُفْرِطِين والمفرِّطين، فأهل السنة يحرمون الخروج على أئمة المسلمين، ويوجبون طاعتهم والسمع لهم في غير معصية الله، ويدعون لِوِلاتهم بالتوفيق والسداد؛ لأن الله أمر بطاعتهم فقال عز وجل: {آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} [النساء: 59]. وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "على المرء المسلم السمعُ والطاعةُ فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية فلا سمعَ ولا طاعة". وعن حذيفة رضي الله عنه يرفعه: "يكون بعدي أئمةٌ لا يهتدون بِهُداي ولا يستنون بسنتي، وسيقوم فيهم رجال قلوبُهم قُلوبُ الشياطين في جُثماِن إنس"، قال قلت: كيف أصنعُ يا رسول الله إن أدركت ذلك؟ قال: "تسمَعُ وتطيعُ للأمير وإن ضرب ظهرَك وأخذ مالَك فاسمع وأطع"، وقد حث أهل السنة والجماعة على ذلك. قال الإمام أبو الحسن علي بن خلف البربَهاري رحمه الله في كتابه شرح السنة: "إذا رأيتَ الرجلَ يَدعُو على السلطان فاعلم أنه صاحبُ هوىً، وإذا رأيتَ الرجلَ يدعو للسلطان بالصلاح فاعلم أنه صاحبُ سُنَّةٍ إن شاء الله". وساق بسنده عن الفضيل بن عياض أنه قال: "لو أن لي دعوةً مستجابة ما جعلتُها إلا في السلطان"، قيل له: "يا أبا علي فسّر لنا هذا؟" قال: "إذا جعلتُها في نفسي لم تَعْدُني، وإذا جعلتُها في السلطان صلح فصلح بصلاحه العباد والبلاد". رابعًا: أخلاق أهل السنة والجماعة: من أعظم صفات وأخلاق أهل السنة والجماعة ما يأتي: 1ـ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لقوله تعالى: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [آل عمران: 104]، وقال صلى الله عليه وسلم: "من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان". 2ـ النصيحة لله وكتابه، ورسوله صلى الله عليه وسلم، وأئمة المسلمين، وعامتهم، وأن المؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا. 3ـ يرحمون إخوانهم المسلمين ويحثون على مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال، ويأمرون بالصبر والإحسان إلى عباد الله على حسب أحوالهم، وما يجب لهم من أقارب، وأيتام، وفقراء، وغير ذلك من مكارم الأخلاق. نسأل الله عز وجل أن يجعلنا من الفرقة الناجية التي لا يضرها من خذلها ولا من خالفها حتى يأتي أمر الله، إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

لحفظ الكتاب اضغط علي الرابط

تم تنزيل هذا الكتاب من موقع طريق الإسلام


أختكم بنت الكويت
رد مع اقتباس