عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 07-07-2012, 08:46 AM
حسين علي احمد ال جمعة حسين علي احمد ال جمعة غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Jul 2011
الدولة: السعودية
المشاركات: 608
معدل تقييم المستوى: 13
حسين علي احمد ال جمعة is on a distinguished road
رد: البصمات وشخصية الإنسان آيات الإعجاز

قال الله تعالى :

{لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ * وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ * أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ *
بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ} [القيامة: 1-4].

﴿لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ * وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ﴾[1]

الله سبحانه وتعالى في هاتين الآيتين الكريمتين، يُقسم بأمرين عظيمين:

الأول: القسم بيوم القيامة، ﴿لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾، و ﴿لا﴾ ليست نافية للقسم، وإنما مؤكدة له. ومعروف للجميع عظمة وأهمية يوم القيامة، إنه اليوم الذي يُحشر فيه الناس ويُحاسبون، ويتقرر مصيرهم الأبدي.

الثاني: القسم بالنفس اللوامة، ﴿وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ﴾، واقتران الأمرين في القسم يُشعر بأنهما على درجةٍ متقاربة من العظمة والمكانة.

ما هي النفس اللوامة؟
اللوامة: من اللوم، واللوم معاتبة الإنسان نفسه، ومراجعته لها، لكي يُحاسبها على الخطأ. وعندما تكون هذه الحالة دائمة عند الإنسان، يُطلق على نفسه: النفس اللوامة.

الله سبحانه وتعالى جعل في نفس الإنسان هذه الخاصية، تماماً كوجود المناعة في جسم الإنسان ضد الأمراض، وإذا اخترق نظام المناعة لدى الإنسان فإن حياته تكون معرّضة لجميع الأخطار، وهذا ما يُعبر عنه الآن بالمرض الخطير (الإيدز).

فالنفس اللوامة نظام مناعة روحي عند الإنسان، في مقابل جراثيم الذنوب والأخطاء، فمن طبيعة الإنسان أنه إذا أخطأ تحرّك ضميره وأشعره بالخطأ، وفي لحظات التأمل يُحاسب الإنسان نفسه على أخطائه. ولكن إذا فُقدت هذه الحالة، بسبب تراكم الذنوب والأخطاء، عندها لا يعود الخطأ باعثاً للمحاسبة والمراجعة. فيخرج الإنسان من دائرة (النفس اللوامة) ويبقى منحصراً في دائرة (النفس الأمارة)، ﴿إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ﴾، ويكون الإنسان حينها في منطقة الخطر والهلاك، إلا أن يُنقذه الله تعالى، ﴿إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّي﴾.

النفس اللوامة: تعني أن الإنسان يواجه نفسه، ويُحاسبها على الأخطاء، وهذا أمرٌ مهم، لأن محاسبة النفس والنقد الذاتي بمقدار ما هي عملية ضرورية إلا أنها عملية صعبة.

النقد الذاتي ضرورة، لأن الإنسان إذا لم يقم بنقد ذاته يسترسل في الخطأ، أما إذا انتقد ذاته وحاسب نفسه فإنه يُنقذ نفسه من ذلك الخطأ ويتجاوزه. وهي تُشبه إجراء الفحوصات الدورية على الجسم لاكتشاف أعراض الأمراض، ومعالجتها قبل استحكامها في الجسم

على المستوى الفردي:

أولاً- النقد الذاتي يُحمل الإنسان مسؤولية التغيير، والمواجهة مع الشهوات الأهواء.

فالخطأ إنما يحصل بسبب الهوى والغفلة، وحينما يقوم الإنسان بعملية النقد الذاتي، يكون وجهاً لوجه أمام داعي الهوى والشهوة، وأمام حالة الغفلة والاسترسال، وهذه عملية صعبة.

ففي كثير من الأحيان إذا سيطر الهوى على نفس الإنسان فإن الإنسان يبقى منشدّا لهواه وشهوته. إنه في لحظة التأمل يُدرك ضرورة تجاوز الخطأ، ولكن جاذبية الهوى والشهوة تجعل عملية الارتداع عن الخطأ عملية صعبة فيبقى الإنسان في حالة صراع مع نفسه، لذلك تجد البعض من أجل أن يُريح نفسه من هذه المعركة والصراع الداخلي، يبتعد كلياً عن محاسبة نفسه ومراجعتها.

ثانياً- النقد الذاتي يُشعر الإنسان أنه في موقف هزيمة وتراجع أمام الآخرين.

الإنسان عندما يكون له رأي معين أو موقف، فإنه عندما ينتقد ذاته، قد تكون نتيجة ذلك أن يتراجع عن رأيه وموقفه، وهذا يُشعره بأنه في حالة هزيمة أمام الآخرين، وغرور الإنسان لا يسمح له بأن يضع نفسه في هذا الموضع فيكابر ولا يعترف بخطئه حتى لا يظهر أمام الآخرين وكأنه انهزم.

جزاك الله الخير على الموضوع الرائع اختي الكريمة

رد مع اقتباس