عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 10-07-2005, 06:47 AM
سهيل الجنوب سهيل الجنوب غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Apr 2005
المشاركات: 873
معدل تقييم المستوى: 20
سهيل الجنوب is on a distinguished road

ويمكن أن يضاف إلى هذه الأمور بعض القضايا الخاصة بالقصص المقروءة، فيراعي الأب أن تكون القصة مكتوبة بخط كبير وواضح، وبلغة سهلة ميسَّرة، مع استخدام الصور الزاهية الملونة.

أما ما يخص اختيار القصة نفسها من بين المعروضات المختلفة من قصص الأطفال، فإن الاهتمام بأدب الأطفال، والكتابة لهم، يعتبر من الاهتمامات الحديثة في هذا العصر، وقد اصبح في الآونة الأخيرة في توسع كبير، "إلا أن معظم هذه الكتابات تتم في غياب النقد والرقابة الوطنية التربوية"، فالكتب والقصص الخاصة بالأطفال، والتي تُترجم إلى العربية لا تمثل في الحقيقة احتياجات أطفالنا، ولا تعالج موضوعات تخصنا، بل هي بعيدة عن واقع حياتنا الذي نعيشه، إلى جانب أن أكثرها ضعيف الترجمة والنق إلى العربية، فتصعب على الطفل قراءتها.

والقصص والمجلات المنشورة مثل: "سوبرمان"، و"لولو"، و"الوطواط"، و"ميكي"، وغيرها تدور أحداثها حول المغامرات، والعنف، وشخصيات خرافية وهمية غير حقيقية، وبعضها شخصيات حيوانات، أو رجال فضاء، كما أن استخدام هذه المجلات للغة العربية العامية مكتوبة ومقروءة، يعد بلا شك أشد خطراً على اللغة العربية الفصحى من كون العامية مسموعة فقط دون كتابة.

ولا شك أن لهذه القصص بجانب هدمها للغة العربية الفصحى، فإن لها أثرها السيء في توجيه الأطفال، فهي لا تتضمن معاني تربوية رفيعة، كما أنها لا تهدف إلى غرس الأخلاق والقيم، إلى جانب أنها خرافية بعيدة عن الواقع والحقيقة، وأعظم من هذا كله أنها تُغفل وجود الله عز وجل بالكلية، وإن حدث وذكر جل شأنه، كان بلا دور حقيقي فعّال، فإن أبطال تلك القصص والمجلات، هم الذين يتحكمون في الكون ومقدَّراته، بما أوتوه من القوة الخارقة، والأجسام العملاقة، والأجهزة الفتاكة، ولا تخفي على الأب المسلم خطورة مثل هذه المنشورات على عقيدة الأولاد وأخلاقهم.

ويضاف إلى هذا النوع من القصص والروايات التي يتجنبها الأب تلك القصص المرعبة التي تدور أحداثها حول الجن والشياطين، فإنها تضر الولد، وتوقع في نفسه الفزع والخوف، إلى جانب أنها لا تحمل قيماً، أو فائدة علمية.

والأب يجد وفرة من القصص القرآني والنبوي الذي يتميز بحقيقته وواقعيته وبعده عن الخيال والخرافة، فيقوي عند الولد صلته بالتاريخ الإسلامي المجيد، إلى جانب ما يتضمنه من تقوية العقيدة بالله، وأنه هو المؤيد للمؤمنين، المخزي للكافرين، كما أن هذه القصص يتضمن إبراز الصراع الدائم بين الحق والباطل، وانتصار الحق في النهاية، وفي القصص القرآني وصل للولد بالأمم المؤمنة السابقة وأنبيائها، فيستشعر الولد أن تاريخه يبدأ من آدم عليه اللام، وينتهي إلى آخر إنسان يقول "لا إله إلا لاله" على وجه هذه الأرض، وهذا الاستشعار الهام يوقد في قلبه جذوة الإيمان، ويهبه علو الهمة والشأن، حتى وإن كان ضعيفاً مغلوباً على أمره فهو موصول بكل هذا التاريخ الطويل المجيد الضارب أطنابه في القرون الخالية واللاحقة، أما غيره من الأعداء والمجرمين فهم مبتورون منقطعون عن هذا التاريخ العظيم.

وعرض الأب للقصص القرآني والنبوي على هذا النحو الفريد له بالغ الأثر على نفس الولد، ففي مجال اختيار القصص القرآني يمكن أن يعتمد على القرآن الكريم وكتب التفسير، وفي القصص النبوي، يعتمد على سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم في كتاب "السيرة النبوية" لابن هشام، أو كتاب "زاد المعاد" لابن القيم، وبعض الكتب الحديثة، مثل كتاب "فقه السيرة" لمحمد الغزالي، أو "فقه السيرة" لمحمد سعيد البوطي، أو كتاب "الرحيق المختوم" لصفي الرحمن المباركفوري.

ويكون دور الأب هو التحضير ثم الإلقاء، مع التركيز على العبر والعظات مستفيداً من كتاب "السيرة النبوية" لمصطفى السباعي، أما بالنسبة لإطلاع الأولاد فيكون من الكتب الصغيرة المؤلفة لهم، كسلسلة "قصص القرآن للأطفال" تأليف محمد علي قطب، وكتاب "غزوات الرسول للفتيان" لعبد المنعم الهاشمي وغيرهما، أما إن كان الولد ذا همة عالية، ولديه القدرة على القراءة في الكتب الكبيرة، المؤلفة للكبار فلا بأس مع إشراف الاب لتوضيح ما يخفي على الولد من كلمات، أو عبارات، أو معانٍ.

خامساً: التفكر في الكون:
لقد بث الله سبحانه وتعالى في هذا الكون من الآيات الباهرات الدالة عليه سبحانه وتعالى ما يعجز العقل البشري على أن يحصي عددها، أو يحيط بجملتها. وقد وجَّه الله عز وجل عباده إلى التفكر والتدبر في هذه الآيات العظيمة، فقال: (إنّ في خلق السموات والأرض وإختلاف الليل والنهار والفُلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماءِ من ماءٍ فأحيا به الأرضَ بعد موتها وبثَّ فيها من كُلِ دابةٍ وتصريفِ الرياحِ والسحابِ المُسخر بين السماءِ والأرضِ لأياتٍ لقومٍ يعقلون) ، ويقول سبحانه وتعالى آمراً الناس بالنظر في الكون بعين التفكر والتبصر: (قُلِ انُظروا ماذا في السموات والأرض) . في هذا التوجيه العظيم "يرشد تعالى عباده إلى التفكر في آلائه وما خلق الله في السماوات والأرض من الآيات الباهرة لذوي الألباب، مما في السماوات من كواكب نيـّرات، ثوابت وسيَّارات، والشمس والقمر والليل والنهار"، فهذه الآيات والآثار هي الطريق الصحيح بعد القرآن والسنة لمعرفة الله عز وجل، وإدراك عظمته وقدرته، ولا يمكن الوصول إلى ذلك إلا من خلال العقل والفكر والعلم؛ إذ بهم جميعاً يدرك الإنسان الخالق جل جلاله، فوجود الحكمة في المخلوقات، دليل على أن الذي خلقها حكيم، كما أن وجود الإعجاز فيها دليل على أن الذي أوجدها قادر، وهكذا يجد المتفكر المتبصر، يد الله عز وجل، ولطفه، وعظمته، قد ارتسمت على كل شيء خلقه وأوجده في هذ الكون، من الأجرام السماوية العظيمة، إلى الميكروبات الصغيرة الدقيقة، كل ذلك لله فيه كمة وإبداع.

رد مع اقتباس