أخر تحديث 28/10/2008
انهيار البورصة من وراءه؟!
كتب د. فالح محمد العمرة
لقد كتبت الخميس الماضي موضوعا عنوانه «المفسدون في الوطن»، وذكرت ان من بين المفسدين في هذا الوطن بعض التجار الذين لا يحرمون ولا يحللون، لأن التجارة لديهم لا يحكمها دين ولا ملة، فالدينار يعبدونه اينما اتجه، وهذا الامر ليس جديدا وطارئا على هذا العصر، بل هو من قديم الزمان، لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم «تعس عبد الدينار تعس عبد الدرهم ...»، وهذا النوع من التجار اينما توجّهه لا يأت بخير، فوصف رسولنا هذا الصنف من الناس بالعبد لهذا الدينار لأنه لا يعرف الا هذا المال، يعيش في ظله وحماه، ويموت مكافحا في هواه، لا يعرف مصلحة الوطن ولا ينفق من اجل الوطن، لايرأف بمسكين او ضعيف، يريد ان يأكل الاخضر واليابس، يبني ممالك امواله، ويسحق الناس تحت نعاله، يتقوى بمال الكويت ليسحق اهل الكويت، تبا له وسحقا، فإن كانت عظمته وقوته ليقهر المساكين، فإن للمساكين ربا يحميهم ويذود عنهم، وهذا الصنف من الناس نقول له اقرأ في القرآن ما حصل لقارون يا متجبر، قال الله عنه «فخسفنا به وبداره الأرض»، فلا تفرح يا ظالم بسحق المساكين، لأن الجبار سيسحقك سحقا، «وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة، ان أخذه أليم شديد»، وكثير من الناس يعرف من هم المتلاعبون في البورصة والسوق؟!، ومن هم الذين يسحقون المواطنين لكي يتفردوا بالأموال والجاه لوحدهم، مسكين من ظن ان تصريح او ندوة للوزير احمد باقر هي سبب انهيار البورصة، من يصدق يا جماعة من ؟ لقد قامت قوى ظلامية في تالي الليل وتحالفت ضد المتداولين وشكلت فرقا للقضاء على صغار المستثمرين، وقالوا لنجعل الوزير احمد باقر كبش فداء ونقول انه سبب الانتكاسة لأنه صرح وقال: ان المغامر بماله في المضاربات عليه ان يتحمل تبعة ذلك، وقامت الدنيا ولم تقعد، وهل هذه الحقيقة فعلا؟ طبعا لا، لما تم عرض شريط الندوة التي أُقيمت في جمعية احياء التراث الاسلامي، وتبين الحق من الباطل، وتبين ان الوزير ذكر حادثة شخص خاطر بماله ورهن بيته وكل ما يملك من اجل المضاربة في السوق، فوصفه الوزير بالمغامر، وهذا الوصف طبيعي لأنه خاطر وغامر بمستقبل اسرته، ولكن الافتراء الذي لحق بالوزير انه وصف المتداولين بأنهم كلهم مخاطرون ومغامرون وعليهم ان يتحملوا ذلك ، فهذا كذب وافتراء لا صحة له ، وقد تبين الرشد من الغي، ومن روّج لهذا الامر صحيفة معروفة بمنهجها الليبرالي وليس ذلك بغريب عليها، فهي تخلق الباطل كعادتها «ويل لكل افاك اثيم»، وكذلك وصف الوزير باقر- في الندوة التي شارك فيها- الاقتصاد الكويتي بالمتانة والقوة وان البنوك المحلية تعج بالكفاءات وكذلك بها سيولة تجعلها بعيدة عن الخطر، ولكن هذه الاوصاف لا تعجب المتربصين، لذلك اقتصروا فقط في هذه الندوة بهذا الكلام الموتور الملفق على الوزير، بأنه وصف المتداولين بالمغامرين وكان ذلك لحاجة في نفوسهم، وأنا هنا لست بصدد الدفاع عن الوزير فلقد دافع عن نفسه وكشف زيف الملفقين، ولكن من يريد ان يعرف من وراء انهيار البورصة وسحق صغار المستثمرين، فعليه ان يسأل أصحاب المال والجاه! لكي يخبروه بالخبر اليقين، ولا شك ان مدير السوق الصامت كما يوصف هذه الايام احد الاسباب وكذلك الحكومة لا تخلو من المسؤولية لأنها لم تتعامل بحزم مع المتلاعبين بالناس، ولكن المتسبب الرئيسي هم الذين قال الله عنهم «وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الارض ولا يصلحون»، اللهم احفظ الكويت من كل فاسد ومفسد ومن كل منافق دجال ومن كل تاجر جشع طماع جبار في الارض «ان الله ليملي للظالم حتى اذا أخذه لم يفلته» والله المستعان.
alamrah75@gmail.com