الموضوع: الغزو الفكري
عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 18-05-2005, 01:07 PM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road


الغزو الفكري بين الاستعمارين القديم والجديد

كان الغزو الفكري الذي صَاحَبَ الغزو العسكري أو لاَحَقَه أو انبثق عنه ، والذي استخدمته القوى المعادية للإسلام لاحتوائه والاستيلاء على أمة الإسلام والتأثير عليها بنحو يجعلها تتجه الوجهةَ التي أرادتها .. كان – الغزو الفكريّ – أخطر وأدق من الغزو العسكري ، لكونه يعتمد السريّةَ ؛ فلا تحسّ به الأمة التي تُغْزَىٰ ؛ فلا تتأهّب لمواجهته حتى تقع في فخّه ، فتعود فاقدة لوعيها الديني الحقيقي ، و الشعور بمتطلباتها القوميّة ، وتحبّ ما يريد عدوّها أن تحبه ، وتكره ما يريد أن تكرهه ، ويعود علاجُها من هذا الداء العضال مُسْتَعْصِيًا حتى على حكماء الأمة وأطبّائها النطاسيين ومفكّريها المتبصّرين .

وإذا كان الغـزو الفكري على أشدّه اليوم ، فإن علماء الأمة ومؤرخيها يرجعونه إلى عصور ازدهار الإسلام ، التي أدركت فيها القوي المحاربة للإسلام أنّه مهما انتصرت عليه في الحروب العسكريّة ، فإنّ انتصاراتها تظلّ وقتية ؛ ففكّروا في البديل الأفضل الأدوم تأثيرًا ، وتوصّلوا بعد تفكير طويل ودراسات مكثفة واجتماعات متصلة إلى ما هو أخطر من الحروب التي خاضوها بالجيوش والأسلحة والعتاد ، علمًا بأنّ الاستيلاء على العقل والقلب والفكر الناشىء فيهما أَمْكَنُ وأَثـْبَتُ من الاستيلاء على الأرض والتراب ؛ حيث إن المسلم ما لم يلوث فكره ويغسل عقله وقلبه لا يتحمل وجود المحتل الكافر على الأرض الإسلامية ، وإنما يبذل قصارى جهوده لإخراجه منها . وقد حدث ذلك فعلاً لدى الحروب الصليبية الماضية كما يحدث حالاً تجاه الاحتلال العسكري الصهيوني الصليبي للأقطار الإسلامية وعلى رأسها فلسطين وأفغانستان والعراق وغيره .

لكن المسلم المغزو فكريًّا ، يعود مريضَ الوعي معتلَّ الفكر ، وعديمَ الإحساس بما يُفْعَل معه من الأفاعيل الشيطانية ، لإفقاده الغيرة الدينية ، وتجريده من الحمية الإسلاميّة و الأصالة الفكريّة ، والتزامه بالثوابت الإيمانية في أدقّ الساعات وأحرج الأوقات ؛ فلا يرى أيّ خطر في وجود اليهود والنصارى المحتلين والقوى الكافرة الماكرة على أرض الإسلام ؛ بل قد يرى أنّ ذلك مما يدرّ الخير على أمــة الإسلام ، ويساعد على تحقيق التقدم المادّي ، والرقي الحضاريّ ، وتنوير الفكر ، ومحاربة MالأصوليّةL و Mالتزمّت الفكريL ونشر Mالتسامح الدينيL وبث روح التعايش السلميّ ، والتفاعل الثقافي ، والتعاطي الحضاريّ ، والتنامي العلمي والتكنولوجي !!.

