عرض مشاركة واحدة
  #27  
قديم 29-08-2010, 01:36 AM
فاستبقوا الخيرات فاستبقوا الخيرات غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Aug 2010
المشاركات: 261
معدل تقييم المستوى: 14
فاستبقوا الخيرات is on a distinguished road
رد: لكل معلم .. لكل طالب "متجدد"

التشجيع والإبداعللتشجيع دور كبير وفاعل في إبراز أصحاب المواهب، كما أن في عدم التشجيع تثبيط للهمم، خاصة إذا صاحب ذلك التهوين من قدر الإنسان "والإسلام شجع الأفراد للاستفادة من إمكاناتهم وقدراتهم العملية في بناء الحضارة وعمارة الأرض على أساس من التعاون على البر والتقوى، ونبذ الحسد والتباغض" الذي قد يكون أحد أسباب عدم التشجيع .
وقد يرجع أسباب عدم التشجيع إلى يأس المعلم والأسرة من أن يلحقوا بركاب التقدم التقني أو الزراعي أو التجاري أو الصحي أو التعليمي أو غير ذلك من الجوانب التي تأخرت فيها الأمة، وقد يكون سبب عدم التشجيع الجهل بأهميته في كشف المواهب .
والدراسات التربوية تثبت أهمية التشجيع في صقل المواهب، وخطورة قهر الأفراد على اختيارات لا يرضونها "لأن الإنسان لا يركز انتباهه أو يعمل فكره، ويضاعف جهده إلا فيما يميل إليه، ويشعر بانجذاب شديد إلى ممارسته.
ومنهج التربية الإسلامية يقوم على التشجيع للخير، والتحذير من الشر والباطل، وآيات الترغيب والترهيب كثيرة في القرآن الكريم، وفي نصوص السنة النبوية، التي ترغب في الخير وتحذر من الشر والفساد وإضاعة الأوقات فيما لا فائدة فيه، قال صلى الله عليه وسلم ( لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن عمره فيم أفناه، وعن علمه فيم فعل، وعن ماله من أين اكتسبه، وفيم أنفقه، وعن جسمه فيم أبلاه).
ولما أن الإنسان مفطور على حب الخير لنفسه، وكره الشر والشقاء، فإنه يندفع في استجابة للمؤثرات الترغيبية والترهيبية؛ بشكل قوي، حيث أن الترغيب والترهيب أمران يقومان على الخوف والرجاء .
وقد كان عليه الصلاة والسلام يشجع أصحابه على الخير والاستزادة منه بكلمات الإشادة التي تشحذ الهمم، وتحمس على الخير، فقد سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم سؤالاً ثم أجاب عليه صحابي جليل، فيقول عليه الصلاة والسلام مشجعاً له : (ليهنك العلم أبا المنذر) فعن أُبي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سأله (أيُّ آية في كتاب الله أعظم ؟ قال: الله ورسوله أعلم، فردَّدها مِرارا، ثم قال أُبيُّ: آية الكرسي، قال: لِيَهْنَكَ العلمُ أبا المنذر)
وفي هذا الحديث العظيم من الفوائد التربوية: طرحه صلى الله عليه وسلم السؤال العلمي على أصحابه ليزدادوا علماً وفهماً، ثم تشجيعه صلى الله عليه وسلم لأصحابه، بالكلمة الطيبة المشجعة التي تشحذ الهمة نحو المزيد من الخير في العلم والفهم والتأمل قبل الإجابة. وفيه تأدب الصحابي الجليل مع نبي الرحمة والهدى؛ إذ لم يبادر بالإجابة فوراً تقديراً وإجلالاً لعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم وخشية أن يقول شيئاً على غير مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: الله ورسوله أعلم. ومن الفوائد التربوية: ترديد الرسول عليه الصلاة وأفضل التسليم السؤال، ليؤكد رغبته في الإجابة، حتى يؤكد الصحيح، ويصحح الخطأ. ثم يقول صلى الله عليه وسلم جملة تشجيعية في غاية الروعة والجمال : (لِيَهْنَكَ العلمُ أبا المنذر) ، فلو أنها خرجت من أحد المعلمين لكانت جميلة، فكيف وقد خرجت من لسان نبي الهدى والرحمة عليه أفضل الصلاة والتسليم.
وفي صحيح البخاري (مر النبي صلى الله عليه وسلم على نفر من أسلم ينتضلون، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( ارموا بني إسماعيل، فإن أباكم كان راميا.)
وكم في هذا الحديث من فوائد يجهل تطبيقها كثير من المدرسين، فالتشجيع أولها، ونوعية عبارة التشجيع ثانيها، وربط جملة التشجيع بنوع الفعل والممارسة ثالثها، وتذكيرهم بأمجاد أسلافهم رابعها. ولو ازددنا تأملاً فيها لازددنا علماً وفقهاً تربوياً.
أ.د. خالد بن حامد الحازمي

رد مع اقتباس