عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 06-05-2012, 03:09 PM
حسين علي احمد ال جمعة حسين علي احمد ال جمعة غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Jul 2011
الدولة: السعودية
المشاركات: 608
معدل تقييم المستوى: 13
حسين علي احمد ال جمعة is on a distinguished road
الطموح سبيل الرفعة والشهوات طريق السقوط

عوامل السقوط

ثمة العديد من العوامل التي تساهم في الحط من مقام الاشخاص وتجرهم نحو مستوى الدناءة والانحطاط والوضاعة، ولعل أبرزها استلام المرء لشهواته. ورد عن أمير المؤمنين (وما وضعه كشهوته). اذا استسلم المرء لشهواته طمعاً في اشباعها بأي ثمن، فإنها تنحدر وتهوي به حتماً إلى قاع الوضاعة والمذلة.

إن لدى الإنسان سلسلة من الغرائز والشهوات والرغبات، إذا استسلم لها فقد تدفع به نحو سلوك الطرق الملتوية المتعرجة. وهذه هي المشكلة التي يقع فيها كثير من الناس، الذين يلهثون خلف أهواءهم وشهواتهم، تلك الشهوات التي قد تتمثل في طمع مالي، أو رغبة جنسية محرمة، أو حباً مرضياً في الشهرة وتقلد المناصب، هذه الرغبات على اختلافها قد تدفع الإنسان الى سلوك الطرق الملتوية والمتعرجة، والتي تجعل منه إنساناً وضيعاً، ينظر الناس إليه باحتقار. وقد ورد عن رسول الله : (إنما سمي الهوى لأنه يهوي بصاحبه)[4] ، وورد عن أمير المؤمنين (أمقت العباد إلى الله سبحانه من كان همته بطنه وفرجه )[5] . ومقتضى ذلك أن أشد العباد مقتاً عند الله هم أولئك المنغمسون حتى آذانهم في شهوتي البطن والفرج. وعنه : (ما أبعد الخير ممن همته بطنه وفرجه)[6] .

إن كثيراً من الناس إنما انزلقوا في عالم الشهوات والدناءة نتيجة أسباب تبدو في أولها تافهة. فهناك من انزلق في هذا السبيل بسبب رغبة دفعته لسماع صوت انثوي ناعم، أو صوت ذكوري مخادع، لكن هذا الطريق الذي كانت بدايته الاصغاء إلى صوت عاطفي، خاصة عبر وسائل الاتصال الحديثة، انتهى بالكثيرين للوقوع في مشاكل وفضائح اجتماعية.

وبالعودة للشرارات الأولى للعديد من القضايا الأخلاقية المؤلمة التي راح ضحيتها هذا الرجل أو تلك المرأة، فسنجد أن البداية إنما كانت بمحادثة عابرة في إحدى وسائل التواصل الاجتماعي كالماسنجر أو الفيسبوك وما أشبه، فهناك امرأة استهواها الاستماع إلى صوت شاب، أو العكس، وسرعان ما يندفع الواحد منهم لسماع المزيد من الكلمات العاطفية، وإذا بهما وقد وجدا نفسيهما ينغمسان في عالم الانحراف والانحطاط. من هنا على المرء أن يكون حذرًا، يقول أمير المؤمنين : (الشهوات مصائد الشيطان)[7] .

قد تكون بداية الانحراف خطوة صغيرة، أو خطأ يبدو للوهلة الأولى تافهاً. فقد يرتاح أحدهم لمجرد سماع صوت ناعم، أو رؤية صورة جميلة، فيتواصل مع الجنس الآخر برسائل عاطفية، لكن هذا بالتحديد هو ما قد يكون طريق الانحدار، فإنما هي رغبة بسيطة فيما تبدو، ولكنها قد تقود الإنسان الى منزلق عميق وهاوية سحيقة. وقد ورد في هذا السياق عن أمير المؤمنين قوله : (حلاوة الشهوة ينغصها عار الفضيحة)[8] . وإلا فما الذي يدفع رجلاً محصناً متزوجاً ولديه أبناء، نحو الوقوع في مثل هذا الفخ، وإذا به ينتهي سجيناً، أو مبتلى بفضيحة اجتماعية وأخلاقية كبيرة. وقد قرأت لأحدهم أنه حينما وقع في فضيحة أخلاقية فإن أهون ما كان يعانيه هو ألم السجن والعقوبة، في مقابل ما كان يقاسيه من الخجل الكبير من أبنائه وبناته الذين كانوا ينظرون إليه باعتباره مثلهم الأعلى، وإذا به يقع في وحل الانحطاط الاخلاقي. والسؤال المهم هنا؛ ما الذي أوقع أمثال هذا في مثل هذا الفخ؟ وما الذي يدفع بامرأة متزوجة للوقوع في فضيحة والعيش مدى عمرها في عذاب الضمير لإقامتها علاقة محرمة عبر الماسنجر أو رسائل الجوال مع أحد الغرباء؟ انما هي الرغبات والشهوات.

إن اتباع الشهوات يقود الإنسان الى المشاكل والفضائح. يقول أمير المؤمنين : (أول الشهوة طرب، وآخرها عطب)[9] ، عادة ما تكون الشهوة بمثابة الطرب الذي يرتاح إليه الشخص، ولكن في نهاية المطاف تكون الكارثة والفضيحة. وفي كلمة أخرى له : (كم من شهوة ساعة أورثت حزنا طويلا)[10] ، فهؤلاء الذين يقيمون في السجون بسبب جرائم أخلاقية وسرقات وما أشبه، إنما كانت بسبب شهوات معينة قادتهم أخيراً إلى هذه المآزق والمشاكل والأزمات. ولذلك على الإنسان أن يكون حذراً، وأن يتجنب الوقوع في هذا الفخ، حتى يحتفظ بعزته وكرامته، فلا يكون وضيعاً بين عائلته وفي أعين الآخرين، والأسوأ من ذلك كله أن يكون منبوذاً عند الله تعالى. علينا أن نضع نصب أعيننا دائما كلمة أمير المؤمنين : (ما رفع امرئ كهمته، ولا وضعه كشهوته).

نسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم للخير والصلاح.

رد مع اقتباس