ولكون الغزو الفكري أدوم وأثبت وأقوى من الغزو العسكري ، فقد استغنت القوى المعادية للإسلام بالأوّل عن الثاني في أغلب الأحوال ، إلاّ عند الحاجة الملحة التي أحوجتها إلى غزو المسلمين عسكريًّا وعلانية وإلى استخـدامها الأسلحة والعتاد والقوة ، أي عندما رأت أن الحالات تقتضي الاستعجال لتحقيق الأغراض التي لابدّ لها من تحقيقها عاجلاً ، كما صنعت إبّان عهود الاستعمار ؛ حيث غزت واحتلت جزءًا كبيرًا من البلاد الإسلامية ، ومزّقت الخلافة الإسلاميّة ، وعملت خلال احتلالها لها على تثبيت منطلقات وإيجاد مؤسسات تقوم من خلالها بالغزو الفكريّ المتّصل ؛ حيث تمكّنت بشكل أقوى وأكثر من ذي قبل من غسيل مخّ أبناء المسلمين ، والاستيلاء على عقــولهم ، وترسيخ المفاهيم الغربيّة فيها ، فعاد كثير منهم – ولاسيما المثقفين بالثقافة الغربيّة – يعتقدون أن الطريقة المثلى والمنهج الأفضل في كل شيء في الحياة إنما هما ما عليه الغرب من الديانات المهلهلة ، والمذاهب المضطربة ، واللغات ذات اللوثات ، والأخلاق المنحلـة ، والأفكار الفاسدة المفسدة ، والدعوات الباطلة ، والحركات الهدّامة ، والعادات السيئة ؛ فتقليدُهم الأعمى في كل شيء ضمانُ الرقي ومجلبُ الخيرات ومبعثُ النهضة الشاملة ومخلصُ من جميع أنواع التخلف التي قعدت بالمسلمين عن الانطلاق نحو الانتصار في مجالات الحياة .

وخلال احتلالها – القوى الاستعمارية المعادية للإسلام – للبلاد الإسلاميّة ركّزت تركيزًا كبيرًا على الغزو الفكري لها ، من خلال وسائل عديدة وَظَّفَتْها بشكل مدروس دراسة عميقة طويلة :

( الف ) استدعت كثيرًا من أبناء المسلمين إلى بلادها الغربيّة ، لتُلَقِّيَهُم التعليمَ في معاهدها وجامعاتها ؛ فعُنِيَتْ بهم عناية كبيرة ، وربّتهم تربية غربيّة ، وشَرِّبتهم الأفكارَ الغربيّةَ ، وجعلتهم ينبهرون بالمنهج الغربي في كل شيء ، ويشيدون به ، ويتغنون بمجده وفضله ، ويؤمنون بأستاذيّة الغرب في كل شيء ، ويُعْجَبُوْنَ بهم الإِعجابَ كلَّه ، وعادوا إلى بلادهم الإسلامية دعاةً متحمسين إلى تقليد الغرب ومحاكاتهم ، وتسلّموا فيها المناصبَ الحساسةَ ، وأمسكوا بزمام القياة والحكم ، فعملوا جهدَهم على نشر الأفكار الغربية ، وأقاموا معاهد وجامعات تعليمية تتبع المنهجَ الغربيَّ ، وتخضع له ، وتبثّه في الطلاب والناشئين و المنتسبين ، فتخرجوا عليه متشبّعين به .

( ب ) عملت على تعليم اللغات والثقافات الغربية في البلاد الإسلاميّة ، وعلى تنشيط الدعوات إلى الزهد في اللغات الوطنية الأم ، ولاسيّما اللغة العربية الفصحى التي نطق بها الرسول S وصحابته ونزل بها عليه القرآن والشريعة الإسلامية ؛ وإلى محاربتها من خلال الدعوة إلى العامّيّة وزعزعة الإيمان بثرائها وغنائها ووفائها بمتطلبات الحياة المعاصرة المتزايدة .

( ج ) أقامت في البلاد الإسلامية دور حضانة روضات أطفال ومدارس وجامعات تبشيريّة ومستشفيات ومستوصفات اتخذتها أوكارًا لأغراضها الخبيثة ، وجذبت إليها كثيرًا من أبناء الطبقة الارستقراطية ، فسممت أفكارهم ، وأفسدت عليهم دينهم وعقيدتهم ، وشكّكتهم في ثوابت الدين الإسلامي ومسلّماته ، فتخرّجوا طلابًا أوفياء لأساتذتهم الغرب .

