حرية الرأي أم حرية الأقزام؟!
السبت, 7 مارس 2009
د.فالح بن عمرة العجمي
البعض يتمتع بشتم الآخرين وسبهم وقذفهم باسم الحرية، بل يصفهم بأبشع الأوصاف، بل يصل الأمر الى الكذب والبهتان وتزوير الحقائق، وإذا عارضت هؤلاء قالوا لك بتبجح هذه حرية رأي، ويجب تقبل وجهة نظر الطرف الآخر، ونحن في بلد الحريات، والحرية مكفولة للجميع، بما في ذلك حرية التسفيل والتعبير، لكننا هنا يجب أن نفرق بين حرية الرأي وحرية الأقزام، يجب أن نفرق بين نقد المواضيع والأفكار والأداء وبين الطعن في الآخرين وقذفهم وسبهم وشتمهم، فحرية الرأي مكفولة للجميع، لكن دون المساس بالآخرين وتجريحهم والشخصانية في نقدهم، فإذا وصل الأمر الى حد الاعتداء على الآخرين فإننا بذلك أصبحنا في دائرة وفلك الأقزام، لذلك كثر هؤلاء في مجتمعنا في كثير من المجالات، على مستوى الإعلام والبرلمان والمؤسسات الدينية سواء أكانت سنية أم شيعية، فنجد مؤسسات إعلامية انحرفت عن رسالتها الإعلامية التي من أجلها أنشئت، فأصبحت هناك صحف وقنوات لرعاية الأقزام والرويبضة لطفك يا لطيف، مؤسسات اعلامية لتخريج هذه الفئة؟، صحيفة تتولى الحرب على بعض الوزراء بالنقد، ليس من أجل الإصلاح! بل لأن مصالحها ومشاريعها في هذه الوزارات متوقفة ومرفوضة، فهذه المشاريع تدور حولها الشبهات، وهناك صحيفة تتولى الحرب على بعض الاعضاء، ليس من أجل تعديل المسار ومطالبتهم بالإصلاح. وأصبح الطارئون على الوسط الاعلامي ينادون بالتأقزم، قنوات مشبوهة تدعي الوطنية تحارب كل من ينشد الاصلاح، اعلنوا الحرب على الوطن ومصالح الوطن، واستخدموا في حربهم كل الوسائل المشروعة والممنوعة، واستخدموا أقزامهم في الصحف والقنوات للطعن في الحكومة والاعضاء، فلا ندري بعدها أهناك رجل اصلاحي بين السلطتين التنفيذية والتشريعية؟!
وإذا نظرنا الى تصرفات بعض أعضاء مجلس الامة نرى عجبا، فهناك نائب يشتم الآخرين ويصفهم بالفساد من غير هدى ولا دليل، وهناك نائب يصرخ بأعلى صوته لكي يحصل على مناقصة او مشروع، وصوت الاصلاح ضائع بينهما، وهناك من يشن هجومه على الحكومة لكي يتدارك ما تبقى له من قبول شعبي، وهناك صاحب عمامة يصف الاعضاء بالتكفيريين والمتطرفين من سلف وحدس، وعمامة اخرى تدعو الى حل مجلس الامة حلا غير دستوري، وضاعت الحقيقة والامانة وصوت الاصلاح بين العمائم وبعض التيارات الاسلامية باسم «الحرية والاصلاح».
وفي هذا الوقت بدأت أصوات الأقزام تعلو على أصوات العمالقة.
ولا ندري أبقي عمالقة في زمن الأقزام؟