عرض مشاركة واحدة
  #24  
قديم 31-05-2005, 03:59 PM
بدر القلوب بدر القلوب غير متصل
Banned
 
تاريخ التسجيل: Dec 2004
المشاركات: 4,322
معدل تقييم المستوى: 0
بدر القلوب is on a distinguished road

لو لم يكتب خالد هذا المقال لسبقته عليه فنفس الافكار تدور في ذهني فهنيئاً لنا بك ياخالد فانت ذو عقليه واعية وذو نظرة بعيده




هل أنتم مستعدون لقيادة المرأة ؟


خالد الغنامي*
سأحدثكم عما أعرف ولن أتكلم عن أرض لا أعرفها جيداً. منذ أن تخرج من مدينة الرياض باتجاه الغرب حتى تصل إلى مدينة الطائف, فستجد أن قبائلنا البدوية تمتد على طرفي الطريق المتجه إلى الحجاز.في هذه البوادي قرر الإنسان المنتمي لهذه الصحراء أنه لا يطيق حياة المدن الصاخبة وأنه يفضل الصحراء على حياة الألفية الثالثة والحياة المعقدة.حياة الرجل هناك حياة في غاية الصعوبة، بالغة المشقة، مليئة بالعمل والكد والتعب ومكابدة حر الشمس ولسعات البرد. هذه المشقة تجعله بحاجة ضرورية لمساعدة شريكة حياته التي لا يسعها أبداً أن تكون (نؤوم الضحى) التي وصفها امرؤ القيس في شعره، بل إنها تستيقظ مع الفجر ثم لا تنام.
البدوي يستيقظ من نومه وينادي بالصلاة مع الفجر ويوقظ زوجته وأطفاله لأدائها دون أن يكون هناك أي رقيب عليه أو جهاز حسبة أو دفاتر تحضير وغياب المصلين ثم ينصرف لأعماله الكثيرة من رعاية إبله أو غنمه أو كليهما وسقايتها وإطعامها وتعهدها طوال يومه، إذ هي حياته وضمانه الاجتماعي. مع هذا الانشغال لا يستطيع أن يستغني عن مساعدة زوجته لتسهيل تلك الحياة الصعبة. لذا نجد المرأة البدوية تسوق السيارة، فتحمل أطفالها في زيارة لأقربائها من أسرتها الذين يقطنون في بيت شعـرٍ يبعد بضعة كيلومترات عن بيت الزوج، وقد تنقل الماء من مكان إلى آخر على سيارتها، وربما أتى الضيوف في غيبة الزوج فتذهب إلى المرعى وتأتي بشاة سمينة فتذبحها وتطعمها لهم وكل همها أن ترفع رأسه وتبيِّض وجهه أمام الناس. كل هذا والزوج راض لا يرفع أية راية للاعتراض على هذا السقف الرفيع نسبياً من الحرية الذي تعيشه هذه المرأة. الشيء الغريب أنني لا أعرف رجلاً أو امرأة من أهل البادية من سأل يوماً عن حكم قيادة المرأة للسيارة. لقد أخذوها هكذا دون تفكير أو سؤال لأنهما شعرا أن الأمر ضرورة حتمية لا يمكن أن يقفا عندها طويلاً.
قد تعترض المرأة البدوية مواقف محرجة أثناء قيادة السيارة كأن تتعطل في الصحراء لأي سبب، ولكن يندر أن تحدث مشكلة حقيقية بسبب هذا التعطل، فعندما توضع في مثل هذا الموقف فإنها لن تعدم أن تتم مساعدتها من قبل أحد المارة الذين يعرفون من هي وابنة من تكون وزوجة من. ففي الصحراء القبيلة هي الحكم وهي القوة والسند. كل هذا في جو صحي بعيد عن وساوس المرضى وشكوكهم المجنونة التي تظن أن الخير انعدم تماماً من قلب الإنسان المعاصر، رجلاً كان أو امرأة، وأن المرأة بمجرد وضعها في مثل هذا الموقف ستكون فريسة سهلة للذئاب المفترسة.
البدوي والبدوية بسبب الحاجة لقيادتها وبسبب قلة ذات اليد التي لا تسمح بترف السائق، حسما القضية منذ زمن وعاشا حياتهما بالطريقة التي اختاراها في البيئة التي اختاراها ولم يسألا أحداً ولم يستفتيا أحداً لأن المرأة لم تفعل منكراً عندما استبدلت ناقتها أو حمارها بسيارة نقل.
لو عدنا أدراجنا إلى المدينة والمدنية وأهلها، وتركنا العائلة البدوية، لوجدنا أن الصراع ما زال على أشده حول هذه القضية التي تعدُّ صغيرة إذا ما كان الحديث عن نهضة الشعوب والتقدم الحضاري. ومن سوء حظ المرأة السعودية أن قضية قيادتها أصبحت أحد المحاور الكبرى للتناطح والصراع بين الليبراليين والإسلاميين وأصبح الإسلاموي يرمي بقناعته الفقهية وراء ظهره ويقول: أنا أدري أن القيادة ليست بحرام، لكنني لن أسمح بتمكين أعداء الله من تغريب المرأة. ثم يتبع هذا الكلام بكم هائل من الردح والاتهام بعظائم الأمور لأناس يراهم كل يوم يصلون معه في المسجد نفسه. فإن قلت له ما دخل: قيادة المرأة للسيارة بالتغريب أجابك بجواب عجيب غريب خلاصته أننا اليوم نطالب بقيادة المرأة وغداً سنطالب بشواطئ للعراة ومراقص ليلية يبتذل فيها جسد المرأة.
بينما يرى الليبراليون أن قضية قيادة المرأة للسيارة وإن كانت قضية جزئية وليست أساسية أبداً إلا أنها هي الجزئية التطبيقية الأهم نحو تحرير المرأة التي إن تمت علمنا حقاً أننا على الطريق الصحيح في هذه المسألة. ولكي أكون منصفاً وصادقاً فأنا أسجل أن عدداً لا يستهان به من الإسلاميين المستنيرين قالوا إنه لو صدر قرار سياسي يسمح للمرأة بالقيادة فإنه لن يتردد في مساعدة زوجته على شراء سيارة وتعليمها القيادة.
قد يقول قائل: إن المرأة في البادية قادت للضرورة. غير أن هذا لا يعني أن قيادة المرأة المدنية للسيارة ليست بضرورة، كل ما في الأمر أننا لم نصل في الماضي إلى القدر الكافي من الوعي بحجم خسائر الوطن بسبب عدم قيادة المرأة واستقدام هذا الكم الهائل من السائقين.
على ذمة عضو الشورى السعودي الدكتور محمد آل زلفة، وهو أهل أن يؤخذ عنه، خصوصاً أنه هو الذي تحمل التبعة، أعني تبعة إثارة موضوع المرأة والسيارة مرة أخرى: أن هناك حوالي مليون سائق أجنبي في بيوت الأسر السعودية، وتقدير التحويلات المالية التي تتسرب سنويا خارج البلد من هؤلاء السائقين هو 12 مليار ريال. هذا الرقم الكبير، شيء خطير ينبغي التوقف عنده طويلاً، ووضع هذا الرجل الغريب (السائق) الذي أصبح يعيش في بيوتنا بلا نكير ويعرف عن أسرار البيت والزوجة أكثر مما يعرفه رب البيت نفسه، وضع يستحق المراجعة.
عني أنا: أعتقد أن وقت السائق قد أزف على الرحيل.


كاتب سعودي