( د ) سيطرت على مناهج التعليم والتربية في البلاد الإسلامية ، وصاغتها بشكل يُخَرِّجُ أبناءَ المسلمين ، مسلمين بالاسم والجسم والانتماء إلى الطين ، وغربيين في الفكر والعقيدة والسيرة والدين ؛ حتى أصبحوا معاول هــدم خطيرة في بلاد المسلمين ، وسلاحًا فتّاكًا من أسلحة العدوّ المتربّص بالإسلام والمسلمين ، يعملون جاهدين على ترويج الفكر الغربي والعلمانية والديموقراطية الغربية .

( هـ ) إلى جانب ذلك نهضت طائفة كبيرة من الغرب لدراسة الإسلام واللغة العربية ، فسميت بـ MمستشرقينL فألّفت كتبًا مسمومة ، وصدرت عنها كتابات ظاهرها خير وباطنها شرمستطير ، وأصبحت أساتذة في معاهد وجامعات ، فبثت السموم ، وأفسدت أفكار الشباب المسلم ، وأحدثت فتنة فكرية وبلبلة عقدية لدى المثقفين من المسلمين ، وأصبح معظمهم يتكئ على كتبها المملوءة شبهات وشكوكًا في كثير من الثوابت الإسلامية ، ثم تخرج على هؤلاء المثقفين المسلمين أجيال منحرفة فكريًّا ، فتولّوا مسؤولية إحداث الفتنة بين المسلمين .

( و ) وصَاحَبَ ذلك انطلاقُ بعثات تبشيرية كثيرة إلى بلاد المسلمين ، فقامت بحملات التبشير في العالم الإسلامي ، معضدة بالوسائل المادية والأسباب المعنوية والميزانيات الكبيرة .

( ز ) وَجَّهت الدعوة إلى إفساد المجتمع المسلم ، وتزهيد المرأة المسلمة في وظيفتها الأصلية في الحياة ، وترغيبها في تجاوز الحدود التي رسمها لها الله تعالى ، وفي الاختلاط بالرجال ، وإبداء المفاتن ، والسفور والفجور ، والتأكيد لها بأنّها ظُلِمَتْ في المجتمع الإسلامي ، وأنّ لها الحق في التحرر من الحجاب وخلع الطهر والعفاف والخروج من البيت والاشتغال بالسياسة والإدارة والعمل في المكاتب ، متكاتفة مع الرجال ، والعمل مغنية راقصة فنانة وممثلة في السينما والمسرح والتلفاز ومجالس اللهو المشكوفة .

( ح ) وأنشأت كنائس ومعابد فارهة رائعة في البلاد الإسلامية ، وبذلت عليها أموالاً طائلة ورصدت لها ميزانيات ضخمة ، وجعلتها تطل على مناظر خلابة ، ومشاهد جذابة ، وأماكن جميلة للغاية ، حتى تصطاد من أبناء المسلمين من تشاء بحيلها الماكرة ، وإثارة الغريزة الجنسية ، وإقامة الحفلات المختلطة بين الفتيان والفتيات الكاسيات العاريات .

( ط ) وظّفتْ وسائلَ الإعلام المتنوعة للدعوة إلى المسيحية والصهيونية والمنهج الغـربي في الحياة ، وجعلت المنهج الغربي يتمثل في جميع مناحي الحياة : في المباني والمطارات ، في الطائرات ، في المحطات ، في القطارات ، في الفنادق ، في المحلات والمجمعات التجارية ، في البضائع والمصنوعات ، في الألعاب والملاعب ، في المدارس والشوارع . ( اقرأ للتفصيل مقال سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله تعالى في مجلة Mالتضامن الإسلاميL العدد 9 ، السنة 38 : ربيع الأول 1404هـ الموافق ديسمبر 1983م ) .

ولم ينس الاستعمار الحديث أعني أمريكا الصليبية الصهيونية استخدام هذه الوسائل كلّها في البلاد العربية والإسلامية ، فعملت طويلاً على الغزو الفكري لهذه البلاد مباشرة وعن طريق عملاء أوفياء لها في تلك البلاد . وقد رأت أن أغراضها الملحة العاجلة لا تتحق عاجلاً ، فاحتلت بالغزو العسكري الرهيب عددًا منها ، وعجَّلت تنفيذ مخططها الهائل خلال الاحتلال .

