[سمو الرووح]

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أخوتي .. أخواتي ،،

لنلقي نظرة على حال سلفنا الصالح مع التهجّـد ونقارن بينه

وبين وضعنا -الله المستعان- الذي نخجل منه ونخجل من تقصيرنا في حق ربنا جلّ في علاه..

يا ابن آدم لو علمت مقدار صلاتك بالليل .. لأكثرت على فواتها من العويل والويل ..

ولو علمت تنوير هذا الظلام للقلوب والأجسام .. لَـقُـمـتَ في سواده ..

وتقلّبت في حداده ..

ورغبت في طوله وازدياده..

قال يحيى بن معاذ الرازي: ما وجدنا في الفضائل عملاً أفضل من قيام

الليل ..وماورثوا عن شيء من تلك الأعمال ما أُورثوا من قيام الليل ..

به وجدوا القلوب..

وزايلوا الذنوب ..

ووقعوا على الطريق إلى علاّم الغيوب..

لننظر الآن إلى أمثلة من حال بعض السلف ..

* قال إسماعيل بن زيــاد: قد رأيت العابدين والمتهجدين.. فما رأيت أحداً قط أصبر على صلاة الليل والنهار

من مسرور بن أبي عوانة .. كان يصلي لا يفتر ..

وقدم علينا مرة فاعتل علّة .. فقال: اخرجوني إلى الساحل حتى أنظر إلى المــاء كي لا أنـــام...!!!!!

* قال الجريري: قصدت الجـــنـــيـــد فوجدته يصلي ..فأطال جــداً .. فلما فرغ ..

قلت له : قد كبرت .. ووهن عظمك .. ورق جلدك .. وضعفت قوتك .. فلو اقتصرت على بعض صلاتك.

فقال: اسكت.. طريق عرفنا به ربنا.. لاينبغي لنا أن نقتصر منه على بعضه .. والنفس ما حمّلتها تتحمّل ..

والصلاة صلة .. والسجود قربة .. ومن ترك طريق القرب .. يوشك أن يُسلك به طريق البعد .. ثم أنشد:

صبرتُ عن اللــذات حــتى تـوّلــتِ .... وألزمت نفسي هجرها فاستمّرتِ

وكانت على الأيام نفسي عزيزةً ..... فلما رأت صـبري على الــذّلِ ذلـّــتِ

وما النفسُ إلاّ حيثُ يجعلها الفتى.... فــإن تـُـوِّقــتْ تـاقــت وإلاّ تـسـلـّـتِ

*قال سعيد بن عبيد: كان سعيد بن جبير يؤم قومه .. فسمعته في تروايح

شهر رمضان يُردد قوله تعالى:

<< إذ الأغــلال في أعناقهم والســلاسـل يُسحبون * في الحميم ثم في النــار يُسجرون >>..

فجعل ينشج بنشيج يُقطـّع أكـبــاد السامعين .. حتى سقط مغشياً عليه...!!

*كان يزيد الرقاشي إذا قام لصلاة الليل يقول:

اللهم إنّ فراري من النـار إلى رحمتك بطـيء.. فـقـرّب رحمتك إليّ يا أرحم الراحمين
.. وطلبي لجنتك ضعيف فقوّي ضعفي في طاعتك يا أكـرم المسئولين...!!!

*قال سفيان الثوري: كان زيـاد بن فياض يخرج إلينا كأنما خرج

من قبر.. من كثرة صلاته وعبادته..!!

*كان أبو إسحاق السبيعي يقول:

يا معشر الشباب .. جــدّوا واجتهدوا .. وبادروا قوتكم .. واغتنموا شبيبتكم قبل أن تعجزوا...

فإنه قـلـّـما مـرّت بي ليلة إلاّ قرأت فيها ألف آية....!!!!!!

* كان بشر بن سعد يوقظ أهله ويقول : الصلاة الصلاة .. ويقول أن

السفر لا يُقطع إلاّ بـِـدُلـَج الليل ..وإن الدنيا سفر ونصب وتعب .. حتى يُفضي العبد إلى رحمة الله تعالى..

يـا راقــداَ ورجالُ اللهِ ساهرةٌ ..... ما كان أولى بتلك المقلة الرّمـدِ

*قال عمرو بن ميمون : مكث هشيم بن بشير يُصلي الصبح بوضوء العشاء

الآخرة عشرين سنة..!!!!!!

*كان محمد بن بسام الأوني من البكائين.. وأقام نيفاً وأربعين سنة يُصلي

بالقرآن في كل ليلة ..وربما ختمه بالليل والنهار مرتين .. وما ترك ذلك قط في سفر ولا حضر .. ولا في أرض

الروم ..ولا بطريق مكة.. وكان إذا استثقل في النوم .. أتاه آتٍ فقال: السلام عليك أبا عبدالله ورحمته وبركاته ..

الصلاة رحمك الله .. الصلاة خير من النوم... وربما أحس بإصبعه تـُعَـضّ....!!!!!

* كان يونس القوي من العابدين .. قال ابن وضاح : قال

وكيع ابن الجراح ذات يوم: حدثنا أبو يونس القوي عن الحسن..فقيل له : من أبو يونس القوي؟

قال: ذاك الذي بكى حتى عمي..

وصـلـّـى حتى إحــدودب ..

وخـاف حتى أُقــعــد...!!!

سبحان الله ... ما الذي حملهم على فعل ذلك كله؟

أليس طاعةً لربهم وابتغاءاً لمرضاته وطلباً لجناته؟

ألسنا كلنا نسعى لذات الغاية والهدف؟ ...إذن فما بال طريقنا تفرّق عن طريقهم ؟

لماذا ركنّا إلى الدنيا واطمأننا بها ونحن على علم اليقين أن مغادرتنا لهذه الدنيا بين لحظة وأخرى..؟!!!!!

الجنة تحتاج إلى صبر ومصابرة .. وكدح وتعب ..ألا أن سلعة الله غالية ..

ألا أن سلعة الله الـجــنـّـــة..

فيا ليت قومي يعلمون ما في قيام الليل من الأجر العظيم .. يكفيهم فخراً وعزاً امتداح

الباري عز وجل لهم حيث قال: << كانوا قليلاًمن الليل ما يهجعون>>

وقال : << تتجافى جنوبهم عن المضاجع>>

أخوتي .. أخواتي.. فلنعرّض أنفسنا إلى نفحات الأسحارلعل الله سبحانه وتعالى أن يمنّ علينا برحمته
و أن يعيننا على قيام الليل وأن يجعلنا ممن امتدحهم في هذه الآيات.

.إنه ولي ذلك والقادر عليه...

وآخر دعوان أنا الحمد لله رب العالمين

وللأمانه منقول