وأحدثت تهمًا وجهتها للإسلام ، ماكان يعرفها الاستعمار في الماضي ، وهي أن الإسلام الأصيل يعلّم أبناءه MالإرهابL و MالعنفL و MالأصوليّةL و Mعدم التسامحL .

كما ركّزت على أمركة وتغريب وصهينة المناهج التعليمية في البلاد الإسلامية التي احتلتها اليوم مباشرة أو غير مباشرة ، وهدّدت القادة والحكام فيها بإدخال التعديلات المرضية لديها عليها ، حتى بإخراج السور والآيات والأجزاء الكثيرة من كتب السيرة والتاريخ التي تتحدث عن المسيحية أو اليهودية MبسلبيةL .

وكذلك استعجلت إفساد المجتمع في تلك البلاد بتنشيط دور اللهو والرقص ونشر الأغاني الخليعة والأفلام المتهتكة ، وحمل النساء على السفور ، وتشجيع التعليم المختلط ، وتكثيف الجهود لإنشاء مدارس وجامعات ذات المنهج الغربي .

الاستعمار الأمريكي الجديد يستفيد اليوم من جميع الأساليب التقليديه إلى جانب توظيفه الأسلوب الحديث المطور بوسائل الإعلام الحديثـة وتكنولوجيا المعلومات الحديثة ، لتعطي الغز الفكري زخمًا جديدًا قويًّا فيصبح أكثر مفعولاً من ذي قبل .

إن نفسية الاستعمار الجديد لم تتغيـر عن نفسية الاستعمار الماضي ، وإنما ازداد عداءً للإسلام ، وتخطيطًا لإفساد المسلمين ، وامتصاصًا لخيراتهم ، ونهبًا لثرواتهم ، وتدميرًا لبلادهم ، وتقتيلاً لنفوسهم ، وإزهاقًا لأرواحهم .

ومقاومةُ الاستعمار الجديد ، إنما تتم بنفس الطريقة التي تمت بها مقاومة الاستعمار في الماضي ، أي بالذكاء الديني ، والغيــرة الإسلاميــة ، والصمود والثبات النابع منهما ، وبالتالي بالاستعصام بأمر الله ونهيه ، والاستمساك بهدي نبيه في شأن العدو والصديق ، والإنابة إليه تعالى ، لأنه مغيّـر الليل والنهار ، ومداول الأيام بين الناس ، وهو المعزّ والمذلّ . Mولِلّهِ الْعِزَّةُ ولرسوله ولِلْمُؤْمِنِيْنَL (المنافقون /8) . وصدق الله العلي العظيم إذ قال : Mوَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُوْدُ وَلاَ النَّصَارَىٰ حتى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْL (البقرة / 120) Mوَلاَ يَزَالُوْنَ يُقَاتِلُوْنَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوْكُمْ عَنْ دِيْنِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوْاL (البقرة / 17) .

(تحريرًا في الساعة 12 من يوم الأربعاء 25/ محرم 1425هـ = 17/ مارس 2004م)

نور عالم خليل الأميني

 

التوقيع

 



من كتاباتي
صرخاااات قلم (( عندما تنزف ريشة القلم دما ))
قلم معطل وقلم مكسوووور
عندما ’تطرد من قلوب الناس !!!!!!(وتدفن في مقبرة ذاتك)
دعاة محترفون لا دعاة هواه ( 1)
الداعية المحترف واللاعب المحترف لا سواء(2)
نعم دعاة محترفين لا دعاة هواة!!!! (( 3 ))
خواطر وجها لوجه
همسة صاااااااااااارخه
خواطر غير مألوفه
اليوم يوم الملحمه ...
على جماجم الرجال ننال السؤدد والعزه
عالم ذره يعبد بقره !!!
معذرة يا رسول الله فقد تأخر قلمي
دمعة مجاهد ودم شهيد !!!!!!
انااااااااا سارق !!!!
انفلونزا العقووووووووول
مكيجة الذات
الجماهير الغبيه
شمووووخ إمرأه

 
 
رد مع اقتباس